مساحة إعلانية

د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ..قلب لا يعرف الحب ....قصة قصيرة

عاطف عبدالعزيز عتمان مارس 04, 2018

21/1/2014
خالد يجلس فى مكتبه البسيط فى الدور الأرضى بأحد عمارات وسط القاهرة على كرسيه المتحرك بعد أن  فقد المقدرة على الحركة
بعد حادثة إنقلاب سيارته منذ عام مضى 
 ويمسك بالقلم وأمامه ورقة كانت بيضاء إلا أنه نفث همومه فيها وأرهقها بشخابيط قلمه ورسومه المرتبكة والحائرة  حتى طفي سواد الحبر على بياض الورقة ..
فخالد ما زال من عشاق القلم الحبر مع إنقراضه فهو شغوف بالأصالة فى كل شيء .
هواجس وخواطر وهموم تتكالب على ذاكرته فينفث بعضها حبرا على الورقة ويأخذ رشفة من فنجان القهوة يتبعها بنفس من سيجارته ينفث دخانه لأعلى وكأنه ينفض عن كاهله هموم وغموم كتمت أنفاسه ..

خالد تحدى عجز جسده وإعاقته  ومازال يعمل فى مكتب تصميم الإعلانات والدعاية  الذى يملكه ويبدع بعقله ما يعجز عنه كثير من ذوى الأرجل السليمة ..

ضرب جرس الباب وكانت الساعة الرابعة عصرا وقد غادرت السكرتيرة المكتب تحرك خالد بكرسيه المزود بموتور للحركة ولكنه حرك عجلة الكرسي بيديه كعادته أحيانا ليحرك عضلات يده ووصل باب المكتب وفتح الباب فإذا بالطارقة تدخل فى دلال 
وحركتها تتمايل فى ثقة بلغت حد الخيلاء وقالت وهى تنتطلق نحوى الكرسى الذى ينتظرها أمام المكتب 
قالت..  كيف حالك خالد ..
إنها هالة خطيبته وحب عمره ومن سكنت روحه وتنفسها هواء وصارت جزء منه بل كله بلا مبالغة  وسبب هواجسه وهمومه 
دخلت هالة  وخلفها خالد يدير عجلة الكرسي بيديه  .
جلست هالة على المكتب أمامه ودون مقدمات وبلهجة حادة ونبرة قاسية قالت.. خالد إني أحبك بصدق ولم أحب قبلك ولا بعدك وقد قلت لك إطرد تلك السكرتيرة التافهة والحمد لله أنى لم أجدها لأننى كنت سأطردها بنفسى وإزدادت نبرتها حدة وتوتر وإستطردت لكن يجب أن تعلم أنى حرة وناضجة ولدى إستقلالية تامة ولا أقبل بأي تدخل من أي أحد ولا منك فى حياتي .

.عملي يخصني فقط وعلاقاتي شيء لا يعنيك وإن أهانك أحد أصدقائي فأنتم أحرار لا شأن لي بكما ما دام يظهر لي إحتراما وتربطني به مصالح فلن أضحى بها من أجل أي شيء 

خالد أصابته الصدمة فطأطأ رأسه وتحول وجهه لصفرة باهتة 
وبدأت حبات العرق تداعب جبينه وسكت .

أكملت هالة حديثها ...أنا أحبك بكل كياني وبدأت بعض الرقة تغطى نبرات صوتها ..
أحبك لكنى ناضجة وواعية وحرة ولا أقايض على حريتي فلا شأن لك بما يخصني ودعنا لحبنا فقط دعنا من الناس ومن الدنيا ومن كل ما يخصنى وليكن حبنا وفقط هو ما بيننا ..

لا تقارن نفسك بأحد وسبق وأن وضعت نفسك فى مقارنة وخسرتها لأنى لا أقبل الشروط ولا أرضى بسلاسل تقيد حريتي وهذه المرة ستخسر أيضا فمصلحتي وأنا فوق كل شيء فلا مجال لك ولا لتفكيرك العقيم ودعك من الهراء وتخاريف الشرقيين لست أمة فأنا حرة ومسؤولة
 وأجهشت فى البكاء وقالت  خالد إنني أحبك حتى مع عجزك وقبلت بعاهتك وأنا حولي الكبار من كل صنف ..
أحبك بصدق وفضلتك عليهم لكنني أنا أنا وليتك تدرى من أنا ..فلا تهجرني لأنى أحبك ...

خالد مطأطأ رأسه يستمع لما قالت وصدره يغلى من شدة الحزن 
وللمرة الأولى منذ عام يشعر بآلام نفسه قد إمتدت لساقيه المشلولتين ودرجة حرارة واجه جاوزت المعتاد حتى تحول وجهه من الصفرة للحمرة..
رفع رأسه ببطىء كأنه لا يقوى على رفها فرأسه بما فيها  صارت ثقلا لا يقوى على حمله  ونظر إليها ودموعها تسيل بغزارة غير طبيعة ..!
قالت نظرته لها كل شيء بعد أن حبس دمعته فى طيات قلبه وعجز لسانه عن النطق وإكتفى بالنظرة ..

وفجأة إنهار من الضحك وأدار عجلة كرسيه المتحرك وأمعن النظر فى سقف المكتب وأخذ يضحك بهستيرية ....
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام