قراءة حول سورة العصر ..من أريام أفكاري
في زمن الفتن والشبهات يظل كل من الحيرة والقلق والحذر والغربة أخلاء لكل حليم، وعلى العقل أن يظل يقظ وأن يعيد القراءة من آن لآخر من كل الزوايا المتاحة.تظل علامات استفهام لماذا ومن أين وكيف وإلى أين ومتى وماذا بعد هي ستائر النور التي ما جهلها وغاب عن تدبرها إلا جهول.
هل يوجد أهم من معرفة أصل خلقتك وسببها وكيفيتها والمصير القادم ومتى يكون؟
قضية الدنيا والحياة وحقيقة الرحلة أو الزمن وميزان الربح والخسارة هي القضية الأم والتي لخصتها سورة العصر، تلك السورة الفلسفية العجيبة التي لخصت في بطن سطرين ما يملأ فيضه ضفاف الكتب، وربما في آيتها الأخيرة ما يكفي لكل مستكفي.
التفاسير متنوعة وما بين بعض مذاهب السنة التي جعلت الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق وتواصوا بالصبر هم الصديق والفاروق وذي النورين وأبو الحسنين محافظة على الترتيب الذي يخيل للبعض أنه دين قطعي الثبوت، لبعض تفاسير الشيعة التي جعلتهم الأئمة والعترة وشيعتهم في عجز واضح عن عمق النظرة للقرآن، أو لهوى بيّن ليؤكدوا بالنص ما ذهب إليه كل فريق، وربما هذا التنوع لا يضر لو لم يخرج عن كونه فهم بشري وتفسير وليس وحي سماوي، ولم يخل الأمر من نظرة جادة من بعض أولى البصائر الذين يدركون أن حوار السماء مع الأرض أعمق من ظاهر الحروف، ومن اختزاله في قضية محددة أو أشخاص، وللدكتور جفري لانج تفصيل حول رمزية القرآن وقصصه وتمايزه عن نفس القصص في الكتب السابقة.
في إيجاز بليغ أقرت سورة العصر خسران الإنسان تلك القضية وهي قضية الحياة إلا بشروط أربعة منهم اثنين لضبط النباهة الفردية واثنين لإقامة التوازن بينها وبين النباهة الاجتماعية، والنباهة مصطلح من بنات أفكار الدكتور على شريعتي رحمه الله.
القسم بالعصر أو الزمن أو ربما بالإنسان (فكما يقول الحسن البصري أن الإنسان بضعة أيام)
فالإنسان في حد ذاته هو زمن ما ينقضي منه يستحيل تعويضه وحتى يخرج الزمن أو الإنسان من فئة الخاسرين ويتجنب الخسارة الحتمية المرتبطة بنفاذ جزء من الإنسان بكل شهيق يتنفسه عليه بطوق النجاة الأول وهو الإيمان، والإيمان يتطلب علم، فلابد من معرفة الوجود وفلسفته والوصول للموجود وإدراك المصير المحتوم، فالإيمان دون علم استحمار والعلم طريق الإيمان ، وعلم وإيمان يلزمهما عمل منضبط بالإيمان والذي يوصف بالعمل الصالح.
تلك النباهة الفردية المبنية على العمل الصالح المرتكز على إيمان بعلم هي أساس النباهة الاجتماعية التي تقوم على التواصي بالحق والتواصي بالصبر وعند كلمة التواصي وقفات ، إنها الرحمة والموعظة الحسنة، حمل النور بحب، التماس الأعذار لمن لم يرى النور، والصبر على العين حتى ترزق البصيرة فترى ما أفاض الله عليك من نوره، وليست أمرا ولا إجبارا ولا قهرا، ويبقى الصبر تاج على رؤوس الصابرين وسبيل العارفين في حمل النور من رب العالمين .
العلم ليس غاية في الإسلام بل الغاية تطبيقه وما يثمر عنه من إصلاح وحق.
إن النباهة الاجتماعية لابد أن تكون عن طريق فرد نابه، عالم مؤمن عامل، ومن هنا يتحول الفرد والمجتمع من حالة الخسران لحالة الفوز العظيم، والترتيب هنا له مغزاه، فلابد أن تعرف أولا وتعلم فتبني الإيمان على علم، ومن ثم تعمل وفق ما عرفت ثم تنتقل لتدعوا بما عرفت وعملت، ثم يكون الصبر على المعرفة والعمل والدعوة هو تاج تلك القواعد الأربعة للنجاة والتي تستثني سالكيها من الخسران، فما بين استهلاك الزمن الذي هو الإنسان في طريق الفناء وتحصيل الخسران وبين استثمار الزمن لمرحلة البقاء يدور الصراع السرمدي.
سيدنا علي يقول:
ركّب الملك من عقل بلا شهوة، وركّب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.
هذا هو الإنسان المخلوق الأول والذي يباهي خالقه بالطائع منه الملائكة لأنه يفوقهم قدرا بسموه مع عقله وشهوته.
الزمن وهو محل القسم هو البعد الرابع الذي اكتشفه أينشتاين فغير وجه العلوم بنظريته النسبية والتي أكدت أننا في الكون في حركة نسبية دائمة، حسب أينشتاين فإن سرعة النور أو الضوء هي السرعة المطلقة في الكون وأن سرعة أكبر منها تقود للتاريخ وبمساواتها يتوقف الزمن وبأقل منها يتراخى الزمن، فيكون التاريخ والحاضر والمستقبل شعاع من النور يسير بسرعته حاضرا دائما حتى موعد نهايته، وكل القضية هي النسبية في رؤيتك له ونسبتك من الزمن على هذا الشريط وهل استثمرت وجودك أم استهلكته؟
آخر آية في سورة العصر رسمت الطريق وحددت الملامح ورتبت الخطوات في إيجاز وإعجاز بليغ وعقدت التوازن بين الأنا الفردية والأنا الاجتماعية، وعالجت الخلل الذي ما زلنا نغوص في أوحاله سواء بالانعزال عن المجتمع وتقزيم الدين لعبادات فردية وتقوى زائفة، وتفريغ الرسالة من أي مضمون سوى حركات تعبدية جافة لا يواكب فيها العقل والقلب حركة الجسد، أو ترك النفس والانشغال بالمجتمع قضاة وجلادين دون سابق إيمان بعلم ولا سابقة عمل صالح، بدلا من أن نكون دعاة وتنوريين، متواصين بالحق والصبر بنور الله نور السموات والأرض.
العلم ليس غاية في الإسلام بل الغاية تطبيقه وما يثمر عنه من إصلاح وحق.
إن النباهة الاجتماعية لابد أن تكون عن طريق فرد نابه، عالم مؤمن عامل، ومن هنا يتحول الفرد والمجتمع من حالة الخسران لحالة الفوز العظيم، والترتيب هنا له مغزاه، فلابد أن تعرف أولا وتعلم فتبني الإيمان على علم، ومن ثم تعمل وفق ما عرفت ثم تنتقل لتدعوا بما عرفت وعملت، ثم يكون الصبر على المعرفة والعمل والدعوة هو تاج تلك القواعد الأربعة للنجاة والتي تستثني سالكيها من الخسران، فما بين استهلاك الزمن الذي هو الإنسان في طريق الفناء وتحصيل الخسران وبين استثمار الزمن لمرحلة البقاء يدور الصراع السرمدي.
سيدنا علي يقول:
ركّب الملك من عقل بلا شهوة، وركّب الحيوان من شهوة بلا عقل، وركّب الإنسان من كليهما، فإن سما عقله على شهوته أصبح فوق الملائكة، وإن سمت شهوته على عقله أصبح دون الحيوان.
هذا هو الإنسان المخلوق الأول والذي يباهي خالقه بالطائع منه الملائكة لأنه يفوقهم قدرا بسموه مع عقله وشهوته.
الزمن وهو محل القسم هو البعد الرابع الذي اكتشفه أينشتاين فغير وجه العلوم بنظريته النسبية والتي أكدت أننا في الكون في حركة نسبية دائمة، حسب أينشتاين فإن سرعة النور أو الضوء هي السرعة المطلقة في الكون وأن سرعة أكبر منها تقود للتاريخ وبمساواتها يتوقف الزمن وبأقل منها يتراخى الزمن، فيكون التاريخ والحاضر والمستقبل شعاع من النور يسير بسرعته حاضرا دائما حتى موعد نهايته، وكل القضية هي النسبية في رؤيتك له ونسبتك من الزمن على هذا الشريط وهل استثمرت وجودك أم استهلكته؟
آخر آية في سورة العصر رسمت الطريق وحددت الملامح ورتبت الخطوات في إيجاز وإعجاز بليغ وعقدت التوازن بين الأنا الفردية والأنا الاجتماعية، وعالجت الخلل الذي ما زلنا نغوص في أوحاله سواء بالانعزال عن المجتمع وتقزيم الدين لعبادات فردية وتقوى زائفة، وتفريغ الرسالة من أي مضمون سوى حركات تعبدية جافة لا يواكب فيها العقل والقلب حركة الجسد، أو ترك النفس والانشغال بالمجتمع قضاة وجلادين دون سابق إيمان بعلم ولا سابقة عمل صالح، بدلا من أن نكون دعاة وتنوريين، متواصين بالحق والصبر بنور الله نور السموات والأرض.
الخلاصة أن ميقات الزمن بيد كل إنسان يراقبه في ظل معضلة عدم معرفته بلحظة النهاية، والتي تجعل العاقل فيه يستثمر كل لحظة لا أن يستهلكها ليجمع الثروة التي تغنيه هناك حيث البقاء، فاللحظة التي تمر من المؤكد أنها لن تعود ومن المحتمل أن تكون الأخيرة. فهل يفلح الإنسان أن يكون من الذين آمنوا وعملوا الصالحات وتواصوا بالحق، وتواصوا بالصبر؟
رحم الله أمير الشعراء حيث قال :
دَقَّاتُ قلبِ المرءِ قائلة ٌ له إنَّ الحياة َ دقائقٌ وثواني
فارفع لنفسك بعدَ موتكَ ذكرها فالذكرُ للإنسان عُمرٌ ثاني
للمرءِ في الدنيا وجَمِّ شؤونها ما شاءَ منْ ريحٍ ومنْ خسران
فَهي الفضاءُ لراغبٍ مُتطلِّعٍ وهي المَضِيقُ لِمُؤثِرِ السُّلْوان
الناسُ غادٍ في الشقاءِ ورائحٌ يَشْقى له الرُّحَماءُ وهْوَ الهاني
اطلب بشكل مباشر نسختك الورقية من كتاب صلاة الإنسانية للكاتب عاطف عتمان عبر خدمة Bosta للتوصيل، والمتاحة في جميع أنحاء الجمهورية، والدفع عند الاستلام، من خلال هذا الرابط:
http://bit.ly/2uPwmXR
للاستفسارات يسعدنا تواصلك معنا على رقم خدمة العملاء: 01220222242
#كُتبنا
#الكتب_شغف_لا_ينتهي
ليست هناك تعليقات: