أطلقوا صراح العقول وحطموا كل القيود فما ميز البشر سوى العقول إن غابت صاروا عجول .
على فوهة البركان ننتظر وباطن البركان يغلي ومازالت الخمور تسكر العقول وننتظر فوران البركان كأنه زمزم ستتدفق بالخير والحب الوفير .
أشم رائحة ربيع أو خريف عربي جديد ربما يريح الجسد العليل من الأنين ويقضى على ما تبقى من أشلائه المتناثرة وظروفنا الداخلية والخارجية لم تعد تتحمل المزيد لأن الموجة القادمة حارقة ، وحل تلك المعضلة ليس بيد الشعوب المقهورة والمنهوبة والتي أكلت الجوع وشربت العطش وصار باطن أقدامها نعال ، وأصبحت السماء لها هي الغطاء فأصبح إنفجارها قدر محتوم ، عندما تساوت الحياة مع الموت بل ربما أصبح الموت أرجى بكثير ، ولكن الأمل في أن يفيق الحكام والساسة وولاة الأمور وكهنة الأديان ورجال المال والأعمال الذين لا تشبع بطونهم كأنهم يشربون الملح .
إنفجر أهل العراق في وجه عمم رجال الدين الذين ركعوهم لعقود باسم الله والدين والمذهب ولكن الفقر والمرض والجوع والنهب واللصوصية جعلت الناس يكسرون صنم الكهنة ويثورون ، وفي بيروت بلد الجمال وباريس العرب سابقا ، لم تخرج رائحة الزبالة النتنة بل فاحت رائحة الساسة العفنة وتجار الحروب والمرتزقة وأصبحت لبنان على صفيح ساخن ونيران سوريا تحيط بها من كل جانب .
في مصر المحروسة والعماد والعمود الباقي من خيمة العرب سنحت أكثر من فرصة لتخطي عنق الزجاجة وإقامة ما يسمي مصر الحديثة ، دولة مدنية يتمتع مواطنوها بالسلم الإجتماعي والعدالة الإجتماعية ، وتحجيم الفساد والفاسدين منذ سقوط حسني مبارك وحالة اللحمة بين الجيش والشعب والتي كانت من الممكن أن تقود البلاد لبر الأمان .
ولكن أبى من ملك الأمر أن يدخل التاريخ وأصبحت أشم رائحة الغليان في الشارع المأزوم الذي إرتفعت معناوياته عقب سقوط إمبراطورية مبارك عز ورفاقه ، ثم أحبط ، ثم جرب أدعياء الدين ثم أحبط ، وخرج 30يونيو رفضا للإخوان فعاد بهم وزير العدل للعهد الذي كان .
شارع فيه الأقباط يرون أنهم ضحية توازنات أنظمة الحكم المتعاقبة ، ويرى الإسلاميون أنهم مضطهدون ويرى فيه عامة المصريون الغلاء الفاحش بجوار الثراء الفاحش للأقلية وللمرتشيين واللصوص ، ومازالت العدالة الإجتماعية بعد موجتين ثوريتين أبعد ما تكون .
ورئيس وزراء لا ينام ويعمل عمل دؤوب إلا أنه عمل رئيس حي أو مدير مسؤول وعن العمل السياسي ورسم الإستراتيجيات غائب عديم الحضور .
وإعلام عاهر يبث أردأ أنواع الخمور وبتغييب العقول مشغول والمصيبة أن يصبح مصدر معلومة لولاة الأمور .
ورجال الأعمال على كل الحبال يرقصون ومن دماء المواطن لا يشبعون وبطونهم بحور وللبعد الإجتماعي والوطني كارهون .
إن نظام الحكم الرشيد هو من يقود الثورة ويسيطر عليها في شكل موجات هادئة متتالية ، فيتجنب الإنفجار الناتج عن الكبت والجوع وغياب الأمل .
سادتنا الرؤساء والزعماء قودوا ثورات بلادكم وإعلموا أن العدالة الإجتماعية لم تعد مطلب ترفيهي بل أصبحت مسألة موت أو حياة
قودوا ثورات بلادكم وإستقووا بشعوبكم لمحاربة الفساد والفاسدين ولمحاربة أطماع الخارج وخونة الداخل .
قودوا شعوبكم وأسسوا لسلم إجتماعي ومواطنة حقيقية وإستعيدوا ثقة الشعوب بالمواقف لا بالكلمات ، فلا أمل لمجابهة التحديات الداخلية والخارجية إلا بوحدة الحكومات مع الشعوب ، فالجسد منهك والعدو متربص ولم نعد نحتمل ثورات أو فورات
وسأختم بكلمات خالدة لأمير الشعراء في حب وطني .
وطني لو شغلت بالخلد
عنه *** نازعتني إليه في الخلد نفسي
وهفا بالفؤاد في
سلسبيلٍ *** ظمأٌ للسواد من (عين شمس)
شهد الله، لم يغب
عن جفوني *** شخصه ساعةً ولم يخلُ حسي
ليست هناك تعليقات: