مساحة إعلانية

أبواق الجهل في زمن المسخ






أبواق الجهل في زمن المسخ 

تشغل القضية المشتعلة بين وزيرة الصحة وبعض أبواق الجهل في زمن المسخ من جانب والصيادلة من جانب آخر الرأي العام المصري عامة والصيدلي بشكل خاص، ولن أكتب هذه الكلمات بصفتي صيدلي مصري وعضو الجمعية العمومية لنقابة صيادلة مصر فقط بل بصفتي مواطن مصري وكاتب ينظر نظرة تحليلية للأمر دون تعصب ولا فئوية .
بإلقاء نظرة تاريخية على الصيدلة في مصر فقد تأسست أول مؤسسة تعليمية للصيدلية في مصر في أبي زعبل سنة 1824 مصاحبة لمدرسة الطب ثم في 1955 صدر مرسوم حكومي لإنشاء كلية الصيدلة ككيان مستقل بعد أن كانت تنتسب إلى كلية الطب وتم إنشاء كلية الصيدلة جامعة القاهرة عام 1956 وتقوم بمنح درجة البكالوريوس في العلوم الصيدلية وكان أول عميد لكلية الصيدلة بعد انفصالها عن كلية الطب هو الدكتور إبراهيم فهمي رجب .
الصيدلة كغيرها من المهن وهنا نخص المنظومة الصحية تعاني وسبب معاناتها الرئيسي خلل إدارة عبر عقود يسأل فيه التشريع المتهالك الذي تجاوزه الزمن، والتعليم ومنظومته وتخبط السياسات من وزير لآخر، وهذا الخلل يدين معالي الوزيرة وسلفها من وزراء أهملوا ملف الصيدلة عبر عقود، حتى قضية العدد المبالغ فيه والذي يتجاوز المعدلات العالمية بأربعة أضعاف تقريبا هو مسؤولية معالي الوزيرة والحكومة في ظل صم الآذان عن التحذيرات والنداءات المتكررة بضبط أعداد القبول ولكن يبدو أن مافيا الجامعات الخاصة ومصالح ما كانت خلف هذا الموقف الغريب والكارثي والمستمر.
في الوقت الذي يتجه فيه العالم للصيدلة السريرية ويزداد دور الصيدلة في المنظومة الصحية وبدلا من غلق كليات الصيدلة لفترة ما أو تقليل أعداد المقبولين لأدنى مستوى يلبي الاحتياجات، والعمل وفق خطة منظمة لرفع كفاءة الصيادلة في مختلف القطاعات لمواكبة تطور المهنة على مستوى العالم تتجه الوزيرة لتعليق شماعة الفشل بضلع من أضلاع المنظومة هو أحد ضحايا فشلها في تطوير المنظومة الصحية، وبدلا من مناقشة أنشطة وأفكار وسياسات معالي الوزيرة نتجه لمناقشة خروج تصريحاتها عن اللياقة، فما أفادت به معالي الوزيرة هو إدانة لسياستها ومن سلف من وزراء وليس إدانة للفئات التي تستهدفها من حين لآخر لإشعال معارك وهمية إلهائية، فدور الوزيرة هو رؤية لتطوير منظومة العمل ورفع كفاءة أعضائها علميا وتدريبيا وبينها وبين مرؤوسيها اللوائح والقوانين، وهو محاولة للهرب من مسؤوليتها بتفيذ تكليفات القيادة السياسية بالنهوض بالقطاع الصحي.

أما بخصوص ما أثاره المدعو صحفي والذي لا يمكن لي أن أحسبه على الصحافة أو القلم فالصحافة مهنة الباحثين عن الحقيقة وهي سلطة الضمير في المجتمع، والقلم شرف لا ينقص من قيمته أن يمسك به الأدعياء أو أن يتكلم به الصغار، فالصحافة الحرة النزيهة هي مرآة المجتمع وكم نحن كأمة وكشعب وكمهنة بحاجة لأنوار القلم الذي يحمله شرفاء ضميرهم قانونهم، عقلاء يدركون قيمة الفكرة، أصحاب ثقافة ووعي يساهمون في إنارة الأركان المظلمة، لكننا في غنى عن الأقلام السطحية، أقلام الإثارة أو الأقلام التي توجه في غيبة الضمير.
بقالي الصحة يا سيد  لهم هوية واضحة فهم أوائل الثانوية العامة وحاصلين على بكالوريوس العلوم الصيدلية من الجامعات المصرية، منهم أساتذة الجامعة، ومنهم الباحثين ومنهم من سافر هربا من سفور أقلام سافرة، فأبدع في بلاد تحترم الإبداع، ومنهم المفتشين الذين يعملون على تطبيق القانون وتطهير المهنة من أي خبث فهل تعلم معنى الخبث؟
منهم من يعمل في وزارة الصحة ويدفع من جيبه الخاص نقل الأدوية والطعوم والأمصال ويجلس يحرس ثلاجة نصف عمر متابعا الترمومتر داخلها حفاظا على الأمصال وسلامتها لابنك وابني وأموال الدولة وهذا ليس دوره ولا مهمته.
منهم من يقف على قدميه طوال اليوم من أجل أداء دوره من صرف أدوية ووصف أدوية الوصف والتخفيف عن كاهل المواطن والنصيحة، والتثقيف الدوائي وتلاشي أخطاء زملاء في تكامل بين أعضاء المنظومة، وإرشاد المريض وتوجيهه للطبيب المناسب لشكواه، بل يضطر أحيانا لتحمل مهام خدمية ليست مهامه في ظل ظروف اقتصادية يعلمها الجميع.
كم مرة خدمتك صيدلية حيك أو قريتك في طفولتك؟
كم مرة قدمت لك الصيدلية النصح والإرشاد وأنقذتك ليلا أو في الجمع والإجازات والأعياد وكم مرة راجعت طبيبك في دواء أو جرعته، وكم مرة تداركت ما في تذاكر علاج الوزارة التابعة لمعالي الوزيرة من كوارث ؟
لعلك من رواد دار الفؤاد ولا تتعامل مع صيدليات الشعب وإن كنت كذلك فكف عنا قبح لسانك .

بقالي الصحة علموهم في كلية البقالة التي لم ولن تتأهل لها أنهم أصحاب مهنة ورسالة يتعاملون مع المريض بأخلاق ويساعدون العفيف بحياء، بل والله علمونا كيف نعرف العفيف الذي لا يسأل الناس إلحافا، وهنا لا أتكلم عن قطاع من الملائكة بل هو قطاع من نفس طينة مجتمعه فيه ما فيه، له وعليه، ومثله مثل غيره من فئات منهم الصالح والطالح .
أما ما ذكرت من صيدليات بالجملة ومن يملك 50 صيدلية فتناولك الأمر ينم عن جهالة مركبة، فلو أنك بحثت أو سألت أو قرأت قبل أن يصيبك قيئ حروف جاهلة لأدركت أن ما تعيبه هو نقطة في ملف معالي الوزيرة، ولعلمت أن صيادلة مصر خادمي شعبهم من آبائهم وأمهاتهم وأبنائهم وجيرانهم  بحمل مهنتهم بأمانة ومهنية ووطنية وإنسانية هم ضحايا ما ذكرت، ومنهم من أفلس وأغلق صيدليته ومنهم من يعاني الموت البطيء، ومنهم المريض الذي يقف على قدميه متحاملا لأداء دوره ورسالته تجاه مجتمعه وأسرته التي يعولها.

نتيجة بحث الصور عن الصيدلة

لو علموك البحث والقراءة قبل الكتابة لعلمت أن ما كتبت هي قضية نضال الصيادلة في أعوامهم الأخيرة والتي تتعامل معها الوزارة بطريقة تدعوا للتعجب لمخالفة القانون والتحايل عليه وعجز معاليها عن التصدي لهذه الظاهرة التي تمس صميم الأمن الدوائي المصري.
أما كونهم أطباء وضلع من أضلاع المنظومة الصحية فهذا ليس إدعاء منهم بل هو توصيف الدولة والحكومة لهم وهذا تصنيفهم في كل دول العالم العريقة والناشئة ولهم نقابة عريقة تمرض ولكن لا تموت، فلعلك تقرأ جيدا لتستطيع أن تكتب ما يستحق شغل المساحة التي شغلتها.
أما الدخلاء والدبلومات التي تذكرها فمسؤولية تطهيرهم وإحالتهم للمحاكمة والقضاء عليهم هي مسؤولية معالي الوزيرة أم أنك لا تعرف دور السلطة التنفيذية؟
الأفواه الوقحة التي وصفت منها علماء وأدباء ومفكرين وجنود وضباط وصيادلة أحرار هم جزء من الشعب وحملة رسالة للشعب وجنود للوطن يعملون ولا يسترزقون من الحروف.

أما ملف الأدوية الممنوعة والمهربة فلا أعرف هل تفهم ما تتكلم عنه وتتعمد التدليس أم أنك جاهل؟
فقبل كل شيئ نحن لا ندافع عن مخطئ مهما كان فكل مهنة فيها خبثها والقانون والجهات التنفيذية هي المنوطة بتطبيق القانون، فلسنا فئة فوق القانون بل جزء من نسيج المجتمع وساعد من سواعد بناء الوطن.
الأدوية المخدرة يحكمها الجدول ولصرفها نظام وأغلب صيدليات مصر لا يوجد بها جدول جواهر مخدرة، أما الأدوية المهربة فكثير منها يكتب بروشتات طبية نظرا لعدم وجود مثيل مصري لها، مع ذلك حتى يفهم القارئ وهو ما كان يتحتم على قلمك أن يقوم به فالبنادول المستورد دواء مهرب واللازيكس ٥٠٠مج المستورد دواء مهرب، وليس الأمر كما أوحيت للقارئ، ومع ذلك دعوة لكل صيادلة مصرأن يمتنعوا عن أي دواء غير مسجل بوزارة الصحة، وعلى المرضى مخاطبة الوزارة فهي المسؤولة عن توفير احتياجاتهم.
يبقى النداء للقيادة السياسية لتحمي أبنائها من صيادلة مصر من هذا العبث المتكرر بحق قطاع بل جنود من جنود هذا الوطن.

أما قضية نقيب الصيادلة السابق وما يحدث في نقابة الصيادلة وهو ما تكرر في نقابات أخرى وهو صورة مصغرة لمجتمعات تعاني مخاض طال أمده فلا يعيب المهنة في شيء، والمخالفات لها جهاتها المختصة، وقدرنا كمهنة أن نعاني من بعض الصغار وكلام الصغار لما تغافلنا عن اختيار كبار يحملوا همنا ومشاكلنا ويعبروا عنا وصدق الأخطل إذا عبر عن قيئك( وهنا أذكر كلامك وأفنده ولا أتعرض لشخصك فللصيادلة أدب للحوار ونقد للأفكار وحرمة للأشخاص يعلمونها جيدا) فقال:
قومٌ إذا استنبحَ الأضيافُ كلبهُمُ قالوا لأمّهِمِ: بُولي على النّارِ فتُمْسِكُ البَوْلَ بُخْلاً أنْ تجودَ بهِ وما تبولُ لهم إلا بمقدارِ



اقتنوا الآن كتاب «صلاة الإنسانية» للكاتب الدكتور عاطف عبد العزيزمن خلال خدمة التوصيل المتاحة في كل أنحاء الجمهورية، والدفع عند الاستلام، من هنا:https://goo.gl/rQqyL6

واحة الأريام عاطف عبدالعزيز عتمان




مشاركة
مواضيع مقترحة

هناك تعليقان (2):

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام