صرخ بها المرحوم الدكتور علي شريعتي في محاولة منه لإيقاظ الأمة من غفوتها وإقالتها من عثرتها، وعلى نهجه الإصلاحي تصرخ الأريام لعلها تهتك ستر صمم القلوب وغفلة العقول يسقط الاستحمار .
يسقط الاستحمار الذي يحول الإنسان الفاعل الأول في الكون إلى مفعول به عاجز تابع فاقد للحرية والقدرة على التأثير راغبا عن الدنيا عجزا منتظرا الآخرة لتجبر كسره، يعيش كالأنعام كل شاغله بطنه وفرجه وسد إحتياجات الجسد.
يسقط الاستحمار الذي يغيب العقل عن الواقع ويدفعه لقبور التاريخ ينبش في العظام النخرة عبادة أو عداوة فيحزب المجتمع وينشر كراهية لا محل لها .
يسقط الاستحمار الذي يغيب العقل عن واقع التيه والفشل والجهل والفقر والفساد ليتمجد في آثار حضارة لم يكن لنا فيها ناقة ولا جمل اللهم إلا إهانة آثارها والبكاء على أطلالها.
يسقط الاستحمار الذي يخفي الداء ويكثر من الخمور لتخدير الآلام وقتل الآمال ليتعمق الداء ويتكالب على الجسد السرطان ونهلك والعجز يأسر الجسد الهزيل .
يسقط الاستحمار الذي يجعلنا ننكمش وننعزل عن الحياة ساكنين قبور الأسلاف عبادة للماضي أو ننفتح على الآخر دون أرضية أو هوية واضحة المعالم فنتلاشى ونذوب في الآخر وننتهي بلا رجعة.
يسقط الاستحمار الذي يحول نور السماء وصلتها بالأرض لرصاص يقتل باسم الله عباد الله وعبيده.
يسقط الاستحمار الذي استعبد الإنسان للكهنة والدراويش الذين أسسوا مافيا مع الساسة ليخنثوا الدين ويجعلوه مطية للقياصرة والفراعين .
يسقط الاستحمار الذي غيب الحقيقة وشوه المعلومة وتعمد التزييف والتجهيل وأعطي نصف معلومة ونصف حقيقة ليمسخ الإنسان لنصف إنسان بعدما أربك العقل وأفسده وأفقده القدرة على التفكير والتمييز والاختيار .
يسقط الاستحمار الذي حول الدين من مصباح هداية يخاطب العقل ويشبع الروح ويزكي النفس ويضبط حركة الكون إلى دين يفقد الإنسان عذريته بسلبه إرادته وتركيع عقله وتجريده من إنسانيته وتحويله لعاجز تائه تابع مفعول به لا يدرك معنى الدنيا ولن يدرك الآخرة ولو أوهموه بترك الدنيا من أجلها.
يسقط الاستحمار فمع بزوغ فجر كل مناسبة دينية يكثر كلامنا في الدين فنحن أمة رائدة في الكلام عن الدين وترويج التدين المغشوش، وتظل الريادة في تصدر التخلف العالمي ملازمة للتدين المغشوش الناتج عن زواج غير شرعي بين دراويش العمم والساسة ليخنثوا الدين في تدين حرام لا ينجب إلا سفاح.
يسقط الاستحمار الذي يسوق لأمة أصبحت للجهالة موطنا أنها أفضل الأمم وأعظمها وأعلمها ، فيصدر للفرد وللجماعة عظمة زائفة وجهالة تمنعهم عن العلم فيظلون يراوحون أماكنهم في ظل انطلاق غيرهم .
يسقط الاستحمار الذي خلق من الدين أديان وفرق الجمع وشغل وعي الأمة بالفرعيات والتفاهات لتختلف عليها حد الاقتتال ، فغيب حقيقة الدين خلف تدين الطوائف والأحزاب فتغيب الأمة عن الحياة.
يسقط الاستحمار الذي نسج بيوت عنكبوتية بألقاب زائفة مزيفة تضع العقول التافهة في ثياب فارهة خلف قضبان شرسة تمنع كل نور، فأمة جاهلة يحمل سوادها ألقابا باطلة وعباقرة فاق عددهم عدد الخبازين والصناع والزراع وهم ديدنهم ديدن أصحاب البقرة.
يسقط كل استحمار وكل حمار يفقد الإنسان عقله فيفقد إنسانيته .
ليست هناك تعليقات: