عمق الأزمة!
عادةً، تكون صفحتي قليلة التفاعل، إلا في حال نشر الكوميكس أو الصور، نظرًا لطبيعة الطرح ورمزيته. لكن منذ يومين، كتبت جملة كاشفة...
كتبت: من حق الأزهر أن يرفض كلام الهلالي، ومن حقي أن أرفض كلام الأزهر.،
وعندها،عينك ما تشوف إلا النور، وهنا عدة وقفات:
التعليقات تناولت رفض النص الصريح، رغم أنني لم أقترب من ذلك، فيما ثارت ثائرة أوصياء الدين وحراس العقيدة. مجرد ذكر كلمة الأزهر في ظل النموذج المعرفي، يجعلها ترتبط تلقائيًا بالدين، رغم الفارق الكبير بين الأزهر والدين، وبين الدين والتديّن. كذلك، مجرد ذكر اسم الهلالي ارتبط في الأذهان بمسألة للذكر مثل حظ الأنثيين، ورفض كلام الأزهر ارتبط في العقول الحبيسة برفض النص القطعي!
هل أدركت طبيعة السجن وحجم المأساة؟! 
الأزهر مؤسسة دينية عريقة، ورغم اختلافي مع كل مؤسسات الأديان ودورها في حياة الإنسان والمجتمع، لا يمكن إنكار أن الأزهر يمثل صمام أمان في مجتمعاتٍ تبحث عن من يحدد لها حتى كيفية دخول الحمام! وما نشطت الجماعات المتطرفة إلا بسبب ضعف الأزهر، ولو سقط -لا قدر الله- لترك فراغًا تملؤه طيور الظلام لذلك دعم الأزهر وتياره الإصلاحي حكمة بالغة .
لن أسأل: هل الأزهر جزء من أركان الإيمان؟ وماذا عن إسلام الناس قبل الأزهر؟ وكيف صنعته السياسة ثم غيرت لونه بعد سقوط المنتصر وانتصار المهزوم؟ وماذا عن الزيتونة والأموي والنجف ومسقط ؟ وهل النص حكم وكم قطعي الدلالة وهل مجمع عليه بما يحمل اللفظ من معنى؟
لكن الأهم هو:
هل أدركت حجم المأساة التي تعيشها بسبب السجون الذهنية التي تجعلك تستقبل الجُمل بما لم يُذكر فيها، وتدفعك لإصدار الأحكام المسبقة بدلاً من الانفتاح للفهم والاستيعاب، ثم الاختيار بحرية بعيدًا عن الأحكام الجاهزة؟ 
انتبه لهذه النقطة، فهي المفتاح لترى الأمور بموضوعية. واسأل نفسك:
هل تقمّصت دور إله صغير؟وهل يخدم هذا التقمّص مسارك نحو التوحيد؟
كم موقفًا وجملةً وفكرةً قرأتها بشكل خاطئ أو معاكس، بسبب سيطرة البرامج الخفية على عقلك؟ رحلة الإنسان في هذه التجربة لا معنى لها إلا بالتقوى أي المراقبة أي الوعي أي التحرر من سجونك الزائفة لترتقي سلم التوحيد. 
ردّت ريم متسلفة من أريامي، قائلة: هل تقصد أنك لا تستهدف المواريث ولا النصوص الصريحة في رفضك؟ لا فائدة... أدلك على الداخل لتتحرري، لكنك لا ترين إلا الخارج لتحكمي وتديني
ليست هناك تعليقات: