مساحة إعلانية

«الراوي»: مصر أعز بلاد الله وأهلها معافون من الفتن.. الاستقواء بالكافرين لمواجهة المسلمين مخالف للإسلام.. مصر ذكرت في القرآن بالتصريح والتلميح في 28 موضعا.. تحزب المصريين قادهم للاقتتال الداخلي

عاطف عبدالعزيز عتمان أغسطس 05, 2013
نقلا عن موقع فيتو 
الخميس 01/أغسطس/2013 - 04:06 م
حوار : حسن الخطيب
 
• على الجميع الالتفاف حول مصلحة الوطن العليا والبعد عن القتال والتصارع على أمور الدنيا.
• لا يوجد في جميع أقطار الأرض بلد أثنى عليه القرآن بمثل مصر.
• أرض الكنانة مقبرة الغزاة ومهبط الأنبياء.


أكد الدكتور محمد الراوي عضو هيئة كبار العلماء وأستاذ التفسير وعلوم القرآن، في حوار له مع «فيتو»، أن الاستقواء بالخارج ومواددة الكافرين لمواجهة المسلمين أمر يتنافى مع فطرة الإسلام وسماحته ويتنافى مع الدين الإسلامي نفسه.

وأضاف «الراوي»، أن مصر أعز بلاد الله على الله وأهلها معافون من الفتن والبلد الوحيد الذي حمل راية العلم الإسلامي إلى العالم كله، موضحًا أن حديث النبي صلى الله عليه وسلم، أن «خير أجناد الأرض جند مصر».. حديث صحيح، لأنها مقبرة الغزاة، كما قدر لها من الله وهي الأرض المباركة مهبط الأنبياء والرسل ومقصد ومقام الصحابة والتابعين والفقهاء.

كما نبه «الراوي»، إلى أن مصر دائما تبتلى من الله بالمحن قبل أن تتحول إلى منح، لأنها في رباط إلى يوم القيامة.. لا تزال هناك من الأمور المهمة التي يتضمنها حديث الشيخ لـ«فيتو»، فإلى نص الحوار: 


* بداية.. أصبحت مصر الآن تتقاسمها فرق وشيع وأحزاب وجماعات وكل يدعى أنه على حق.. فما حكم الإسلام في التحزب والتعصب في الأمر من جانب جماعه معينة؟

- لم تعرف مصر أمر بمثل ما يحدث الآن من تقاتل وفرقة واختلاف، فهذه هي الفتنة التي أوضحها الرسول الأكرم، صلى الله عليه وسلم، فيما رواه أنها ستأتي على الناس سنوات خداعات يصدق فيها الكاذب ويكذب فيها الصادق ويؤتمن فيها الخائن ويخون فيها الأمين وينطق فيها الرويبضة، قيل وما الرويبضة يا رسول الله، قال السفيه يتكلم في أمر العامة، هذا بجانب أنه الآن أصبح القتال على أمر السلطة فهي فتنة فاتقوا الفتنة وما يحدث الآن في مصر هو قتال فتنة، فالإسلام يمقت هذا الصراع.

وهناك جانب آخر وهو التحزب الذي يؤدى إلى التعصب والقتال، والمولى يقول في كتابه عن التحزب والتعصب «كل حزب بما لديهم فرحون»، موضحًا أن التحزب بالطبع يؤدى إلى القتال والفرقة و«لو نظرنا لتاريخ التحزب، نجد أنه فرق شمل الأمة وأضعفهم على ماهم فيه من ضعف فازدادوا ضعفا على ضعف، ومن هنا كان الإسلام يمقت التحزب والفرقة ولا يوجد إلا حزب واحد وهو حزب الله الذي يتبع دينه ويؤمن برسولة فهؤلاء هم حزب الله، لقوله تعالى: «ألا إن حزب الله هم المفلحون».

* بسبب التصارع السياسي أريقت دماء وازهقت أرواح ونتج عنه الصراع والتحزب.. في رأيك كيف عالج الإسلام هذا الجانب من ضرورة حفظ النفس في أوقات الفتنة؟

- كفل الإسلام في شريعته الحفاظ على الروح البشرية وجعلها أعلى شأنا وكرم الله تعالى الإنسان أيما تكريم ولهذا جعل هناك حدودًا في صيانتها وكفل لها حقها في عدة مواضع منها حرمة الاعتداء على النفس، فيقول تعالى «ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاءه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه ولعنه وأعد له عذابا عظيما»، فهذا أعطى للنفس البشرية حقها في عدم التعرض لها وحرمة الاعتداء عليها.

وكذلك، جعل هناك ما يسمى بسد الذرائع التي تؤدى بالإضرار بالنفس، حيث حرم الإسلام الاعتداء على النفس بأي ضرر يفضى إلى إزهاقها كحمل السلاح وقتال المسلم للمسلم وهناك حديث مشهور فيها حيث يقول عليه السلام «إذا التقى المسلمان بسيفيهما فالقاتل والمقتول في النار.. قيل هذا القاتل فما بال المقتول قال كان حريصا على قتل أخيه»، وقد فرضت الشريعة الإسلامية فروضا بأن جعلت هناك قصاصا لمن يقتل بل وأوجبته الشريعة وجعلت أيضا حفظ النفس من الكليات الخمس، هذه هي الشريعة الإسلامية في حفظ النفس، أما ما يجب فعله في وقت الفتنة هو الاتفاق وعدم الاختلاف أو التعصب، لأنه سيجر حتما إلى قتال وإراقة للدماء وإزهاق الأرواح ونحن بحق نعيش زمن فتنة ولهذا كان الرسول، صلى الله عليه سلم، دائمًا يوصى أمته باتقاء الفتنة وماروى عن معاوية رضي الله عنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «لم يبق من الدنيا إلا بلاء وفتنة».

* من منظور الشريعة الإسلامية.. كيف نعالج التصارع والتفرق فيما بين المسلمين الذي سيؤدى إلى ضياع الوطن؟

- لم تدع الشريعة رؤيا أخرى ضد التفرق سوى الاعتصام بحبل الله تعالى، من هنا تكون نقطة البدء في صلاح أمر الأمة ومن هنا يمكن معالجة التصارع الدائر فيما بين المسلمين وبعضهم فكان أمر الله واضحا لعبادة «واعتصموا بحبل الله جميعا»، ثم نهى سبحانه عن التفرق بين أهل الإسلام بقوله «ولا تفرقوا»، وذلك لأن التفرق سبب الفشل ومنه يدخل العدو وتضعف الجهود بسبب التفرق والخلاف، ثم أمرهم بتذكر نعمته عليهم بالاجتماع على هذا الدين والتآلف عليه وببعثة هذا النبي الكريم صلوات الله وسلامه عليه بعد ما كانوا أعداء متباغضين متناحرين.

وفي صحيح مسلم ما روى عن أبي هريرة رضي الله عنه قول النبى، صلى الله عليه وسلم، إن «الله يرضى لكم ثلاث ويكره لكم ثلاث، فيرضى لكم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئا، وأن تعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا ويكره لكم القيل والقال، وكثرة السؤال وإضاعة المال، فالتفرقة هي سبب الاقتتال وسبب كل ما يحدث للأمة فعلى الجميع الالتفاف حول مصلحة الوطن العليا والبعد عن القتال والتصارع على أمور الدنيا».

* تردد كثيرا في الفترة الأخيرة عن الموالاة بأعداء الإسلام في مواجهة المسلمين ببعضهم.. فما حكم الإسلام في هذا؟

- القرآن الكريم واضح في موالاة أعداء الإسلام من أجل المناصرة، فلا يحق أبدًا أن يكون خطاب المسلم للمسلم بموالاة بأعداء الإسلام فالإسلام ينهى عن ذلك نهيا قاطعا وجازما والقرآن حكى هذا، فقال تعالى «يا أيها الذين آمنوا لا تتخذوا اليهود والنصارى أولياء بعضهم أولياء بعض ومن يتولهم منكم فإنه منهم إن الله لا يهدي القوم الظالمين»، فكيف يكون لمسلم يولى ويعاضد عدو الإسلام في مواجهة مسلم آخر، لقوله تعالى «لا يتخذ المؤمنون الكافرين أولياء من دون المؤمنين»، ولايزال الله تعالى يحذر تحذيرا شديدا في أن يتخذ بعض المسلمين بطانة من الكفار أعداء الإسلام، فيقول تعالى «لا تتخذوا بطانة من دونكم»، وعندما عرض هرقل مساعدة معاوية بن أبى سفيان في مواجهة على بن أبى طالب كان رد معاوية أخان وتشاجرا فما بالك تدخل فيما بينهما إن لم تخرس أرسلت إليك بجيش أوله عندك وآخره عندي يأتونني برأسك أقدمه لعلي، هكذا علمنا صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم، كيف يكون الخلاف، فكيف الآن يتعاضد بعض المسلمين طالبين نصرة أعداء الإسلام.

* هل ترى أن الحل يكمن في المصالحة الوطنية؟

- حقيقة.. هذا حل جيد ومبادرة الإمام الأكبر شيخ الأزهر الأفضل، لأن التاريخ يعرف أن الأزهر لعب دورا هاما في إعادة الأمور لمسارها الصحيح فدعوة الأزهر الشريف لمصالحة وطنية هو ما نحتاجه اليوم من أجل التوصل إلى كلمة سواء واتفاق في رؤية الأمة حتى نكيد أعداء الإسلام الذين يتربصون بنا الدوائر ولشيخ الأزهر الأمام الأكبر فضل كبير في دعوته للمصالحة، لأنه يريد أن يحفظ كيان الأمة ويجمع شتاتها ويحفظ دماء وأرواح أبنائها.

* يتعرض الأمن القومي لمصر لتهديد من قبل جماعات تدعي الإسلام وكل منها يريد أن ينالها بشر بالرغم من أن الله أمنها فهي البلد الوحيد الذي ورد ذكره في القرآن الكريم مرات عديدة، نود توضيح ذلك؟

- لقد أوضح الله فضل مصر في آيات عديدة من القرآن العظيم تتحدث عن مصر وأحوالها وأحوال الأنبياء بها فهى أرض مباركة يشهد لها بذلك القرآن وكفى به شهيدا ومع ذلك ورد عن النبي صلى الله عليه وسلم في ذكر مصر وأقباطها خاصة وذكره لقرابته ورحمهم، لأنه "صلى الله عليه وسلم"، تزوج من مارية القبطية التي أهداها له المقوقس عظيم مصر وأنجب منها ابنه إبراهيم ومباركته عليهم، وعلى بلدهم وحثه للمسلمين على برهم ما لم يروا عنه صلي الله عليه وسلم في قوم غير أهل مصر فقد أخرج الله منها من الأنبياء والعلماء والحكماء والملوك والعجائب بما لم يخص الله به بلدا غيرها ولا أرضا سواها ولو تحدثنا عن مصر في القرآن الكريم سنجد مواضع كثيرة فيقول الله تعالى عندما أراد أن ينشر دعوة التوحيد لنبيه موسي، «وأوحينا إلى موسى وأخيه أن تبوءا لقومكما بمصر بيوتا واجعلوا بيوتكم قبلة وأقيموا الصلاة وبشر المؤمنين».

كما تحدث القرآن الكريم عن أمن مصر منذ أزمان بعيدة وأنها بلد الأمن والأمان واحتضانها لأي غريب يقصدها للعيش الكريم ما ذكره الله عز وجل عن قول يوسف «فلما دخلوا على يوسف آوى إليه أبويه وقال أدخلوا مصر إن شاء الله آمنين»، والحديث في القرآن عن خيرات مصر متعدد فيكفيها أنها كانت سلة الغلال في العالم، حيث قال الله عز وجل لبني إسرائيل «اهبطوا مصرا فإن لكم ما سألتم».

وهناك قصة عن إيواء الله تعالي لمريم عليها السلام وابنها وتوطينهما في مصر، فيقول الله تعالى «وجعلنا ابن مريم وأمه آية وآويناهما إلى ربوة ذات قرار ومعين»، ويقول بعض المفسرين هي مصر وقبط مصر مجمعون على أن المسيح عيسى بن مريم وأمه عليهما السلام كانا بمصر وانتقلا منها إلى القدس، ولو نظرنا على سبيل العموم سنجد أنه ذكرت مصر في القرآن الكريم بالتصريح والتلميح في 28 موضعا ولا يوجد في جميع أقطار الأرض بلد أثنى عليه القرآن الكريم بمثل هذا الثناء أو وصفه بمثل هذا الوصف».

* هذا على سبيل ما لمصر من مكانة في القرآن، فماذا عن مصر في السنة النبوية، وتحديدًا أن هناك بعض العلماء شككوا في صحة حديث خير أجناد الأرض؟

- السنة النبوية الشريفة تحدثت كثيرا عن مكانة وفضائل مصر ومن ينكرها فهو جاهل وقد كان أشهرها ما روى عن أبي ذر رضي الله عنه قال، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم «إنكم ستفتحون مصر وهي أرض يسمى فيها القيراط فإذا فتحتموها فأحسنوا إلى أهلها فإن لها ذمة ورحم»، وفى رواية أخرى «ذمة وصهرا»، فإذا رأيتم رجلين يختصمان في موضع لبنة فاخرج منها قال فرأيت عبد الرحمن بن شرحبيل بن حسنة وأخاه يختصمان في موضع لبنة فخرجت منها هذا حديث صحيح وحديث خير أجناد الأرض هو كان جزء من أحد خطب عمرو بن العاص رضي الله عنه في مصر، وذكر فيها ذلك حيث قال حدثني عمر بن الخطاب أمير المؤمنين أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول «إذا فتح الله عليكم مصر فاتخذوا فيها جندا كثيفا فذلك الجند خير أجناد الأرض، فسأله أبو بكر قائلا ولم ذلك يا رسول الله، فقال لأنهم في رباط إلى يوم القيامة»، ومثل ما حكى القرآن الكريم عن مصر حكت السنة النبوية أيضا.

* بعد عهد الرسول جاء من بعده الخلفاء الراشدون، فهل كانت مصر منذ عهدهم محط مكانة خاصة بعد الفتح الإسلامى لها؟


- يكفى أن مصر فتحها عمرو بن العاص بأمر من الخليفة عمر بن الخطاب، لأنه عرف بوصية الرسول صلى الله عليه وسلم، وكان لهذا الفتح الإسلامى على مصر فضائل عديدة، فقد أوتيت مصر بالإسلام الذي أرسى دعائمه فيها وجعلها دولة إسلامية بترحيب من أهلها ليخلصوهم من حكم الدولة التي كانت تحكمهم بظلم وإجحاف وظلت مصر مدافعة عن الإسلام دفاعا حقا فقد واجهت المغول والتتار والصليبيين وغيرهم ممن أرادوا أن يحاربوا الإسلام وعلى مر تاريخها مصر خرجت علماء ساهموا كثيرا في نشر الإسلام والدين في ربوع مصر ومازالت مصر محتفظة بهذه الميزة من خلال الأزهر الشريف.
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام