غريبة هي الكلمة فمع ضعفها كحروف مرصوصة نطقا أو كتابة إلا أن الإيمان كلمة ، والكفر كلمة
الخير كلمة والشر كلمة ، المسك كلمة برائحة طيبة والكير كلمة بجوار خبيث
وللحرف معي حكاية فقلمي رفض كل أنواع الأحبار وأبى إلا مداد من دمي وسرعة التدفق مرتبطة بعلو وإنخفاض نبضات قلبي
حرفي لا يكتب إلا الحب لمداده ، ومداده دم من آدم وحواء فكان الإنسان قبلتي أكره ظلمه وعناده وكفره وجهالته ولا أكرهه ، صراعي مع قبح الفعل وليس مع الفاعل ومن المؤكد أن لنفسي من القبح نصيب وصراعي معه أولى .
كل حرف يستنزف قطرة من دمي فإن صار الحرف لبنة للبناء وغصنا في شجرة الحب كانت تلك القطرة تبرعا يعقبه تجددا
وإن ذهب الحرف سدى كانت تلك القطرة نزيفا وخطوة في طريق النهاية .
في زمن أفقد الإنسان الحروف عذريتها وتاجر بها في سوق النخاسة وجعلها عاهرة ، وسادت الفوضى وتصدر الجهلاء
، في زمن إخترق فيه التعليم فصرنا نعلم الجهالة وتحول الإعلام والفنون لفوضى هدامة تخرب ما تبقى من العقول في ظل إستمرار السقوط في الهاوية ، ربما يصيبك الإحباط وتكفر بالكلمات التي تاهت بين أصوات الرصاص تارة وعهر الحروف بفعل الإنسان تارة أخرى .
ربما تبدو الصورة قاتمة وكلمة الحب أسيرة وسط بحار الكراهية وهذا يدفع البعض لركوب الموجة وعرض حروفهم في سوق النخاسة تسليما بالأمر الواقع ومحاولة للتأقلم وحصاد عرق البغاء كغيرهم ، والبعض الآخر يصاب باليآس ويميل للعزلة وينتظر المسيح أو المهدي ليطهر الحروف ويحررها من الحانات ويكسر الكؤوس ويعلن راية العدل ،
أما المؤمن فهذا حالة خاصة فهو لا تعنيه النتائج بقدر ما يعنيه ملء كراسة الإمتحان بحروف عفيفة إنتظارا للتقييم النهائي ومع إيمانه بالمهدي أو المسيح أو كلاهما فهو لا يؤمن بالإنتظار السلبي بل يرفع راية الإصلاح في نفسه أولا ومن ثم دائرة تاثيره ، ولا تحبطه قتامة الصورة فهو على يقين من الحصاد وإن لم يكن من عمله إلا عذرا لمولاه فقد كفاه .
أيها الحرف النازف من دمي كف عن الأنين قد أتعبتني وإجعل كل كلمة منك حبا حتى يفيض المداد ولا ينفذ .
ليست هناك تعليقات: