الدولة الإسلامية في العراق والشام والمعروفة إختصارا باسم داعش هي بطلة المسرح في العالمين العربي والإسلامي في الوقت الراهن ، وعندما نحاول قراءة المشهد الخاص بداعش نجد ضبابية كثيفة وتحليلات متضاربة ، ومع الإختلاف الجوهري بين داعش وبقية الحركات المسماة جهادية وهو أن داعش أصبحت دولة وسلطة وليست مجرد مجموعات جهادية وتمتلك تمويل ضخم وتضم جنسيات متعددة أبرزهم الأوربيين.
وكان ومازال سقوط مساحات شاسعة من العراق بهذه السهولة حتى كادت داعش تدخل بغداد يثير علامات إستفهام عديدة ؟؟
ووجودها في سيناء ونوعية التسليح ووجودها في ليبيا وحربها مع النصرة في سوريا ؟؟
سأسرد أولا كلمات وصلتني من موصلي هرب بنفسه وأسرته لتركيا وأنقل بعينه ما يعرفه عن داعش .
بداية الحديث كانت عن حال الموصل قبل داعش وما دفع المحافظات السنية للثورة السلمية حتى ظهور داعش ، يحكي الرجل عن المليشيات التي كانت تستمتع بإهانة السنة وتفرض الإتاوات ومن يرفض يتم ضبطه مع مفرقعات وإعتقاله بتهمة الإرهاب ، مما يضطر أهله ربما لبيع البيوت ليفتدوه وكما ذكر لي معظم من يتم إطلاق سراحهم يتم تصفيتهم ومما يؤكد تلك الرواية ورودها على لسان أحد أساتذة الجامعة العراقيين .
يتحدث الموصلي عن لصوص وميليشيات تعيث في الأرض فسادا فلا حرمة لمال ولا لعرض ولا لنفس ولا لدولة بل ميليشيات ولصوص بلا عقيدة قتالية مما سهل دحرها بواسطة داعش .
ويذكر والعهدة عليه أن الآلاف من أهل الموصل إنضموا لداعش
وأن فساد الميليشيات مع بعدها الطائفي وربما القومي الصفوي -وهنا مهم البعد القومي نظرا لتعرض الشيعة العرب الرافضين للمد الإيراني لمذابح أيضا- جعل بعض الناس يقبلون بأي مخلص منهم ولو كان داعش .
المفاجأة أن لا حظت ثناء على الحالة الأمنية والمعيشية في الموصل وعن نزاهة المصالح الحكومية في ظل حكم الدولة التي تبرر حرق الأسرى بفعل أمير المؤمنين علي وتبرر تفجير مساجد الشيعة بأنهم يلعنون داخلها الصديق والفاروق ويدعون بدولة إسلامية على منهاج النبوة ويعرضون الإسلام أو الجزية أو السيف على غير المسلمين وبالطبع طامة المسلمين المخالفين أشد لأنهم سيقعوا تحت بند النفاق أو الردة !!!!
وكان سؤالي المباغت إذا لماذا هربت من الموصل ؟؟
وكان الجواب أن له إبنا طبيبا أرادوا منه أن يبايع داعش وأن يتزوج أحد المجاهدات الروس !!!
ففر بنفسه وأسرته لخارج سيطرة التنظيم عندما وصل الأمر لإبنه وربما لو جاز لي تفسير نبرة التعاطف ستكون بسبب الميليشيات التي عاثت في الأرض فسادا وإفسادا .
أعود لداعش والتي أصبحت لها سلطة ودولة وحسب المعلومات الواردة أن مقاتلين متعددي الجنسيات وخاصة الأوربيين سواء من أصول عربية أو من أصول أوربية ينتمون للتنظيم .
داعش في العراق ضربت الثورة السلمية للشعب العراقي في مقتل وأعطت كل من إيران وأمريكا زريعة إستباحة العراق ، وتظل التساؤلات حول غض أمريكا الطرف عن داعش قائمة ؟؟
ومن وجهة نظره أن أهمية الموصل ليس لأنها سنية بل لأنها حلقة الوصل مع سورية وحزب الله وطريق الإمداد لتكوين هلال شيعي وأنا أقول هلال فارسي بغطاء شيعي ولله در آل البيت فكم طعنت الأمة بالكذب عليهم وإدعاء محبتهم عليهم السلام ولعنة الله على الكذابين والمدلسين عليهم. في محاولة لقراءة الصورة نجد أن البيئة والنظم السياسية والنظام العالمي مسؤولون مسؤولية كبيرة عن دعشنة الدواعش إن جاز التعبير ، داعش كسلطة أمر في واقع في أجزاء من العراق وسورية من الواضح أنه تنظيم عقائدي بدرجة كبيرة وإن تقاطعت مصالحه أو تم إستخدامه في المخطط الدولي وأو حتى تم إختراقه جزئيا لإعادة هيكلة المنطقة ، داعش إنتهج منهج ضرب الحائط بأصول الفقه وهو منهج وإن بدا ديني متطرف إلا أنه هو نفس منهج إسلام بحيري حيث هدم التراث ونقضه والتوجه إلى القرآن دون علم وفقه وإستخراج الأحكام التي يرونها ربانية .
كيف تعامل الرسول صل الله عليه وسلم مع المنافقين مع أنه يمتلك دليلا قطعيا عن طريق الوحي بأسمائهم ؟
وبعيدا عن قضية الحرق فلو تم إشعال الطائرة بالكساسبة لقلنا قتال أما وقد وقع في الأسر فأصبح له حق الأسير .
نعود لدعشنة الدواعش وخلق البيئة الحاضنة من خلال السفه الأمريكي والفساد والإفساد في بلاد المسلمين خاصة ومن خلال الظلم والإضطهاد والقتل على الهوية وخاصة عندما يتحول الأمر لتطهير مذهبي أو عقائدي ، فالدواعش في العراق نتيجة مباشرة لإيران وعملائها من العراقيين ، فقبل توجيه اللوم للبيئة الحاضنة يجب محاسبة من دفعهم للإستغاثة بالرمضاء من النار.
تصدر خبر تصديق رئيس الوزراء العراقي حيدر العبادي على إعدام 7000 إنسان عربي سني بتهمة الإرهاب وفتاوى قتل السنة والتعبد بسب الصحابة والخوض في عرض أشرف خلق الله تنجس الأجواء ، أليس هذا تدعيش وتدعيم للدواعش ؟؟
بغض النظر عن منهج داعش التكفيري والذي يحتاج لعلماء أصحاء العقول والقلوب ويتمتعون بالمصداقية لمجابهة هذا الفكر تبقى الحاضنة لهذا الفكر هي مكمن الخطورة والخناجر المسمومة في ظهر الدولة في أي صراع مع داعش ويبقي الظلم والفساد والإضطهاد العرقي والعقدي والمذهبي والظلم الإجتماعي والسياسي هم الداعم الأول لدعشنة داعش .
إن المستضعفين والمظلومين الذين لم يجدوا قانونا عادلا ولا دولة نزيهة أمام مواطنيها في عالمنا العربي والإسلامي كافة هم القنابل الموقوتة وما أكثرهم وهم الحاضنة الحالية أو المتوقعة لداعش أو غيرها وهم الأولى والأحق بالرعاية والإنصاف لتحيدهم من تلك الخطة الشيطانية التي تستهدف التدمير الذاتي من خلال الصراع الدامي ما بين الهلال الشيعي -الإيراني -والقمر السني ، أو من خلال الأعراق المختلفة أو حتى من خلال إستغلال ظلم وجبروت الحكام و النخب السياسية واللعب على المظلوميات لخلق أنسجة إجتماعية ممزقة ومخترقة .
لا يمكن إستبعاد المؤامرات ولا الأطماع الخارجية ولكن ينبغي أن ندرك أننا نتآمر علي أنفسنا أضعاف ما يتآمر به عدونا وأن نقطة الضعف هي الجبهة الداخلية والحل في تماسكها وأن العراق هي البوابة وعندما تهدمت أجزاؤها بدأ الإنهيار وأن مصر هي العمود الباقي في الخيمة العربية وسقوطه لا قدر الله هي إيذان ببداية النهاية ، اللهم هيء لنا أمر رشد يحقن الدماء ويجمع المفرق ويقيم العدل فيعقبه الملك لأمة توشك على الهلاك .
ليست هناك تعليقات: