مساحة إعلانية

فى عصر القرود

عاطف عبدالعزيز عتمان مارس 17, 2012


لا تستغرب ولا تستهجن أي شيء فإننا نعيش عصر القرود
وهذا ليس سبة للقرود فالقرود مهيئة لما خلقت له ولم تتحمل أمانة التكليف ولم ينعم الله عليها بنعمة العقل ولم تكرم وتخلق بيدي خالقها سبحانه
فعذرا للقرود
فى عصر القرود كل شيء  قابل للبيع والكل نخاس فى سوق النخاسة  مع إختلاف السلعة وإختلاف الجرم
فى عصر القرود لا حرمة لدماء البشر فالقتل بين بنى آدم وإراقة الدماء أسهل من إراقة الماء من الأكواب
وما شاهدنا قرودا تسفك دماء بعضها بوحشية كما شاهدنا بنى آدم .....

فى عصر القرود مات الحب وقبرت القلوب وتلاشى الضمير
وبيعت المشاعر والأجساد وتحول الحب إلى سلعة رخيصة وشهوة دنيئة وحيوانية بائسة وتحولت المرأة إلى سلعة جسد بلا روح وتحول الذكر إلى صائد فرائس  وباحث عن شهوة

فى عصر القرود تحول المتحولون وتلون المتلونون وبيعت الذمم وخربت الضمائر وفسدت الأذاوق

ألا لعنة الله على الدولار فقدت من أجله العذراء عذريتها وهنا لا أقصد المفهوم الضيق للعذرية لدى النساء ولكن العذرية الحقيقية هي الفطرة هي الإنسانية هي الفارق بين بنى آدم وسائر المخلوقات
من أجله بيعت الأمومة فى سوق النخاسة وسلبت الحرية
ونهبت الأموال وسفكت الدماء وهتكت الأعراض
وضاعت القيم وتاهت الفضيلة

فى عصر القرود لم يفقد الإنسان عذريته فقط بل أفقدها لمن حوله
فعلم القبح للحيوان وأفسد فطرته فى مأكله ومشربه وشهوته
وعبث بالنباتات وخريطتها الوراثية  وتلاعب بها من خلال الهرمونات والكيماويات
حتى الماء والهواء وجنبات الكون لم تسلم من عبث الإنسان
فلوث الهواء إن لم يكن بأول وثاني أكسيد الكربون والأدخنة والعوادم
فبالصوت المرتفع والغوغائية وسماعات التوكتك وبأغاني من قبيل يا حلوة يلي صغيرة....

لقد غضبت الطبيعة بأمر ربها فتزلزلت وأخرجت الحمم والبراكين  وغضب البحر فجاء تسونامى
وسيستمر الغضب ما إستمر الإنسان يحيى كقرد فى عصر القرود
فى عصر القرود نتاجر بكل شيء نحسن الكلام وننمق الحديث ونتقعر فى اللغة ونقرأ قول الله سبحانه
كبر مقتا عند الله أن تقولوا مالا تفعلون
فلا تكاد تغادر حناجرنا وإن سمعتها الآذان فبينها وبين القلوب حجب الغفلة وخمر الوعي وران الذنوب والآثام
وأقبح أنواع النخاسة أن تتاجر بآلام المرضى وأنات الجرحى ودموع اليتامى
وما أقبح إستغلال الدين من أجل الدولار ...
وكيف وقد تاجرنا لعقود بأقدس المقدسات المسجد الأقصى
وتاجرنا فى أهله والمرابطين فيه
صعدنا الفضاء وسرنا على سطح القمر وصنعنا الصواريخ
وتقدما فى المادة ما يفوق أي تصور
وفى المقابل إنحطت إنسانيتنا لدرجة غير مسبوقة
كيف لا ودمائنا تسفك بيننا فى كل لحظة ويمثل بعضنا بجثث بعض دون وازع من ضمير أو شفقة أو إنسانية
أما آن الأوان لنخرج من عصر القرود لنحيى عصر الإنسان
ليس كاتب تلك السطور بالإنسان المنزه فى عصر القرود

لكنه يأبى أن لا يعيش إلا إنسان
وإن كنا نعيش فى عصر القرود








 بقلم

د عاطف عتمان
17/5/2012الأسكندرية
مشاركة
مواضيع مقترحة

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام