مساحة إعلانية

د. عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب ...أنقاض القفص الأخضر ..قصة قصيرة

عاطف عبدالعزيز عتمان يونيو 05, 2014






قفص حديدي أخضر اللون ، يتوسط الشرفة البحرية في الطابق الثالث من العمارة المميزة بعراقتها ، وتاريخها وتصميمها الخارجي ، والذي يعد تحفة معمارية والتي تطل على شاطئ البحر.
قفص متوسط الحجم  بجانبه الأيمن مسقاة مملوءة بالماء ، وفي أرضيته بعض من حبوب القمح والشعير ذهبية اللون في طبق رمادي يشبه الأرض التي تجود بخيرها في صورة سنابل القمح والشعير
وفي ساعة العصاري بعد انكسار حدة أشعة الشمس وهبوب نسمة بحرية هادئة داعبت ريش بشر وبشرى- عصفوري الكناري اللذان يمتلكان القفص الأخضر-
وبدأ صوتهما يغرد بلحن حزين تعوداه على مدار سنتين في القفص الأخضر
نظرت بشرى لحدود القفص وفردت جناحيها في محاولة بائسة للطيران نحو السحاب كما كان عهدها في الماضي البعيد ولكن قضبان القفص كانت قيد عتيق
فعجزت بشرى عن الطيران ووقفت على أحد القضبان ومخالبها تود أن تخنقه وتمنعه تنفس الهواء كما منعها التحليق في السماء
بشر كان يراقب بشرى وكأنه يعلم نتيجة المحاولة ويشفق على حبيبته من الشعور بالعجز وكأنه استسلم للقيود وتعايش مع القفص ولكن المرارة في عيني بشرى رفيقة دربه أعيته فحاول الهروب من نظراتها وطار في حدود القفص حتى وصل مسقاة الماء وأخذ يمرغ رأسه في الماء متمنيا أن يغسل الماء عنه قيود العجز.
وعاود الطيران في حدوده المعهودة حتى وصل لبشرى
ودار حديث طويل عن الماضي وقت أن كانت حدودهما السماء ومملكتهما الأرض ..
ربما يجوعان ويرهقهما البحث عن الحب بحب ؛ لكن السعادة كانت ترافقهما ، واليوم الحب تحت الأقدام والماء أمام العينان ولكن السعادة أبت أن تدخل معهما القفص .
وفجاءة إشتدت الرياح وصارت ريح قوية حملت القفص الأخضر وأطاحت به من نافذة الطابق الثالث ، وفي بضع ثواني عانق حطام القفص أرض الشارع ، وارتوى الحطام ببقايا ماء المسقاة وتناثرت حبوب القمح والشعير على الأرض .

ووجد بشر وبشرى نفسيهما بلا قفص أخضر ونظرا إلى السماء فقد حان الوقت !! وقت الحرية ، وقت معانقة السماء ، فرد بشر وبشرى جناحيهما وإستبشرا بكسر قيود القفص وطاقت نفسيهما للحرية ، وحاولا الصعود والطيران والتحليق والتغريد واسترجاع الذكريات .
فكانت المفاجأة......!!!!

مفاجأة غير سارة بالمرة تحطمت على عتباتها الأحلام وماتت الأمنيات ، إنه الخذلان !!
إنها قيود العجز التي فاقت قيود القفص وتفوقت عليه 
لقد ضعف الجناح عن حمل الجسد الهزيل بعد أن أدمن القيود لسنين ونسي قواعد الطيران ،  وهزلت عضلات الجناحان فكان الخذلان  ، وقف بشر وبشرى على أحد قضبان القفص المنهار ينظران للسماء بعين الحسرة بعد أن عجزا عن الطيران
وبعين حنين إلى حطام القفص المنهار وفاضت دمعة من العينان .


مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام