مساحة إعلانية

شيخ الأزهر: «أهل الذمة والجزية» مصطلحات لها سياق تاريخي انتهى

عاطف عبدالعزيز عتمان ديسمبر 27, 2020

 



دعا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب، شيخ الأزهر الشريف، لعدم التعامل مع مصطلح أهل الذمة مرة أخرى، واستبداله بكلمة المواطنة، مشيراً إلى أنه لا محل ولا مجال أن يُطلق على المسيحيين الآن أنهم أهل ذمة، فهم مواطنون متساوون في الحقوق والواجبات، ومفهوم أهل الذمة مثله مثل الجزية، «كان لهما سياق تاريخي وانتهى»، وذكر أن النبى، وضع أول دستور نفاخر به العالم عندما قامت دولة الإسلام في المدينة المنورة على مبدأ المواطنة، ونص فيه على أن سكان المدينة أمة واحدة، متضمنة يهود بني عوف.
جاء ذلك في تقرير للإمام الأكبر في جريدة صوت الأزهر الناطقة باسم المشيخة بمناسبة أعياد الميلاد، حيث أكدت الجريدة أن الإمام الطيب يعارض مصطلح الأقليات، مؤكداً أنه لا يعبر عن روح الإسلام ولا عن فلسفته، وأن مصطلح المواطنة هو التعبير الأنسب، والعاصم الأكبر والوحيد لاستقرار المجتمعات، وأوضح أن المواطنة معناها المساواة في الحقوق والواجبات بين المواطنين جميعًا، بخلاف مصطلح الأقليات الذي يحمل انطباعات سلبية تبعث على الشعور بالإقصاء، وتضع حواجز نفسية تتداعى وتتراكم في نفس المواطن الذي يطلق عليه أنه مواطن من الأقليات.
مبدأ المواطنة
وأشار الإمام الأكبر إلى أن دولة الإسلام قامت في المدينة المنورة، وكان يرأسها النبي، على مبدأ المواطنة، وكان فيها يهود ومشركون بجانب أكثرية مسلمة، وحين ذهب النبي الكريم إلى المدينة وتكونت الدولة، وضع دستور المدينة أو وثيقة المدينة وهو أول دستور نفاخر به العالم كله بل والتاريخ، ونص فيه على أن سكان المدينة أمة واحدة، كما جاء فيه: «وَإِنّ يَهُودَ بَنِي عَوْفٍ أُمّةٌ مَعَ الْمُؤْمِنِينَ، لِلْيَهُودِ دِينُهُمْ وَلِلْمُسْلِمَيْنِ دِينُهُمْ»، وهذه مواطنة كاملة في الحقوق والواجبات تقوم على أساس الأرض وعلى أساس الدولة والبقعة التي يعيش عليها الناس سواء أكانوا مسلمين أم غير مسلمين.
الكل متساوون في الحقوق
ونبه شيخ الأزهر إلى أن المواطنة لا تتوقف عند اختلاف دين أو اختلاف مذهب، فالكل متساوون في الحقوق والواجبات، والجميع سواسية أمام القانون في الدولة، وعلى الجميع أن يدافعوا عن هذا الوطن ويتحملوا المسؤولية الكاملة.
وشدد شيخ الأزهر على أن مصطلح أهل الذمة لم يعد مستعملًا، وأن الأزهر لا يقوله ولا يصف به شركاء الوطن بحال من الأحوال، باعتباره أصبح الآن مصطلحا غير مستساغ مع أنه كان في ذلك الوقت مفخرة للدولة الإسلامية؛ لأنها أول حضارة تحفظ حقوق غير المسلمين وتؤكد المساواة التامة بين المواطنين من خلال الصيغة التعاقدية بين غير المسلمين وبين الدولة الإسلامية، موضحًا أنه لا يجب ألا يُنتزع هذا المصطلح من محيطه التاريخي ويُحاكم بانطباعات الناس، ولذلك فإن الكارهين للتراث بسبب أو بآخر الذين يأتون بفتوى قيلت في وقت عصيب ليقولوا هذا هو الإسلام وفقهه وتراثه، والمتشددين الذين يستوردون حكمًا كان يواجه التتار أو الصليبيين في بلاد الإسلام ليطبقه الآن على غير المسلمين -كلاهما كاذب؛ لأن الإسلام غير ذلك تمامًا.
فلسفة الإسلام
وأوضح الإمام أن الفترة التي ساد فيها مصطلح أهل الذمة، قال عنها الغربيون: إن غير المسلمين نعموا بحقوق وبمساواة لم ينعموا بها مع إخوتهم في دينهم في الحضارات الغربية التي كانت تفرق بين أهل البلد وبين الغريب عنها، وبين مَن يَدين بدِين الدولة ومَن يَدين بغيره، بل إما أن يدخل في دين الدولة وإما أن يهاجر وإما أن يُقتل.
وأشار إلى أنه حينما تفتتت الدول الإسلامية ولم تعد هناك خلافة إسلامية تُلزم الشعب بتطبيق فلسفة الإسلام -لم يعد هناك وجود لمصطلح أهل ذمة؛ لوجود أنظمة حديثة تمامًا، وليس هذا المصطلح كما يشاع علامة اضطهاد لأنه كان في زمنه يضمن كل الحقوق لغير المسلم ويرفع عنه حق الدفاع عن الدولة وهذا ليس إقصاء لهم بقدر ما هو احترام لدينهم ولعقيدتهم، لافتًا إلى أن الجزية فُرضت على غير المسلم كما فرضت الزكاة على المسلم، بل كانت الجزية أقل تكلفة من أنصبة الزكاة بل غير المسلم كان يستفيد من الجزية بأكثر مما يستفيد به المسلم من الزكاة، والجزية تعفي غير المسلم من الدفاع عن الدولة، لكن الزكاة لم تُعْفِ المسلم من الدفاع عن الدولة بما فيها من غير المسلمين بروحه وبدمه.
 
المصدر جريدة الوطن  

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام