مساحة إعلانية

د.عاطف عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ..بعد صفر مريم أسف أنني أنجبتك .

عاطف عبدالعزيز عتمان أغسطس 30, 2015

سألتني ابنتي تقدر تجيبلي حقي لو اتظلمت في الثانوية وبقيت زي مريم ؟ طأطأت رأسي وكسرت عيني أمامها وشل لساني وكسر قلمي وسقطت في وحل أحباري وتمتمت بإنكسار لقد أخطأت يوم أن أنجبتك !! نعم أسف أنني أنجبتك في هذا الزمان الذي صرت عاجزا فيه أن أحمى أبسط حقوقك . بعيدا عن المرارة والعاطفة أكتب عن إبنتي مريم فالعقل والمنطق والإحساس يقولون إن مريم مظلومة وهذا لا يمنع وجود إحتمال ضعيف جدا وربما شبه مستحيل أن تكون أصابت مريم المتفوقة دائما حالة إستمرت طوال أيام الإمتحان وليس في مادة واحدة وأن الصفر هو صفر مريم . القضية ليست مريم وليس صفرها بل القضية أكبر بكثير ، هي قضية وطن لم يعد وطن وانعدمت الثقة في مؤسساته نتيجة تراكم فسادها وعدم شفافيتها . القضية هي السؤال الملح ما معنى كلمة وطن ؟ وهل أصبح لنا في بلادنا العربية بقعة أرض يمكن تسميتها بوطن ؟ قضية مريم وصفرها نذير شؤم على هذه البلاد فماذا بعد العجز وذله ومرارته ؟ إن كانت حقا مريم صاحبة الصفر ولم يسرق تفوقها سيد من السادة أصحاب البلاد والمتحكمين في رقاب العباد فمن المسؤول عن حالة عدم الثقة والإحساس بالظلم والقهر التي تنتاب كثير منا ؟ تضحكني وتبكيني مقولة أننا شعب متدين !!! ولست أدري أي دين هذا وأي متدينين ألئك وأي عمم بغيضة تلك ؟ إن كان العجز عن حماية مستقبل أبنائنا هو عنوان المرحلة فأي مخرج وأي دواء لتلك الحالة ؟ هل نقتل أبنائنا لنريحهم من الذل ونعلن الإمتناع عن الإنجاب لنخلي البلاد لمن يستحقونها ؟ هل نطلب الهجرة والأبواب موصدة ولم يعد إلا البحر أو تغيير الدين أو الإلحاد حتى نجد وطن نحلم فيه لغد يبدو البؤس في عينيه ؟ ليست قضيتي مريم ولكني وجدت فيها إبنتي وإبني ، وجدت فيها أهلي وناسي من طبقة العبيد وجدت فيها الأمل المفقود والحلم المصلوب والمستقبل المجهول والغد المريب واليوم الكئيب. ليست قضية مريم بل قضية وطن ودين أوشكت أن أكفر به ما فائدة الدين والدساتير والقوانين وما فائدة الوعظ والعبادات ؟ لعن الله قوما ضاعت فيهم الحقوق  وعذرا يا مريم فكلنا أصفار وعذرا يا أولادي أني أنجبتكم وعذري عجز بقيوده أدماني . هل أجد وطنا في بلاد الأحرار يقبل أولادي ويحميهم ؟ أما أنا فسأموت بعجزي وأدفن في تراب بلادي عسى أن يحن السادة علي بقبر يلملم رفاتي . 
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام