حوار هادئ ومهم عبر قناة الميادين وبرنامج أ ل م
20 تشرين ثاني 2014
من الإشكالات العلمية التي تطرح في سياق البحث عن رحلة تدوين الحديث هي : دور السطات في تمرير ما تريد إلى السنة النبوية و كثرة الوضاعين و الكاذبين الذين تسللوا إلى دائرة الرواة
المحور الأول
السنة في عهد رسول الله ص، والشروع والمقاييس المعتمدة في تدوينها
يحيى أبو زكريا: حيّاكم الله وبيّاكم وجعل الجنّة مثواكم.
السنّة في اللغة العربية هي الوجه والصورة وقيل الجبهة والجبين. وقال الأزهري وابن منظور هي الطريقة المحمودة، وقيل الطبيعة والعمل، سنّة الأولين أي عمل الأولين وطريقة الأولين.
وقد عرّف علماء الفقه والأصول السنة النبوية بأنها كلّ ما رُوي عن الرسول الأعظم من أقوالٍ وأفعالٍ وتقريرات من غير القرآن الكريم.
وقد اختلف علماء الحديث في ما بينهم حول البداية الدقيقة لتدوين السنّة النبوية، والمعروف أنّ العرب قبل الإسلام لم يعتمدوا على الكتابة في حفظ أشعارهم وخطبهم وقصص أيامهم ومآثرهم وأنسابهم، بل اعتمدوا على الذاكرة فاشتهروا بقوة ذاكرتهم وسرعة حفظهم، وكان الكتّاب معدودين ومحدودين، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في سورة الجمعة "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ".
ويذهب بعض علماء الحديث إلى القول أن الرسول أوصى بكتابة القرآن من دون السنة النبوية، ويستندون إلى حديثٍ شريف أخرجه مسلم "لا تكتبوا عني ومن كتب غير القرآن فليمحُه وحدّثوا عني ولا حرج"، وفي حديثٍ آخر قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه "استأذنّا النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لنا في الكتابة" أو في الكتاب في رواية، "فأبى"، رواه الترمزي وصححه الألباني.
وقد اختلف علماء الحديث في ما بينهم حول البداية الدقيقة لتدوين السنّة النبوية، والمعروف أنّ العرب قبل الإسلام لم يعتمدوا على الكتابة في حفظ أشعارهم وخطبهم وقصص أيامهم ومآثرهم وأنسابهم، بل اعتمدوا على الذاكرة فاشتهروا بقوة ذاكرتهم وسرعة حفظهم، وكان الكتّاب معدودين ومحدودين، وقد ذكر القرآن الكريم ذلك في سورة الجمعة "هُوَ الَّذِي بَعَثَ فِي الْأُمِّيِّينَ رَسُولًا مِنْهُمْ".
ويذهب بعض علماء الحديث إلى القول أن الرسول أوصى بكتابة القرآن من دون السنة النبوية، ويستندون إلى حديثٍ شريف أخرجه مسلم "لا تكتبوا عني ومن كتب غير القرآن فليمحُه وحدّثوا عني ولا حرج"، وفي حديثٍ آخر قال أبو سعيد الخدري رضي الله عنه "استأذنّا النبي صلى الله عليه وسلم أن يأذن لنا في الكتابة" أو في الكتاب في رواية، "فأبى"، رواه الترمزي وصححه الألباني.
وتبرير منع تدوين السنة النبوية كما يقدمه بعض المحدثين هو الخوف من اختلاط القرآن بالسنة النبوية، ومرّت مرحلة تدوين السنة بمرحلتين هما مرحلة الصحابة، ومرحلة التابعين.
واستمر تدوين السنة النبوية إلى القرن التاسع الهجري حيث برز من المحدّثين الحافظ البيهقي والخطيب البغدادي والحافظ ابن الجوزية وغيرهم.
ومن الاشكالات العلمية التي تطرح في سياق البحث عن رحلة تدوين الحديث النبوي هي دور السلطات في تمرير ما تريده إلى السنّة النبوية، كثرة الوضّاعين والكاذبين الذين تسللوا إلى دائرة الرواة كما يكشف عن ذلك علماء الجرح والتعديل، ويُضاف إلى ذلك الاعتماد على الحفظ فقط في رواية الحديث في مرحلة التدوين وما بعد التحاق الرسول بالرفيق الأعلى.
لماذا رأى خلفاء المسلمين التعامل مع الأحاديث باحتياط، باحتياطٍ بالغٍ أيضا كما جاء في تذكرة الحفاظ، ومن مراسيل ابن أبي مليكة، أنّ الصدّيق جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال إنكم تحدّثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشدّ اختلافا فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئا، فمن ساءلكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه.
كل هذه المحاور والملفات سنعالجها في محور حلقتنا اليوم، تدوين السنة النبوية، ويشاركنا في النقاش الشيخ الفاضل الدكتور عفيف الصبابطي مدير مدرسة الدكتوراه في جامعة الزيتونة، ومن مصر الدكتور الفاضل عبد الله النجار أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، ومن سورية الشيخ محمد وليد فليون الباحث في حوار الأديان.
ومن الاشكالات العلمية التي تطرح في سياق البحث عن رحلة تدوين الحديث النبوي هي دور السلطات في تمرير ما تريده إلى السنّة النبوية، كثرة الوضّاعين والكاذبين الذين تسللوا إلى دائرة الرواة كما يكشف عن ذلك علماء الجرح والتعديل، ويُضاف إلى ذلك الاعتماد على الحفظ فقط في رواية الحديث في مرحلة التدوين وما بعد التحاق الرسول بالرفيق الأعلى.
لماذا رأى خلفاء المسلمين التعامل مع الأحاديث باحتياط، باحتياطٍ بالغٍ أيضا كما جاء في تذكرة الحفاظ، ومن مراسيل ابن أبي مليكة، أنّ الصدّيق جمع الناس بعد وفاة نبيهم فقال إنكم تحدّثون عن رسول الله أحاديث تختلفون فيها والناس بعدكم أشدّ اختلافا فلا تحدّثوا عن رسول الله شيئا، فمن ساءلكم فقولوا بيننا وبينكم كتاب الله فاستحلوا حلاله وحرموا حرامه.
كل هذه المحاور والملفات سنعالجها في محور حلقتنا اليوم، تدوين السنة النبوية، ويشاركنا في النقاش الشيخ الفاضل الدكتور عفيف الصبابطي مدير مدرسة الدكتوراه في جامعة الزيتونة، ومن مصر الدكتور الفاضل عبد الله النجار أستاذ الشريعة والقانون في جامعة الأزهر وعضو مجمع البحوث الإسلامية، ومن سورية الشيخ محمد وليد فليون الباحث في حوار الأديان.
مرحبًا بكم جميعا.
أبدأ بك دكتور عفيف من تونس حول تدوين السنة النبوية.
قد يسأل أحدهم لماذا البحث مجدّدًا في السنة النبوية، نقول لأنّ اللغط كثر في راهن المسلمين، لأنّ الأخذ والرد من السنة النبوية كثر، ولأنّ نصوص الدماء باتت تؤخذ من السنة النبوية، وبالتالي فُجّر الأمن القومي العربي والإسلامي، ونريد من خلال هذه الحلقة أن نضع حدًا لموضوع السنة النبوية.
أبدأ بك دكتور عفيف من تونس حول تدوين السنة النبوية.
قد يسأل أحدهم لماذا البحث مجدّدًا في السنة النبوية، نقول لأنّ اللغط كثر في راهن المسلمين، لأنّ الأخذ والرد من السنة النبوية كثر، ولأنّ نصوص الدماء باتت تؤخذ من السنة النبوية، وبالتالي فُجّر الأمن القومي العربي والإسلامي، ونريد من خلال هذه الحلقة أن نضع حدًا لموضوع السنة النبوية.
متى بدأ المسلمون بتدوين سنة نبيهم دكتور عفيف؟
عفيف الصبابطي:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين.
عفيف الصبابطي:
بسم الله الرحمن الرحيم والحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد المرسلين.
سيّدي الفاضل أحييك بتحية الإسلام وأرحّب بك وبسادتي الأفاضل من الدكاترة الأعزاء وبالمشاهدين الكرام.
موضوع تدوين السنة موضوعٌ هام ويُطرَح ولا يزال يُطرَح المرة تلو الأخرى.
موضوع تدوين السنة موضوعٌ هام ويُطرَح ولا يزال يُطرَح المرة تلو الأخرى.
متى بدأ تدوين الحديث؟
أولا لا بدّ أن نعرف أن موضوع الكتابة كقيمة حضارية لم تكن منتشرة عند العرب.
الكتابة كانت قليلة، والعرب كانوا أميين، تغلب عليهم قلة الكتابة وقلة القراءة، ولمّا جاء الإسلام، جاء بقيم حضارية لترقية المجتمع البشري والنهوض به نحو الأفضل، ورسالة الإسلام رسالة خالدة. جاء لبناء إنسانيةٍ تتأسّس على قيمٍ راقية وقيم عظيمة، ولذا فإنّ من المسائل الأساسية التي جاء بها الكتاب العزيز وجاء بها الرسول الكريم صلى الله عليه وسلم هي أنّ الكتاب قيمة معرفية لا بدّ من اعتمادها، وهذا وقع تركيزه في النفوس بطرقٍ متعدّدة، فنحن نعلم أولا أنّ الله عز وجل حدّثنا في الكتاب العزيز وهو ما أخذه العلماء من أنّ كتابة العلم هي صفة من صفات الكمال، فالله عز وجل أعلمنا في الكتاب أنّ علمه في كتاب، والحوار الذي دار بين سيدنا موسى وفرعون لما قال "قال فَمَا بَالُ الْقُرُونِ الْأُولَى قَالَ عِلْمُهَا عِنْدَ رَبِّي فِي كِتَابٍ لَا يَضِلُّ رَبِّي وَلَا يَنْسَى"، فالعلم الكامل هو العلم المدون المكتوب.
ثمّ إنّ الله أعلمنا أنّ أعمالنا التي سنُسأل عنها يوم القيامة التي ربما ينساها الواحد منا بعد أن قام بها بعد سويعات قليلة، إنّ هذه الأعمال مسجلة محفوظة مكتوبة، وقال تعالى "وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ"، كما قال تعالى"مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ".
ثمّ إنّ الله أعلمنا أنّ أعمالنا التي سنُسأل عنها يوم القيامة التي ربما ينساها الواحد منا بعد أن قام بها بعد سويعات قليلة، إنّ هذه الأعمال مسجلة محفوظة مكتوبة، وقال تعالى "وَإِنَّ عَلَيْكُمْ لَحَافِظِينَ كِرَامًا كَاتِبِينَ يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ"، كما قال تعالى"مَا يَلْفِظُ مِنْ قَوْلٍ إِلَّا لَدَيْهِ رَقِيبٌ عَتِيدٌ".
هذه الكتابة وهذه التسجيلات تصبح صحفًا تُعرَض يوم القيامة، والله عز وجل أعلمنا بذلك، "وَوُضِعَ الْكِتَابُ فَتَرَى الْمُجْرِمِينَ مُشْفِقِينَ مِمَّا فِيهِ وَيَقُولُونَ يَا وَيْلَتَنَا مَالِ هَٰذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا".
إنّ قيمة الكتابة هي التي حفظت هذه الأشياء وهذه الأعمال بحيث تبقى ولا تتغير ولا تتبدل ولا تُنسى.
ثمّ إنّ الله عز وجل لما أراد خيرًا بالإنسانية وللحفاظ على حقوق الناس في معاملاتهم أمرهم بأن يسجّلوها وأن يكتبوها وهو مظهر من مظاهر التمدّن والرقيّ. قال تعالى "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِذَا تَدَايَنتُم بِدَيْنٍ إِلَى أَجَلٍ مُّسَمًّى فَاكْتُبُوهُ".
إذا الذين نخرج به بعد هذه المقدّمة إنّ الإسلام جاء بقيمة جديدة هي قيمة الكتابة باعتبارها أحسن وسيلة لحفظ المعلومات، ثمّ إنّ القرآن أعلمنا أنّ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي خاتمة الرسالات وهو قدوة للناس جميعا، قال تعالى "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"، فهو لم يكن مبعوثا للعرب المعاصرين له وإنما هو للإنسانية كافة، وحتى يقتدي به الناس جميعا في كل عصر وفي كل مصر لا بدّ أن تُحفظ هذه السنة وهذه السيرة العطرة وحتى ينتفع بها الناس لأنها إن نُسِيت وضاعت فكيف سيهتدي الناس بسنّته أو كيف سيقتدون بهديه صلى الله عليه وسلم.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف، أفهم من كلامك أنّ تدوين السنة بدأ في عهد رسول الله، كلّ المقدمات التي جئت على ذكرها تفضي إلى هذه النتيجة. أليس كذلك؟
عفيف الصبابطي: نعم سيدي ولكن الاجراء العملي في البداية وخشية كما قلتم سيدي الكريم منذ قليل، خشية التباس الكتاب العزيز بالسنّة أولا وخشية أن يتولى الكتابة من لا يحسنها ولا يتقنها لأنّ المتقن قليل في بداية الإسلام، وقع النهي أولا عنها، ثمّ بعد ذلك لمّا تقدّم المجتمع وبدأت الكتابة تنتشر أذن صلى الله عليه وسلم في كتابة حديثه، وأحسن مثال على ذلك عبد الله ابن عمر ابن العاص الذي كان يكتب كل شيءٍ يقوله صلى الله عليه وسلم/ قال فنهتني قريش أي أعيان قريش عن ذلك، وقالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الغضب وفي الرضا، فاستفتى عبد الله ابن عمر ابن العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له اكتب "فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق"، واشار إلى فمه الطيب الطاهر.
إذا الذين نخرج به بعد هذه المقدّمة إنّ الإسلام جاء بقيمة جديدة هي قيمة الكتابة باعتبارها أحسن وسيلة لحفظ المعلومات، ثمّ إنّ القرآن أعلمنا أنّ رسالة محمد صلى الله عليه وسلم هي خاتمة الرسالات وهو قدوة للناس جميعا، قال تعالى "لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ"، فهو لم يكن مبعوثا للعرب المعاصرين له وإنما هو للإنسانية كافة، وحتى يقتدي به الناس جميعا في كل عصر وفي كل مصر لا بدّ أن تُحفظ هذه السنة وهذه السيرة العطرة وحتى ينتفع بها الناس لأنها إن نُسِيت وضاعت فكيف سيهتدي الناس بسنّته أو كيف سيقتدون بهديه صلى الله عليه وسلم.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف، أفهم من كلامك أنّ تدوين السنة بدأ في عهد رسول الله، كلّ المقدمات التي جئت على ذكرها تفضي إلى هذه النتيجة. أليس كذلك؟
عفيف الصبابطي: نعم سيدي ولكن الاجراء العملي في البداية وخشية كما قلتم سيدي الكريم منذ قليل، خشية التباس الكتاب العزيز بالسنّة أولا وخشية أن يتولى الكتابة من لا يحسنها ولا يتقنها لأنّ المتقن قليل في بداية الإسلام، وقع النهي أولا عنها، ثمّ بعد ذلك لمّا تقدّم المجتمع وبدأت الكتابة تنتشر أذن صلى الله عليه وسلم في كتابة حديثه، وأحسن مثال على ذلك عبد الله ابن عمر ابن العاص الذي كان يكتب كل شيءٍ يقوله صلى الله عليه وسلم/ قال فنهتني قريش أي أعيان قريش عن ذلك، وقالوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في الغضب وفي الرضا، فاستفتى عبد الله ابن عمر ابن العاص رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له اكتب "فوالذي نفسي بيده ما يخرج منه إلا حق"، واشار إلى فمه الطيب الطاهر.
هكذا يتبيّن لنا أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم أذن في الكتابة وقد اعترف أبو هريرة بأنّ أكثر الناس حديثا عن النبي صلى الله عليه وسلم هو عبد الله ابن عمر لأنه كان يكتب، وهو لم يكن يكتب.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف، سأستكمل معك بقية الملفات وكل التفاصيل عسانا نخرج بنتيجة إيجابية من جراء هذه الحلقة.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف، سأستكمل معك بقية الملفات وكل التفاصيل عسانا نخرج بنتيجة إيجابية من جراء هذه الحلقة.
دعني أنقل ما ذكرته إلى الدكتور عبد الله النجار.
دكتور عبد الله مبدئيًا وصل ضيفي العزيز الشيخ الفاضل الدكتور عفيف إلى القول أنّ التدوين كان في عهد رسول الله لكن ليس مع بداية انطلاقة الإسلام، حيث كانت الأولوية لكتابة النصّ القرآني. وأضاف أيضًا أنّ الكتّاب كانوا محدودين.
دكتور عبد الله مبدئيًا وصل ضيفي العزيز الشيخ الفاضل الدكتور عفيف إلى القول أنّ التدوين كان في عهد رسول الله لكن ليس مع بداية انطلاقة الإسلام، حيث كانت الأولوية لكتابة النصّ القرآني. وأضاف أيضًا أنّ الكتّاب كانوا محدودين.
ماذا تقول في ذلك؟
وماذا عن المحدّثين الذين قالوا أنّ السنة بُدئ في تدوينها بعيد وفاة رسول الله؟
عبد الله النجار: أولا أهلا بك يا دكتور يحيى وبالضيفين الكريمين.
يحيى أبو زكريا: حيّاك الله.
عبد الله النجار: وأودّ أن أقول إنّ ما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو في حياته لم يكن تدوينًا بمعنى التدوين وإنما هو نوعٌ من التسجيل لبعض المواقف المحدودة التي لا يمكن أن يشكّل مجموعها تدوينًا للسنّة كما علمناه أو كما عرفناه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد أن بدأ التدوين الحقيقي للسنّة، وأمر هذا واضح لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان موجودًا وكان النصّ القرآني إذا نزل وكان بحاجةٍ إلى تفسير أو بيانٍ لتطبيقه على نحوٍ صحيح كان النبيّ صلى الله عليه وسلم موجودًا وكان الصحابة يستفتونه في ما يستجدّ من نوازل الحياة وأمورها، ولذلك لا نستطيع أن نقول إنّ التدوين قد بدأ في هذا العهد، ناهيك عن أنّ أمور الوحي كانت محدودة، ومشاغل الصحابة كانت كثيرة جدًا جدًا، إضافة إلى الاهتمام بالقرآن الكريم وتفريغ العقول له حتى تحفظه حفظًا كما نزل من السماء، وحتى لا يثقل الأمر على المسلمين بتشتت الجهود في النصوص التي يقولها النبي صلى الله عليه وسلم وما يتلوه عليهم من القرآن، فالتحوّط للقرآن الكريم كان يقتضي بالطبيعة أن تكون حركة التدوين محدودة حتى لا يشق ذلك على المسلمين وتتشعّب الأمور منهم فلا تنتهي إلى الدقة المطلوبة والتي يتسم بها النص التشريعي.
صحيح، كان هناك بعض المدوّنات التي اختُصّ بها أو التي قام بها بعض الصحابة كعبد الله ابن عمر ابن العاص الذي كان يدوّن كلّ ما يسمعه أو يراه من النبي صلى الله عليه وسلم في مدوّنته التي سمّاها الصادقة، وكذلك أيضًا وُجدت مدوّناتٌ أخرى ولكن هذه المدونات لا تشكل في مجملها تدوينًا للسنة بالمعنى الذي عهدناه في ما بعد، ناهيك عن أنّ عقول الصحابة رضي الله عنهم كان فيها من صفاء الذهن وتوقد الفهم ما يساعدهم على الاحتفاظ بالنصوص التي يسمعونها من النبي صلى الله عليه وسلم سنّة، أي من أقواله صلى الله عليه وسلم غير القرآن، وكذلك أيضًا من أفعاله ومن تقريراته التي كانت تحدث أمام أعينهم وأمام ناظرهم، وكانت تشكّل بالنسبة لهم وقائع مادية منظورة.
يحيى أبو زكريا: شيخ محمد من دمشق الحبيبة، نحن الآن أمام رأيين، الرأي الأول يقول بتدوين السنّة، الرأي الثاني للدكتور عبد الله نجار أنّ السنّة لم تدوَّن كاملا في عهد رسول الله وإنما الأمر تُرك لصفاء ذهنية الصحابة.
عبد الله النجار: أولا أهلا بك يا دكتور يحيى وبالضيفين الكريمين.
يحيى أبو زكريا: حيّاك الله.
عبد الله النجار: وأودّ أن أقول إنّ ما حدث في عهد النبي صلى الله عليه وسلم أو في حياته لم يكن تدوينًا بمعنى التدوين وإنما هو نوعٌ من التسجيل لبعض المواقف المحدودة التي لا يمكن أن يشكّل مجموعها تدوينًا للسنّة كما علمناه أو كما عرفناه بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم أو بعد أن بدأ التدوين الحقيقي للسنّة، وأمر هذا واضح لأنّ النبيّ صلى الله عليه وسلم كان موجودًا وكان النصّ القرآني إذا نزل وكان بحاجةٍ إلى تفسير أو بيانٍ لتطبيقه على نحوٍ صحيح كان النبيّ صلى الله عليه وسلم موجودًا وكان الصحابة يستفتونه في ما يستجدّ من نوازل الحياة وأمورها، ولذلك لا نستطيع أن نقول إنّ التدوين قد بدأ في هذا العهد، ناهيك عن أنّ أمور الوحي كانت محدودة، ومشاغل الصحابة كانت كثيرة جدًا جدًا، إضافة إلى الاهتمام بالقرآن الكريم وتفريغ العقول له حتى تحفظه حفظًا كما نزل من السماء، وحتى لا يثقل الأمر على المسلمين بتشتت الجهود في النصوص التي يقولها النبي صلى الله عليه وسلم وما يتلوه عليهم من القرآن، فالتحوّط للقرآن الكريم كان يقتضي بالطبيعة أن تكون حركة التدوين محدودة حتى لا يشق ذلك على المسلمين وتتشعّب الأمور منهم فلا تنتهي إلى الدقة المطلوبة والتي يتسم بها النص التشريعي.
صحيح، كان هناك بعض المدوّنات التي اختُصّ بها أو التي قام بها بعض الصحابة كعبد الله ابن عمر ابن العاص الذي كان يدوّن كلّ ما يسمعه أو يراه من النبي صلى الله عليه وسلم في مدوّنته التي سمّاها الصادقة، وكذلك أيضًا وُجدت مدوّناتٌ أخرى ولكن هذه المدونات لا تشكل في مجملها تدوينًا للسنة بالمعنى الذي عهدناه في ما بعد، ناهيك عن أنّ عقول الصحابة رضي الله عنهم كان فيها من صفاء الذهن وتوقد الفهم ما يساعدهم على الاحتفاظ بالنصوص التي يسمعونها من النبي صلى الله عليه وسلم سنّة، أي من أقواله صلى الله عليه وسلم غير القرآن، وكذلك أيضًا من أفعاله ومن تقريراته التي كانت تحدث أمام أعينهم وأمام ناظرهم، وكانت تشكّل بالنسبة لهم وقائع مادية منظورة.
يحيى أبو زكريا: شيخ محمد من دمشق الحبيبة، نحن الآن أمام رأيين، الرأي الأول يقول بتدوين السنّة، الرأي الثاني للدكتور عبد الله نجار أنّ السنّة لم تدوَّن كاملا في عهد رسول الله وإنما الأمر تُرك لصفاء ذهنية الصحابة.
ما الذي تقوله في هذا السياق قبل أن نمضي إلى بقية الاشكالات؟
محمد فليون: أولا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتور يحيى أرحب بك وبالاخوة المشاهدين والضيفين العزيزين.
يحيى أبو زكريا: حيّاك الله.
محمد فليون: في الواقع دعني أميّز وأفرّق بين التدوين والجمع من جهة وبين التصنيف والتبويب.
محمد فليون: أولا السلام عليكم ورحمة الله وبركاته دكتور يحيى أرحب بك وبالاخوة المشاهدين والضيفين العزيزين.
يحيى أبو زكريا: حيّاك الله.
محمد فليون: في الواقع دعني أميّز وأفرّق بين التدوين والجمع من جهة وبين التصنيف والتبويب.
في مرحلة لاحقة كان هناك تصنيف وكان هناك عمل جبّار قام به من سُمّوا في التاريخ الإسلامي والأدب الإسلامي بأصحاب الصحاح.
في زمن النبي صلى الله عليه وآله وسلم كان هناك مجرّد جمع، لم يكن هناك تدوين كما تفضّل الأخوة، لم يكن تدوينًا بمعنى التدوين وإنما هو جمع كجابر ابن عبد الله كان يكتب، الإمام علي ابن أبي طالب، أبو بكر الصديق كان يكتب، عمر ابن الخطاب، كل الصحابة هؤلاء كان لهم أجندات خاصة، كيف الإنسان اليوم ممكن أن يتخذ مفكرة ذاتية يدون فيها ما يريد وكان أكثر ما يدوَّن هو كلام رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم. كل هذا العمل لم يصل إلى مستوى أكاديمي أو إلى مستوى علمي أو إلى مستوى تأصيلي وإنما هو كان بدافع المحبة من جهة وبدافع الحرص.
هذه الفترة استمرت بعد وفاة النبي صلى الله عليه وآله وسلم إلى زمن عمر ابن عبد العزيز، هذه نقطة هامة، هذه الفترة استمرت حوالى قرن كامل وبالتحديد 99 سنة، 99 سنة كان هناك عمل دؤوب لجمع السنة النبوية بدءًا من وقت النبي عليه السلام وامتدادًا إلى الصحابة ثم انتهاءً بعصر التابعين رضي الله عنهم أجمعين.
كلّ الصحابة حفظوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قاله وطبّقوه كما تفضّل الأخوة.
صفاء الذهن الذي كان عندهم كان شيئًا عجيبًا.
أيضًا هناك رديف هام في مسألة صفاء الذهن وهو المحبة العظيمة التي كانوا يكنونها لرسول الله عليه السلام ولله تعالى، هذا الحب الذي دفعهم إلى أن يبذلوا الغالي والرخيص.
أيضًا هناك رديف هام في مسألة صفاء الذهن وهو المحبة العظيمة التي كانوا يكنونها لرسول الله عليه السلام ولله تعالى، هذا الحب الذي دفعهم إلى أن يبذلوا الغالي والرخيص.
تصوّر أن عمر ابن الخطاب رضي الله عنه كان يتناوب مع أحد الصحابة الأخر، ويقول أنا أكون في السوق وفي العمل يومًا وأنت تذهب إلى رسول الله، وفي اليوم التالي، أي على نظام مناوبة حتى لا يفوتنا شيء.
هذه المحبة التي كانت مزروعة عندهم قدّمت الكثير من التسهيلات حتى وصلت إلينا السنّة النبوية.
99 عامًا كانت كافية لأن يكون أمامك رصيد هائل من كلام النبي عليه السلام ومن أفعاله من أوصافه من تقريراته.
99 عامًا كانت كافية لأن يكون أمامك رصيد هائل من كلام النبي عليه السلام ومن أفعاله من أوصافه من تقريراته.
أنا أريد أن أضيف نقطة صغيرة على ما تفضّلتم به وهي أنّ السنة النبوية في التعريف، كما عرّفها كل العلماء، أنا أريد أن أفرّق نقطة صغيرة لم نتطرق إليها وهي ما فعله رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بطريق الجبلة، هذا الطعام كان رسول الله يحبه أو لا يحبه، هذا الطعام كان مثلا يفضّله على الأشكال الأخرى، كان يفضّل أن يمشي بالطريقة الفلانية، أي في ما لا يتعلق بالتشريع، أما ما يتعلق بالتشريع فيمكننا بثقة أن نسميه سنة نبوية شريفة.
يحيى أبو زكريا: أرجو أن تبقى معي شيخ محمد.
دكتور عفيف أعود إليك.
يحيى أبو زكريا: أرجو أن تبقى معي شيخ محمد.
دكتور عفيف أعود إليك.
ما هي المقاييس التي اعتمدت في العهد الإسلامي الأول لمّا شرع الصحابة في وضع الأحاديث؟
لا بدّ أنّ هنالك مقاييس دقيقة علمية روعيت في مسألة النقل عن رسول الله، فما هي هذه المقاييس إذا وُجِدت؟
عفيف الصبابطي: هو في الحقيقة إذا ما تتبعنا الروايات الصحيحة في كتب السنة فإننا نجد هذه الكتابة تمّت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمثال عبدالله ابن عمر ابن العاص واضح، كان يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول بعد أن سمّى هذه الصادقة، هذه الصحيفة سمّاها بالصادقة لأنه كتبها وليس بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد، فهذا الحضور وهذا الشهود للأحداث وللوقائع ولما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم من أقوالٍ أو أعمال، كانت تسجَّل مباشرة حين صدورها وحين ظهورها، فهذا كان عملا مهمًا جدًا، وفي الحقيقة لم يكن تسجيل عبد الله ابن عمر ابن العاص هو التسجيل الوحيد، فهناك مثلا في فتح مكة خطب صلى الله عليه وسلم خطبة جليلة عظيمة، كان هناك شخص من اليمن اسمه أبو شاه أو يكنّى بأبي شاه فقال اكتبوا لي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم اكتبوا لأبي شاه، فهذه الخطبة كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم مطلعٌ على ما كتب، فهذا يجعل الكتابة التي تمّت في ذلك الوقت كتابة سليمة بعيدة عن التحريف والتبديل والتصحيف.
عفيف الصبابطي: هو في الحقيقة إذا ما تتبعنا الروايات الصحيحة في كتب السنة فإننا نجد هذه الكتابة تمّت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فمثال عبدالله ابن عمر ابن العاص واضح، كان يكتب بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول بعد أن سمّى هذه الصادقة، هذه الصحيفة سمّاها بالصادقة لأنه كتبها وليس بينه وبين رسول الله صلى الله عليه وسلم أحد، فهذا الحضور وهذا الشهود للأحداث وللوقائع ولما يصدر عنه صلى الله عليه وسلم من أقوالٍ أو أعمال، كانت تسجَّل مباشرة حين صدورها وحين ظهورها، فهذا كان عملا مهمًا جدًا، وفي الحقيقة لم يكن تسجيل عبد الله ابن عمر ابن العاص هو التسجيل الوحيد، فهناك مثلا في فتح مكة خطب صلى الله عليه وسلم خطبة جليلة عظيمة، كان هناك شخص من اليمن اسمه أبو شاه أو يكنّى بأبي شاه فقال اكتبوا لي يا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال صلى الله عليه وسلم اكتبوا لأبي شاه، فهذه الخطبة كتبت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا شك أنه صلى الله عليه وسلم مطلعٌ على ما كتب، فهذا يجعل الكتابة التي تمّت في ذلك الوقت كتابة سليمة بعيدة عن التحريف والتبديل والتصحيف.
ولا ننسى أيضًا أنّ كتاباتٍ أخرى كانت بأمره صلى الله عليه وسلم، فقد كتب رسائل عديدة إلى عمّاله، وكتب كتاب الزكاة، ولا شكّ أنّ هذه الكتب كان الرسول صلى الله عليه وسلم أول مطلع عليها فإذا هي خالية من كل تحريف أو تبديل، لأنّ الرسول صلى الله عليه وسلم راقبها وشاهد وعلم بما فيها ولم يكن هناك أي تحريف أو تبديل.
هذا إذا هو المقياس الأساسي في ما كُتب زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا كتب في حضوره وبأمر منه وبشهود الواقعة التي وقعت، فيُكتَب على إثرها أو يسجَّل المكتوب ثم يرسل إلى الذي يرسل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من والٍ من الولاة أو غير ذلك من الرجال الذين كان يعتمدهم الرسول صلى الله عليه وسلم في القيام بأعمال كثيرة. فهذه الكتابة إذا كانت تجري وفق هذا المعنى ووفق هذا المعيار السليم الذي يجعل تلك الوثيقة صحيحة سليمة. ولمّا نتتبع بعض البحوث والدراسات المعاصرة أو الشواهد التي جُمعت في هذا المضمار، ما كتبه الدكتور الأعظمي في دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، أو ما ذكره دكتور عجاج الخطيب في كتابه السنة قبل التدوين أو ما كتبه غير هذين الإمامين العالمين المعاصرين نلاحظ أنّ الكتابة كانت شاملة للكثير من الأشياء التي وقعت زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
فإذا هي كتابة سليمة، كتابة موثقة بمحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي شملت أشياء متعددة، منها المعاهدات ومنها الرسائل التي تتضمّن أحكامًا شتى مختلفة، وهكذا فإنّ المقياس الأساسي كما قلت هو هذا المقياس من حضوره صلى الله عليه وسلم ورقابته وكتابة المكتوب أو الحصيفة أو الحديث بين يديه عليه الصلاة والسلام.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف، إذا كان الأمر كذلك كما أشرت أنّ معظم الأحاديث كانت محل مراقبة الرسول الأعظم، كيف نشأ ما يسمًى بالأحاديث الموضوعة، الاحاديث الضعيفة؟
هذا إذا هو المقياس الأساسي في ما كُتب زمن الرسول صلى الله عليه وسلم، إذا كتب في حضوره وبأمر منه وبشهود الواقعة التي وقعت، فيُكتَب على إثرها أو يسجَّل المكتوب ثم يرسل إلى الذي يرسل إليه الرسول صلى الله عليه وسلم من والٍ من الولاة أو غير ذلك من الرجال الذين كان يعتمدهم الرسول صلى الله عليه وسلم في القيام بأعمال كثيرة. فهذه الكتابة إذا كانت تجري وفق هذا المعنى ووفق هذا المعيار السليم الذي يجعل تلك الوثيقة صحيحة سليمة. ولمّا نتتبع بعض البحوث والدراسات المعاصرة أو الشواهد التي جُمعت في هذا المضمار، ما كتبه الدكتور الأعظمي في دراسات في الحديث النبوي وتاريخ تدوينه، أو ما ذكره دكتور عجاج الخطيب في كتابه السنة قبل التدوين أو ما كتبه غير هذين الإمامين العالمين المعاصرين نلاحظ أنّ الكتابة كانت شاملة للكثير من الأشياء التي وقعت زمن الرسول صلى الله عليه وسلم.
فإذا هي كتابة سليمة، كتابة موثقة بمحضر رسول الله صلى الله عليه وسلم وهي شملت أشياء متعددة، منها المعاهدات ومنها الرسائل التي تتضمّن أحكامًا شتى مختلفة، وهكذا فإنّ المقياس الأساسي كما قلت هو هذا المقياس من حضوره صلى الله عليه وسلم ورقابته وكتابة المكتوب أو الحصيفة أو الحديث بين يديه عليه الصلاة والسلام.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف، إذا كان الأمر كذلك كما أشرت أنّ معظم الأحاديث كانت محل مراقبة الرسول الأعظم، كيف نشأ ما يسمًى بالأحاديث الموضوعة، الاحاديث الضعيفة؟
كيف بدأ التدليس؟
كيف حدث ذلك الانحراف الخطير عن خط الأحاديث النبوية؟
كيف نشأ التضارب بين كثير من الأحاديث النبوية والقرآن الكريم؟
عفيف الصبابطي: هذا ينبغي أن نقف عنده حتى نفهمهه.
عفيف الصبابطي: هذا ينبغي أن نقف عنده حتى نفهمهه.
أولا ينبغي ان نشير إلى ان الكذب وفق الدراسات العلمية الأكاديمية، في البداية اختلفت الآراء حول زمن بداية الكذب ولكن الذي حققه المحققون من المعاصرين أمثال الدكتور الفاضل الشيخ عمر فلاتا في رسالته أطروحة دكتوراه، الوضع في الحديث، وبالاعتماد على الروايات التي ذكرها فإن الوضع أول محاولات الوضع في الحديث كانت في الثلث الأخير من القرن الأول الهجري، فلم تكن إذا لا في زمن رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا في منتصف القرن الاول بل كانت متأخرة عن ذلك، ثمّ إنّ هذه المحاولات سُبِقت بكذب على الصحابة كما حقق ذلك بعض الباحثين، فأول ما تجرأ به هؤلاء الكذابون هو اختلاق بعض الأشياء على صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم لأغراضٍ مختلفة.
أما محاولة الكذب والوضع في الحديث فقد بدأها أو أمر بها أو شجّع عليها المختار ابن ابي عبيد الثقفي الذي توفي سنة 65 للهجرة، فهذا الرجل حاول أن يشجّع على الكذب، ولكنّ الذين رغبهم وأحيانا رهبهم لم يستجيبوا لرغبته، فقال الدارسون هذه المحاولات الأولى، ثمّ بعد ذلك جاءت محاولات ومحاولات، فإذا الوضع لم يظهر لا زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا على إثر الفتنة التي وقعت بعد مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه ولكنها تأخرت عن ذلك. صحيح، الباحثون يقرّرون أنّ الكذب على الصحابة كان أول ما ظهر من أنواع الكذب، أما الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تأخر إلى الثلث الأخير من القرن الأول وما بعد ذلك، وهذا لأنّ الصحابة كانوا كثيرين ولو حاول أحدهم أن يكذب لرد عليه الصحابة رضوان الله عليهم.
أما سؤالكم سيدي الفاضل عن الأخطاء في الروايات فهذا يرجع إلى مسألة الضبط ونحن نعلم أنّ الرواة يتفاوتون عند نقلهم للأخبار في صحة نقلها، وهناك نوعان من الرواية، هناك من يروي بالاعتماد على المكتوب وهناك من يروي بالاعتماد على حفظه في الصدر، والناس ليسوا على درجة واحدة في الحفظ يتفاوتون في ذلك، فمن ثمة لا يسلم أحد من الوقوع في الأخطاء ومن أجل ذلك قام علم الحديث لنقد هذه الروايات وتمحيصها، وتخليص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ممّا وقع فيه الرواة من الأخطاء.
المحور الثاني
التدوين في عهد الصحابة و التايعين، وبداية الوضع و التدليس والعلوم التي وضعت للتمييز بين الغث و السمين
تقرير: كتاب "أضواء على السنة النبوية" لمحمود أبو رية.
أما محاولة الكذب والوضع في الحديث فقد بدأها أو أمر بها أو شجّع عليها المختار ابن ابي عبيد الثقفي الذي توفي سنة 65 للهجرة، فهذا الرجل حاول أن يشجّع على الكذب، ولكنّ الذين رغبهم وأحيانا رهبهم لم يستجيبوا لرغبته، فقال الدارسون هذه المحاولات الأولى، ثمّ بعد ذلك جاءت محاولات ومحاولات، فإذا الوضع لم يظهر لا زمن الرسول صلى الله عليه وسلم ولا على إثر الفتنة التي وقعت بعد مقتل سيدنا عثمان رضي الله عنه ولكنها تأخرت عن ذلك. صحيح، الباحثون يقرّرون أنّ الكذب على الصحابة كان أول ما ظهر من أنواع الكذب، أما الكذب على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقد تأخر إلى الثلث الأخير من القرن الأول وما بعد ذلك، وهذا لأنّ الصحابة كانوا كثيرين ولو حاول أحدهم أن يكذب لرد عليه الصحابة رضوان الله عليهم.
أما سؤالكم سيدي الفاضل عن الأخطاء في الروايات فهذا يرجع إلى مسألة الضبط ونحن نعلم أنّ الرواة يتفاوتون عند نقلهم للأخبار في صحة نقلها، وهناك نوعان من الرواية، هناك من يروي بالاعتماد على المكتوب وهناك من يروي بالاعتماد على حفظه في الصدر، والناس ليسوا على درجة واحدة في الحفظ يتفاوتون في ذلك، فمن ثمة لا يسلم أحد من الوقوع في الأخطاء ومن أجل ذلك قام علم الحديث لنقد هذه الروايات وتمحيصها، وتخليص حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم ممّا وقع فيه الرواة من الأخطاء.
المحور الثاني
التدوين في عهد الصحابة و التايعين، وبداية الوضع و التدليس والعلوم التي وضعت للتمييز بين الغث و السمين
تقرير: كتاب "أضواء على السنة النبوية" لمحمود أبو رية.
كان من آثار تأخير تدوين الحديث وربط ألفاظه بالكتابة إلى ما بعد المئة الأولى من الهجرة وصدر كبير من المئة الثانية أن اتسعت أبواب الرواية وفاضت أنهار الوضع بغير ضابطٍ ولا قيد حتى لقد بلغ ما رُوي من الأحاديث الموضوعة عشرات الألوف لا يزال أكثرها منبثًا بين تضاعيف الكتب المنتشرة بين المسلمين في مشارق الأرض ومغاربها.
وقد أجمع الباحثون والعلماء المحققون على أنّ نشأة الاختراع في الرواية ووضع الحديث على رسول الله إنما كان في أواخر عهد عثمان وبعد الفتنة التي أودت بحياته.
ثم اشتدّ الاختراع واستفاض بعد مبايعة علي، وما كاد المسلمون يبايعونه بيعة صحيحة حتى ذرّ قرن الشيطان الأموي بينهم ليغتصب الخلافة من صاحبها ويجعلها حكمًا أمويًا.
وقد كان له ذلك وا أسفاه وإليك كلمة صادقة دقيقة كتبها الأستاذ الإمام محمد عبدو رحمه الله في مقدّمات رسالة التوحيد بعدما تكلم عن الفتنة الكبرى التي هوى بها ركنٌ عظيمٌ من هيكل الخلافة واصطدم الإسلام وأهله صدمة زحزحتهم عن الطريق التي استقاموا عليها وبقي القرآن قائمًا على صراطه.
قال رضي الله عنه "توالت الأحداث بعد ذلك ونقض بعض المبايعين للخليفة الرابع ما عقدوا، وكانت حروبٌ بين المسلمين انتهى فيها أمر السلطان إلى الأمويين، غير أنّ بناء الجماعة قد انصدع وانفصمت عرى الوحدة بينهم وتفرّقت بهم المذاهب في الخلافة وأخذت الأحزاب في تأييد آرائهم، كلٌ ينصر رأيه على رأي خصمه بالقول والعمل، فكانت نشأة الاختراع في الرواية والتأويل وغلى كل قبيل فافترق الناس".
كتاب "أين سنة الرسول وماذا فعلوا بها" تأليف المحامي أحمد حسين يعقوب.
اهتمام الرسول الأعظم بسنته المطهرة وأمره بكتابتها وتدوينها.
اهتمام الرسول الأعظم بسنته المطهرة وأمره بكتابتها وتدوينها.
تبيّن لنا أنّ مهمة الرسول الأساسية منصبة في الدرجة الاولى والأخيرة على بيان ما أنزل الله لأن المقاصد الشرعية الواردة في القرآن الكريم لا تفهم فهمًا قائمًا على الجزم واليقين بغير بيانٍ من رسول الله المختصّ والمؤهّل إلهيًا لذلك.
وقد اقتضت حكمة الله أن يكون للرسول دور بارز في البيان ففي القرآن الكريم أمور وفرائض وأحكام وأخبار ومصطلحات عامة، فكلمة الصلاة مثلا وهي عماد الدين تكررت في القرآن مئات المرات، ولكنّ القرآن لم يبيّن لنا بالتفصيل عدد الصلوات الخمس، ولا مقدار كلّ صلاة ولا عدد ركعاتها ولا سجداتها ولا الكيفية التفصيلية لأدائها كذلك. هذه الأمور وأمثالها أحال الله إلى رسوله ليتولى بيانها وتفصيلها على ضوء توجيهات الوحي الإلهي، وقد بيّنها الرسول وفصّلها بحسب التوجيهات الإلهية خلال عصر الرسالة الأغر. لقد حرص الرسول كل الحرص على تعميم سنته ونشرها بكل وسائل النشر المعروفة ومتابعة تنفيذها والمحافظة عليها والالتزام بها.
فالرسول هو الذي كان يؤمّ المسلمين في صلاتهم ويأمرهم بأن يصلوا كما كان يصلي، وقد حجّ الرسول واعتمر وأمر المسلمين بأن يحجّوا ويعتمروا كما كان يحجّ ويعتمر، وكان الرسول يرسل الجباة والعمال لجباية الزكاة والصدقات ثمّ يضعها حيث أمره الله أمام الجميع وكان الرسول يقودهم في جبهات القتال ويوزع الغنائم والأنفال. وكان الرسول يمارس سلطاته كإمام وقائدٍ ومرجعٍ وولي أمام الجميع وشاهدوه وهو يبني دولة الإيمان ويحدّد مؤسساتها وركّز الرسول تركيزًا خاصًا على نظام الحكم فعيّن خلفاءه الاثني عشر ليضمن انتقالاً سلميًا للسلطة واستقرارًا لمؤسسة الرئاسة والمرجعية لأنها أساس النظام الإسلامي السياسي وأهل وأعدّ خليفته الأول وأنهى إليه علمي النبوة والكتاب.
يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلا بكم من جديد.
يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلا بكم من جديد.
من أدرك حلقتنا الآن نحن نعالج موضوع تدوين السنة النبوية.
دكتور عبد الله النجار، طبعًا بناءً على ما ذهبت إليه من أنّ التدوين لم يكُ كاملا في عهد رسول الله إنما كان بعيد التحاقه بالرفيق الأعلى. في هذا السياق، أشير فقط إلى أن البعض وضع كتبًا في سياق التدليس والوضع، ومنها الأحاديث الضعيفة لناصر الدين الألباني الذي يقع في أربعة عشر مجلدا وكتاب "تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم" للمرحوم جمال البنا. كيف بدأ التدليس في الحديث النبوي دكتور عبد الله؟
عبد الله النجار: مرحلة التدوين أو جمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتحقيق نسبتها إليه عليه الصلاة والسلام في ما يُعرَف بعلم الرواية بدأت أولى خطواته في عهد عمر ابن الخطاب. عمر ابن الخطاب كان أول من فكّر في هذا الأمر وكان يريد أن يجمع سنّة النبي صلى الله عليه وسلم، وكما يقول في أحد الآثار المروية عنه لقد هممت بذلك ولكني خشيت أن يختلط القرآن بالسنّة أو أن يُشغَل الناس عن كتاب الله تعالى بسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم ولذلك قعد عن هذا الموضوع أو ربما نقول أرجأه إلى وقت لاحق. نستطيع أن نقول أنّ التدوين بمعنى التدوين وجمع سنة النبي صلى الله عليه وسلم قد بدأ في هذا الوقت ثم توالت المصنّفات في هذا الفن الذي كان جديدًا، وظهرت كتب الصحاح وما تلاها من الكتب التي استدركت أو نوّعت في التأليف كالمسانيد وغير ذلك، ولكن أنا أعتقد أنّ تأخير التدوين الذي قام به عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إلى نهاية القرن الأول الهجري وقعت فيه أحداث أدّت إلى بلبلة الفكر الإسلامي ودفعت بعض ذوي المآرب الخاصة إلى أن يتعاملوا مع السنة بغير أدب.
بدأت ملامح الفتنة الكبرى ما بين علي ومعاوية، وانقسم المسلمون شيعا وأحزابًا منهم من يؤيد معاوية ومنهم من يؤيد علي، وظهر في هذا الوقت نوعٌ من الوضع يضفي نوعًا من القداسة على الأشخاص، هذا يضفي نوعًا من القداسة على أئمته وعلى أتباعه ومؤيديه ومرجعياته، وهذا يردّ على تلك الأحاديث بأحاديث أخرى، وكان ذلك هو أول وضعٍ للحديث، قلنا وُضعت أحاديث تضفي هالة من القداسة على بعض الأئمّة الذين ينتسبون إلى مذهبٍ معيّن، ثمّ للأسف قام الطرف الآخر أو المقابل أو المناوئ بتأليف أو بوضع أحاديث في حقّ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ترفع من شأنه وتنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقوالا أو أحاديث تدلّ على أنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في غصن شجرة هو وأبو بكر وعثمان، وبدأت المنابذات بالوضع تبدأ في هذا العصر، ثمّ حدثت بعد ذلك بعض العوامل التي شجّعت على هذا النهج، وأول هذه الأمور أنّ بعض الأمور كانت تأتي بسوء نية أو بحسن نية. أما سوء النية فكان يأتي من هؤلاء الذين يحقدون على الدين وعلى أحكام الدين، فكانوا يؤلفون الأحاديث التي تغيّر من الأحكام الشرعية أو التي تحطّ من أقدار بعض الصحابة أو التي تضيف إلى أحكام الإسلام ما لا يقرّه الإسلام، كالتنابذ بالألقاب واغتياب الناس والتطاول على أعراضهم، وذلك انتقامًا وتشفيًا لمواقف سياسية أو لانتصارات ذاتية أو شخصية وليست انتصارا للدين. هذا الجانب نستطيع أن نقول أنه موجود، كان موجودا في هذا الوقت وكان موجودا في كل عصر وما يزال موجودًا في وقتنا هذا فهو الذي يتناقل هذه الأحاديث الموضوعة وهو الذي يتاجر بها الآن، وهو الذي يحاول ان يتكسب بها وأن يطعن بها الدين في الصميم.
في المقابل نشأ فكر آخر هو فكر القصاصين أو بعض الذين كانوا يعظون الناس أو يرققون قلوبهم ببعض الآثار التي بالغت مبالغة كبيرة في إضفاء بعض الأوصاف على أعمال قليلة أو على أعمال لا تستحق هذا الوصف، ومن ذلك مثلا ما رُوي من الأحاديث الموضوعة أو التي قيلت في هذا الشأن أن من قال لا إله إلا الله قيّد الله له طيرا منقاره من ذهب وجناحه من عقيق ثمّ أسكنه قصرًا في كل قصر 1000 جناح، في كل جناح 1000، يعني يبالغ في الأمور مبالغة تدلّ على أنّ هناك استخفافًا بالدين أو استخفافًا بعقول المسلمين، ومن فضل الله على الناس أنّ هذا الوضع كان من الوضوح بحيث يستطيع كلّ ذي عقلٍ حتى ولو لم تكن عنده حصيلة تحصّنه من علوم السب أن يكتشف ما في هذه الأحاديث من وضع، وكان القصّاصون أصحاب صيط واسع.
يحيى أبو زكريا: شيخ محمد استمعت إلى ما قاله الدكتور عبد الله من أنّ القصاصين لعبوا أدوارًا كبيرة في صياغة ووضع أحاديث. خلصنا إلى القول بأنّ هنالك حركة تدليسٍ واسعة جدًا في مضمار الحديث. يهمّني أن أعرف الأدوار التي لعبها بعض اليهود الذين قيل أنهم أسلموا وحسُن اسلامهم، كعب الأحبار، ابن منبا، عبد الله ابن سلام، انقسم حولهم جمهور المحدثين، منهم من قال أنهم محدثون سمعوا عن رسول الله ونقلوا عنه واعتدّوا بما رووا، وهنالك من قال أنهم أدخلوا إلى دائرة الحديث الكثير من المغالطات وأحاديث حور العين والغيبيات والميتافيزيقا وما إلى ذلك. ما الذي تقوله في هذا السياق؟
محمد فليون: سيدي الكريم ما أجمل أحاديث حور العين أمام الأحاديث التي تتحدث في العقائد وتتحدث في طريقة مثلاً نشر الإسلام ونشر الدعوة. الحديث الضعيف والحديث الموضوع هذا معروف عند العلماء له أوصاف وهناك شروط حتى في علم الجرح والتعديل أيضًا وعلم مصطلح الحديث. هناك علم واسع كامل بإمكانك أن تميز بين الحديث الضعيف والحديث الصحيح، وهنا أظن أنك وضعت يدك على الجرح في مسألة اختراق الأحاديث النبوية. دعني أنا أشبّه الحديث النبوي بحصان طروادة. حصان طروادة عندما يئسوا من اختراق المدينة صنعوه واستطاعوا أن يحققوا ما أرادوا. أنا أعتقد بأن خصوم الإسلام لديهم يقين كامل بأن القرآن الكريم لا يمكن اختراقه أبدا بالمطلق، "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، هناك قاموا بعملية التفاف تمامًا واخترقوا الأحاديث النبوية. أنا ليس عندي إشكال في مسألة الحديث الضعيف والحديث الموضوع، هذا مدرَك ومكشوف. أنا بالحقيقة لدي إشكال كبير حتى في الصحاح. الإمام البخاري رضي الله عنه هذا الرجل عمل وحفظ القرآن الكريم وكان عمره عشر سنوات فقط وابتدأ التدوين وكان عمره 18 سنة. أنا باعتقادي هناك كثير من الأخطاء التي وقع فيها هؤلاء، حتى أصحاب الصحاح. ربنا سبحانه وتعالى يقول للنبي عليه السلام في القرآن الكريم ولكل المؤمنين والمسلمين من بعده "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ"، ثمّ أجد في صحيح البخاري وكلّ الصحاح أنني أُمِرت، هكذا نسب الكلام للنبي عليه السلام، أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. هذا مخالف للقرآن، كيف يمكنني أن أصدّق أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال، في آخر ثلاثة أيام كان كلامه أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب، كيف يمكنني أن أفهم كلام النبي الموجود في الصحاح عند البخاري وغيره "لا يبقينّ في جزيرة العرب دينان"؟ معنى ذلك أنت يا رسول الله كأنك تضحك على الناس خلال 23 سنة، وفد نجران تقول أهلا وسهلا وفي عام الوفود، ثم آخر وصية تكون لك تطهير ديني وتطهير عرقي. أنا اعتقد تماما أنّ القرآن الكريم لا يمكن اختراقه لكن استطاعوا أن يخترقوا الإسلام من خلال الأحاديث النبوية. حتى في الصحاح نفسهم لديّ مثال آخر ثالث، وهو مثال هام جدًا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "إذا غزا بنا غزا بنا صبحا"، يعني قبل أن يشرق الضوء، قال "يبعث إلى قرية ويكون هو موجودا او عشيرة قال فإن سمع أذانًا لم يغر وإن لم يسمع أغار"، الله أكبر معقول هذا الكلام؟ يعني عسكري جندي ليس له في الخدمة أقل من شهر لا يمكن أن يقع في هذا الخطأ. هل يعقل يا رسول الله أنك أنت غير عارف إلى أين تذهب؟ معقول؟ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه بات غضبانًا، باتت تلعنها الملائكة حتى تصبح بينما في المقابل الرجل يمكن أن يعمل الإيلاء، الإيلاء معروف وهو أن يقسم ان لا يطأ زوجته ولا يقترب منها مدة أربعة أشهر. تصور الرجل، نحن في مجتمع ذكوري والنبي عليه السلام نفسه لم يستطع أن يخرج من تحت هذه العباءة وقدم الإسلام حتى بهذه الطريقة. القرآن الكريم نفسه تراه يقدّم الرجال على النساء في كل شيء إلا في مسألة الزنا، فهذا المجتمع الذي حط من قدر المرأة وهذه الأحاديث التي دست حتى في الصحاح، حتى في الصحاح يقطع صلاة الرجل الكلب والمرأة والحمار، معقول هذا الكلام أن تشبه أمي وأمك وأختي وأختك في الحمار في قطع الصلاة وهناك رواية أخرى المجوسي أيضا؟
أنا أعتقد إن الصحاح أيضا اخترقت وهناك من عمل عن خبث وهناك أيضا من عمل عن سذاجة وهناك أيضا من عمل عن أخطاء. أعود لأكرر بإن الأمام البخاري رضي الله عنه حفظ القرآن كان عمره عشر سنوات وابتدأ التدوين والجمع في سن 18 سنة. عندنا في العلوم الشرعية هناك شيء اسمه المنظومات، الإنسان عندما يكون سنه صغيرا هناك لديه قدرة هائلة على الحفظ ممكن أن يحفظ 1000 بيت من الشعر، ألفية ابن مالك، متن الرحى، متن الزبد. كلّ هذه المتون كان الطالب يحفظها لكن لم يكن عنده قدرة على التحليل، قدرة على محاكمة الأمور بمنطق، فكانوا يقولون لهذا الفتى احفظ احفظ احفظ، حتى إذا كبر صارت قدرته على المحاكمة كبيرة جدًا وقدرته على الحفظ أقل.
أنا أعتقد أنّ ما حدث مع الإمام البخاري وغيره من الأئمة الذين نتبارك بهم لكن البركة بهم لا تعني ان نسكت على الأخطاء. أنا أعتقد أنهم غاب عنهم شيء اسمه أنّ القرآن الكريم ممكن أن يأتي بعده حديث يعارض كلام الله تعالى. هذه نقطة هامة.
يحيى أبو زكريا: شيخ محمد، بالتأكيد هي نقطة مهمة، ولعلّ اللغط اليوم في عالمنا الإسلامي والصراع بين المسلمين والتقاتل والتكفير والرمي بالزندقة والنجاسة واستباحة الذبح والقطع من الوريد إلى الوريد هو بسبب هذه المرحلة المضطربة التي يجب أن ينبري علماء الإسلام لتنظيفها بالكامل حتى يتكامل الحديث مع القرآن الكريم. فقط أعود إلى الدكتور عبد الله نجار قبل الذهاب إلى تونس.
دكتور عبد الله، كنتُ قد سألت عن دور كعب الأحبار وعبد الله ابن منبا وابن سلام. كثير من المحدّثين نقلوا عن هؤلاء كأنهم صحابة يروون حديث رسول الله، وآخرون يقولون لا، هؤلاء إسرائيليون، لمّا عجز اليهود عن تدمير الإسلام في المدينة المنورة اختاروا الاختراق والنفاق، ودمّروا سنة المصطفى، فماذا تقول في هذا السياق؟
عبد الله النجار: هم لا شك أنهم حاولوا ويحاولون الاختراق والإيناس لهم لا أظن أنه موجود، هو مفتقد، وتوقع التشويه منهم هذا شيء وارد ومحتمل إن لم يكن محققًا. وبالتالي فهذا الظن له ما يؤيده من واقع الحياة ومن تلك العداوة المستمرة والمستكنة بين اليهود وبين المسلمين، تلك العداوة التي بدت بغضاؤها في بدايات الوحي وفي بدايات الدولة الإسلامية ومازالت مستمرة حتى وقتنا هذا حيث نجد ذلك التربص بالمسلمين في مصادر وحيهم وفي علوم إسلامهم وفي تصرفاتهم وفي حياتهم وفي كل شيءٍ من أمورهم، وللأسف نحن لم نقدر على أن نرفع من شأن أنفسنا بما يستطيع أن يواجه تلك المؤامرات، ومن اليسير ومن السهل جدًا أن تأتي إلى كتاب أو مصنفٍ أو رسالة فتزيّف فيها كلمة، ربما تغيّر هذه الكلمة مسار الحديث فيها وتقلبه رأسا على عقب، ولكن هذا لا يعني أنّ ما فعله الإمام البخاري وأنا أود أن أناقش الأخ العزيز الدكتور محمد في هذا الأمر وربما أخالفه فيه أنّ الإمام البخاري وضع منهجًا وسار عليه وهذا المنهج يقوم على تحقيق نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمعايير التوثق التي أصبحت مصدرًا الآن لكل الباحثين الذين جاؤوا بعده في كل أكاديميات العالم حيث يعتمد نقل المعلومة على التوثق وإسناد القول لقائله، وفي هذا الأمر فإنّ الإمام البخاري حين نقول أنه قد أتقن مسألة التوثق في نسبة القول إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى درجةٍ تقترب من الكمال، لا يكون في ذلك مبالغة ويكون الخروج عن ذلك فيه نوعٌ من الخطأ أو نوع من الظلم لهذا الإمام العظيم ولكن يبقى متون الأحاديث.
يحيى أبو زكريا: دكتور عبد الله، من فضلك المعروف أنّ.
عبد الله النجار: دعني أكمل الفكرة فقط.
يحيى أبو زكريا: لا، لا، في هذا السياق، وستكمل الكثير الكثير، المعروف أنّ الإسلام دين عقل وإن الله لا يمكن أن ينزل شرائع تخالف العقل. هنالك ثلاثة أحاديث في صحيح البخاري، طبعًا هي كثيرة جدًا، لكن أنتقي منها هذه الثلاثة، رؤية المولى عز وجل يوم القيامة وأن الإنسان المؤمن الذي يدخل الجنة يرى ربه، في هذا اللحاظ كما يقول علماء الكلام يصبح الله محدودا وتصبح العين حادة لمحدود والمحدود لا يكون إلا جسدا. في الحديث الشريف الذي يفسّر قوله تعالى يوم تقول النار هل من مزيد أنّ الله يُدخل قدمه في جهنم، فتقول قطُ قطُ قطُ. فإذا هذه الأحاديث والحديث الآخر أنّ الله ينزل على ظهر حمارٍ كل ليلة على شكل غلام أمرد. ألا يتنافى هذا مع الربوبية، مع الألوهية؟
عبد الله النجار: دائما التعبير عن الأفكار التي لا يراها الناس ولا يستطيعون أن ينقلوها لغيرهم، لم يذهب أحد إلى النار ويرها ولم يدخل أحد الجنة ولم يمت أحد ويرجع إلينا ليحكي لنا ماذا حدث له. هذه الأمور التي تدخل في باب السمعيات أو باب الغيبيات الله عز وجل لم يكلفنا إلا أن نؤمن بها سماعًا كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخلاف في إدراك حقائقها هو خلافٌ عقيم. فنجد أنّ الله تبارك وتعالى يعدّ الإنسان إعدادا لاستيعاب هذه الأمور، ومن رحمة الله بالخلق أنه يحكي لهم عن هذه الأمور الأخروية التي لم يروها بأمورٍ تقدر أحاسيسهم وأدوات الإحساس التي خلقها فيهم من تصوّرها ومن استيعابها والأمور الغيبية وأمور الأقدار التي يجريها علينا، ومنها الموت، يحاولون الافلات منه ومن الآلام التي يمكن أن تسبقه من مرض أو غيره، ربما يسمّون هذا نوعا من المدافعة، مدافعة المرض او مدافعة الموت كما يقولون او كما يعبرون عن هذا المعنى. فالمسألة يجب ان تعرض باللغة التي يمكن أن تدرك بحواس معينة تستوعب هذه الأمور ولا يجوز أن نجعل حواسنا حكماً عليها في هذا الأمر وبالتالي لا يجوز أن أكذب هذه الأمور أو أتهمها قبل أن أحاول أن أدرك معناها وأحاول أن أربط بينها وبين الأدلة العامة لأن مثلا الأدلة التي تأمر بإطلاق القتال كما في حديث "أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله"، نعم لا يمنع أن يكون هذا عندما يقاتلنا الناس فنحن لا يجب ان نقف أمامهم لأن الله عز وجل يقول "فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ"، وكما هو معروف عند علماء الأصول إن المطلق يُحمَل على المقيد وبالتالي فالدلالة على الحكم لا يجوز أن تؤخذ من حديث منفرد وإنما يجب أن يُنظر إلى الأدلة الأخرى التي تبيّن الموضوع كله، ومن الخطأ أن أحكم على اي حديث أو ضعفه لمجرد ان أقرأه منفردا ومنعزلا عن بنية التشريع وعن بنية الأدلة الأخرى.
يحيى أبو زكريا: نعم، دكتور عبد الله، لكن، طبعًا أمامي فاصل، لكن قبيل الفاصل فقط أردت أن أشير إلى أنّ البعض انهمك في الدفاع عن السنة النبوية أو بعض الروايات الضعيفة وقد اصطدم بالقرآن في الوقت الذي يقول فيه الرسول كما يروي البعض أمرت أن أقاتل الناس يقول الله تعالى، "لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"، والأولوية في الاستنباط للقرآن الكريم، وإذا حديثٌ عارض آية يُضرَب بالحديث عرض الحائط كما سوف أضرب على الحلقة بفاصل قصير، ثم أعود إليكم مشاهدينا الكرام فابقوا معنا.
المحور الثالث
أنواع كتب السنة و المجامع و المسانيد وغربلة الموروث السني ومن أين نبدأ
يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلا بكم من جديد. من أدرك حلقتنا الآن، نحن نعالج موضوع تدوين السنة النبوية.
دكتور عفيف، حتى ننتهي من هذا الجدل العلمي والأكاديمي والذي ما زال مطروحًا اليوم، لا بدّ أن نضع بعض المقاييس، بعض الأنماط لانتقاء السنة الصحيحة. اليوم عندما نقرأ المجامع والمسانيد وكتب الحديث، كأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام عاش مئتي سنة وكان يتكلم في اليوم 24 ساعة، لم يكن له زواجات ولا أمور دنيوية أخرى ولم يعتن بنفسه، هكذا لو جمعت كل الأحاديث. بالإضافة إلى ذلك، أريد أن تركز على الدور الذي لعبته بعض السلطات الأموية أو العباسية في تدوين بعض الأحاديث، القرطبي وابن الأثير والطبري وابن خلدون أيضا يشير إلى أنّ، على سبيل المثال معاوية ابن أبي سفيان وضع مئة ألف دينار لكلّ من يضع أحاديث ضد علي ابن أبي طالب الذي كان خصمه في الموقف. ما الذي تقوله في هذا السياق عن دور السلطات في وضع أحاديث لخدمة قضاياها الخاصة؟
عفيف صبابتي: شكرًا سيدي الفاضل. أنا أعتقد أنّ المشكلة ليست في بعض أحاديث قد يشكل أمرها على البعض ويعتبرها غير صحيحة أو ضعيفة، فإنّ النقد مسموحٌ به وتاريخ علم الحديث يشهد على أنّ حركة النقد استمرّت والمراجعات مستمرّة، وعندنا كتب ظهرت في التاريخ جاء من المتأخرين من نقض بعض الأحاديث. ليس هذا هو المشكل، أعتقد أنّ المشكل هو سيدي الفاضل مثل ما ذكرت هناك مقاييس، هناك منهج، وأعتقد أنّ المنهج يبدأ بأن يكون قاسما مشتركا بيننا أو نقطة إلتقاء، فنحن نعلم ان المنهج العلمي الذي نشأ في أرض الإسلام في مجال نقد الأخبار هو منهج يقوم على مقاييس دقيقة جدا، فهو أولا ينظر فيه إلى النقل من حديث النواحي التي يمكن ان تؤثر على الرواية من جهة الكذب فيها او من جهة الخطأ والوهن فيها، وكذلك يُنظر إلى موضوع الحديث نفسه من النواحي التي تجعله مقبولا أو مردودا كأن يكون موافقا للعقل أو متضادًا معه ومعارضًا له أو أن يكون معارضًا لحسه أو البرهان الحسي أو موافقا له أو أن يكون متعارضًا مع القرآن موافقًا له أو متعارضًا معه وكذلك اجماع الأمة وما يتعلق بذلك من أدلة وهو ما يسمى بالأدلة القطعية، لأن الروايات الحديثة هذه هي روايات ظنية أحادية وما كان من قبيل الأحاد فهو محل نقد، وإذا عارض دليلا قطعيا فإنّ الذي اتفق عليه السادة المحققون، إذا تعارض الظني مع القطعي فإنه يُرَد الظني، لكن هذا ينبغي أن نفهمه في إطار المنهج العلمي الذي قام في الأمة الإسلامية والذي دعا إليه المحدثون ومارسوه أحسن ممارسة، ولذا فإن المحققين لم يروا ضيرا في نقد البخاري. نحن نعرف ان الدارق قتني والجيالي الأندلسي وجها بعض الانتقادات للبخاري وذكر ذلك ابن حجر العسقلاني في شرحه فتح الباري، والإمام الذهبي نقد الحاكم النيسابوري الذي تقدم عليه بقرون في كتابه المستدرك، فعملية النقد عملية مستمرّة، وهذا مظهر من مظاهر حياة الفكر عند المحدثين. لكن الذي يعنينا من هذا هو أننا في عصرنا الحاضر ونحن نريد أن نتعامل مع السنّة ينبغي أن نجدّد ونحيي من جديد هذا الحسّ النقدي، الحس النقدي والتسلح بهذا المنهج العلمي الذي يقوم على وزن الرواية متناً وسندًا للتحقق من مدى صحتها أو قبولها، أما الاختلاف في بعض الأحاديث، قد تكون بعض الأحاديث صحيحة، ولكن الاشكال فيها ليس من حيث ورودوها وصحتها لكن الاشكال فيها من حيث فهمهما. نحن نعرف أنّ بعض الناس يقولون أشياء في سياقٍ معيّن ولكن إذا عُزِل هذا الكلام عن السياق الذي صدر فيه قد يُساء فهمه ويؤول تأويلات بعيدة تجعل الناس يرفضون هذا الكلام ويقولون هو باطل أو مردود أو يتناقض مع القيم الكونية ومع العقل أو غير ذلك، ولكن أعتقد أنّ دراسة الحديث ينبغي أن تكون من عدة نواح.
أولا الناحية الأولى هي ناحية القبول أو الرد بتجديد العهد مع المقاييس العلمية والناحية الثانية هي ناحية الفهم باعتماد المعايير العلمية التي قرّرها السادة من أصوليين وغيرهم في حسن فهم الحديث. أما فهم بعض الناس الآن من الشباب أو بعض الدعاة أو غير هؤلاء يفتح كتابا كالبخاري أو يفتح كتابا كصحيح مسلم ويقرأ حديثا ويفسّره للناس من دون أن يكون لديه علم بسياق الحديث أو من دون أن يكون لديه علمٌ بالمقاصد العامة للدين التي ينبغي أن يوضَع أو يفسَّر ذلك الحديث في ضوئها وفي ضوء القرآن وفي ضوء السياق النصي والسياق التاريخي، فكثيرًا من الأفهام التي يخطئ أصحابها فيها عندما يتعاملون مع الحديث إنما هو ناجم عن فقدان هذا المنهج العلمي، فإذا أخطاء كثيرة الآن في الساحة الإسلامية في التعامل مع الحديث وهذه كما قلت وأكرر وأؤكد ترجع إلى أحد أمرين، إما الخطأ في التعامل مع الحديث من حيث القبول أو الرد للجهل بالمنهج النقدي الذي تأسّس في الحضارة الإسلامية، وهو منهج نفخر به لأنه منهجٌ عقلي بأتم معنى الكلمة، وابن خلدون في مقدمته استعمل هذا المنهج في النقد التاريخي وتأثر به كثيرٌ من الباحثين من بعده. الناحية الثانية هي كيف نفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنّ علماءنا ومحققينا ومنهم علامة تونس الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في كتابه "مقاصد الشريعة" وضع جملة من الضوابط والقواعد الأساسية التي إن أهملناها إننا نقع في خضخاض من الأخطاء. إنّ عزل الحديث عن سياقه أو عزل الحديث عمّا يحتفّ به من القرائن والأشياء التي تعين على الفهم يجعلنا نخطئ في فهمه ونقع في أشياء خطيرة هي بعيدة أو ربما نفتي فتاوى هي بعيدة عن روح الإسلام.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف أشرت إلى فكرة جميلة جدا، ضرورة الارتقاء إلى المستوى العلمي والحضاري في التعاطي مع الحديث النبوي. بقيت إشكالية أخرى أريدك أن تفصّلها دكتور عفيف حول تطييف السنة النبوية. عندما نشأت الطوائف والملل والنحل والفرق، كلّ ملة، كلّ فرقة أخذت من الحديث ما يخدم توجّهها العقدي، السياسي، ما تراه مناسبًا في الأمور الدينية والأمور الدنيوية. للأسف الشديد، باتت السنة حصان طروادة أو الحديث النبوي أصبح حصان طروادة لهذا وذاك. على سبيل المثال، تجد بعض السنة الذين يردون على الشيعة من خلال كتاب "أصول الكافي" للكليني، وهم بالأساس لا يؤمنون بأصول الكافي ويعتبرونه موضوعًا ومدلسًا وأيضًا الشيعة الذين يردّون على السنة أيضًا يعتمدون على البخاري ومسلم وهو ليس من مباني مدرسة أهل البيت. لماذا تحولت السنة النبوية إلى مطية لهذا وذاك وذلك حتى يسجل أهدافا على الطائفة الأخرى؟
عفيف الصبابتي: هو في الحقيقة هذه المواقف هي مواقف غير علمية. الذي يتعامل مع السنة بأيديولوجيا أو بفكر مسبق، هذا التعامل ليس من التعامل الذي يقرّه العقل والمنطق. الحقيقة التي نستطيع أن نكتشفها، عندما نقرأ التاريخ ونقرأ علم الجرح والتعديل، نجد أنّ الباحثين النزهاء الذين يريدون الوصول إلى الحقيقة، يرغبون في كشف الحقيقة أو الأحاديث صحيحة النسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، نجدهم يترفّعون عن الصراعات الحزبية يترفعون عن الإختلافات السياسية، ولذا أنا عندما أقرأ كتب الجرح والتعديل، يستوقفني كلامٌ مهم لأعلام النقد أمثال يحيى أبن سعيد القطان وغيره من النقاد، عندما يسأله أحدهم ما رأيك في فلان، فيقول ثقة، فيقول له إنه شيعي، فيجيبه يقول انه شيعي ثقة وقدري ثقة. هذا كلام مهم جدا وأنا كنت قمت ببحث حول صحيح البخاري فوجدت أمرًا عجيبًا، وليس خاصًا بالبخاري بالحقيقة، يعمّ البخاري ومسلمًا وأصحاب السنن الأربعة، وهو يتمثل بالاحتجاج برجال إلى جانب أهل السنة، رجال من الشيعة ورجال من القدرية ورجال من الخوارج ورجال من فرق أخرى مختلفة، هؤلاء لمّا تبيّن لعلماء الجرح والتعديل أنهم صادقون في ما يقولون وأنهم لم يخطئوا في روايتهم احتجّوا بهم لأنّ المعايير التي اعتمدوها ليست معايير حزبية وإنما هي معايير.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف، والله لله ذرك ولله ذر الزيتونة ولله ذر الشيخ طاهر بن عاشور وأنتم من تلاميذه. أرحتني إلى أقصى درجة وأنا الداعية إلى وحدة المسلمين.
دكتور عبد الله النجار في مصر الحبيبة الغالية أمّنها الله، هل يمكن أن نطبق النهج الذي اقترحه الشيخ الدكتور عفيف، بمعنى أنّ المذاهب الإسلامية قاطبة تجمّع الأحاديث النبوية وننطلق منها في إقامة أو التأسيس لرؤية نبوية واحدة؟ ألا نكون بذلك قد أغنينا السنة النبوية؟
عبد الله نجار: نعم هذا واجب، هذا واجب شرعي أن تتوحد كلمة المسلمين حول معنى واحد يؤخذ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنّ الحديث مهما اختلفت الأفهام فيه فإنه لن يخرج عن مقصد بالشريعة الإسلامية في ما تقصد إليه من حماية المصالح ودفع المفاسد عن الناس، وبالتالي ذلك ما يجب، ولكن للأسف الأمر يحتاج إلى تغيير في النفوس. الكلام الذي يُقال كلام جميل وحكم شرعي واجب أن يُتّبَع، ولكن للأسف الناس ليسوا على شاكلةٍ واحدة في هذا الأمر، ولعلّ ذلك هو سرّ شقاء المسلمين وتفرقهم الآن، أنّ كلّ إنسان لا يجتمع على تلك الغاية، والله عز وجل أمر بالاعتصام ولكنه لم يجعل هذا الاعتصام مطلقًا وإنما جعله مقيّدًا، بحبل الله فقال "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". أنا أرى أن الرغبة في الاعتصام قائمة ولكن الاعتصام ليس حول حبل الله عز وجل وإنما أخذت الاستقطابات والمصالح الدولية وغير الدولية المسلمين إلى جهات متعددة وأصبحت الأفهام لما يأتي في السنّة النبوية بل وما يأتي في القرآن الكريم أيضًا، فالقرآن الكريم في بعض الاستدلال بالآيات القرآنية الكريمة هناك أيضا تجاوز في إسقاط النصوص القرآنية على معانٍ معيّنة أو على مواقف محددة، وبالتالي المسألة لا تخصّ السنّة وحدها ولكننا نريد أناسًا تتّسع قلوبهم لهذا الفهم الإسلامي الرحيب.
يحيى أبو زكريا: شيخ محمد وليد، استمعت إلى ما قاله الشيخان الفاضلان من تونس ومن مصر، هل بإمكاننا أن نؤسّس لسنة واحدة؟ الكتاب واحد لا شك ربما، التفاسير تكون متعددة لكن في نهاية المطاف هنالك نصٌ واحد يقرّ به كل المسلمين، فهل بإمكاننا ان نذهب إلى سنة واحدة؟
محمد الفليوني: بكل تأكيد يمكننا هذا، لكن كما تفضّل الأخوان الكريمان نحن بحاجة إلى أناس مخلصين، إلى أناس كفوئين. أنا بإمكاني أن أدعو من خلال شاشتكم الكريمة إلى مؤتمر فقهي عالمي من كلّ بلاد العالم الإسلامي، من كل الأطياف، من كل المدارس الإيمانية، من كل المدارس الفقهية، حتى نضع حدًا لهذا الذي جرى ويجري. من يمارس اليوم مثلا الاغتيالات السياسية يستند إلى أحاديث صحيحة بأنّ النبي محمد عليه الصلاة والسلام مارس الاغتيال السياسي. لديّ مثلا حتى هذه الأحاديث التي دُسّت في ونحن نؤكد على مسألة حصان طروادة، التي دُسّت في الحديث النبوي أثرت حتى على تفاسير القرآن كما تفضّل الضيف الكريم. أنا لديّ مثال صارخ وواضح. ارجعوا الآن، الذين يشاهدوننا، ارجعوا إلى الآية رقم 21 من سورة المائدة، عندما يقول سيدنا موسى عليه السلام لقومه "أدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم". ما هي الأرض المقدسة وماذا يعني كتب الله لكم؟ فستجد الآن بتفاسيرنا من القرطبي إلى الرازي إلى ابن كثير، كلّ التفاسير الأكاديمية وغير الأكاديمية التي يدرسها الأطفال الكتاتيب في الشريعة والتي يدرسها المتخصصون الأكاديميون، ستجد أنّ تفسيراتهم كلها من دون استثناء إلا واحدا فقط هو معاصر، كلّ هذه التفسيرات تعطي المبرر لإسرائيل، لنتانياهو اليوم إذا كان يقول لك أنا أود انشاء مستوطنات عند آثار تدمر وعند مكة المكرمة وفي حماه وفي سيناء وفي صحراء الحجاز، ستجد أنّ هذه التفاسير يجب أن تصفق لهذا الرجل لأنه سيقول لك أنا أعمل بتفاسيركم، حدود الأرض المقدسة كما ورد ورد في التوراة المحرّفة وهو موجود عندنا في التفاسير، البحر الشرقي والبحر الكبير وصحراء فاران وصوران حما وعريش مصر وفرات الشام، هذا ما يدّعيه الإسرائيليون اليوم الصهاينة بإننا نريد أن نقيم دولتنا من الفرات إلى النيل. هذا موجود عندنا في التفاسير.
إذا تكلمنا في الغيبيات تكلمنا لكن أنا لديّ مثال فاتني ان أذكره. مثلا عندي حديث في البخاري وغيره، لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، لمّا نزل المن والسلوى ورفضوا، ما دخل بني إسرائيل في اللحم؟ قالوا ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر. هناك منهجية يجب ان نعمل عليها. أنا أدعو الآن إلى مؤتمر إسلامي عالمي نضع النقاط على الحروف ننقد ذاتنا نقدا بناء إما ان نعتذر وإما ان نعتزل.
أنا عندما أقول يجب عليك كما قال القرآن أن تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، يا ترى هل يقبل المسلمون اليوم ونحن نفخر كنا بفتوحاتنا ولدي 20 خطا أحمر تحت الفتوحات الإسلامية، هل يقبل اليوم الاتحاد الأوروبي مثلا، المسلمون هل يقبلون ان يقوم الاتحاد الأوروبي بالمعية والتعاون مع حلف شمال الأطلسي حلف الناتو ويريد أن ينشر الدين المسيحي بنفس الطريقة التي نشرناها نحن، إما أن تدخلوا في الإسلام وإما ان تدفعوا الجزية وإما أن نقاتلكم؟ هل يقبل المسلمون اليوم، مليار مسلم وسبعة ملايين هل يقبلون؟ لا أعتقد أنّ أحدًا يقبل بهذا الكلام. نحن الآن مدعوون، كل علماء المسلمين وأن يقف من ورائهم، أن يقف المسلمون أنفسهم حتى أبناء الشارع وللسلاطين أيضا وللحكام للرؤساء والأمراء أيضا دور، كما أفسدتم في الماضي هيا أصلحوا الآن. نحن نحتاج أيضا إلى دعم السياسيين. الفقه لوحده لا يكفي، هناك الحق يحتاج إلى شخصين من يقول به ومن يحميه حتى يُطبَّق هذا الحق على أرض الواقع. نحن بحاجة إلى المتنورين من الفقهاء والمحدثين وأيضًا إلى دعم بقرار سياسي، عندما تصدر هذه الفتوى كيف كانت تصدر هذه الفتاوى من قديم لصالح السلطان، أيضًا يجب أن تصدر هذه الفتوى اليوم لصالح الإسلام والإسلام فقط.
يحيى أبو زكريا: دكتور عبد الله النجار سأختم بك. من أين نبدأ؟ بإيجاز شديد طرحنا مجموعة أفكار، خلصنا إلى ضرورة التلاقي، غربلة الموروث السني. كيف نبدأ في نظرك؟
عبد الله النجار: نحن تجاوزنا المنطقة التي وقف عندها الأخ العزيز الدكتور محمد بمراحل كبيرة ولم يعد هناك مجال للتنابذ العسكري على غرار ما حدث في بدايات الإسلام، فلا تستطيع أوروبا ولا يستطيع العالم الغربي أن يغزو المسلمين بحجّة نشر المسيحية كما كان يقال عن الإسلام.
دكتور عبد الله النجار، طبعًا بناءً على ما ذهبت إليه من أنّ التدوين لم يكُ كاملا في عهد رسول الله إنما كان بعيد التحاقه بالرفيق الأعلى. في هذا السياق، أشير فقط إلى أن البعض وضع كتبًا في سياق التدليس والوضع، ومنها الأحاديث الضعيفة لناصر الدين الألباني الذي يقع في أربعة عشر مجلدا وكتاب "تجريد البخاري ومسلم من الأحاديث التي لا تلزم" للمرحوم جمال البنا. كيف بدأ التدليس في الحديث النبوي دكتور عبد الله؟
عبد الله النجار: مرحلة التدوين أو جمع أحاديث النبي صلى الله عليه وسلم وتحقيق نسبتها إليه عليه الصلاة والسلام في ما يُعرَف بعلم الرواية بدأت أولى خطواته في عهد عمر ابن الخطاب. عمر ابن الخطاب كان أول من فكّر في هذا الأمر وكان يريد أن يجمع سنّة النبي صلى الله عليه وسلم، وكما يقول في أحد الآثار المروية عنه لقد هممت بذلك ولكني خشيت أن يختلط القرآن بالسنّة أو أن يُشغَل الناس عن كتاب الله تعالى بسنّة نبيه صلى الله عليه وسلم ولذلك قعد عن هذا الموضوع أو ربما نقول أرجأه إلى وقت لاحق. نستطيع أن نقول أنّ التدوين بمعنى التدوين وجمع سنة النبي صلى الله عليه وسلم قد بدأ في هذا الوقت ثم توالت المصنّفات في هذا الفن الذي كان جديدًا، وظهرت كتب الصحاح وما تلاها من الكتب التي استدركت أو نوّعت في التأليف كالمسانيد وغير ذلك، ولكن أنا أعتقد أنّ تأخير التدوين الذي قام به عمر ابن الخطاب رضي الله عنه إلى نهاية القرن الأول الهجري وقعت فيه أحداث أدّت إلى بلبلة الفكر الإسلامي ودفعت بعض ذوي المآرب الخاصة إلى أن يتعاملوا مع السنة بغير أدب.
بدأت ملامح الفتنة الكبرى ما بين علي ومعاوية، وانقسم المسلمون شيعا وأحزابًا منهم من يؤيد معاوية ومنهم من يؤيد علي، وظهر في هذا الوقت نوعٌ من الوضع يضفي نوعًا من القداسة على الأشخاص، هذا يضفي نوعًا من القداسة على أئمته وعلى أتباعه ومؤيديه ومرجعياته، وهذا يردّ على تلك الأحاديث بأحاديث أخرى، وكان ذلك هو أول وضعٍ للحديث، قلنا وُضعت أحاديث تضفي هالة من القداسة على بعض الأئمّة الذين ينتسبون إلى مذهبٍ معيّن، ثمّ للأسف قام الطرف الآخر أو المقابل أو المناوئ بتأليف أو بوضع أحاديث في حقّ عمر ابن الخطاب رضي الله عنه ترفع من شأنه وتنسب إلى النبي صلى الله عليه وسلم أقوالا أو أحاديث تدلّ على أنه مع النبي صلى الله عليه وسلم في غصن شجرة هو وأبو بكر وعثمان، وبدأت المنابذات بالوضع تبدأ في هذا العصر، ثمّ حدثت بعد ذلك بعض العوامل التي شجّعت على هذا النهج، وأول هذه الأمور أنّ بعض الأمور كانت تأتي بسوء نية أو بحسن نية. أما سوء النية فكان يأتي من هؤلاء الذين يحقدون على الدين وعلى أحكام الدين، فكانوا يؤلفون الأحاديث التي تغيّر من الأحكام الشرعية أو التي تحطّ من أقدار بعض الصحابة أو التي تضيف إلى أحكام الإسلام ما لا يقرّه الإسلام، كالتنابذ بالألقاب واغتياب الناس والتطاول على أعراضهم، وذلك انتقامًا وتشفيًا لمواقف سياسية أو لانتصارات ذاتية أو شخصية وليست انتصارا للدين. هذا الجانب نستطيع أن نقول أنه موجود، كان موجودا في هذا الوقت وكان موجودا في كل عصر وما يزال موجودًا في وقتنا هذا فهو الذي يتناقل هذه الأحاديث الموضوعة وهو الذي يتاجر بها الآن، وهو الذي يحاول ان يتكسب بها وأن يطعن بها الدين في الصميم.
في المقابل نشأ فكر آخر هو فكر القصاصين أو بعض الذين كانوا يعظون الناس أو يرققون قلوبهم ببعض الآثار التي بالغت مبالغة كبيرة في إضفاء بعض الأوصاف على أعمال قليلة أو على أعمال لا تستحق هذا الوصف، ومن ذلك مثلا ما رُوي من الأحاديث الموضوعة أو التي قيلت في هذا الشأن أن من قال لا إله إلا الله قيّد الله له طيرا منقاره من ذهب وجناحه من عقيق ثمّ أسكنه قصرًا في كل قصر 1000 جناح، في كل جناح 1000، يعني يبالغ في الأمور مبالغة تدلّ على أنّ هناك استخفافًا بالدين أو استخفافًا بعقول المسلمين، ومن فضل الله على الناس أنّ هذا الوضع كان من الوضوح بحيث يستطيع كلّ ذي عقلٍ حتى ولو لم تكن عنده حصيلة تحصّنه من علوم السب أن يكتشف ما في هذه الأحاديث من وضع، وكان القصّاصون أصحاب صيط واسع.
يحيى أبو زكريا: شيخ محمد استمعت إلى ما قاله الدكتور عبد الله من أنّ القصاصين لعبوا أدوارًا كبيرة في صياغة ووضع أحاديث. خلصنا إلى القول بأنّ هنالك حركة تدليسٍ واسعة جدًا في مضمار الحديث. يهمّني أن أعرف الأدوار التي لعبها بعض اليهود الذين قيل أنهم أسلموا وحسُن اسلامهم، كعب الأحبار، ابن منبا، عبد الله ابن سلام، انقسم حولهم جمهور المحدثين، منهم من قال أنهم محدثون سمعوا عن رسول الله ونقلوا عنه واعتدّوا بما رووا، وهنالك من قال أنهم أدخلوا إلى دائرة الحديث الكثير من المغالطات وأحاديث حور العين والغيبيات والميتافيزيقا وما إلى ذلك. ما الذي تقوله في هذا السياق؟
محمد فليون: سيدي الكريم ما أجمل أحاديث حور العين أمام الأحاديث التي تتحدث في العقائد وتتحدث في طريقة مثلاً نشر الإسلام ونشر الدعوة. الحديث الضعيف والحديث الموضوع هذا معروف عند العلماء له أوصاف وهناك شروط حتى في علم الجرح والتعديل أيضًا وعلم مصطلح الحديث. هناك علم واسع كامل بإمكانك أن تميز بين الحديث الضعيف والحديث الصحيح، وهنا أظن أنك وضعت يدك على الجرح في مسألة اختراق الأحاديث النبوية. دعني أنا أشبّه الحديث النبوي بحصان طروادة. حصان طروادة عندما يئسوا من اختراق المدينة صنعوه واستطاعوا أن يحققوا ما أرادوا. أنا أعتقد بأن خصوم الإسلام لديهم يقين كامل بأن القرآن الكريم لا يمكن اختراقه أبدا بالمطلق، "إِنَّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْر وَإِنَّا لَهُ لَحَافِظُونَ"، هناك قاموا بعملية التفاف تمامًا واخترقوا الأحاديث النبوية. أنا ليس عندي إشكال في مسألة الحديث الضعيف والحديث الموضوع، هذا مدرَك ومكشوف. أنا بالحقيقة لدي إشكال كبير حتى في الصحاح. الإمام البخاري رضي الله عنه هذا الرجل عمل وحفظ القرآن الكريم وكان عمره عشر سنوات فقط وابتدأ التدوين وكان عمره 18 سنة. أنا باعتقادي هناك كثير من الأخطاء التي وقع فيها هؤلاء، حتى أصحاب الصحاح. ربنا سبحانه وتعالى يقول للنبي عليه السلام في القرآن الكريم ولكل المؤمنين والمسلمين من بعده "ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ"، ثمّ أجد في صحيح البخاري وكلّ الصحاح أنني أُمِرت، هكذا نسب الكلام للنبي عليه السلام، أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا ان لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله. هذا مخالف للقرآن، كيف يمكنني أن أصدّق أنّ رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال، في آخر ثلاثة أيام كان كلامه أخرجوا اليهود والنصارى من جزيرة العرب، كيف يمكنني أن أفهم كلام النبي الموجود في الصحاح عند البخاري وغيره "لا يبقينّ في جزيرة العرب دينان"؟ معنى ذلك أنت يا رسول الله كأنك تضحك على الناس خلال 23 سنة، وفد نجران تقول أهلا وسهلا وفي عام الوفود، ثم آخر وصية تكون لك تطهير ديني وتطهير عرقي. أنا اعتقد تماما أنّ القرآن الكريم لا يمكن اختراقه لكن استطاعوا أن يخترقوا الإسلام من خلال الأحاديث النبوية. حتى في الصحاح نفسهم لديّ مثال آخر ثالث، وهو مثال هام جدًا، قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم "إذا غزا بنا غزا بنا صبحا"، يعني قبل أن يشرق الضوء، قال "يبعث إلى قرية ويكون هو موجودا او عشيرة قال فإن سمع أذانًا لم يغر وإن لم يسمع أغار"، الله أكبر معقول هذا الكلام؟ يعني عسكري جندي ليس له في الخدمة أقل من شهر لا يمكن أن يقع في هذا الخطأ. هل يعقل يا رسول الله أنك أنت غير عارف إلى أين تذهب؟ معقول؟ إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه فأبت عليه بات غضبانًا، باتت تلعنها الملائكة حتى تصبح بينما في المقابل الرجل يمكن أن يعمل الإيلاء، الإيلاء معروف وهو أن يقسم ان لا يطأ زوجته ولا يقترب منها مدة أربعة أشهر. تصور الرجل، نحن في مجتمع ذكوري والنبي عليه السلام نفسه لم يستطع أن يخرج من تحت هذه العباءة وقدم الإسلام حتى بهذه الطريقة. القرآن الكريم نفسه تراه يقدّم الرجال على النساء في كل شيء إلا في مسألة الزنا، فهذا المجتمع الذي حط من قدر المرأة وهذه الأحاديث التي دست حتى في الصحاح، حتى في الصحاح يقطع صلاة الرجل الكلب والمرأة والحمار، معقول هذا الكلام أن تشبه أمي وأمك وأختي وأختك في الحمار في قطع الصلاة وهناك رواية أخرى المجوسي أيضا؟
أنا أعتقد إن الصحاح أيضا اخترقت وهناك من عمل عن خبث وهناك أيضا من عمل عن سذاجة وهناك أيضا من عمل عن أخطاء. أعود لأكرر بإن الأمام البخاري رضي الله عنه حفظ القرآن كان عمره عشر سنوات وابتدأ التدوين والجمع في سن 18 سنة. عندنا في العلوم الشرعية هناك شيء اسمه المنظومات، الإنسان عندما يكون سنه صغيرا هناك لديه قدرة هائلة على الحفظ ممكن أن يحفظ 1000 بيت من الشعر، ألفية ابن مالك، متن الرحى، متن الزبد. كلّ هذه المتون كان الطالب يحفظها لكن لم يكن عنده قدرة على التحليل، قدرة على محاكمة الأمور بمنطق، فكانوا يقولون لهذا الفتى احفظ احفظ احفظ، حتى إذا كبر صارت قدرته على المحاكمة كبيرة جدًا وقدرته على الحفظ أقل.
أنا أعتقد أنّ ما حدث مع الإمام البخاري وغيره من الأئمة الذين نتبارك بهم لكن البركة بهم لا تعني ان نسكت على الأخطاء. أنا أعتقد أنهم غاب عنهم شيء اسمه أنّ القرآن الكريم ممكن أن يأتي بعده حديث يعارض كلام الله تعالى. هذه نقطة هامة.
يحيى أبو زكريا: شيخ محمد، بالتأكيد هي نقطة مهمة، ولعلّ اللغط اليوم في عالمنا الإسلامي والصراع بين المسلمين والتقاتل والتكفير والرمي بالزندقة والنجاسة واستباحة الذبح والقطع من الوريد إلى الوريد هو بسبب هذه المرحلة المضطربة التي يجب أن ينبري علماء الإسلام لتنظيفها بالكامل حتى يتكامل الحديث مع القرآن الكريم. فقط أعود إلى الدكتور عبد الله نجار قبل الذهاب إلى تونس.
دكتور عبد الله، كنتُ قد سألت عن دور كعب الأحبار وعبد الله ابن منبا وابن سلام. كثير من المحدّثين نقلوا عن هؤلاء كأنهم صحابة يروون حديث رسول الله، وآخرون يقولون لا، هؤلاء إسرائيليون، لمّا عجز اليهود عن تدمير الإسلام في المدينة المنورة اختاروا الاختراق والنفاق، ودمّروا سنة المصطفى، فماذا تقول في هذا السياق؟
عبد الله النجار: هم لا شك أنهم حاولوا ويحاولون الاختراق والإيناس لهم لا أظن أنه موجود، هو مفتقد، وتوقع التشويه منهم هذا شيء وارد ومحتمل إن لم يكن محققًا. وبالتالي فهذا الظن له ما يؤيده من واقع الحياة ومن تلك العداوة المستمرة والمستكنة بين اليهود وبين المسلمين، تلك العداوة التي بدت بغضاؤها في بدايات الوحي وفي بدايات الدولة الإسلامية ومازالت مستمرة حتى وقتنا هذا حيث نجد ذلك التربص بالمسلمين في مصادر وحيهم وفي علوم إسلامهم وفي تصرفاتهم وفي حياتهم وفي كل شيءٍ من أمورهم، وللأسف نحن لم نقدر على أن نرفع من شأن أنفسنا بما يستطيع أن يواجه تلك المؤامرات، ومن اليسير ومن السهل جدًا أن تأتي إلى كتاب أو مصنفٍ أو رسالة فتزيّف فيها كلمة، ربما تغيّر هذه الكلمة مسار الحديث فيها وتقلبه رأسا على عقب، ولكن هذا لا يعني أنّ ما فعله الإمام البخاري وأنا أود أن أناقش الأخ العزيز الدكتور محمد في هذا الأمر وربما أخالفه فيه أنّ الإمام البخاري وضع منهجًا وسار عليه وهذا المنهج يقوم على تحقيق نسبة الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم بمعايير التوثق التي أصبحت مصدرًا الآن لكل الباحثين الذين جاؤوا بعده في كل أكاديميات العالم حيث يعتمد نقل المعلومة على التوثق وإسناد القول لقائله، وفي هذا الأمر فإنّ الإمام البخاري حين نقول أنه قد أتقن مسألة التوثق في نسبة القول إلى النبيّ صلى الله عليه وسلم إلى درجةٍ تقترب من الكمال، لا يكون في ذلك مبالغة ويكون الخروج عن ذلك فيه نوعٌ من الخطأ أو نوع من الظلم لهذا الإمام العظيم ولكن يبقى متون الأحاديث.
يحيى أبو زكريا: دكتور عبد الله، من فضلك المعروف أنّ.
عبد الله النجار: دعني أكمل الفكرة فقط.
يحيى أبو زكريا: لا، لا، في هذا السياق، وستكمل الكثير الكثير، المعروف أنّ الإسلام دين عقل وإن الله لا يمكن أن ينزل شرائع تخالف العقل. هنالك ثلاثة أحاديث في صحيح البخاري، طبعًا هي كثيرة جدًا، لكن أنتقي منها هذه الثلاثة، رؤية المولى عز وجل يوم القيامة وأن الإنسان المؤمن الذي يدخل الجنة يرى ربه، في هذا اللحاظ كما يقول علماء الكلام يصبح الله محدودا وتصبح العين حادة لمحدود والمحدود لا يكون إلا جسدا. في الحديث الشريف الذي يفسّر قوله تعالى يوم تقول النار هل من مزيد أنّ الله يُدخل قدمه في جهنم، فتقول قطُ قطُ قطُ. فإذا هذه الأحاديث والحديث الآخر أنّ الله ينزل على ظهر حمارٍ كل ليلة على شكل غلام أمرد. ألا يتنافى هذا مع الربوبية، مع الألوهية؟
عبد الله النجار: دائما التعبير عن الأفكار التي لا يراها الناس ولا يستطيعون أن ينقلوها لغيرهم، لم يذهب أحد إلى النار ويرها ولم يدخل أحد الجنة ولم يمت أحد ويرجع إلينا ليحكي لنا ماذا حدث له. هذه الأمور التي تدخل في باب السمعيات أو باب الغيبيات الله عز وجل لم يكلفنا إلا أن نؤمن بها سماعًا كما جاءت عن النبي صلى الله عليه وسلم، والخلاف في إدراك حقائقها هو خلافٌ عقيم. فنجد أنّ الله تبارك وتعالى يعدّ الإنسان إعدادا لاستيعاب هذه الأمور، ومن رحمة الله بالخلق أنه يحكي لهم عن هذه الأمور الأخروية التي لم يروها بأمورٍ تقدر أحاسيسهم وأدوات الإحساس التي خلقها فيهم من تصوّرها ومن استيعابها والأمور الغيبية وأمور الأقدار التي يجريها علينا، ومنها الموت، يحاولون الافلات منه ومن الآلام التي يمكن أن تسبقه من مرض أو غيره، ربما يسمّون هذا نوعا من المدافعة، مدافعة المرض او مدافعة الموت كما يقولون او كما يعبرون عن هذا المعنى. فالمسألة يجب ان تعرض باللغة التي يمكن أن تدرك بحواس معينة تستوعب هذه الأمور ولا يجوز أن نجعل حواسنا حكماً عليها في هذا الأمر وبالتالي لا يجوز أن أكذب هذه الأمور أو أتهمها قبل أن أحاول أن أدرك معناها وأحاول أن أربط بينها وبين الأدلة العامة لأن مثلا الأدلة التي تأمر بإطلاق القتال كما في حديث "أمرت أن اقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله"، نعم لا يمنع أن يكون هذا عندما يقاتلنا الناس فنحن لا يجب ان نقف أمامهم لأن الله عز وجل يقول "فَإِن قَاتَلُوكُمْ فَاقْتُلُوهُمْ"، وكما هو معروف عند علماء الأصول إن المطلق يُحمَل على المقيد وبالتالي فالدلالة على الحكم لا يجوز أن تؤخذ من حديث منفرد وإنما يجب أن يُنظر إلى الأدلة الأخرى التي تبيّن الموضوع كله، ومن الخطأ أن أحكم على اي حديث أو ضعفه لمجرد ان أقرأه منفردا ومنعزلا عن بنية التشريع وعن بنية الأدلة الأخرى.
يحيى أبو زكريا: نعم، دكتور عبد الله، لكن، طبعًا أمامي فاصل، لكن قبيل الفاصل فقط أردت أن أشير إلى أنّ البعض انهمك في الدفاع عن السنة النبوية أو بعض الروايات الضعيفة وقد اصطدم بالقرآن في الوقت الذي يقول فيه الرسول كما يروي البعض أمرت أن أقاتل الناس يقول الله تعالى، "لَيْسَ عَلَيْكَ هُدَاهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشَاءُ"، والأولوية في الاستنباط للقرآن الكريم، وإذا حديثٌ عارض آية يُضرَب بالحديث عرض الحائط كما سوف أضرب على الحلقة بفاصل قصير، ثم أعود إليكم مشاهدينا الكرام فابقوا معنا.
المحور الثالث
أنواع كتب السنة و المجامع و المسانيد وغربلة الموروث السني ومن أين نبدأ
يحيى أبو زكريا: مشاهدينا أهلا بكم من جديد. من أدرك حلقتنا الآن، نحن نعالج موضوع تدوين السنة النبوية.
دكتور عفيف، حتى ننتهي من هذا الجدل العلمي والأكاديمي والذي ما زال مطروحًا اليوم، لا بدّ أن نضع بعض المقاييس، بعض الأنماط لانتقاء السنة الصحيحة. اليوم عندما نقرأ المجامع والمسانيد وكتب الحديث، كأنّ الرسول عليه الصلاة والسلام عاش مئتي سنة وكان يتكلم في اليوم 24 ساعة، لم يكن له زواجات ولا أمور دنيوية أخرى ولم يعتن بنفسه، هكذا لو جمعت كل الأحاديث. بالإضافة إلى ذلك، أريد أن تركز على الدور الذي لعبته بعض السلطات الأموية أو العباسية في تدوين بعض الأحاديث، القرطبي وابن الأثير والطبري وابن خلدون أيضا يشير إلى أنّ، على سبيل المثال معاوية ابن أبي سفيان وضع مئة ألف دينار لكلّ من يضع أحاديث ضد علي ابن أبي طالب الذي كان خصمه في الموقف. ما الذي تقوله في هذا السياق عن دور السلطات في وضع أحاديث لخدمة قضاياها الخاصة؟
عفيف صبابتي: شكرًا سيدي الفاضل. أنا أعتقد أنّ المشكلة ليست في بعض أحاديث قد يشكل أمرها على البعض ويعتبرها غير صحيحة أو ضعيفة، فإنّ النقد مسموحٌ به وتاريخ علم الحديث يشهد على أنّ حركة النقد استمرّت والمراجعات مستمرّة، وعندنا كتب ظهرت في التاريخ جاء من المتأخرين من نقض بعض الأحاديث. ليس هذا هو المشكل، أعتقد أنّ المشكل هو سيدي الفاضل مثل ما ذكرت هناك مقاييس، هناك منهج، وأعتقد أنّ المنهج يبدأ بأن يكون قاسما مشتركا بيننا أو نقطة إلتقاء، فنحن نعلم ان المنهج العلمي الذي نشأ في أرض الإسلام في مجال نقد الأخبار هو منهج يقوم على مقاييس دقيقة جدا، فهو أولا ينظر فيه إلى النقل من حديث النواحي التي يمكن ان تؤثر على الرواية من جهة الكذب فيها او من جهة الخطأ والوهن فيها، وكذلك يُنظر إلى موضوع الحديث نفسه من النواحي التي تجعله مقبولا أو مردودا كأن يكون موافقا للعقل أو متضادًا معه ومعارضًا له أو أن يكون معارضًا لحسه أو البرهان الحسي أو موافقا له أو أن يكون متعارضًا مع القرآن موافقًا له أو متعارضًا معه وكذلك اجماع الأمة وما يتعلق بذلك من أدلة وهو ما يسمى بالأدلة القطعية، لأن الروايات الحديثة هذه هي روايات ظنية أحادية وما كان من قبيل الأحاد فهو محل نقد، وإذا عارض دليلا قطعيا فإنّ الذي اتفق عليه السادة المحققون، إذا تعارض الظني مع القطعي فإنه يُرَد الظني، لكن هذا ينبغي أن نفهمه في إطار المنهج العلمي الذي قام في الأمة الإسلامية والذي دعا إليه المحدثون ومارسوه أحسن ممارسة، ولذا فإن المحققين لم يروا ضيرا في نقد البخاري. نحن نعرف ان الدارق قتني والجيالي الأندلسي وجها بعض الانتقادات للبخاري وذكر ذلك ابن حجر العسقلاني في شرحه فتح الباري، والإمام الذهبي نقد الحاكم النيسابوري الذي تقدم عليه بقرون في كتابه المستدرك، فعملية النقد عملية مستمرّة، وهذا مظهر من مظاهر حياة الفكر عند المحدثين. لكن الذي يعنينا من هذا هو أننا في عصرنا الحاضر ونحن نريد أن نتعامل مع السنّة ينبغي أن نجدّد ونحيي من جديد هذا الحسّ النقدي، الحس النقدي والتسلح بهذا المنهج العلمي الذي يقوم على وزن الرواية متناً وسندًا للتحقق من مدى صحتها أو قبولها، أما الاختلاف في بعض الأحاديث، قد تكون بعض الأحاديث صحيحة، ولكن الاشكال فيها ليس من حيث ورودوها وصحتها لكن الاشكال فيها من حيث فهمهما. نحن نعرف أنّ بعض الناس يقولون أشياء في سياقٍ معيّن ولكن إذا عُزِل هذا الكلام عن السياق الذي صدر فيه قد يُساء فهمه ويؤول تأويلات بعيدة تجعل الناس يرفضون هذا الكلام ويقولون هو باطل أو مردود أو يتناقض مع القيم الكونية ومع العقل أو غير ذلك، ولكن أعتقد أنّ دراسة الحديث ينبغي أن تكون من عدة نواح.
أولا الناحية الأولى هي ناحية القبول أو الرد بتجديد العهد مع المقاييس العلمية والناحية الثانية هي ناحية الفهم باعتماد المعايير العلمية التي قرّرها السادة من أصوليين وغيرهم في حسن فهم الحديث. أما فهم بعض الناس الآن من الشباب أو بعض الدعاة أو غير هؤلاء يفتح كتابا كالبخاري أو يفتح كتابا كصحيح مسلم ويقرأ حديثا ويفسّره للناس من دون أن يكون لديه علم بسياق الحديث أو من دون أن يكون لديه علمٌ بالمقاصد العامة للدين التي ينبغي أن يوضَع أو يفسَّر ذلك الحديث في ضوئها وفي ضوء القرآن وفي ضوء السياق النصي والسياق التاريخي، فكثيرًا من الأفهام التي يخطئ أصحابها فيها عندما يتعاملون مع الحديث إنما هو ناجم عن فقدان هذا المنهج العلمي، فإذا أخطاء كثيرة الآن في الساحة الإسلامية في التعامل مع الحديث وهذه كما قلت وأكرر وأؤكد ترجع إلى أحد أمرين، إما الخطأ في التعامل مع الحديث من حيث القبول أو الرد للجهل بالمنهج النقدي الذي تأسّس في الحضارة الإسلامية، وهو منهج نفخر به لأنه منهجٌ عقلي بأتم معنى الكلمة، وابن خلدون في مقدمته استعمل هذا المنهج في النقد التاريخي وتأثر به كثيرٌ من الباحثين من بعده. الناحية الثانية هي كيف نفهم حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم. إنّ علماءنا ومحققينا ومنهم علامة تونس الشيخ محمد الطاهر ابن عاشور في كتابه "مقاصد الشريعة" وضع جملة من الضوابط والقواعد الأساسية التي إن أهملناها إننا نقع في خضخاض من الأخطاء. إنّ عزل الحديث عن سياقه أو عزل الحديث عمّا يحتفّ به من القرائن والأشياء التي تعين على الفهم يجعلنا نخطئ في فهمه ونقع في أشياء خطيرة هي بعيدة أو ربما نفتي فتاوى هي بعيدة عن روح الإسلام.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف أشرت إلى فكرة جميلة جدا، ضرورة الارتقاء إلى المستوى العلمي والحضاري في التعاطي مع الحديث النبوي. بقيت إشكالية أخرى أريدك أن تفصّلها دكتور عفيف حول تطييف السنة النبوية. عندما نشأت الطوائف والملل والنحل والفرق، كلّ ملة، كلّ فرقة أخذت من الحديث ما يخدم توجّهها العقدي، السياسي، ما تراه مناسبًا في الأمور الدينية والأمور الدنيوية. للأسف الشديد، باتت السنة حصان طروادة أو الحديث النبوي أصبح حصان طروادة لهذا وذاك. على سبيل المثال، تجد بعض السنة الذين يردون على الشيعة من خلال كتاب "أصول الكافي" للكليني، وهم بالأساس لا يؤمنون بأصول الكافي ويعتبرونه موضوعًا ومدلسًا وأيضًا الشيعة الذين يردّون على السنة أيضًا يعتمدون على البخاري ومسلم وهو ليس من مباني مدرسة أهل البيت. لماذا تحولت السنة النبوية إلى مطية لهذا وذاك وذلك حتى يسجل أهدافا على الطائفة الأخرى؟
عفيف الصبابتي: هو في الحقيقة هذه المواقف هي مواقف غير علمية. الذي يتعامل مع السنة بأيديولوجيا أو بفكر مسبق، هذا التعامل ليس من التعامل الذي يقرّه العقل والمنطق. الحقيقة التي نستطيع أن نكتشفها، عندما نقرأ التاريخ ونقرأ علم الجرح والتعديل، نجد أنّ الباحثين النزهاء الذين يريدون الوصول إلى الحقيقة، يرغبون في كشف الحقيقة أو الأحاديث صحيحة النسبة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، نجدهم يترفّعون عن الصراعات الحزبية يترفعون عن الإختلافات السياسية، ولذا أنا عندما أقرأ كتب الجرح والتعديل، يستوقفني كلامٌ مهم لأعلام النقد أمثال يحيى أبن سعيد القطان وغيره من النقاد، عندما يسأله أحدهم ما رأيك في فلان، فيقول ثقة، فيقول له إنه شيعي، فيجيبه يقول انه شيعي ثقة وقدري ثقة. هذا كلام مهم جدا وأنا كنت قمت ببحث حول صحيح البخاري فوجدت أمرًا عجيبًا، وليس خاصًا بالبخاري بالحقيقة، يعمّ البخاري ومسلمًا وأصحاب السنن الأربعة، وهو يتمثل بالاحتجاج برجال إلى جانب أهل السنة، رجال من الشيعة ورجال من القدرية ورجال من الخوارج ورجال من فرق أخرى مختلفة، هؤلاء لمّا تبيّن لعلماء الجرح والتعديل أنهم صادقون في ما يقولون وأنهم لم يخطئوا في روايتهم احتجّوا بهم لأنّ المعايير التي اعتمدوها ليست معايير حزبية وإنما هي معايير.
يحيى أبو زكريا: دكتور عفيف، والله لله ذرك ولله ذر الزيتونة ولله ذر الشيخ طاهر بن عاشور وأنتم من تلاميذه. أرحتني إلى أقصى درجة وأنا الداعية إلى وحدة المسلمين.
دكتور عبد الله النجار في مصر الحبيبة الغالية أمّنها الله، هل يمكن أن نطبق النهج الذي اقترحه الشيخ الدكتور عفيف، بمعنى أنّ المذاهب الإسلامية قاطبة تجمّع الأحاديث النبوية وننطلق منها في إقامة أو التأسيس لرؤية نبوية واحدة؟ ألا نكون بذلك قد أغنينا السنة النبوية؟
عبد الله نجار: نعم هذا واجب، هذا واجب شرعي أن تتوحد كلمة المسلمين حول معنى واحد يؤخذ من حديث النبي صلى الله عليه وسلم، ولأنّ الحديث مهما اختلفت الأفهام فيه فإنه لن يخرج عن مقصد بالشريعة الإسلامية في ما تقصد إليه من حماية المصالح ودفع المفاسد عن الناس، وبالتالي ذلك ما يجب، ولكن للأسف الأمر يحتاج إلى تغيير في النفوس. الكلام الذي يُقال كلام جميل وحكم شرعي واجب أن يُتّبَع، ولكن للأسف الناس ليسوا على شاكلةٍ واحدة في هذا الأمر، ولعلّ ذلك هو سرّ شقاء المسلمين وتفرقهم الآن، أنّ كلّ إنسان لا يجتمع على تلك الغاية، والله عز وجل أمر بالاعتصام ولكنه لم يجعل هذا الاعتصام مطلقًا وإنما جعله مقيّدًا، بحبل الله فقال "واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا". أنا أرى أن الرغبة في الاعتصام قائمة ولكن الاعتصام ليس حول حبل الله عز وجل وإنما أخذت الاستقطابات والمصالح الدولية وغير الدولية المسلمين إلى جهات متعددة وأصبحت الأفهام لما يأتي في السنّة النبوية بل وما يأتي في القرآن الكريم أيضًا، فالقرآن الكريم في بعض الاستدلال بالآيات القرآنية الكريمة هناك أيضا تجاوز في إسقاط النصوص القرآنية على معانٍ معيّنة أو على مواقف محددة، وبالتالي المسألة لا تخصّ السنّة وحدها ولكننا نريد أناسًا تتّسع قلوبهم لهذا الفهم الإسلامي الرحيب.
يحيى أبو زكريا: شيخ محمد وليد، استمعت إلى ما قاله الشيخان الفاضلان من تونس ومن مصر، هل بإمكاننا أن نؤسّس لسنة واحدة؟ الكتاب واحد لا شك ربما، التفاسير تكون متعددة لكن في نهاية المطاف هنالك نصٌ واحد يقرّ به كل المسلمين، فهل بإمكاننا ان نذهب إلى سنة واحدة؟
محمد الفليوني: بكل تأكيد يمكننا هذا، لكن كما تفضّل الأخوان الكريمان نحن بحاجة إلى أناس مخلصين، إلى أناس كفوئين. أنا بإمكاني أن أدعو من خلال شاشتكم الكريمة إلى مؤتمر فقهي عالمي من كلّ بلاد العالم الإسلامي، من كل الأطياف، من كل المدارس الإيمانية، من كل المدارس الفقهية، حتى نضع حدًا لهذا الذي جرى ويجري. من يمارس اليوم مثلا الاغتيالات السياسية يستند إلى أحاديث صحيحة بأنّ النبي محمد عليه الصلاة والسلام مارس الاغتيال السياسي. لديّ مثلا حتى هذه الأحاديث التي دُسّت في ونحن نؤكد على مسألة حصان طروادة، التي دُسّت في الحديث النبوي أثرت حتى على تفاسير القرآن كما تفضّل الضيف الكريم. أنا لديّ مثال صارخ وواضح. ارجعوا الآن، الذين يشاهدوننا، ارجعوا إلى الآية رقم 21 من سورة المائدة، عندما يقول سيدنا موسى عليه السلام لقومه "أدخلوا الأرض المقدسة التي كتب الله لكم". ما هي الأرض المقدسة وماذا يعني كتب الله لكم؟ فستجد الآن بتفاسيرنا من القرطبي إلى الرازي إلى ابن كثير، كلّ التفاسير الأكاديمية وغير الأكاديمية التي يدرسها الأطفال الكتاتيب في الشريعة والتي يدرسها المتخصصون الأكاديميون، ستجد أنّ تفسيراتهم كلها من دون استثناء إلا واحدا فقط هو معاصر، كلّ هذه التفسيرات تعطي المبرر لإسرائيل، لنتانياهو اليوم إذا كان يقول لك أنا أود انشاء مستوطنات عند آثار تدمر وعند مكة المكرمة وفي حماه وفي سيناء وفي صحراء الحجاز، ستجد أنّ هذه التفاسير يجب أن تصفق لهذا الرجل لأنه سيقول لك أنا أعمل بتفاسيركم، حدود الأرض المقدسة كما ورد ورد في التوراة المحرّفة وهو موجود عندنا في التفاسير، البحر الشرقي والبحر الكبير وصحراء فاران وصوران حما وعريش مصر وفرات الشام، هذا ما يدّعيه الإسرائيليون اليوم الصهاينة بإننا نريد أن نقيم دولتنا من الفرات إلى النيل. هذا موجود عندنا في التفاسير.
إذا تكلمنا في الغيبيات تكلمنا لكن أنا لديّ مثال فاتني ان أذكره. مثلا عندي حديث في البخاري وغيره، لولا بنو إسرائيل لم يخنز اللحم، لمّا نزل المن والسلوى ورفضوا، ما دخل بني إسرائيل في اللحم؟ قالوا ولولا حواء لم تخن أنثى زوجها الدهر. هناك منهجية يجب ان نعمل عليها. أنا أدعو الآن إلى مؤتمر إسلامي عالمي نضع النقاط على الحروف ننقد ذاتنا نقدا بناء إما ان نعتذر وإما ان نعتزل.
أنا عندما أقول يجب عليك كما قال القرآن أن تدعو إلى الله بالحكمة والموعظة الحسنة، يا ترى هل يقبل المسلمون اليوم ونحن نفخر كنا بفتوحاتنا ولدي 20 خطا أحمر تحت الفتوحات الإسلامية، هل يقبل اليوم الاتحاد الأوروبي مثلا، المسلمون هل يقبلون ان يقوم الاتحاد الأوروبي بالمعية والتعاون مع حلف شمال الأطلسي حلف الناتو ويريد أن ينشر الدين المسيحي بنفس الطريقة التي نشرناها نحن، إما أن تدخلوا في الإسلام وإما ان تدفعوا الجزية وإما أن نقاتلكم؟ هل يقبل المسلمون اليوم، مليار مسلم وسبعة ملايين هل يقبلون؟ لا أعتقد أنّ أحدًا يقبل بهذا الكلام. نحن الآن مدعوون، كل علماء المسلمين وأن يقف من ورائهم، أن يقف المسلمون أنفسهم حتى أبناء الشارع وللسلاطين أيضا وللحكام للرؤساء والأمراء أيضا دور، كما أفسدتم في الماضي هيا أصلحوا الآن. نحن نحتاج أيضا إلى دعم السياسيين. الفقه لوحده لا يكفي، هناك الحق يحتاج إلى شخصين من يقول به ومن يحميه حتى يُطبَّق هذا الحق على أرض الواقع. نحن بحاجة إلى المتنورين من الفقهاء والمحدثين وأيضًا إلى دعم بقرار سياسي، عندما تصدر هذه الفتوى كيف كانت تصدر هذه الفتاوى من قديم لصالح السلطان، أيضًا يجب أن تصدر هذه الفتوى اليوم لصالح الإسلام والإسلام فقط.
يحيى أبو زكريا: دكتور عبد الله النجار سأختم بك. من أين نبدأ؟ بإيجاز شديد طرحنا مجموعة أفكار، خلصنا إلى ضرورة التلاقي، غربلة الموروث السني. كيف نبدأ في نظرك؟
عبد الله النجار: نحن تجاوزنا المنطقة التي وقف عندها الأخ العزيز الدكتور محمد بمراحل كبيرة ولم يعد هناك مجال للتنابذ العسكري على غرار ما حدث في بدايات الإسلام، فلا تستطيع أوروبا ولا يستطيع العالم الغربي أن يغزو المسلمين بحجّة نشر المسيحية كما كان يقال عن الإسلام.
الإسلام لم يغز بلدا وإنما كان يدافع عن الذين يمنعون حرية المسلمين او حق المسلمين في التعبير عن رأيهم الذي يدينون به. ولكن تجاوزنا هذه المنطقة بمسألة التنظيم الدولي الجديد، والذي أصبحت فيه كل دولة مستقلة إسلاميًا وترتبط مع غيرها من الدول الأخرى بعهدٍ أوجب الله أن يوفى به.
نحن اليوم يجب ان توفي الدول بالعهود وأن تحترم المواثيق لأن الله عز وجل يقول " وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً".
أقول ان البداية يمكن ان تبدأ بين المسلمين من خلال التعاون الذي يقيم لهم حياة كريمة.
أقول ان البداية يمكن ان تبدأ بين المسلمين من خلال التعاون الذي يقيم لهم حياة كريمة.
أنا أعتقد إن الخلل الاقتصادي وتدني مستوى المعيشة دفع كثيرين أن يبيعوا ضمائرهم وأن يبيعوا دينهم وأن يبيعوا شرفهم لمن يدفع لهم المال الذي يتعيّشون منه، والإنسان يا سيدي إذا لم يجد ما يتعيّش به المعيشة الكريمة، فإنه لن يتورّع على أن يبيع دينه وأن يبيع شرفه وأن يبيع عرضه. ولذلك يجب على المسلمين أن يتوحّدوا أولا وأن يقيموا وحدة اقتصادية ترفع شأنهم وتجعل أيديهم عليًا، إذا وصلنا إلى هذه المنطقة يمكن أن يكون لنا رأي نستطيع أن نتجرّد فيه لوجه الله ويكون اجتهادنا خالصًا لوجه الله وحده.
يجب ان يكون الفهم الصحيح لكتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم نابعًا من ضمير الإنسان النزيه المتجرّد الذي لا يجامل ولا يحابي ولا يبتغي من وراء ما يقوله غرضًا ولا مأربًا، هذا هو الواجب وأعتقد أنه ليس من السهل ارتياده لكن علينا أن نجاهد وعلينا أن نحاول فإن طريق الوصول إلى الكمال هو الكمال نفسه والله الموفق.
يحيى أبو زكريا: طبعا هذا واجبنا وواجب علمائنا، وللأسف الشديد لمّا تقاعسنا في الساحة الإسلامية بتنا نرى النطيحة والمتردّية وما أكل السبع وكل من قرأ نصف بيت شعري لعنترة ابن شداد العبسي يقول في المساجد هذا حديث ضعيف وهذا حديث قوي وهذا حديثٌ مردود، ودخل العوام في مسألة تقييم الأحاديث النبوية، فضاع المسلمون بالكامل.
فضيلة الدكتور عبد الله النجار شكرًا جزيلا لك، فضيلة الدكتور عفيف الصبابطي من تونس الحبيبة شكرًا جزيلا لك، الشيخ محمد وليد فليون شكرًا جزيلا لك، كنتَ معنا من دمشق.
مشاهدينا وصلت حلقتنا إلى تمامها. إلى أن نلقاكم هذا يحيى أبو زكريا يستودعكم الله الذي لا تضيع أبدًا ودائعه.
يحيى أبو زكريا: طبعا هذا واجبنا وواجب علمائنا، وللأسف الشديد لمّا تقاعسنا في الساحة الإسلامية بتنا نرى النطيحة والمتردّية وما أكل السبع وكل من قرأ نصف بيت شعري لعنترة ابن شداد العبسي يقول في المساجد هذا حديث ضعيف وهذا حديث قوي وهذا حديثٌ مردود، ودخل العوام في مسألة تقييم الأحاديث النبوية، فضاع المسلمون بالكامل.
فضيلة الدكتور عبد الله النجار شكرًا جزيلا لك، فضيلة الدكتور عفيف الصبابطي من تونس الحبيبة شكرًا جزيلا لك، الشيخ محمد وليد فليون شكرًا جزيلا لك، كنتَ معنا من دمشق.
مشاهدينا وصلت حلقتنا إلى تمامها. إلى أن نلقاكم هذا يحيى أبو زكريا يستودعكم الله الذي لا تضيع أبدًا ودائعه.
ليست هناك تعليقات: