مساحة إعلانية

الاغتراب وتأثيره على الإبداع

عاطف عبدالعزيز عتمان يناير 01, 2024


 

الاغتراب وتأثيره على الإبداع

في البداية لا بد من التمييز ما بين الغربة والاغتراب، فالغربة تشير إلى حالة الفرد الذي يعيش في بلد أو مجتمع غير بلده الأصلي، بينما الاغتراب يشير إلى شعور الفرد بعدم الانتماء والعزلة عن المجتمع الذي يعيش فيه، سواء كان بلده الأصلي أو بلد آخر، فهنا الشعور بالاغتراب يتجاوز المكان وربما الزمان، ومن هنا يمكن أن يكون الاغتراب نتيجة للغربة أو لأسباب أخرى مثل الصدمة الثقافية أو العزلة الاجتماعية أو الفكرية أو القيمية عن المحيط.
اتفق الفلاسفة أن وجود الإنسان يتسم بالاغتراب والاضطراب والشر والقلق والعدم، أي أنه سمة أساسية في هذا الوجود بل إنه الأكثر وضوحا من بين تلك السمات، وقد رأى هيجل وهو أول من تكلم في مفهوم الاغتراب ارتباط بين اغتراب الذات والثقافة، ورأى ماركس أنه نتيجة سلبية للظلم الاجتماعي، أما فرويد فقد رآه تعارضا بين الإنسان والحضارة، وقد كان لكل من الوجوديين والصوفية وغيرهم من المدارس والفلاسفة رأى في الاغتراب كمفهوم، وكذلك في علاقته بالإبداع الفني، وهو ما كرس له الدكتور محمد عباس يوسف كتابه هذا حيث تناول في فصوله الثلاثة الاغتراب والإبداع من حيث المفاهيم والأصول وذلك في فصل الكتاب الأول، الاغتراب من منظور السيكولوجي في فصله الثاني، والعلاقة بين الاغتراب والإبداع الفني في الفصل الأخير، وفيه عرض للاغتراب النفسي عند الفنانين والأدباء ثم الاغتراب والإبداع فى التحليل النفسى وأخيرا من خلال بعض الدراسات مثل دراسة فرويد لشخصية ليوناردو دافنشى ودستويفسكى.

يرى هيجل: أن الاغتراب متجل في صميم بنية الحياة الكلية، وهو في نظر ماركس يتمثل في حالات اغتراب الإنسان عن عمله وعن زملائه، بحيث لا يكون الإنسان ذاته، وإنما هو مجرد صفر على الشمال في الوجود الجمعي وبالطبع فذلك مرتبط الرأسمالية.

أما الغريب في مفهوم الصوفيين هو من ابتعد عن الوجود الحسي الأرضي، فهو الفرار من دار الدنيا إلى دار الآخرة، من الملموس إلى المحسوس، من الملك إلى الملكوت.
شعور الصوفيين بالغربة يبعث فيهم قوة الإبداع لتطهير نفوسهم.

دراسات حول الاغتراب

نعم، هناك العديد من الدراسات التي أجريت حول تأثير الاغتراب السلبي على المبدعين، وقد أظهرت هذه الدراسات أن الاغتراب السلبي قد يؤثر على الإبداع والإنتاجية والرضا الوظيفي للمبدعين.

وقد تم تقديم العديد من الاستراتيجيات والتقنيات للتغلب على هذا التأثير السلبي، مثل التدريب على تنمية مهارات التواصل والتفكير الإيجابي والتعلم من الآخرين.
التواصل مع الآخرين وتعلم اللغات والاندماج في مجتمع المبدعين.
الفرق بين الاغتراب والعزلة النفسية المرضية.

الاغترابي يستثمر عزلته النفسية بالتأمل ومراجعة الذات والاحتكام إلى معياريه وسبر غور الحقائق والمسلمات ليصل إلى حقيقته
ومن ثم دراسة بواعث اغترابه الموضوعية واستحضار تصورات ومفاهيم ينتج عنها إبداع من نوع ما يحمل رسالة هذا المبدع تجاه ذاته وتجاه حالة الاغتراب نفسها طامحا في التأثير على بيئة الاغتراب بما يهدم الهوة بينه وبين المحيط.
في هذه الحالة فشعور الاغتراب هو الملهم والطاقة الخلاقة التي تدفع الإبداع.

أما العزلة النفسية المريضة غير المبدعة فقد تكون رد فعل سلبي مبعثه ومسبباته المحيط أو المجتمع والانكفاء نحو الداخل بسلوكية وتفكير منغلق على الذات مقطوع الصلة بالآخر، مغيب عما يجري في المحيط من حوله منفصل عن الواقع تماما.

يمكن أن يؤدي الاغتراب إلى تأثيرات سلبية على المبدع مثل الإحباط والألم والعزلة، ولكن في بعض الأحيان يمكن أن يحفز الاغتراب الإبداع ويساهم في تطوير الفكر والإبداع في أعماله. ويعتمد تأثير الاغتراب على الشخص وظروفه والطريقة التي يتعامل بها مع هذه الحالة.

الخلاصة أن تأثير الاغتراب يعتمد على الشخص نفسه وكيف يتفاعل مع هذا الشعور، هل يعجز عن الاندماج فينفصل أم يختار العزلة ليتأمل فيبدع.


مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام