مساحة إعلانية

شمس الحرية تنشر...محاذير حول مشروع منخفض القطارة

عاطف عبدالعزيز عتمان مايو 01, 2013

نقلا عن ...المجلة العلمية أهرام 

محاذير حول مشروع منخفض القطارة

نشرت بواسطة دكتور مهندس إستشاري ابراهيم علي العسيري في 2013/5/1 
  • دكتور  ابراهيم علي العسيري
دكتور ابراهيم علي العسيري
كتب : دكتور مهندس إستشاري ابراهيم علي العسيري
نشر مؤخرا بجريدة الأهرام علي لسان عضو بمجلس الشورى، أن مشروع قانون الصكوك سيساعد فى تنفيذ عدد كبير من المشروعات الاستثمارية فى البلاد، مثل مشروع منخفض القطارة، وجميع المشروعات العملاقة. ومشروع منخفض القطارة يعتمد علي منخفض القطارة وهو عبارة عن منخفض ضخم بمحافظة مطروح يصل أقصي انخفاض له إلي 134 متر تحت سطح البحر ويبدأ المنخفـض من جنوب العلمين (بالقرب من مارينا) علي مسافة حوالي 100 كيلو متر تقريبا. تبلغ مساحة المنخفض حوالي 20 ألف كيلو متر مربع ويبلغ أقصي طول له حوالي 300 كيلو متر وأقصي عرض له حوالي 80 كيلو متر مربع. وبدأت فكرة المشروع منذ حوالي المائة عام بواسطة استاذ ألماني يدعي هانز بنك في جامعة برلين ثم بواسطة استاذ انجليزي يدعي جون بول الذي نشر دراسة عنه عام 1931 . ويقع المشروع بالقرب من مدينة العلمين عند مارينا ويتلخص في شق قناة بطول 75 كيلو متر مربع تندفع فيه مياه البحر الأبيض المتوسط إلي المنخفض الهائل وتتكون بذلك بحيرة صناعية من ماء البحر تزيد مساحتها عن 12 ألف كيلو متر مربع. ويزعم عضو مجلس الشوري أن من شدة اندفاع المياه يمكن توفير طاقة كهربية تغنينا عن العديد من المحطات النووية كما يمكن استغلال البحيرة في إنتاج السمك والملح بالإضافة إلي أن التغيرات المناخية قد تساعد علي نزول الأمطار وزراعة الأراضي هذا خلاف توفير مشروعات سياحية ومدن سكنية بالمنطقة. حاز هذا المشروع بتأييد العديد من السياسيين والعلماء والمهندسين ولكن في ذات الوقت عارضه العديد من العلماء والمتخصصين (ومنهم الدكتور فاروق الباز الجيولوجي العالمي المعروف)

وبهذا الصدد أطرح عدة تساؤلات حول المشروع أود أن أجد لها أجابة من هؤلاء الذين يزعمون بأهمية هذا المشروع في التنمية رغم أنه تكلفته تتعدي عشرات المليارات من الجنيهات والتي أعتقد أنه من الأفضل ترشيد استخدامها فيما هو أجدي وأنفع:
1- هل تم تحديث الجدوي الإقتصادية للمشروع للحكم علميا واقتصاديا علي مدي جدواه؟.
2- هل تم تقدير تكاليف حفر القناة والتي يبلغ طولها أكثر من 75 كيلومتر وخاصة أن جيولوجيا المنطقة صخرية (حجر جيري في أغلبها)؟ وكيف سيتم تخصيص ملكية الأراضي التي تمر بها القناة وتقع بها البحيرة وتعويض أهلها؟
3- كيف ستؤثر القناة والتي يبلغ عرضها من 136-256 متر علي تأمين الصحراء الغربيـة وخاصة أنها ستقسم الصحراء إلي قسمين؟
4- ما تأثير البحيرة الصناعية علي توازنات الطبقات الجيولوجية وعلي إستحداث الزلازل في المنطقة وخاصة أن مساحة البحيرة تزيد عن 12 ألف كيلو متر مربع (أي 12 مليار متر مربع).
5- ما تأثير هذه البحيرة الصناعية الضخمة من المياه المالحة علي مخزون المياة الجوفية وزراعات المنطقة؟ وخاصة أن الخرائط الحديثة (علي حد قول عالم الجيولوجيا الأستاذ الدكتور محمود زغلول) تثبت وجود شقوق في قاع المنخفض وصورتها بالفعل طائرات الأواكس الأمريكية والأقمار الصناعية. كما نشر مؤخرا بجريدة الأهرام علي لسان وزير الموارد المائية والري، أن أجهزة الوزارة اكتشفت منطقة واعدة على خريطة الجمهورية قابلة للتنمية الزراعية وتتوافر بها إمكانيات مياه جوفية تكفى لتحقيق تنمية مستدامة فى مساحة يصل إجماليها إلى 250 ألف فدان بمنطقة جنوب وجنوب شرق منخفض القطارة كما صرح الدكتور هشام قنديل عندما كان وزيرا للموارد المائية والري أن الوزارة تقوم بتنفيذ دراسة متكاملة في نطاق منخفض القطارة، وذلك بهدف تقييم المخزون المائي الجوفي بالمنطقة ومدى الاستفادة منها في تحقيق تنمية زراعية من خلال استصلاح وزراعة نحو 250 ألف فدان وأعلنت وزارة الزراعة واستصلاح الأراضى بالفعل عن طرح 60 ألف فدان للشركات والجمعيات والأفراد، بجنوب شرق منخفض القطارة، بعد التنسيق مع وزارات "الدفاع" و"الرى والموارد البيئية" و"البيئة" بجانب المركز الوطنى لاستخدامات أراضى الدولة..
6- هل تم التأكد من عدم وجود آثار تاريخية في المنطقـة التي سيتم حفر القناة بها وكـذلك منطقة المنخفــض التي ستغمــرها المياة المالـحة؟
7- هل تم مقارنة العائد (مقابل تكلفة المشروع) من استغلال البحيرة الصناعية في تنمية الثروة السمكية بالعائد الذي يمكن الحصول عليه في حال الإهتمام بالصيد في البحر المتوسط ووالبحر الأحمر وكذلك تنمية الثروة السمكية في بحيرات البردويل والمنزلة والبرلس ومريوط بالإضافة إلي بحيرة ناصر والتي تبلغ مساحتها وحدها حوالي 6000 كيلومتر مربع؟ وأين تفعيل مشروعات تنمية الثروة السمكية في هذه البحيرات ومشروعات الصناعات المعتمدة عليها من مصانع تعليب الأسماك وصناعة الأعلاف وخلافه؟ هل من الإنصاف تجفيف البحيرات الحالية ثم البحث عن بديل عنها تماما كما يتم تبوير الأراضي الزراعية بالدلتا والبحث عن بديل عنها بالصحراء؟
8- هل تم دراسة تكاليف إزالة الألغام التي زرعت في المنطقة أثناء الحرب العالمية الثانية؟
9- أثير أن هذا المشروع سيفيد في إنتاج الكهرباء.بما يعادل ثلاث مرات قدرة السد العالي (أي ما يعادل 6300 ميجاوات كهربي) والسؤال علي أي أساس تم حساب حجم هذه القدرة الكهربية والذي تؤكد كل الدراسات عدم صحته. وماالحال عندما يتساوي مستوي الماء في المنخفض بمستواه في البحر المتوسط ويكون تدفق الماء ناجم فقط عن تعويض البخر بالبحيرة؟ تقول الدراسات أن الكهرباء المولدة في هذه الحالة تقل عن 600 ميجاوات كهرباء. فهل تم دراسة الجدوي من توليد الكهرباء بهذا الحجم الضئيل من المشروع؟
10- أثير أن هذا المشروع سيفيد في إنتاج الملح في حين أن المجلس التصديري للصناعات التعدينية أكد وجود ثروة من الملح الصخري الطبيعي في منخفض القطارة وواحة سيوة تزيد علي 15 مليار طن من ملح كريستال ونشر عن الدكتور عبد العال حسن عطية مساعد رئيس هيئة التنمية الصناعية في المشروعات التعدينية تصريحه بأن هذه الكمية من الملح جاهزة للبيع المباشر ويمكن أن توفر للدولة مايقرب من 900 مليار دولار تكفي لسداد مديونيات مصر حتي 10 سنوات.
11- يقول أحد الخبراء الجيولوجيين في مصر أنه إذا لم تكن هناك أي جدوي من المشروع فيكفي أنه سيحمي الدلتا من خطرالغرق حيث أنه سيسحب من 25-30 مليار متر مكعب من البحر المتوسط. والسؤال كيف سيحمي ذلك الدلتا من خطر الغرق وهل سينخفض مستوي سطح البحر المتوسط نتيجة هذا السحب؟ ومع ذلك فقد أشار عالم البحار الأستاذ الدكتور/ إبراهيم معيزة، أستاذ الطبيعة البحرية بالمعهد القومي لعلوم البحار بالأسكندرية والذي يشغل منصب عضو اللجنة العالمية للتنبوءات الجوية والحـد من تأثير موجات التسونامي، أن شائعة غرق الدلتا ترجع إلي فترة الثمانينات حيث أكد بعض المجتهدين في المجال البحري أنه مع حلول عام 2000 ستختفي تماما منطقة الدلتا من خريطة العالم وهو ما لم يحدث حتى الآن ويحذر العالم المصري وسائل الإعلام من الإسهاب في الإشاعات واستقطاب ضيوف غير متخصصين في علوم البحار للحديث في هذه المواضيع.
وهنا نشير إلي قول المهندس المدني أيمن الٌقاضي أن إطلاق المياه في مسافة قدرها 72كيلومتر تجري أولا في ترعة مكشوفة عرضها 50 متر ثم في أنفاق حتى تصل إلى حافة الغور (أو المنخض) حيث تمر إلى التوربينات لتوليد الكهرباء منها وإذا حددنا مقدار السقوط 50 مترا فإنه من الممكن توليد قوى كهربائية قدرها 300 ميجاوات ، كما يقول "أن الترعة المكشوفة حسب الخريطة الكنتورية طولها حوالي 7ك وباقي المسافة بطول أكثر من 50 كيلومتر في أرض تتصاعد تدريجيا حتى ارتفاع 200 متر عند حافة الغور أي هي مسافة الأنفاق أو المواسير لمسافة أكثر من 50 كيلومتر وبقطر 20 متر أي بقطر نفق الأزهر وتكلفته قد تصل إلي 270 مليار جنيه بأسعار اليوم بالإضافة إلي المشاكل في صيانة الأنفاق لأن فوقها جبل متدرج الارتفاع حتى 200 متر وليست كنفق الأزهر يتم صيانتها من السلالم الجانبية لمستوى الشارع وبطول 2 كيلومتر فقط لأن الطول هنا يتعدي 50كيلومتر.فمن يستطيع صيانتها؟ وكل هذا لنولد 300 ميجاوات وفترة زمنية لتنفيذ النفق لن تقل عن الفترة الزمنية التي أنشأنا فيها مترو الأنفاق من بدايته حتى الآن" ويستند المهندس أيمن الٌقاضي في.قوله إلي المرجع "الخطوط العريضة في كهربة مصر" للدكتور عبدالعزيز أحمد بالاشتراك مع هيئة اليونسكو عام 1955 والدكتور عبدالعزيز أحمد كان يشغل في هذه الفترة منصب عميد كلية هندسة الجيزة ومدير عام مصلحة الميكانيكا والكهرباء ووكيل وزارة الأشغال العمومية والمشرف على كهربة خزان أسوان والمملكة الليبية.
كما يجدر الإشارة إلي حوار نشر بجريدة الأهرام في 11 إبريل مع الدكتور بهي الدين عيسوي وهو أحد كبار العلماء والخبراء في مجال الجيولوجيا علي مستوي العالم‏،‏ وهو أحد السابحين ضد التيار‏..‏ في الستينيات وفي غمرة الدعاية لمشروع توشكي وقف رافضا المشروع ومحذرا من الفشل الذريع الذي ينتظره‏،‏ والآن يقف الدكتور عيسوي وقفة مماثلة ضد مشروع منخفض القطارة الذي يري فيه البعض وسيلة لا غني عنها لتوليد الكهرباء.. حيث يقول " أنادي الآن أيضا لمنع تكرار تجربة مشروع توشكي الفاشل بالمشروع الوهمي في منخفض القطارة لجر مياه البحر لمسافة 50 كم واهالتها ـ كشلالات ـ في المنخفض لتوليد الكهرباء، لان ذلك مصيبة وقد سبق رفضه مرتين، والمصيبة أنه قد يكلف الدولة ما لا يقل عن 51 مليار جنيه. فقد تم رفض مشروع منخفض القطارة بناءا علي دراسات علمية حقيقية ومتأنية، الأولي عام 1927 وقام بها المهندس الانجليزي (جون بول) وكان رئيسا لهيئة المساحة حيث توجه بنفسه الي المنطقة وهناك تأكد أن منخفض القطارة أقل نقطة انخفاضا في قارة إفريقيا (134 مترا تحت سطح البحر)، في منطقة مساحتها 18 ألف كم (أقل قليلا من مساحة الدلتا)، وقتها فكر في الاستفادة منها بإيصال مياه البحر المتوسط إليها وإسقاطها فيه لتوليد الكهرباء، وسجل ذلك في دراسة كبيرة ولكن بعد آخر سطر فيها وضع نقطتين وكتب.. واحسرتاه.. لأن المياه المالحة لو دخلت الي المنخفض لتسربت الي أسفل منطقة الدلتا، وهو ما سيؤدي الي تمليحها. ربما بعد أعوام قليلة عشرة أو عشرين سنة، وهذه ليست المعضلة ولكن المأساة أنها بالتأكيد ستملح التربة فهل نفرح بإنجاز مشروع أمامنا وبعد سنوات نقضي علي الزراعة في الدلتا كلها. ولقد أعيدت الفكرة الآن ربما لإيجاد حل ما سياسي أو اقتصادي وأعتقد (والحديث مايزال علي لسان الدكتور بهي الدين عيسوي) أن الدكتور خالد عودة صاحبها لم يقرأ هذه الدراسات لأننا لا نشك في وطنيته وسمو أهدافه لخدمة البلاد، ولكن لايجوز أن تستخدم كما استخدم مشروع توشكى الذي كان وبالا على مصر" وعن رأيه في طرح الدكتور خالد عودة عن عدم مناسبة أرض الضبعة للمشروع النووي صرح بأن ـ نفي الدكتور عودة صلاحية المنطقة وأرضها لإقامة المفاعل النووي غير مبرر وغير علمي.وقوله عن ضعف وتفكك التربة وهشاشتها غير صحيح فالتربة هناك غير هشة وغير مفككة، وحتي لو افترضنا من باب الجدل ذلك، فإذا كنا قد أقمنا كوبري في النيل أعمدته الحاملة كأساس دقت في قاعه وكذلك أقام السعوديون كوبري الملك فهد في الخليج العربي لمسافة 21 كم تقريبا يربطها بالبحرين، وأقام الخليجيون أطول الأبراج في العالم علي شاطئ الخليج وأقام الفرنسيون مع الانجليز نفق المانش.. فهل تعجز تربة الضبعة عن تحمل المفاعل!!"

وهنا أطرح سؤالا أخيرا أليس المشروع النووي المصري لإنتاج الكهرباء وتحلية المياه أكثر جدوي في توفير احتياجات التنمية الأقتصادية والاجتماعية في ظل نضوب مصادر الطاقة التقليدية فضلا عن أهميته في تطوير ورفع جودة الصناعة المحلية وإدخال صناعات جديدة بالإضافة إلي أهمية تنفيذه من أجل تنويع مصادر إنتاج الطاقة الكهربية وفي استثمار تصديقنا علي اتفاقية حظر انتشار الأسلحة النووية وفي امتلاك سلاح المعرفة التكنولوجية وحرصا منا علي الحد من تسرب الكوادر الفنية المدربة وخاصة أن هذا المشروع النووي سيغطي تكاليفه في أقل من خمس سنوات فقط من الوفورات التي يحققها من فارق تكلفة الوقود النووي عن تكلفة الغاز الطبيعي والبترول كما أنه لن يضيف أعباءا مالية علي الدولة في تمويله حيث أن مواصفات المحطة النووية تنص علي قيام المورد بتوفير عروض تمويلية تغطي 85% من المكون الأجنبي و 15% من المكون المحلي لتكاليف المشروع وكذلك تنص علي ضرورة مساهمة الصناعة المحلية بنسبة 20% في مكونات المحطة النووية كحد أدني ويزاد هذا الحد الأدني في المحطات النووية التالية.

هذه المعلومات والتساؤلات أطرحها علي المتخصصين في الكهرباء والطاقة وفي السياحة والثروة السمكية والزلازل والمياه الجوفية والآثار والبترول وفي الأرصاد والتنبوءات المناخية، كل في مجاله، لعلهم يدلون بدلوهم ويردون عليها علميا وفنيا حتي يتم التأكد بكل شفافية وموضوعية بأن مشروع منخفض القطارة لايحمل الخير لمصر بل سيغرقها في المزيد من الديون ويلهيها عن مشروعات أخري قومية واستراتيجية هي أكثر جدوي وأعظم منفعة غير أنها تحتاج إلي إرادة سياسية قوية لتنفيذها... واسئلوا أهل الذكر إن كنتم لاتعلمون.
________________________________________________
كاتب المقال حاصل علي جائزة الدولة التشجيعية في العلوم الهندسية عام 1986 وحاصل علي نوط الاستحقاق من الطبقة الاولي عام 1995 وحاصل علي جائزة نوبل عام 2005 ضمن مفتشى الوكالة الدولية للطاقة الذرية مناصفة مع الدكتور محمد البرادعي مدير عام الوكالة الدولية للطاقة الذرية في ذلك الوقت


دكتور مهندس إستشاري ابراهيم علي العسيري
خبير الشئون النووية و الطاقة
كبير مفتشين بالوكالة الدولية للطاقة الذرية (سابقا)

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام