تفسيرات
وتأوليات وإختلافات بين الفلاسفة حول النفس البشرية ، هل هي الروح ؟
هل تموت النفس ؟
هل النفس
أم الروح سبب كل الرذائل ؟
وبعيدا
عن جدليات الفلاسفة
عندما
يتحدث الله عن الروح يقول تعالى:
(وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ قُلِ الرُّوحُ مِنْ
أَمْرِ رَبِّي وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا) [الإسراء: 85].
فالروح
لا توسوس ولا تتعذب ولا تنتكس وليست محل الإبتلاء فهي من الله سباحنه وتعالي وإليه
وعندما يتحدث عن النفس يقول: (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ
الْمَوْتِ) [آل عمران: 185]
وهذا يعني أن النفس تذوق الموت ولكن الروح هي أمر
لا يعلمه إلا الله وتنسب إليه سبحانه فلا تموت ولا تنسب إليها النقائص
ونقف
عند الروح على أنها من أمر الله لأن الجدليات حولها لم تفضي إلى شيء ، وأن الله نفخ
في آدم من روحه وأسجد له الملائكة إلا إبليس أبى ، ومن هنا كان العداء بين آدم وذريته
وإبليس حتى قيام الساعة
ومن
هنا بدأ طرد إبليس من رحمة الله لما تكبر ، فكان الكبر الخطيئة التي أطاحت به من الرحمة
ونشأ الحقد على آدم وذريته وأقسم إبليس في
قوله
تعالى :
} قال
أرأيتك هذا الذي كرمت علي لئن أخرتن إلى يوم القيامة لأحتنكن ذريته إلا قليلا . }{الإسراء
:62 {
فالنفس
تقع بين قطبي مغناطيس كما شبهها أستاذي الراحل الدكتور مصطفى محمود رحمه الله ، قطب
الروح التي كلما إقتربت منه النفس حلقت في السماء وتهذبت سلوكياتها وإنضبط إيقاعها
والقطب الآخر هو الجسد الطيني والذي كلما جذب النفس إليه إنحدرت وكان سلطان إبليس عليها
عظيما .
وتظل
نفس الإنسان تكابد الصراع بين بين الروح والجسد وتلك حكمة الله من خلق الإنسان ليبتلى
في دار البلاء ، فتتمايز النفوس وتحقق كل نفس مكانها بنفسها بعد التجربة لتقتنع بحكم
الله فيها يوم ينصب ميزان العدل ، وقتها من يعمل مثقال ذرة يرى الخير ومن يعمل مثقال
ذرة يرى الشر .
وتكون
تزكية النفس هي مناط التكليف ومحل الإختبار
ونفس
وما سواها ( 7 ) فألهمها فجورها وتقواها ( 8 ) قد أفلح من زكاها ( 9 ) وقد خاب من دساها
( 10 ) )
سورة
الشمس
فالنفس
البشرية هي من تذوق الموت وهي من تبتلى وتعاني وتحاسب وتكسب الخير وتكتسب الشر
إن مناط
التكليف العقل وعماده حرية الإختيار فإن كان الله بعلمه المحيط يعلم مصير كل نفس إلا
أنه جعلها حرة الإختيار حتى تكتشف حقيقة نفسها بنفسها وتقيم على نفسها الحجة
فالدنيا
هي رحلة معرفة الإنسان نفسه بنفسه .
وإن
كان الله عز وجل قد قبض قبضة من تراب الأرض جميعه فكان منها جسد آدم ومن بعده ذريته
وكان الطين منه في الطيب والخبيث والخصب والجدب والأبيض والأصفر والأسود ، فتنوعت أنفس
بني آدم وتنوع لونه ومعدنه كتنوع أصله من التراب
وكما
قال النبي أن الناس معادن خيرهم في الجاهلية خيرهم في الإسلام فلم ينفي عليه الصلاة
والسلام نبل معدن غير المسلم والذي إن هداه الله للإسلام زاد نقاء على نقاء وقاد رحلة
العبور وفق مراد الله ووفق ما جاء به الأنبياء والمرسلين من آدم حتى خاتمهم محمد صل
الله عليه وسلم وفق ما نعتقد نحن المسلمين على الأقل ، فلا نفرق في الإعتقاد بين أحد
من رسله ، وسنظل بني آدم نكابد عناء تزكية النفس وحرب الشيطان وتتمايز أنفسنا إقترابا
من الأنفس المطمئنة التي ألفت جوار الروح والأنفس اللوامة التي تعاني السقوط والكبوات
ولا تستسلم لها والأنفس المنغمسة في اللهو والتي ألفت جوار الطين وغاصت في الوحل ونظل
هكذا حتى نهاية الرحلة الفردية ونهاية الرحلة الدنياوية لينصب ميزان العدل عند الله
فيفصل الله بين العباد وتشهد الأعضاء على أنفسها وترتقي كل نفس إلى مكانها التي إختارته
صعودا وهبوطا ويحق قول الله ، قد أفلح من زكاها وقد خاب من دساها .
ليست هناك تعليقات: