جغرافيا الروح في 48 خريفا ...أريام أفكاري غزلان الروح
في صباحات الوجود الأولى، حين كانت الأرض لا تزال تتعلم كيف تحتضن أحلامها، ولدت الغزلان في قلوب البشر قبل أن تولد في البراري. كانت أفكار رشيقة تقفز من عقل إلى آخر، تحمل في أعناقها أجراس الحرية، وفي عيونها بريق المحبة الخالصة وفي سليلها السؤال الأول.
هذه الغزلان التي نحملها في أرواحنا ليست مجرد كائنات جميلة، بل هي رمز لكل ما نتوق إليه في هذا العالم. إنها حرية الفكر التي تركض عبر مروج الإبداع دون قيود، تتنفس هواء التنوع وتشرب من ينابيع التسامح.
كل غزالة فكرة مختلفة، كل قفزة رؤية جديدة، وكل نظرة دعوة للتأمل في جمال الاختلاف.
في عالم يضج بالصراخ والكراهية، تبقى هذه الغزلان الروحية تمنح المسك لكل من يقترب منها بقلب صاف.
إنها تفر من القبح ليس خوفا، بل رفضا لأن تتلوث بسموم البغض والتعصب.
تعلمنا أن الجمال الحقيقي يكمن في قدرتنا على رؤية الإنسان في كل إنسان، وأن نحب الحياة في كل تجلياتها.
وحين نراقب هذه الغزلان وهي تعيش في سلام، ندرك أن السلام ليس مجرد غياب للحرب، بل حضور للمحبة.
إنه ذلك الصباح الذي تستيقظ فيه لتجد العالم يبتسم، حيث التعايش ليس شعارا نردده بل واقعا نعيشه، حيث الإنسانية تتجلى في أبسط التفاصيل. في نظرة حانية، في كلمة طيبة، في يد ممدودة للمساعدة.
هكذا تكون الغزلان التي نحملها في قلوبنا، متنوعة كألوان الطيف، رشيقة كحركة الفجر، حرة كأنفاس الحياة نفسها.
تذكرنا أن الجمال الحقيقي يكمن في قدرتنا على احتضان الآخر مهما كان مختلفا، وأن الحرية الحقيقية تبدأ حين نحرر قلوبنا من أسر الكراهية ونفتحها لعناق المحبة الإنسانية...
ليست هناك تعليقات: