هل تحرشت يوما ؟
بداية التحرش أن أفقدنا الإنسان آدميته وبداية العلاج إستعادة
إنسانيته .
هل تحرش كلب بلحم أخيه ؟
هل حصدت المجتمعات المنغلقة الفضيلة مع شدة الوعظ الديني
؟
قبل أن نتأفف من عماص الأعين علينا أن نوفر لهم كوب ماء يغسلون به الأعين !!!
هل الإعلام والتعليم والفن مسؤولون عن المشكلة وعن الحل ؟
--------------------
قضية التحرش الجنسي قديمة حديثة وعقب كل حادثة يحدث فوران
ينتهي إلى لا شيء ، لأننا كالعادة نناقش ظاهرة دون الغوص في الجذور ، ونفتعل ضجة إعلامية وتصيبنا لعنة تسييس
أزاماتنا ، ونتناسى التشخيص السليم ولا نجد من يكتب العلاج ولا من يقوم على تنفيذه ولا من يتابع التنفيذ .
السؤال الأول لكل الأطهار المهاجمين بالكلمات النارية دون النظر بعمق وتحليل الظاهرة هل تحرش
أي منكم يوما ؟
من منا وقع في التحرش إن لم تكن مرات فمرة
على الأقل ، وإن لم يكن تحرش بمفهوم التحرش المادي من مد يد آثمة على جسد أنثي مهما
كانت المبررات فقد تحرش لا إراديا فى قطار أو أوتوبيس نقل عام ضاق بالهواء ، وإلتحمت فيه الأجساد ؛ فربما تحكمت
فى الحركات الإرادية ولكن الفسيولوجيات اللا إرادية ربما تحرشت ولو إحساسا على الأقل
!!!
تحرشنا يوم أن لم نمد يد العون لمحروم ولم نحاول نصرة مظلوم ولم نكتب عن آلام مريض وجوع محروم وضياع أمل من شاب في غد كريم .
المجرم من وضعنا فى علبة سردين
وطلب منا العفة في وقت حرمنا أن نعيش كبني أدمين.
بداية التحرش كانت بأن أفقدنا الإنسان آدميته ففقد كل معاني
الإنسانية .
بداية التحرش كانت في مجتمع يتعامل مع الجنس كأنه سبة وهو أهم إنشغلاته وأولوياته في الخفاء فانتشرت الثقافات الجنسية المنحرفة .
إن مفهوم التحرش واسع وأخطره التحرش الفكري والعقلي وهو ما
أدى للتحرش الأقبح وهو نهش لحوم بعضنا البعض ، ولم أرى كلبا ينهش لحم كلب ولكني رأيت
إنسانا عندما أفقدناه إحساسه بآدميته نهش لحم أخيه.
هناك من يتحرش بالجسد
ويفقد كل قيم الإنسانية والرجولة ، وموسم الأعياد مشهور ، وتتكرر الحوادث دون
أن نرى كلام عاقل وإجراءات محترمة لعلاج مجتمع به مرض زاد حجمه أو قل ، ولكنه مرض خطير
وموجود .
هناك من تتحرش عيناه أظن لم يسلم أحد من هذا النوع إلا من
رحم ربي .
البعض يرد الأمر للدين وبكل تأكيد للدين دوره المحوري ، ولكننا
نلاحظ أن في المجتمعات المنغلقة والتي ليس بها سفور تتصاعد وتيرة التحرش والإنحرافات
الجنسية مع شدة الوعظ الديني والفصل بين الجنسين ربما هناك تحرش أبناء الجنس الواحد !!!
البعض يرجع السبب لعجز القوانين ومما لا شك فيه أن القانون
الحازم والعدالة الناجزة هي سبيل مهم لضبط المخالفات وتقويم إنحراف السلوك .
، والبعض يتكلم عن
الإعلام والسينيما ومناهج التعليم ودور الأسرة الغائب فى التربية .
مما لاشك فيه أن كل تلك العوامل مؤثرة ولكن من وجهة نظري
الخطر الأول فى البيئة ، الخطر الأول أن يفقد الإنسان آدميته بحكم الظروف ، فالإنسان وليد بيئته.
في الإسلام يوجد الفصل في المضاجع فلو لم يتوفر سرير آدمي
ينفصل كل واحد بغطاء ، ولست أدري في حر الصيف كيف يكون الأمر !!!!
قبل أن نطلق ألسنة الوعاظ الذين يتحرشون قبل أن يعظون ، ويصبون
اللعنات على التحرش وزنى المحارم واللواط في
تحرش دعوي يؤدي للإنفصام دون أن يصلوا لأسباب المشكلة ويتعاملون مع الإنسان كأنه دمية
ويفشلون في وعظ أنفسهم فيفاقمون من المشكلة ، وبجوار سيف القانون العادل الذي يطبق على الجميع ، لابد أن
نحاسب أنفسنا وحكامنا وأثريائنا عن السبعة أفراد في غرفة ، وعن الحمامات المشتركة لعائلات وعن العشوائيات
وعن المواصلات اللاآدمية
وعن فقدان البعض
لأبسط حقوقهم الإنسانية.
لابد من محاسبة من تسبب في حرمان أخيه الإنسان أبسط حقوقه
الإنسانية ،
فقبل أن نتأفف من عماص الأعين علينا أن نوفر لهم كوب ماء يغسلون به الأعين !!!
الظاهرة خطيرة وتحتاج لجهود مكثفة من الدولة ومن الباحثين
وعلماء الإجتماع ورجال الأدب والإعلام والبيوت والمنظمات الخيرية والإغاثية .
لابد من إسناد الملف للجنة تختلف عن كلمة لجنة سيئة السمعة
التي تعودنا عليها ..
نريد لجنة من علماء الإجتماع والتربية والأزهر والقانون والإعلام
تتناول الملف وتكون هناك آلية لتنفيذ ومتابعة تنفيذ توصياتها.
هذا ليس تبريرا لفعل خسيس ولا سعيا لإيجاد سبب أن ننهش لحومنا في سلوك لم تنتهجه السباع ولكنه محاولة للوصول للجذور والإعتراف بالخطايا حتى نبدأ الحل .
إن الأخلاق لو ضاعت فقد ضاع المجتمع وهي بداية عودة المجتمع للطريق السليم ن وحتى تحاسب الإنسان على عدم إحترامه للإنسانية يجب أن نمنحه
حقوقه الإنسانية أولا..
و إنما الأمم الاخلاق ما بقيت..فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا
ليست هناك تعليقات: