مساحة إعلانية

د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ...من أين جاء العبد الأول ؟

عاطف عبدالعزيز عتمان مايو 13, 2015


من أين جاء العبد الأول والأصل أن البطن واحدة ؟
أزمة تلو أزمة ونفس عقلية التعامل العربية من فوران ثم لا شيء ، نتعامل بأسلوب رد الفعل ، ونمتص الفورة ثم نعود لمواصلة السقوط .
 أزمة تصريح وزير العدل وهو تصريح كاشف وليس منشيء  للحقيقة ، فالكل يعلم أن الفساد في بلادنا أصبح القاعدة وأن الوظائف وخاصة السيادية خاضعة للطبقية والوسائط والرشاوي ، وبكل تأكيد إقالة وزير العدل أو إستقالته أمر إيجابي فتصريح الرجل وإن عبر عن الواقع لكنه إصطدم بالدستور والقيم الإنسانية ، ولكن يحسب للرجل أنه لم يكذب ولو كذب لنجى في أمة نفى نبيها عن أتباعه الكذب وإن بخلوا أو جبنوا !!

تمت الخطوة السهلة وإستقال الوزير فهل حلت المشكلة وهل إنتهت الأزمة وهل أخذ أبناء الصعاليك حقوقهم ؟
تعرض الوزير لحرب شرسة وأصبح مادة لمدعي الفضيلة وناصري الفقراء والغيارى على الدستور وحقوق الإنسان وإختزلت الأزمة في شخص عبر بصدق عن الواقع مع خطأ ما ذهب إليه ومع  ضرورة أن ينحى كل أصحاب هذا المنطق عن المسؤولية .
تلك الأزمة سلطت الضوء على سلاح الإعلام وخاصة السوشيال ميديا ومدى تأثيرها ومقدرتها على تحريك الرواكد ، وهنا نقف عند خطورة هذا السلاح ذو الحدين والغير خاضع لأي نظام أو ضوابط ، كيف تجابه أي دولة خطورة هذا السلاح والذي من الممكن أن يستخدم بتعمد أو بجهل لتدمير دول وإختراق جبهاتها الداخلية وخاصة أثناء الحروب ؟ 
تلك معضلة كبري وتحتاج لعقليات مختلفة لإدارة هذا الملف الخطير وتلك مسؤولية الدولة .
نعود لأصل المشكلة والذي يتجاوز قضية التمييز في الوظائف إلى أزمة إجتماعية وثقافية تجاه حرف معينة ، فبعيدا عن الطبقية لو تصورنا خناقة بين زوجة نجار وزوجة زبال في أحد أحيائنا الشعبية لوجدنا نظرة تعالي مع أن الطبقة الإجتماعية واحدة تقريبا !!!!
ولو عدنا لطبيعة المجتمعات وأزمة الطبقية لوجدناها مشكلة حقيقية في السلوك والثقافة وربما أعتى المنظرين للمساواة عندما يتعلق الأمر به يتحول لطبقي فاحش .
القضية أكبر من دولة أو مرحلة فالقضية متجذرة منذ خلق الإنسان ومحاولة إستعباد بعض البشر البعض الآخر والتحكم بمصائرهم وإحتكار بعض بني آدم البعض مع وحدة البطن والأصل ، فمن أين جاء العبد الأول والأصل أن البطن واحدة ؟

وقالوا لولا نزل هذا القرآن على رجل من القريتين عظيم }


كان هذا هو منطق النظر لهذا اليتيم راعي الغنم الفقير مع الإقرار بشرفه ونسبه وخلقه ومكارم أخلاقه ، وكانت هذه هي حقيقة دعوة الإسلام الغائبة عن معظم الوعاظ والدعاة وهي تحرير الإنسان من كل القيود العرقية والإجتماعية فكانت كل نفس بما كسبت رهينة وتحول بلال من عبد حبشي لسيدا بنفسه وتزكيته إياها ، وصار سلمان الذي أذاب الفارسية في الإسلام ليتحول نسبه لآل البيت ، ووجد زيد بن حارثة شمس تلك الحرية ففضل العيش فيها عن عصبيته وقبيلته فيأتي يوم يكسر أسامة قيد السن ويتولى الراية ،  ويكون عمار بن ياسر الضعيف بن الضعفاء علامة في التفريق بين فئة الحق والفئة الباغية ، ويفهم العربي ذلك فيخاطب كسرى إن الله إبتعثنا لنحرر العباد من عبادة العباد لعبادة رب العباد .
إنها الحرية والعدل والمساواة وجعل نفس الإنسان وعلمه وتصرفاته وحكمته هم الحكم ، وتحريره من كل القيود التي لا دخل له بها ولا إختيار له فيها ، فلا لونه ولا عرقه ولا لسانه ولا بيئته الإجتماعية ولا فقره هم من يحددون مكانه بل إن أكرمكم عن الله أتقاكم .
إن الحرية والتحرير والعدالة والمساواة وكرامة الإنسان وإمتلاكه هو بنفسه تحديد هويته ومكانه ومكانته هذا هو الإسلام الذي أعرفه وهذا هو الإنسان الذي أسعى إليه ، إن السجن الحقيقي هو سجن داخل قيود النفس وظلمها وظلماتها وأختم بكلمات لمحمود درويش رحمه الله عن الحرية 
مساءٌ صغيرٌ على قريةٍ مُهمَلهْ
وعينان نائمتانْ
أعود ثلاثين عاماً
وخمسَ حروب
وأشهد أن الزمانْ
يخبئ لي سنبله
يغنّي المغنّي
عن النار والغرباء
وكان المساء مساء
وكان المغّني يُغَنّي
ويستجوبونه :
لماذا تغّني
يردُّ عليهم :
لأنُي أُغنّي
وقد فتَّشوا صدرَهُ
فلم يجدوا غير قلبهْ
وقد فتشوا قلبَهُ
فلم يجدوا غير شعبهْ
وقد فتَّشوا صوتَهُ
فلم يجدوا غير حزنهْ
وقد فتَّشوا حزنَهُ
فلم يجدوا غير سجنهْ
وقد فتَّشوا سجنَهْ
فلم يجدوا غير أنفسهم في القيود


مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام