مساحة إعلانية

العفو...هوالله

عاطف عبدالعزيز عتمان مارس 23, 2012

 الآن اسم العفو ورد في قوله تعالى:
﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) ﴾
(سورة النساء )
 أنت حينما تعفو تتقرب إلى الله بكمال مشتق من كماله.
﴿ إِنْ تُبْدُوا خَيْرًا أَوْ تُخْفُوهُ أَوْ تَعْفُوا عَنْ سُوءٍ فَإِنَّ اللَّهَ كَانَ عَفُوًّا قَدِيرًا (149) ﴾
(سورة النساء )
 آية ثانية:
﴿فَأُولَئِكَ عَسَى اللَّهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ وَكَانَ اللَّهُ عَفُوًّا غَفُورًا (99) ﴾
(سورة النساء )
 كان الله أي كمالاته مع وجوده، كان الله ولم يكن معه شيء ومنذ أن كان الله هو عفو غفور، لا يوجد صفات طارئة.
﴿ذَلِكَ وَمَنْ عَاقَبَ بِمِثْلِ مَا عُوقِبَ بِهِ ثُمَّ بُغِيَ عَلَيْهِ لَيَنْصُرَنَّهُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ لَعَفُوٌّ غَفُورٌ (60) ﴾
(سورة الحج )


وفي السنة النبوية
(( قلت: يا رسولَ الله إِنْ وَافَقْتُ ليلةَ القَدْرِ، ما أَدْعُو به ؟ قال: قُولي: اللهم إنك عَفُوٌّ كَرِيمٌ تُحِبُ الْعَفْوَ فاعْفُ عَنِّي ))
[الترمذي عن عائشة رضي الله عنها ]
-------------
  العفو هو الله من العفو، والعفو من صيغ المبالغة، والعفو هو التجاوز عن الذنب وترك العقاب عليه، وكل من استحق عندك عقوبة فتركت عقوبته فقد عفوت عنه، المعنى البسيط.
المؤمن إنساني يعرف لمن حوله حقه ولو كان تحت يده:
 أيها الأخوة، جاء رجل إلى النبي عليه الصلاة والسلام فقال: يا رسول الله كم نَعفُو عن الخادم ؟
فَصَمَتَ، ثم أعاد عليه الكلام، فصمت، فلما كانت الثالثة قال:
(( اعفُ عنه في كل يوم سبعين مرة ))
[أبو داود عن عبد الله بن عمر رضي الله عنه ]
 إخوانكم جعلهم الله تحت أيديكم أطعموهم مما تأكلون ، ألبسوهم مما تلبسون، لا تكلفوهم ما لا يطيقون، وإذا كلفتموهم أعينوهم على ذلك، يعني لا بد من توضيح فكرة أنا أرى أن الإنسان إما أن يكون إنسانياً أو عنصرياً، معنى عنصري أي يرى لنفسه ما ليس لغيره، ويرى على غيره ما ليس عليه، فهذا الخادم إنسان له مشاعر، له كرامة، له حاجات، ما دمت تعامله كإنسان فأنت إنساني ولو كان خادماً، الخادم عبد من عباد الله جعله الله تحت يديك وما لم يعامل الخادم كما يعامل الابن أنا أعني ما أقول، وما لم يعامل الخادم كما يعامل الابن فأنت عنصري.
 قال لي شخص عندي شاب يتيم ذكي جداً طلب مني ساعة قبل الدوام يغادر ليتابع دراسته ليلاً، ما قبلت أخاف أن يتعلم ويفقس. يضع لابنه مليوني ليرة دروس خاصة ليكون طبيباً أما هذا اليتيم طلب منك ساعة قبل الدوام ليأخذ كفاءة ما قبلت ، عنصري، حينما ترى ما لك ما ليس لزوجتك زوج عنصري، حينما تعامل زوجة ابنتك في البيت معاملة لا ترضاها لابنتك عنصري، عندما تميز نفسك على غيرك فأنت عنصري، المؤمن إنساني يعرف للناس حقهم، يعرف لمن حوله حقه ولو كان تحت يده.
  هل تصدقون قبل بعثة النبي عليه الصلاة والسلام عنده سيدنا زيد بن الحارثة جاء أبوه وعمه ليعطوا النبي عليه الصلاة والسلام ما يريد، قال لا هو ابنكم خيروه فاختار أن يكون عند النبي، في إنسان يختار رجلاً غريباً عن أبيه وأمه وعمه ؟ ماذا لقي منه، ماذا لقي من معاملة ؟ من كرم ؟ من لطف ؟ فلذلك إن لم تعامل من حولك وكأنهم أولادك ففي مشكلة، الإيمان ما تغلغل إلى أعماق النفس.

معاني العفو:
 من معاني العفو أنه يعطي معنى الكثرة وزيادة والدليل:
﴿وَيَسْأَلُونَكَ مَاذَا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ (219) ﴾
(سورة البقرة )
 ما فضل عن نفقتكم، وعفا القوم أي كثروا، وعفا النبت أي نما وطال، معاني أخرى للعفو، لكن العفو سبحانه وتعالى هو الذي يعفو ويستر ويصفح عن الذنوب مهما كان شأنها ويستر العيوب ولا يحب إظهارها، يعفو عن المسيء كرماً وإحساناً ويفتح واسع رحمته فضلاً وإنعاماً، حتى يزول اليأس من القلوب وتتعلق بعلام الغيوب.
 الإمام القرطبي من كبار العلماء والمفسرين يقول: العفو أن الله سبحانه وتعالى يعفو عن خلقه، وقد يكون هذا العفو بعد العقوبة أو قبلها.
 أي هذا الذنب يستحق عقاباً معيناً، هذا المذنب يتحمل وزر هذا الذنب، العفو هو الذي لا يعاقب على هذا الذنب، أو يعاقب في الدنيا ويعفو في الآخرة، من أقيم عليه حدّ يعد إقامة الحد عليه سبباً لعفو الله عنه في الآخرة.
 أما المغفرة لا يوجد معها عقاب، المغفرة أوسع من العفو، المغفرة لا عقاب معها أما العفو قد يكون عفواً في الدنيا قبل العقاب وقد يكون عفواً في الآخرة بعد العقاب.

تبديل السيئات حسنات مع الإقبال على الله في عدل و رحمة و تواضع:
 أيها الأخوة، الله عز وجل يقول:
﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) ﴾
(سورة الفرقان )
  يوجد مفهوم أنا لا أقبله إطلاقاً، أن السيئات مهما كانت كبيرة تنقلب يوم القيامة إلى حسنات كبيرة، معنى ذلك بقدر ما تستطيع افعل سيئات كبيرة حتى تصبح يوم القيامة حسنات كبيرة ؟ هذا المعنى مرفوض، لكن الإنسان كان غضوباً صار حليماً، كان بخيلاً صار كريماً، كان قاسي القلب صار رحيماً، تبديل السيئات حسنات مع البعد عن الله في سيئات في حمق في حقد في قسوة في ظلم في إجحاف لكن مع الإقبال على الله في عدل في رحمة في حلم في تواضع، هذا المعنى الذي يليق بالمؤمن.
﴿إِلَّا مَنْ تَابَ وَآَمَنَ وَعَمِلَ عَمَلًا صَالِحًا فَأُولَئِكَ يُبَدِّلُ اللَّهُ سَيِّئَاتِهِمْ حَسَنَاتٍ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا (70) ﴾
(سورة الفرقان )
العفو و المغفرة:
 أيها الأخوة:
(( يُدنى المؤمن من ربه حتى يضَع عليه كنَفَه، فيقرِّرُه بذنوبه: تَعْرِفُ ذَنّبَ كذا وكذا ؟ فيقول: أعرف ربِّ، أعرفُ، فيقول سَتَرْتُها عليك في الدنيا، وأغْفِرُها لك اليومَ، ثم تُطوى صحيفةُ حسناته.))
[ البخاري عن ابنُ عمرَ رضي الله عنه]
  الله عز وجل في الدنيا يعفو عنك، يعني لا يعاقبك بعقاب الذنب الذي ارتكبته لكن في الآخرة يغفر لك، فالمغفرة لا يوجد معها عقاب، أما العفو قد يأتي بعده عقاب وقد لا يأتي وقد يسبقه عقاب، يوجد وزر تحمّله المذنب من هذا الذنب، العفو ألا يعاقب على هذا الوزر أما الفعل قائم.
كل إنسان سيرى عمله يوم القيامة عملاً عملاً:
 أيها الأخوة، عندنا نقطة دقيقة أن الإنسان أعماله كلها سوف يراها، تعرض عليه.
﴿مَالِ هَذَا الْكِتَابِ لَا يُغَادِرُ صَغِيرَةً وَلَا كَبِيرَةً إِلَّا أَحْصَاهَا وَوَجَدُوا مَا عَمِلُوا حَاضِرًا وَلَا يَظْلِمُ رَبُّكَ أَحَدًا (49) ﴾
(سورة الكهف )
  الآن أحدث طريقة بالتحقيق أن تريه خطأه، في مخالفة سير يرى الصورة، يوجد أجهزة الآن تلتقط المخالفات لا يستطيع أن يتكلم و لا كلمة، لا يوجد حوار إطلاقاً، هذه مخالفتك، فالله سبحانه وتعالى يوم القيامة يري الإنسان عمله في بعض الآثار: قد تقع عين الأم على ابنها يوم القيامة، تقول الأم لابنها: هل من حسنة أنتفع بها من حسناتك ؟ جعلت لك صدري سقاء، وبطني وعاء، وحضني وطاء، فهل من حسنة يعود عليّ خيرها اليوم ؟ يقول لها ابنها: يا أمي، ليتني أستطيع ذلك إنما أشكو مما أنت منه تشكين .
(( يحشر الناس يوم القيامة حفاةً، عراةً، غرلاً ))
[ مُتَّفَقٌ عَلَيْه ]
  قالت: يا رسول الله، أينظر بعضنا إلى بعض ؟ قال: يا أم المؤمنين، الأمر أفظع مما يعنيهم ذلك.
 والله بزلزال وقع في مدينة عربية حدثني صديق بيته أصابه هذا الزلزال، زوجته من شدة خوفها حملت ابنها الرضيع وانطلقت إلى الشارع ثم اكتشفت أن الذي حملته ليس ابنها بل هو حذاء زوجها.

﴿يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ (2) ﴾
(سورة الحج)
﴿فَمَا أَصْبَرَهُمْ عَلَى النَّارِ (175) ﴾
(سورة البقرة)
بطولة الإنسان أن يعد العدة لمثواه الأخير:
 أنا أقول يا أيها الأخوة، نحن أحياء والقلب ينبض ويوجد بالعمر بقية لما لا نتوب إلى الله.
(( لو يعلم المعرضون انتظاري لهم، وشوقي إلى ترك معاصيهم، لتقطعت أوصالهم من حبي، ولماتوا شوقاً إليّ، هذه إرادتي بالمعرضين، فكيف بالمقبلين ؟ ))
[ ورد في الأثر ]
  كنت أقول مرة: شخص ناجى ربه فقال يا رب إذا قلت لنبي كريم ولأخيه:
﴿اذْهَبَا إِلَى فِرْعَوْنَ إِنَّهُ طَغَى (43) فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا لَعَلَّهُ يَتَذَكَّرُ أَوْ يَخْشَى (44) ﴾
( سورة طه)
 إذا كانت رحمتك بمن قال أنا ربكم الأعلى هكذا فكيف رحمتك بمن قال سبحان ربي الأعلى ؟ إذا كانت رحمتك بمن قال ما علمت لكم من إله غيري فكيف رحمتك بمن قال لا إله إلا اله ؟
(( مرّ النبي عليه الصلاة و السلام بقبر فقال: صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم ))
[ ورد في الأثر ]
 البارحة حدثني أخ قال فلان راتبه بالشهر خمسمئة ألف، مدير مطعم بفندق خمس نجوم، يوجد إنسان أرباحه اليومية ملايين (اليومية)، يوجد إنسان اشترى أرضاً تضاعفت مئة ضعف مثلاً، صاحب هذا القبر إلى ركعتين مما تحقرون من تنفلكم خير له من كل دنياكم، فالبطولة أن نعد لهذه الساعة التي لا بد منها أن نعد لمثوانا الأخير، بيوتنا مثوى مؤقت، البطولة أن نعد لمثوانا الأخير.
قضية الدين قضية مصيرية:
 أيها الأخوة الكرام، قضية الدين قضية مصيرية، فو الذي نفس محمد بيده ما بعد الدنيا من دار إلا الجنة أو النار.
  أنت حينما ترى جنازة هل تعلم مصير هذا الإنسان ؟

 إما إلى جنة يدوم نعيمها أو إلى نار لا ينفذ عذابها، والإنسان حينما يأتيه ملك الموت إن كان من أهل النار يصيح صيحة لو سمعها أهل الأرض لصعقوا.
﴿يَا لَيْتَنِي قَدَّمْتُ لِحَيَاتِي (24) ﴾
( سورة الفجر)
  نحن أحياء الآن الله يجعلنا من المؤمنين الصادقين.
 المصدر
من موسوعة النابلسى للعلوم الإسلامية
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام