كانوا ثلاثة في الطريق
أحدهم لا يعرف طريق الحانات (المواخير
) وطريقه دائما النور، فلما رأي يافطة الحانة رأي النار والنور و كان الفراق المبكر وهنا افترق الأصدقاء.
أكمل الإثنان الطريق ودخلا الحانة يمنيان
النفس بالحسناء اللعوب، والكأس الذي يطيح بالعقول، وليلة ليلاء يعيشون فيها الحياة ويتنافسون
على السيادة والحظ الوفير من الصيد (الثمين ).
أحدهما وسيم، ولسانه بالقباحة طليق، وخبرته
بالقحاب مقدرة، وتتساقط من جيبه الدنانير التي جمعها من إمتلاكه العديد من المواخير، فكان بؤرة الاهتمام، وفاز بتهافت الكؤوس محمولة على أمهر النهود، وحلق طائرا في الوحل
وسط تصفيق السكارى والمخمورين، ونال قسطا من الشعر والتملق والمديح والضحكات السافرة
من قريب ومن بعيد .
أما الآخر الرقم الغائب المجهول والذي خاب
حظه ولم يجد الاهتمام المطلوب، فخرج غاضبا والحمرة تغطي وجهه، يسب ويلعن المواخير، والبغايا
والحمير، ويلعن الجميع، ويتبرأ من الوحل ويرفع راية الفضيلة، ويطالب بغلق المواخير، لكنه
نسي تغطية مؤخرته، فأصبح يصرخ من عفونة المواخير، ويطالب بالطهارة والتطهير، وضحكات المجون
تودعه بجنون، وكل من حوله يضحكون، ولمؤخرته العارية يشاهدون، وهو الوحيد الغائب عن المشهد
وإن لم يسعفه الحظ بكأس من نبيذ.
ليست هناك تعليقات: