أيلول يا شهر مولدي ..

أيلول يا شهر مولدي ..

هلت نسمات أيلول، شتمبر، سبتمبر، توت، ومعه كانت أنفاسي الأولى، فبأي عود عدت يا أيلول ومتى وكيف تختم صفحة بدأت ولم تنهي بعد؟ كيف حالي وأناملي تطرق باب الأربعة بعد الأربعين من رحلة لست أدري حقيقة معالمها حتى الآن وليس هناك أجمل من غزل فارس الغزل نزار لعيني حبيبته المرتبط بحلول أيلول عندما يقول :

إذا أتى أيلول يا حبيبتي 
أسأل عن عينيك كل غيمة 
كأن حبي لك 
مربوط بتوقيت المطر.
ويتسائل نزار:
هل شهر أيلول الذي يكتبني؟ 
أم أن من يكتبني هو المطر؟؟

سؤال محوري مازلت أكرره خلف نزار في ظل غياب غيمة المطر التي تنتظرها شقوق صحرائي لتنبت الحب المكفور بين ثناياها.
رحلة طويلة بدأت من أيلول وعانقت أربعة وأربعين أيلول، كان فيها من ذنوب الخلوات ما فيها ومن القصور والتقصير والتعصب وضيق الأفق ومحدودية النظرة ما فيها.

رحلة لم أترك بابا وجدته فيها إلا طرقته، فتنقلت بين الأفكار والعقائد الأيديولوجيات والأعراق بخفة فراشة تعزف على بتلات الزهور لتكتب لحنا أنشأ واحة الأريام بأريامها وشوادنها.

يحكم الواحة دستور إنساني فطري في التراب جذوره ويعانق السماء بشذى زهوره ، السيد فيه هو الإنسان وسيادة الإنسان تكمن في عقله الذي يأنس بفطرة سليمة تمتد لآدم الأكبر.
رحلة ما زلت أعاني فيها من أجل الوصول للحقيقة، فهل أبلغها في أيلول هذا وتمطر الغيمة المنتظرة أم تستمر لأيلول قادم؟
لست أدري!

واحة الأريام بموقعها بين السماء والأرض وغربتها ومحاولة ابتعادها عن صراع يكاد يذهب بالأرض، تلك الواحة التي نسجت معالمها بأريامها وشوادنها المتنوعة تنوع تكامل وتعارف لا تخلو من الصراع الذي أسهر عليه مجتهدا أن يظل في إطار الأفكار، وأن لا يعدم الحب وألا تغزوه الكراهية فيفسد الواحة بفساد هربت منه.

حالم أكيد، خيالي يجوز، غريب ربما، ولكن هذا أنا وهذا حصاد نبتة بدأت في أيلول وطال بها العطش حتى شربت الظمأ.

آه يا شهر أيلول هل أكتبك أم تكتبني؟
أم أنتظر الغيمة الموعودة لتمطر غوثا يصبح مدادا جديدا لحرف جديد؟

فيارب أيلول ونبتة أيلول وغيمته وما سبق وما هو آت، طال ظمائي وبلغ العطش مني مبلغا أثقل كاهلي، وخفت صوت أنيني وجف زمزم دمعي، فالغوث الغوث بفيض نور من عندك يروي مني ما مات فيحيى من جديد، ويغيث مني شقوقا أنهكها العطش وشكوكا تحن إلى اليقين.
أيلول يا شهر مولدي وماذا بعد؟

يا امرأة أحبها.. 
تفجر الشعر إذا داست على أي حجر.. 
يا امرأة تحمل في شحوبها 
جميع أحزان الشجر.. 
ما أجمل المنفى إذا كنا معاً.. 
يا امرأة توجز تاريخي.. 
و تاريخ المطر!!
.(نزار)