<إني رأيت أن أجعل ذلك في أكباد جائعة فإنها أولى بذلك من البيت >
كان هذا رد عمر بن عبدالعزيز حفيد الفاروق عندما جاءه طلب من سدنة الكعبة بكسوة جديدة كما جرت العادة مع من سبقه من الخلفاء .
إنها جملة بليغة في قمة البلاغة تختصر بين حروفها حقيقة الإسلام من وجهة نظري وهي سلامة الأكباد .
عمر حفيد عمر الذي كان عهده عودة للخلافة الراشدة ، وبزوغ لنور الإسلام كدين بعد أن اختفى ، وطغت عليه الدولة وحوله الخلفاء الأمويين من دين ودعوة لإمبراطورية ودولة لا تختلف عن سابقيها إلا في مظاهر ، ظاهرها التقوى وباطنها الضلال.
عمر رأى أن الكبد الجائع والذي لم يحدد عقيدته ، ولا قوميته ولا لونه أولى من تزيين أقدس مقدسات المسلمين ، في وقت سبقه خلفاء أخفوا مخازيهم ومظالمهم خلف مساجد ضخمة ، ومزينة بالذهب والفضة وأنفقوا الأموال الطائلة لأنهم جهلوا حقيقة رسالة الإسلام ،وسيطرت عليهم طبيعتهم البدوية ؛ فكانت كسراوية وملك وليست دعوة ورسالة .
رجع عمر لحقيقة مفهوم الإسلام ودعوته فأعلى قيمة الإنسان عن قيمة الحجر ولو كان قدس الأقداس ، حمل الرسالة فقامت دولة العدل دون الحجاج ، وأسلافه أقاموا الدولة على سيف حجاجهم.
عامان من الزمان في عدل عمر عاد للأرض السلم و الأمان بعد عودة الإيمان ؛ ولكن الشر لم يتسع لعدل عمر وضاق به صدره فرحل عمر ومعه عدله وصحيح فهمه للإسلام ،غدر به أبو لؤلؤة من نوع آخر .
نعود لواقعنا اليوم في أمة أكل المرض والفقر أكبادها وأكل الجهل عقولها وأكلت أموالها بينها الباطل، نهب حكامها أموال شعوبها
وأكل الناس أموال بعضهم البعض ، وامتلأت الكعبة بالحجيج والمعتمرين ، وأنفقت الأموال على القصور والحفلات بل أصبحت هناك القبور الفايف ستارز !!!
وبعيدا عن حج الفريضة ، فهناك كثر أدمنوا الرشوة وأكل المواريث وهضم الحقوق وهربوا للكعبة ربما بعضهم سنويا ينفقون الأموال ويتسوقون ويظنون هذا مهرب للتحلل من خطاياهم ، ولن أتكلم عن النوايا فهي لله ، ولكن أتكلم عن أكباد جائعة تكفيها فضلات طعام الأغنياء لو وصلتهم ، وأكبادهم أولى من الكعبة .
أتكلم عن أكباد أنهكها الفيروس ، وكلى فشلت من سوء حالة الماء.
أتكلم عن مساكين لا تكفيهم دخولهم ، ويعفون أن يسألون الناس إلحافا ، وعن مرضى ينهش المرض أجسادهم ولا يجدون ثمن العلاج ، وعن جهلة لا يجدون من ينير ظلمات عقولهم ، وعن من تطحنهم الحياة حتي يعملون فوق14ساعة حتى يجدون الكفاف.
أتكلم عن عقم رجال الدين بعدما أضحي أطباء الأرواح هم الفشلة أو من لم يجدون مكان لهم ؛ فرماهم القدر على علوم الدين ؛
فبلينا برجال دين لو جاز التعبير، إما متطرفين متعصبين أو عقولهم قاصرة عن فهم الدين فهم الأنبياء والراشدين لا يهتمون إلا بتوافه الأمور ، وبعضهم يعمل سمسار لدى شركات السياحة فكيف يحثون الناس على الاعتمار إلى الأكباد الجائعة والمريضة ، وليس من ورائها عمولة !
كم ينفق على كسوة الكعبة وتطيبها بأجود العطور من أموال المسلمين الجياع ؟
وكم ينفق المسلمين على زيارة الكعبة بعد الفريضة ؟
وكم من سفه وترف بجوار جوع وحرمان ؟
وكم من فقيه وقف للحكام والمحكومين ينتصر لحقوق الأكباد الجائعة ؟
خفف الله علينا وجعل لنا الأرض مسجدا فبالغ أثرياؤنا وحكامنا بالبهرجة على المساجد بدلا من المدارس والمستشفيات ظنا منهم أن ذلك يجبر عورات حكمهم وظلمهم ، ولما لا وهناك المداحون ولاعقي فضلات موائدهم يمجدون إسرافهم ، ويمنحونهم صكوك التقوي والمغفرة .
سؤال أطرحه على المعممين هل يجوز اعتمار المعتمرين إلى الكعبة والأكباد منفطرة ؟
وهل يجوز للحكام البهرجة بأموال الأكباد الجائعة على المساجد والمباني والقصور حتى ولو على الكعبة ؟
من يسرف من حر ماله الخاص حتى لو كان إسرافه زيارة للكعبة ربما يقع في خطيئة الإسراف أما من يسرف من أموال منهوبة أو أموال العامة على الملذات ولو علي الكعبة فتلك خطيئة الخطايا وإثم الآثام
مادام هناك بزخ وغنى فاحش بجوار فقر مدقع وأكباد مريضة جائعة فالحريق قادم في الدنيا قبل نار تلظى فى الآخرة ، وبلادنا منهكة ليست بحمل فورات ولا ثورات لأن التكلفة ستكون باهظة ولعقود .
أما هؤلاء الطيبين الذين يدخرون ويذهبون للكعبة من حر مالهم يرغبون في رضى الله ، يا ترى أي الطريقين يرضاه الله ورسوله العمرة للأكباد الجائعة أم تكرار الحج والعمرة للكعبة ؟
رضي الله عن العمرين ومن سار على نهجهما إلى يوم الدين
ليست هناك تعليقات: