إلى فضيلة الإمام الأكبر... ما بين قلق مضطرب معذور وجلف غير معذور.
لا شك أن تهنئة فضيلة الإمام الأكبر ودار الإفتاء بأعياد الميلاد بهذه الصياغة تطور محمود ولبنة في بناء يحتاج آلاف اللبنات ليكتمل ويثمر قيم المحبة والتعايش والسلام بين مختلف المذاهب والأديان. ولا شك أيضا أن الخطاب المضاد أقوى وأكثر شعبية وهذا واضح المعالم من التعليقات على هذه التهنئات.هذه التعليقات إما تجاوز وتطاول وجهالة، وهذا سلوك لا عذر له، وإما رفض للتهنئة وفق حيثيات أهمها أنها عكس ما تعلموه في الأزهر، وفي كتب التراث، وفي المساجد ومن مشايخ الجماعات!
التيار المضاد يستخدم فتاوى المذاهب، و الشيوخ بن تيمية وبن القيم وبن عبدالوهاب الذين تم اختزال الإسلام فيهم في القرن الأخير بضغط مهول أقصى كل الأفكار المختلفة لصالح فكر واحد.
يستخدمون النصوص وكبار مشايخ السلف والخلف، ويبحثون عن المواقف المتطرفة عند الآخر سواء كانت مواقف حقيقية لدى البعض أو تشويه واجتزاء يمارسه متطرفي كل فريق، وهنا يحصل هذا التيار على مصداقية وشعبية على حساب عجز خطاب المؤسسة الأزهرية عن طرح مضاد قوي يلزمه معالجة المناهج أولا، ومن ثم أرخنة الفتاوى التي نسجت في زمانها ومكانها، في إطار فقه جديد مبني على المقاصد العليا للدين والقراءة الإنسانية للنصوص.
القضية ليست في التهنئة من عدمها، القضية في موقفي من أخي الإنسان، هل أحبه لله أم أكرهه لله؟
هل هو نظير لي في الخلق أم درجة أدنى؟
هل علاقتي به إحسان مني إليه أم علاقة الند؟
هل هي المواطنة أم الذمة؟
هل قدرا أن المغضوب عليهم هم اليهود والضالين هم النصارى أم أن هذا تفسير الأقدمين البشري وهناك تفسيرات وتأويلات أخرى؟
هل فعلا نسخت أية السيف آيات الرحمة؟
إن فضيلة الإمام الأكبر أمام لحظة تاريخية وهو مسؤول أمام الله بحكم تأثيره وموقعه أن يؤصل لمواقفه تأصيلا شرعيا يتعرض فيه لأدلة وفهم التيار المضاد ويفندها ويضع منهجا للتعامل مع التراث الفقهي، ويربي أجيالا في الأزهر على التفكير والتمييز بين الدين والفكر الديني، بين النص وفهم وتأويل النص وأن يحمي تعددية الأزهر من سطوة التيار الواحد الذي لا يسلم منه مخالفه وإن كان مسلما.
الله أسأل للإمام وللأزهر كمؤسسة علمية التوفيق في الإسهام في بزوغ فكر إنساني يواكب العصر ويسير في فلك مقاصد الدين العليا.
ليست هناك تعليقات: