في البداية أحذر دائما من تحول الأشخاص مهما بلغت قيمتهم إلى أصنام ، بل علينا التركيز أكثر على المنهج والمواقف وطلب الحقيقة .
إستضاف الإعلامي د.إسماعيل الجنابي بالأمس على شاشة قناة التغيير سماحة المرجع السيد محمود الصرخي الحسني وكان الزميل العزيز متألقا في طرح أسئلته وبصمة صوته المميزة وإدارته للحوار وكان الضيف كعادته مميزا ومتميزا وربما أكون من أوائل من نادوا بصرخة الصرخي العروبية على الشاشة وربما كان سلوكي لهذا المنهج أخر عهدي بها !!
لكنني توقفت مع هذا الحوار متأملا عدة أمور أهمها هذا المنهج المميز والرسالة الواضحة المعالم والرؤية المستنيرة لمهندس طلب العلم الشرعي بعد تفتح مداركه بالعلم التطبيقي ومع سطوة رجال الدين وخاصة المراجع الشيعية لدى مقلديهم إلا أن الرجل كسر القاعدة فرفض أموال الفقراء لتشبع البطون وعاش مع الناس وتكلم بصوتهم ولعب وزرع وشرب معهم فدمر الكهنوتية الغريبة عن الإسلام المحمدي .
وقفت عند طرحه للدليل العلمي الشرعي ولرفضه للإحتلالين الأمريكي والإيراني ورفضه للقتل وسفك الدماء والإنتصار لمظلومية المظلوم مهما كان عرقه أو مذهبه ، ورفع راية نبينا يوحدنا ويعصم دماؤنا ، ورفض الميليشيات ورفض حل الجيش والشرطة وتجريم وتحريم الطائفية وتقسيم العراق ورفض تدخل المؤسسة الدينية في الإنتخابات ورفض فتاوى القتل والتكفير ، وربما كان هو الصوت العالي الذي نادى بتسليح القبائل السنية للدفاع عن أرضها وعرضها ، ورفض الحلم الإمبراطوري الإيراني والتشيع الصفوي السباب واللعان ، والذي يعتمد على الخرافات والمكذوبات وفيه الإنتقاص من آل البيت عليهم السلام بالمكذوب عليهم ، وكان موقفه واضح من الصحابة وأمهات المؤمنين رضوان الله عليهم أجمعين .
هذه هي مجمل مواقف رجل منا وجدت نفسي أسيرا لتلك المواقف فما وجدته غير داعية حب وإنسانية وعروبة وحقن للدماء وتعايش فكتبت سابقا <إغتيال الحب >
http://dratef11022011.blogspot.com/2014/12/blog-post_13.html
ربما أهم ما في اللقاء الجرأة في الطرح والثبات في الفضح لكل متآمر ، ولكن النقطة الأهم من وجهة نظري هي قضية الإسلام السياسي أو ولاية الفقيه أو المرشد <سنيا كان أم شيعيا >
لأن تلك المعضلة هي معضلة القرن الأخير وسبب المآسي التي تعيشها الأمة في هذه المرحلة ولذا سحبت مواقف ورؤية الصرخي من ضيق قطرية العراق لرحابة الأمة التي تعاني نفس المشاكل مع إختلاف المسميات ولكن الجرح واحد والحل واحد .
فما بين عداء للدين ربما بسبب رجال الدين و تطرف علماني أدى بدوره لتطرف ديني ، وما بين أحلام سياسية وطموحات سلطاوية وجدت من الدين ورجالاته سبيل الوصول نعيش حالة من التيه والضياع وسفك الدماء وتدمير الأوطان .
ومن ظلم الأنظمة وفسادها ونهب خيرات الشعوب ونشر الجهل تم دعشنة الدواعش وخلق التربة الخصبة لها ودفع البعض قل أم كثر للدعشنة أو حتى للتعاطف معها .
فتحول ولاية الفقيه من ولاية دينية إلى سياسية أربك المشهد وأسال الدماء ونشر الكراهية ، ويأتي إستعباد العوام وتركعيهم بسطوة الدين وإستخدامهم وقود لحرب تدمير ذاتي لهذه الأمة المنكوبة ليحقق المخطط الصهيوني بعمالة أو جهالة .
ما بين الحاكمية والشريعة وحكم الله وتلك المصطلحات البراقة التي تجعل قلب كل مسلم يهفو إليها وإستخدام الظلم والفساد والتخلف والجهل فخ كبير أوقعنا فيه حكام العقود الأخيرة وأنظمة حكمهم المفسدة .
إن أخطاء وخطايا الإسلام السياسي السني والشيعي على السواء دمرت الأمة ونشرت فيها الكراهية والتكفير وإستعبدت وإستعمرت الشعوب التي مازلت تهوي للهاوية .
عندما يخرج مرجع شيعي له مقلديه وله محبيه وهو مستفيد من الكهنوت الديني والإسلام السياسي لو أراد ، عندما يخرج ليهدم هذا الكهنوت ويصرح أن المشكلة ليست في النص الديني بل في قصور من يتصدى للتطبيق وفي عدم جاهزية المجتمع ويطالب بحكم مدني عادل منصف لا يخالف الخط العام للدين والأخلاق والعرف فهنا المخرج وهنا الحل .
ومن قبله حاورت المرجع العلامة السيد علي الأمين وأتذكر مقولته بأن ولاية فقيه إيران تخص الشعب الإيراني ولا ولاية له على عموم الشيعة كما أنه لا ولاية لمرشد الإخوان على عموم السنة بل ولايته على جماعته ودعى سماحته لولاية الأوطان ولعلو الدين فوق المذهب وإعلاء قيمة الإنسان بشكل عام ، وما بين المرشدين السني والشيعي تتلخص الأزمة .
قلت سابقا أننا بحاجة لتجديد وتحديد هويتنا وأن نصل لقومية إنسانية تتجاوز خطايا التجربة السابقة وتحترم الدولة الوطنية كواقع و كلبنة للبناء وتتصالح مع الخط العام للدين وتفتح ذراعيها لكل المكونات العرقية والطائفية والعقائدية وبحاجة لسلم مجتمعي حقيقي ومواطنة حقيقة بين الحاكم والمحكوم وبين شتى أطياف النسيج المجتمعي ، فالعدل والعدالة الإجتماعية والمواطنة ومحاربة الفساد والمفسدين كفيل بدحر الفكر التكفيري والداعشي .
لماذا يتم تغييب هذا الطرح وهذا الخطاب عن الساحة السياسية والإعلامية لصالح دعاة الطائفية والتكفير والكراهية والتقسيم بغض النظر عن شخوص من يتبنون هذا الطرح ؟
لماذا نبحث بشغف عن من يشذ من الإعلاميين والمفكرين الذين يتبنون هذا الطرح مع خفوت أصواتهم وسط نعيق البوم ؟
ربما وضحها الصرخي وقال نبحث عن قلوب الشرفاء فنسكنها لأنه من المحال على تجار الدين وكهنته وعلى لصوص الشعوب وناهبي خيراتها وعلى عملاء الدول الأجبنية قبول هذا الطرح أو من يطرحه .
لست من ألئك الذين يشبهون الساسة أو رجال الدين بالأنبياء أو السابقين من المهاجرين والأنصار ولكني أرى في هذا الرجل تلمس حزم الفاروق رضي الله عنه ودعوة إصلاح الحسن و الحسين عليهما وعلى جدهما الصلاة و السلام في مواقفه وكلماته مع أنني أختلف معه مذهبا وهناك نقاط يصعب الإلتقاء فيها إلا بظهور حق خفي ، ويبقى السؤال الحائر هو ما مصير دعوات كهذه وهل مكتوب على هذه الأمة نفس النهايات لكل من يرفع دعوات الإصلاح ؟
أم آن الآوان لننفض الغبار ونعلي من قيمة العدال ونطبق العدالة ونعود لنبع الوحي الصافي لنصلح فساد الأرض ؟؟
ليست هناك تعليقات: