2021السبت، 4 سبتمبر
2021
السبت، 4 سبتمبر
القبح والجمال في مشهدين ..حكايات أيلول 4
علاقتي بالمسيحي
مرت هذه العلاقة بمراحل متعددة تستحق التأمل فقد تربيت في أسرة متدينة التدين الفطري العادي، وفي قرية لا يوجد فيها مسيحيين، ولم ألتفت لذلك إلا مع ظهور الخطاب السلفي الذي يتمايز بالقرية عن جيرانها بأنها قرية الموحدين.لا أتذكر أنني سمعت يوما في خطبة جمعة أو درس في مسجد أو شريط كاسيت أن الناس كلهم سواسية، وأن المسيحي نظير لك في الخلق كما قال أمير المؤمنين علي رضي الله عنه، وعلى العكس سمعت تهجم على سعد زغلول وشعار الدين لله والوطن للجميع وأن الدين لله والوطن لله وكنت أردد ذلك بحمية دون تدبر.
سمعت لن ترضى عنك اليهود ولا النصارى دون أن يقولوا لي هل كل اليهود وكل النصارى وهل عدم الرضى عن الشخص أم معتقده وهل عدم الرضى يعني الكراهية وما هو موقفي تجاه عدم الرضى ولا كيف نجمع النصوص لنرى طبيعة العلاقة.
كان لجدي لأمي تجارة مع أصدقاء مسيحيين من بسيون وكنت أزورهم مع أمي أو وحدي في المحل أو البيت ومع صغر سني في حدود 13 سنة وقتها كنت أجد الترحاب وعلامات المحبة وواجب الضيافة في البيت قبل المحل مما وضع علامة استفهام كبرى داخلي؟!
سمعت شريط كاسيت لقسيس أسلم وحسب ادعاءه أن المسيحين يضربون الطفل الصغير بالقلم فيستيقظ فيخبروه بأن محمدا ضربه ليربوه على الكراهية!
علاج الجن بالماء والقرآن والعصا مدخل مهم للسلفيين والشاهد هنا أن الجن على المنتقبات كان يخبرهم أن المسيحيين هم من يسلطوه على المنتقبات ليكشفوا ستر المسلمات.
طبعا مهارة التلقي الناقد وطرح الأسئلة لم تنضج بشكل كبير إلا في العقد الأخير وكانت فب الصبا والشباب تمرد على إستحياء أحيانا وعنيف أحيانا أخرى، لكن لك أن تتخيل حصاد هذا الخطاب على تنشئة جيل إن ضحكت أسنانه إلا أن في قلبه أشياء، لا أريد أن أتكلم عن الطرف الآخر لكن قناعتي أننت نعيش هوس ديني طائفي من كل اتجاه في ظل غياب الديان وحقيقة الدين وإن امتلأت دور العبادة بالنصوص الميتة.
للأمانة فالخطاب الإخواني من قضية المسيحيين وإن كان لا يرتقي لقاعدة نظير لك في الخلق إلا أنه متقدم عن السلفي بمراحل وأتذكر مقالة للدكتور الريسوني منذ زمن عن جواز التبشير ما التزم القانون وهذا موقف ليبرالي متقدم لكنه لم يوضح كيفية التعامل مع من يقبل البشارة إن كان مسلما .
لا شك أنني كنت أشعر بشيئ لا يمكن وصفه إلا أنه غير مريح وأنا اسمع صلوات الأعياد المسيحية على التلفزيون أو أرى الصليب ومع ذلك كنت حريص في الأعياد على سماعاها!
علاقتي بالمسيحية
علاقتي بالمسيحية سبقت علاقتي بالمسيحي، ففي رحلة البحث كنت في المرحلة الإعدادية وابنة أخي وصديقتي في دار العلوم وكانت كتب دار العلوم بالإضافة لما أطلبه من معرض الكتاب وعادة ما يكون من أمهات الكتب التي ساعد رخص ثمنها على اقتناءها وفي ذات مرة سمعت عن زميلات المدينة الجامعية من المسيحيات وطلبت نسخة من الكتاب المقدس!المرة الثانية التي طلبت فيها الكتاب المقدس كانت من مندوب أحد الشركات وهو صديق وكان الطلب هذه المرة لكسر حواجز العزلة وكان رد الفعل مؤكدا لما أراه إذ رفض خوفا على نفسه وعمله وعرض علي مصحف هدية!
لي مع خطبة الجمعة موقفين.. موقف خلال ثورة يناير حيث انبرى الخطيب السلفي مدحا في بن عبدالوهاب والبنا رحمهما الله وأنهما مجددي القرن وأنه لا يوجد مسلم لا يحب البنا وبن عبدالوهاب ولا يدين لهمها بالفضل و الاتباع في زواج ظاهري سلفي إخواني لم يدم وهنا استوفته أولا وتبعني آخرون بأنني مسلم ولا أدين للبنا وبن عبدالوهاب بولاء.
الموقف الثاني خطيب جمعة شاب استحضر كل الآيات والأحاديث التي تحض على كراهية أهل الكتاب حسب فهمه وأن المسلم لا يحب أهل الكتاب أبدا ووو..
انتظرت حتى انتهى من الخطبة وخرجت خلفه أساله...
يا مولانا اسمح لي..
هل ما ذكرت من آيات هو أصل العلاقة ومحددها أم آيات المحارب الباغي وعلته العداء والسلوك؟
هل هناك فقه المحارب وفقه للمستأمن وفقه للمعاهد أم لا؟
هل من فوق المسجد وفي جواره من المحاربين؟
لو أنا مسيحي وسمعت خطبتك ما هي انطباعاتي عن الإسلام؟
ماذا في قول الله لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين أن تبروهم وما هو البر وهل يستقيم البر لغة ومعناه مع الكراهية!
أين أذهب بباقي الآيات والله يقول من أهل الكتاب ولا يعمم حكما فمنهم ومنهم!
أحب مسيحية فهل يجوز أن أتزوجها وإن قلت يجوز فكيف أكره من أحبها وللشافعي رضي الله عنه قول ألا تعرض على الكتابية التي تزوجتها الإسلام حتى لا يكون هناك شبهة إكراه وسأذهب معها للكنيسة محرم لها حتى تؤدي صلاتها وكيف صلتي بأخوال أولادي ؟
أعمل مع مسيحي ويكرمني ويحضر فرحي وحزني وعيدي والله يقول وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها.
الشيخ الصغير عجز عن الرد ليس لأنه لت توجد ردود أعرفها أنا بل لضعفه وحفظه خطبة من شيخه لا يعرف تأصيلها وللأمانة اعتذر أنه لم يبين أن هذه أحكام المحاربين.
ما بين مشهدين
السياسي و الكاهن( حتى من يدعي أنه لا كهانة في دينه) هما رأسا حربة الفرقة والكراهية و الانعزال بين مختلف الأعراق والأديان والمذاهب ،فالحرب من أجل السيطرة والنفوذ عندما تكتسي بالقداسة يكثر حطبها من البسطاء.من الجمل التي لا أنساها في هذه الرحلة جملة رجل الدين اللبناني ال راحل السيد هاني فحص رحمه الله (لو ترك الناس من غير رجال دين ولا ساسة لعبدوا ربهم بالفطرة ولأوجدوا صيغة للعيش المشترك فيما بينهم).
أقبح مشهد عندما تجد سياسي أو رجل دين يتكلم بلغة كلها كراهية وفجأة يمسك الميكروفون وينشد آيات الحب والوطنية والتسامح وما أن يختلي بزمرته حتى يعود وفق مقولة إلى في القلب في القلب.
تبا لهذا السلوك المشين وتب.
أروع مشهد في هذه الرحلة في ميدان التحرير أثناء ثورة يناير عندما غاب الساسة والكهنة وحمى المسلم القداس وصب المسيحي الماء على أخيه ليتوضأ وجمع الألم والألم في لحظات صدق إنسانية الهلال والصليب في مشهد غاب ٩٠ سنة منذ ثورة ١٩، لكن للأسف ما أن حضر السياسي و الكاهن حتى عادت ريمة لعادتها القديمة.
ولحاكايات أيلول بقية إن كان في العمر بقية..
ليست هناك تعليقات: