عندما سجد سامي حنا
كتب: علي عبد المنعم:
لم
يكن غريباً أن يسجد ما يقرب من 1000 شاب من متطوعي صناع الحياة سجدة شكر،
بعدما فعل د.عمرو خالد ذلك على منصة المسرح الكبير عقب حديثه عن الإنجازات
التي حققها هؤلاء الشباب خلال الفترة الماضية، الغريب أن سامي سجد. أقصد
سامي حنا. أول متطوع مسيحي في مشروع محو الأمية الذي بدأته مؤسسة صناع
الحياة التي أطلقها "الداعية" الإسلامي عمرو خالد.
هو
سامي حنا مرزوق. شاب من محافظة بني سويف في الثانية والعشرين من عمره. سمع
بمشروع "العلم قوة" لمحو الأمية فقرر فوراً أن يشترك في الحملة، سأل أهله
وأصدقاءه، فلم يجد منهم إلا تشجيعاً. توجه سامي إلى جمعية صناع الحياة في
بني سويف، وقرر التطوع في الحملة. ليس هذا فحسب، فسامي لم يرد أن يكون مجرد
"فرد" في الجمعية، ولكن قرر أن يكون قائداً لمجموعة متطوعين مسيحيين جذبهم
سامي بمجرد دخوله صناع الحياة.
سألته:
"ولماذا يتطوع مسيحي في جمعية أنشأها داعية إسلامي؟"، رد بقوله: "الأمية
لا دين لها، المسلم الأمي لديه نفس مشكلات الحياة التي يعاني منها أخوه
المسيحي، كلاهما لا يقرأ.. كلاهما يضحك عليه الناس في الشارع.. كلاهما لا
يقرأ روشتة الطبيب ولا اسم الدواء ولا نشرة العلاج.. لا أحد يرضى بذلك.
مسلم كان أو مسيحي.. ولو ظللنا نفكر بتلك العقلية، لما تقدمت مصر للأمام".
حدثني
سامي عن مشواره مع مشروع العلم قوة منذ دخوله وحتى الآن قائلاً: "بدأت
وأنا لدي تحديان، تحدي أن أثبت لإخواني المسلمين بأنني أريد فعلاً أن أحقق
شيئاً لبلدي، وتحدي آخر أمام أصدقائي المسيحيين، بأنني لم اتخذ قراراً
خاطئاً حينما انضممت إلى الحملة. انطلقت، ذهبت في أول خطوة إلى كنيسة "بني
بخيت" في بني سويف، وفوجئت بموافقة فورية من أبونا دواود وأبونا يعقوب..
وافقا على فتح جزء من الكنيسة كفصل لمحو الأمية، بل وخصصا جزءاً من قداس
الجمعة لكي يشجعا الآخرين على الانضمام، إما كمتطوعين أو كمدرسين، أو
كأميين للفصول، وحققت أول إنجاز".
لم يكتف سامي بذلك، بل مر على عدد آخر من الكنائس، وقام بعمل Presentation أو عرض تعريفي بالمشروع، حتى أن معظم الكنائس الآن مشاركة في حملة العلم قوة.
مثل
هذا التشجيع من الكنائس سهّل فيما بعد لسامي أن يحضر ما يقرب من 50 شاباً
وفتاة مسيحيين للاشتراك في الحملة في بني سويف وما يقرب من 50 آخرين في
محافظات أخرى، وقاد سامي فريقه وجعلهم ينتشرون بين قرى ومراكز بني سويف،
بعضهم كان دوره إقناع الكنائس، وبعضهم لإقناع مزيد من المسيحيين للانضمام
للحملة، والباقي كان ينتشر مع شباب صناع في عملهم.
الجميل
أن الكنائس، كما يوضح سامي، لم تكتف بتخصيص مساحة للفصول، أو حتى الحديث
الأسبوعي عن الحملة، ولكنها فتحت أبوابها لشباب صناع الحياة، وخاصة عدد من
قادة الحملة في بني سويف لكي يخاطبوا المترددين على الكنيسة لإقناعهم
بالمشروع، وبالفعل شاركت د.جيهان رمضان (مديرة صناع بني سويف) ود.عمرو نادي
(مسئول جذب المتطوعين) والمهندس علي بدر قائد (فريق جذب الأميين)، ومحمد
جمال وأروى، في مخاطبة المسيحيين من داخل الكنيسة، وكان لذلك أثر رائع على
نفوس الجميع.
تنهد
سامي قليلاً وقال: "ما فعلناه ونفعله يجسد روح مصر الحقيقية، بصراحة أنا
لا أرضى عن تغطية الإعلام الرسمي والخاص لقضية العلاقة بين المسلمين
والمسيحيين، باختصار أنا مصري مسيحي مشارك في جمعية كلها مسلمون، وأنا فخور
كل الفخر بذلك، وهناك آلاف من الشباب المسيحيين المشاركين في جمعيات أخرى
يريدون النهوض بهذه البلد ولا يعنيهم ما يردده الإعلام عن فكرة التفرقة
الطائفية، وهناك ملايين من المسلمين يندمجون ويتعايشون مع إخوانهم المسلمين
دون مشكلات، هؤلاء وهؤلاء ليس أمامهم إلا أن يعملوا سوياً ويجتهدوا معاً
من أجل مصر، ولكن الإعلام لا يرى إلا المشكلات للأسف". وأضاف سامي: "بلدنا
مش هاتنضف إلا بينا كلنا".
سألته:
"وما الذي جعلك تسجد سجدة شكر مع عمرو خالد وشباب صناع من المسلمين، أنت
لست مضطراً لذلك"، قال: "لو رأيت ما رأيت لسجدت، وأنا سجدت معهم سجدة في
المسيحية تسمى مطانية، فقد نزلت إلى قرى ونجوع بني سويف ورأيت مآسي بكل ما
تحمله الكلمة من معنى، رأيت في عزبة الصعايدة وعزبة شنودة رجال ونساء لا
يجدون نقطة ماء.. لا يتناولون إلا وجبة واحدة كل يومين.. ليس لديهم بيوت
ولا عشش.. يعيشون في الصحراء.. ليس لديهم سقف يظللهم.. ليس لديهم صرف صحي..
وعندما تفعل شيئاً قليلاً يدخل السرور على قلوب هؤلاء، ليس في وسعك إلا أن
تشكر الله على ما فعلت".
اغرورقت
عينا سامي وهو يضيف: "أنا أبكي كلما أتذكر هؤلاء ثم أقول الحمد لله..
وربنا معانا لأن المشوار لازال طويلاً.. ونفسنا يجب أن يكون أطول.. مصر
محتاجنا كلنا".
منقول من موقع د عمرو خالد
ليست هناك تعليقات: