مساحة إعلانية

د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ..ليلة بكى فيها الفرعون وغاب القمر..من أريام أفكاري

عاطف عبدالعزيز عتمان أبريل 10, 2015




فى ليلة بكى فيها الفرعون وغاب القمر 
يوم خريفي تتخلله أجواء خماسينية ربيعية فى غير موعدها متحدية لغة الأرصاد ورامية بالتوقعات فى سلة التاريخ ...
يوم تعرت فى الأشجار من كل ستر وتساقطت الأقنعة المزيفة  مع تساقط الأوراق ولم يلمح من الربيع غير أتربته الخماسينية  التي تسبب الرمد وتثير أزمات ربوية
يوم كله غيامات حجبت نور الشمس فى النهار وتنذر بليلة ليلاء...
وفرد الظلام أجنحته وغطى جنبات النفوس والأوطان ..
ليلة بكى فيها الفرعون ...
فغاب القمر ...ليلة ليلاء سوادها أظلم من ظلمات النفوس ..ظلمات تسكن ظلمات وتأنس بأنين المظلومين ...
ليلة بكى فيها الفرعون وهو من جرت الأنهار من تحته وشيد القصور وأقام حضارة تناطح النجوم فى السماء وتغازل الكواكب ...
غاب القمر فى غير موعد الغياب ..
أتراه إحتجب حتى لا تتدفق  عبراته فيجرح كبرياء النجوم وتعايره الأقمار ..
ليلة سقطت فيها الأندلس من جديد بتآمر الأندلسيين على أنفسهم ...
ليلة ليلاء ...
قسمت قلوب العرب من جديد فصارت أشتاتا وأشكالا.. قلوب جوفاء لا زرع فيها ولا ماء فقد أصبحت كفورًا بورًا ...
ليلة انتحر فيها الحب معدوما بحبال الغدر وبكته الإنسانية دما ولم تكن تدرى أنها تبكى نفسها وأنها تنتهى  بضياع الحب وموت العاشقين  ....
ليلة لم يهدأ فيها صهيل الخيل العربي ولا عويله وصام قلبه عن النبض وراودت عينيه غيامات الحزن وكست سماءه سحائب الهم فأمطرته حتى أعلن صيام الدهر عن مائها وإن هلك عطشانا فما كان الملح يوما للظمآن عنوانا .
ليلة جفت فيها مراعي تونس الخضراء وتاهت إبل السودان فى الفلاة  وصرخ قصر الرشيد فى بغداد وأظلمت قاهرة المعز وبكت  وعلا النحيب...
ووقف الفرعون على أبواب الأندلس يبكى على الأطلال ويناجى الأميرة ..
وهى من أغضبته ..أهانته باعته فى سوق الدرهم والدينار وحولته لعبد فى سوق الجوارى والعبيد مثواه .
ولكنه داء العشق ..
جثى على ركبتيه متوسلا ..إني أحبك مولاتي فلا تتركيني فتقتليني ..
وراح يستعطف قلبها بالأيام الخوالي ومعسول الكلمات وحلو التنهيدات وتناسى غدر أمسه ومرارته  وخداع النظرات ولهيب العبرات...
نظرت من برجها العاجي....!
ومن حولها حراب الحراس وسهام الرماة مشدودة على الأوتار وقد نفذ صبر الأوتار وأوشكت السهام أن تهرول إليه لتعانق قلبه العناق الأخير...
 وأمطرته بزمهرير أحرق الوجنتين من سخونة العبرات...
أفق من الوهم أيها السكران ..
ما أنت إلا دمية أخذت وقتها وصرت باليا فانيا ...
خرس اللسان وجف نهر الدمع وقطرت الدم العينان ..تصلبت اليدان وخارت قوى القدمين وشهق شهقة فاضت فيها روحه وهى تئن وتشكو للرحمن غدر الأحبة وهجر الندمان..
وكانت هى الليلة الليلاء .....ليلة بكى فيها الفرعون وغاب القمر


مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام