رسالة إلى ناجي العلي ..أنا حنظلة

8/9/2014

قم بربك يا ناجي فقد طال النوم والقوم سئموا خنوع الذل فقم وخبرني من قتل حنظلة ؟
هل ألقى عليك السلام أم الشالوم فأمنته حتى غدر بحنظلة ؟
قبروك حيا لما أوهموك بمقتل حنظلة، وكان السهم عبري أسود ذو حروف مبعثرة، تاهت حتى رأه البعض عربي ونسبوه زورا لعنترة.

قم يا ناجي وانفض عن كاهلك تراب السنين الغابرة، قم فقد أوهموك باغتيال حنظلة، فنمت كمدا على الطفولة المهدرة.
ونسيت أني الطفل حنظلة، لا أموت، ولا تقبرني السهام الغادرة
أنا حنظلة .
أنا العروبة البائسة ، أنا السجل الأسود للخيانة العاهرة، أنا بن العاشرة .
أنا حنظلة،لا أموت ولا تخترق ذاكرتي الشظايا ولا الأبخرة،
ولا تجري عليا السنن المعطلة، وعجلة الزمان عندي عاجزة
حتى تغادرني المرارة وأبقى حنظلة.

عندما تعود عجلة الزمان للدوران ، ويعود العدل الغائب للميدان وأعود يوما للوطن، وأعانق التاريخ المصلوب بحكم جائر مكذوب، وأكسر كل القيود وتفتح أمامي الحدود، وقتها أشيب كما تشيب الولدان، ويسري علي قانون الزمان المعطل غدرا بيد كل خائن وجبان .

قم يا ناجي أنا حنظلة، مرارة الحلق تلازمني، لأني حنظلة
قيود العجز تدميني وقضبان السجن تقصيني، لأني حنظلة.
أشواك الأرض تحصدني ، حافي القدمين تنهشني، لأني حنظلة.

غريب لاجيء وإن كنت في وطني، مطارد شارد الذهن، عدو يتربص بي وقريب مل مرارتي لأني حنظلة .

قم يا نائما في العلا ، فقيد العجز أدماني ، وأتعبتني السهام في المؤخرة، وأعياني قبح المؤخرات السافرة.

صمتي طال حتى نسيت الحرف، وتهت بين ضفاف الأبجدية المتناثرة، وسئمت النظر إلى الخريطة المحتلة، فقد تغيرت ملامحها يا بن العلي وأصبحت العروبة حائرة عاهرة، لكل التجار في الحانات بضاعة يبيعونها ليلا، وفي النهار جنائز النواح والنباح حاضرة .

جراح أمتنا مازلت نازفة من يوم النكبة والعين باكية، من خليج يعكر الفرس ماؤه، وبغداد تصرخ ودمشق باكية، وصنعاء تنتظر بلقيس لتعلمنا الرجولة الفانية، وأحفاد المختار صاروا عبيدا للباغية، وماتزال القدس تشكو الخيانة، وحدود كالقيود علينا صارت لداعش مرتعا.
وضياع للضياع في بلاد الضياع ، واستباحت كلاب الأرض أعراض عبس، بعد أن حكمنا أدعياء عنترة، وعنترة غائب يبحث عن النياق مهرا لعبلته، ولا يدرك أن عبلة وقعت في الأسر وصارت أمة، وهل تغني النياق عن الشرف يا عنترة ؟

لماذا أنت مغلق هاتفك، أم أن الشبكة عندك معطلة !!!
أدركنا يا عنترة، أدرك عبل قبل أن تحمل سفاحا مجبرة، ويصير لها ولدا من ذوات المؤخرات السافرة، ويضيع نسل العرب بعد أن تاهت حروفهم العاجزة .
أنا حنظلة ..
أنا عجلة الزمان المعطلة، أسود الشعر عصي على الشيب، أنا الطفولة المهدرة .
من مهد المسيح أنا من مسرى البشارة، من أرض الأنبياء من القدس الطاهرة .
ارتويت من الدماء الثائرة، وأرضي شاهدة لمريم الطاهرة، وغصون الزيتون كسيرة حالمة، و كنيسة المهد مازالت حبيسة والمسجد يقبع على الأنفاق يقاوم السقوط في الهاوية .

سأظل شاهدا مع صمتي، وسأظل صامدا مع عجزي، وستظل ريشتي صارخة على الأرض على الجدران خلف القضبان، على القبر سأظل أصرخ أنا حنظلة.

أنا مرارة الإنسانية وكرامتها المهدرة، سأظل عصيا على اللحد حتى أعود للمهد وتشيعيني الملايين المتلهفة، تكسر القيود وتعبر الحدود، ومن دماء قيدي تختم الجوازات، ومن بغداد تحمل تمر عزائي، ولحم وليمتي من السودان، وماء قهوتي من النيل وغسلي من الفرات، ومسك الحجاز للكفن، وطير أخضر من قرطاج ينعيني، وبلقيس في صنعاء تبكيني وحسان بيروت لاطمة، ومن القيروان لحطام المسجد الأموي لأزهر العز كلهم خلف إمام الأقصي يصلون، يصلون الصلاة الأخيرة على حنظلة، وكنيسة المهد تدق الأجراس والحجيج يبكون حنظلة.
وقتها فقط سأفقد مرارتي وتفقد يا ناجي حنظلة، وتسري علي قواعد الزمن وأموت قرير العين الباسمة.

سلام مني إليك يا ناجي العلي، سلام يا صوت الحق في زمان الخيانة العاهرة،

سلام يا بن العلا، وحتى يحين موعد عودتي سأبقي في حلوقهم حنظلة