جغرافيا الروح في 48 خريفًا: على طريق النور 🍂✨ 4️⃣

خريفٌ بعد خريف، تتساقط أوراق العمر كما تتساقط الأسئلة من شجرة الوعي، وتتهيأ أغصان الروح لبزوغ أوراق جديدة 🌱.

كانت الحيرة رفيقة الدرب، وكان القلق المعرفي نارًا متقدة في صدري 🔥.
من دهاليز النقل وتناقضاته، إلى محراب العقل ومحاولاته اليائسة للفهم.
عقلٌ أراد أن يتحرر من برامجه القديمة، أن يخرج من دائرة المقارنات والمجادلات والشبهات والردود.
جرّبت أن أوثّق النصوص، أن أتحقق من نسبها، أن أفصل بين الأصل وما لحق به من إضافات وتأويلات، لكنني في النهاية أدركت أنّ العقل مهما اتسع يبقى محدودًا أمام سرّ الوجود.👈 ظننتُ أن الخروج من كهفٍ إلى كهفٍ خلاص، فإذا بي أجد أنّ الكهوف لا تنتهي.
كل كهفٍ أوسع من سابقه، لكنه يظل كهفًا 🕳️.
من وهمٍ إلى وهم، ومن سجنٍ إلى آخر، حتى استسلم العقل لعجزه وأيقن أن وراء المحسوس ما لا يُحس، وخلف الحروف سرًّا لا يُدرك إلا بالقلب.

بحثتُ عن الشمس الحقيقية ☀️، عن المعنى المختبئ خلف الظلال: كيف نقبلها؟ كيف نفهمها؟ ما سرّها؟
صمتُّ عن ضجيج العقل لأسمع صوت الروح... لكن الأصوات اختلطت داخلي: أيّها صوت العقل المرهق ببرامجه وصدماته وتجربته؟ وأيّها صوت الفطرة النقيّة؟ أيّها صوت القلب، صوت الذات العليا؟ 💫

خريفٌ يتلوه خريف، أسأل نفسي عن الوجود وسببه، عن نفسي وهويتها وقيمتها، وعن المصير بعد أن تنتهي رحلة الجسد 🕊️.
أتجول بين المذاهب والأديان والفلسفات والفكر الإنساني، أبحث عن الإجابة.
🗾 في "جغرافيا الروح"، اكتشفت أنّ الانتقال من كهفٍ إلى آخر هو انتقال من وهمٍ إلى وهم.
ومع ذلك، فلكل كهف لونه، وجماله، وقبحه وضرورة وجوده .

وفي مسيرة 48 خريفًا، اتسعت الرؤية من إنسانيةٍ ضيّقة إلى كونيةٍ رحبة 🌌.
صرتُ أرى هذا الكائن العجيب ـ الإنسان ـ نقطةً ضئيلة في كونٍ شاسعٍ لا محدود، ومع ذلك أشعر بما لا يوصف وأتلمّس وجوداتٍ لا تُدرك بالحواس.
وفي النهاية، تعلمتُ أن أحترم عجزي وعقلي ونِسبيّتي.
أن أحترم كل الأديان والمعتقدات بما ينسجم مع فطرتي، وأرفض ما يناقضها، مدركًا أنّ المرفوض بالأمس قد يصبح مقبولًا اليوم، وأن المقبول اليوم قد يُرفض غدًا. فالرفض لم يكن خطأً، بل كان درجة في سُلّم التطور نحو النور. جزءًا أصيلًا من رحلتي.

✍️ أدركت أن كل إجابة ناقصة، وأن كل سؤال مفتوح، وأن اكتمال الإنسان لا يكون إلا حين يحتضن نقصه. وفي حضن العجز يولد التواضع، ومن التواضع يولد الحب.
💚🩵💙💜
👈 أصبحتُ الآن في فضاءٍ يعلو الكهوف جميعًا، أراها ولا أنكرها. وإن دخلتُ واحدًا منها، أدخل زائرًا واعيًا أنّ ما أراه هناك هو انعكاس لوني ونظرتي، لا الحقيقة المطلقة.
👈 أدركتُ أن الكهوف ـ مهما اختلفت ـ ضرورة في رحلتنا الأرضية. وإن ضاقت بي، انطلقتُ إلى الفضاء الذي أشار إليه مولانا الرومي:
خارج دائرة الصواب والخطأ، هناك فناء. ليس فيه سوى الحب. لنلتقي هناك." 💙
لنلتقي هناك 🕊️
👈 كل الكهوف ظلال، وكل الأديان مرايا، وكل الطرق إشارات. أما النور، فموطنه القلب. هناك، حيث يسكن الله، حيث لا يبقى سوى الحب. 🌌✨

✍️ 48 خريفًا لم تكن سقوطًا، بل كانت تساقطًا لأقنعة وأوهام، وصعودًا نحو فضاءٍ أرحب. هناك، حيث تنتهي الكهوف، يبدأ اللقاء الحقيقي: لقاء إنسان بإنسانيته، ولقاء روح بأجزائها المبعثرة.

🌷 وفي نهاية المطاف، لم أعد أبحث عن يقينٍ خارج قلبي، ولا عن كهفٍ ألوذ به. وجدت أن المعنى ليس في امتلاك الحقيقة، بل في أن أكون حاضرًا مع الرحلة، أصغي للحب وهو يعلو على كل الأصوات. 💙