مساحة إعلانية

هل يخلد الأشرار في النار ؟ ح5 سيدي عجزي عن إدراكك إدراك.

عاطف عبدالعزيز عتمان مارس 09, 2018
7 ديسمبر، 2016 د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ..هل يخلد الأشرار في النار سيدي عجزي عن إدراكك إدراك ..من رحلة الأريام في دين الفطرة لروسو .

----------
مازالت الأريام تركض في واحة دين الفطرة لجان جاك روسو وتستمتع بصوت الفطرة النقي الذي يمثل إنسان الطبيعة وقراءته المناقضة لقراءة إنسان الإنسان الذي إنحرفت فطرته فخاض عقله فيما يعجزه وكفّ عن ما يلزمه وأهم محطات الأريام في رحلتها في رحاب دين الفطرة  كانت :
* الإيمان في خدمة النفس، الدين في خدمة المجتمع، المجتمع في خدمة الفرد 
* الحقيقة هي فلسفة الإنسان الفطري ووجهته
* ما يقبله وجدانك وتألفه فطرتك فهو حقيقة بديهية وكل ما دون ذلك لا يقطع به سلبا أو إيجابا وتجنب سفاسف الأمور التي لا فائدة منها أولى.

* الإنسان كائن فاعل عاقل مؤثر يفكر ويقارن ويميز ويصدر الأحكام 
* أن الحقيقة في الأشياء وليست في الأحكام التي يصدرها العقل بشأنها وأنه كلما احترزنا في الحكم اقتربنا من الصواب.
* خلف هذا الكون ونظامه إرادة عاقلة حكيمة.
------
لا تزال الأريام تواصل الرحلة في رحاب دين الفطرة مسترشدة بشموع جان جاك روسو وتتساءل هل عذاب الأشرار دائم في النار؟
قضية ديمومة العذاب قضية شائكة خاض فيها أهل الأديان بنصوصهم وتفسيراتها وخاض فيها الفلاسفة بأطروحاتهم وتشكيكهم ووقفت الأريام عند جان جاك روسو وهو يسأل وجدانه ويقر بعجزه عن الوصول لجواب قاطع لهذا الأمر ، ولأن كانت فطرته لا تستسيغ العذاب الأبدي ، ويتساءل وجدانه عن من لم يظل شريرا هل يتصور أن يظل شقيا للابد ؟
بعيدا عن تفصيل الشر وعن الضلال والجحود والإنكار وبعد أن وصل روسو للإيمان التحقيقي بفطرته وأقر بوجود هذا الإله صاحب القدرة والمشيئة والعلم والحكمة يناجي ربه مسلما له بعجزه ومستسلما لحكمه ، فيا أيها الرب الرحيم مهما يكن قضاؤك فإني أتقبله بخشوع  ، إن عاقبت المسيء خضعت والتزمت ، وإن حكمت أن ينطفىء عذاب الأشقياء بعد وقت فإنني أشكرك وأحمدك لأنه أخي .
هنا التسليم لحكمة الإله والكف عن الخوض في متاهات لن تثمر معرفتها كثيرا كما أن جهلها لا يضر كثيرا فمالي ومال الشرير خالدا كان في العذاب أم ينتهي عذابه ، علي أن أشغل نفسي بمكاني وأن أهتم بحصد النعيم السرمدي في أخي الإنسان بدلا من شغل نفسي بحظه من الجحيم ، أن أشغل نفسي بدخول الجنة فيه وبه عن الانشغال بمكانه في الجحيم وهل يظل مخلدا أم لا ، هكذا ترى الأريام النجاة من تلك الفرعيات التي تنحرف بسيد الكون عن طريقه الذي رسمه له خالقه وكرمه وجعله سيدا .
يظل صوت الفطرة يعلو عند روسو وكلما يقترب من النور يعجز عن الإدراك وبسلامة الفطرة يدرك أن عجزه هذا إدراك، إدراك للعجز ولوجود الخالق وإن غابت حقيقة جوهره وماهيته .
في حضرة النور الأزلي ومن شدة الوهج يتخلى روسو اضطرارا عن المفاهيم الدنياوية والدونية وسبل العقل التي قادته لتلك القوة العاقلة الحكيمة القادرة التي أطلق عليها اسم الرب فلم تعد تلك الأدوات قادرة على الإدراك وأعلنت العجز عندما تعلق الأمر بالإحاطة بالرب 
كيف وهب الحياة؟ 
وماهي ماهية تلك القوة العاقلة؟
أنا روح والخالق روح !
تنتفض فطرة روسو عند هذا الطرح فلا يستوى الخالق والمخلوق في أي من الوجوه فهو المريد بذاته الفاعل الحق واهب كل شيء 
فما بالنا وقد حجبت عنا أنفسنا التي جهلنا ماهيتها ورؤيتها ولا يسع عاقل إنكارها ، ونشعر بالألم ونستجيب له ونقر بوجوده ولا نلمسه ، وتلك الروح التي هي الحقيقة الثابتة الوجود المجهولة الطبيعة ،
هنا عندما نجهل الذات العلية وكنهها ونعجز عن إدراكها فهذا العجز في حد ذاته إدراك فعند الإبحار في صفات الإله يظل العجز مسيطرا فالخالق عاقل لكن كيف؟
 الإنسان عاقل لانه يستدل ويقارن ويختار أما العقل الإلهي لا يحتاج إلى استدلال ، فبالنسبة له لا توجد مقدمات ولا نتائج وفي الوقت الذي فيه قدرة الإنسان دائما بواسطة فقدرة الرب مباشرة ذاتية لا فرق بين مشيئته وقدرته .
الفوضى الأخلاقية التي تنفي في عين الفيلسوف العناية الربانية تثبتها في عين روسو وتلك نقطة جوهرية فعندما يتجرد الإنسان للبحث عن الحقيقة ويعلي فطرة إنسان الطبيعة على سلوك إنسان الإنسان فعين بصيرته تستدل على الحقيقة بنفس الأمور التي استدل بها غيره ممن أغفلوا الوجدان على نفي الحقائق والتشكيك فيها دون طرح مقبول متماسك .

عدل البشر إعطاء كل فرد ما كسب وعدل الخالق محاسبة كل إنسان على ما مُنح بتعبير فطرة روسو ، فخطيئة تفسير الفوضى الأخلاقية من ظلم ورذائل بمقياس العدل البشري هي من أدت لنفي العناية الربانية مع أن العناية الربانية قائمة على الدوام فالكائن الأخلاقي الحر يأتي الفضيلة طوعا ومن ثم يحاسب على ما منُح ، 
فالوقوف على صفات الخالق مع العجز عن إدراك جوهرها بعد إجهاد العقل تفكيرا فيصرخ الوجدان إقرارا بها مع عجزه عن جوهرها فهو الباقي ، فبقاء الكون ووجودي أنا سيد الكون الكائن الأخلاقي  مرتبطان ببقائه وديمومته لكن كيف؟
 هنا العجز ..
خلاصة ما وصل اليه روسو أنه كلما اجتهد لفحص جوهر اللامتناهي زاده غموضا ، وعجز أكثر عن إدراكه إلا أنه موجود وكلما زاد العجز زاد الخشوع والاستمتاع بالقصور والعجز في ظل عز وجبروت وكمال الخالق .
توقفت الأريام لتراجع تلك المعاني وتتدبر تلك النظرة قبل أن تكمل باقي فصول الرحلة ولتترك الفرصة لسيد الكون ليحاول التخلص من إنسان الإنسان لصالح إنسان الطبيعة ويعيد القراءة بوجدانه من جديد .


مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام