مساحة إعلانية

الترحم على غير المسلم ما بين المنع والإباحة ج4 المرتضى إعمراشا





تواصل الأريام بإذن الله رحلتها الإنسانية في رحاب الإسلام الذي تعرفه وتسأل إن كان الرسول الأول للإنسان هو العقل فماذا إن عجز عن المنهج وعرف ربه وفق منهج باطل عجزا؟
والحجة القائمة هي الرسل ورسالات السماء فماذا إن وصلته الرسالة مشوهة فرفضها ولم يعلم الحق ويجحده؟
إن لم تكن إنساني فانساني.

للسلفي المغربي المتمرد تحررا المرتضى إعمراشا قول آخر يخالف جحافل الفتاوى السلفية فيقول :

أدلة المانعين من الاستغفار لغير المسلمين


نجد من يمنع الترحم على غير المسلمين والاستغفار لهم، يستدل بقوله تعالى في سورة التوبة: مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُولِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ، وَمَا كَانَ اسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لِأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَا إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لَأَوَّاهٌ حَلِيمٌ". الآيات. 
وهذه الآيات الكريمة كما في البخاري نزلت في حق أبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، ومما لم يلاحظه المفسرون فيها أنها مقيدة بقوله سبحانه مرّتين:
 "مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ"، وقوله: "فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ لِلَّهِ تَبَرَّأَ منه" ، بمعنى أن الآيات تدل على جواز ذلك وأن الأصل هو الاستغفار للجميع، إلا من تبين لنا أنه عيناً من أصحاب الجحيم، كفرعون وهامان وقارون، وغيرهم ممن صح برهان يستثنيهم، أي أن حظر الاستغفار يقع فيمن تقوم عليه الحجة بلا مرية وفقهها، فيعاندها، ومن يتبيّن لنا أنه عدو لله، كالسفاحين والطغاة المجرمين. 
وفي هذا الصدد يمكن الرجوع لكتابات علماء المسلمين في حكم الحكم على مصير المعين، لذلك وبهذا نفهم ما ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم من طلب إذنه عز وجل أن يستغفر لأمّة، فلم يؤذن له، ولو كان يحرم الاستغفار للمشركين مطلقا، لما استأذن أصلا، إذ أن حادثة استئذانه لأمه جاءت في أخريات حياته كما أسلفنا، ووفاة أبي طالب كان في مكة في بدايات البعثة .

إبراهيم وعيسى يستغفرون لما كفر بهم 

ومما نرد به على من يحظر الاستغفار لغير المسلم، قول إبراهيم عليه السلام:
 "رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ فَمَن تَبِعَنِي فَإِنَّهُ مِنِّي وَمَنْ عَصَانِي فَإِنَّكَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ"
فهذا أبو الأنبياء يطلب المغفرة والرحمة حتى لمن عصاه!
، وهو سلوك الأنبياء دائما كما في صحيح البخاري عن عبد الله بن مسعود ـ رضي الله عنه قال:
 (كأني أنظر إلى النبي ـ صلى الله عليه وسلم ـ يحكي نبيا من الأنبياء، ضربه قومه فأدموه، وهو يمسح الدم عن وجهه ويقول: اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون). 
وهو نفس سلوك المسيح عيسى عليه السلام أيضا، كما في الآية :"إِن تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِن تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ" ، رغم علمه بأنهم عصوه وعبدوه من دون الله. 
وقد روى البخاري ومسلم عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ: قَامَ فِينَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَطِيبًا بِمَوْعِظَةٍ فَقَالَ:
 «يَا أَيُّهَا النَّاسُ، إِنَّكُمْ تُحْشَرُونَ إِلَى اللَّهِ حُفَاةً عُرَاةً غُرْلًا (كَمَا بَدَأْنَا أَوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وَعْدًا عَلَيْنَا إِنَّا كُنَّا فَاعِلِينَ) أَلَا وَإِنَّ أَوَّلَ الْخَلَائِقِ يُكْسَى يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِبْرَاهِيمُ عَلَيْهِ السَّلَام، أَلَا وَإِنَّهُ سَيُجَاءُ بِرِجَالٍ مِنْ أُمَّتِي، فَيُؤْخَذُ بِهِمْ ذَاتَ الشِّمَالِ فَأَقُولُ: يَا رَبِّ أَصْحَابِي؟! فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، فَأَقُولُ كَمَا قَالَ الْعَبْدُ الصَّالِحُ: {وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيدًا مَا دُمْتُ فِيهِمْ فَلَمَّا تَوَفَّيْتَنِي كُنْتَ أَنْتَ الرَّقِيبَ عَلَيْهِمْ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ إِنْ تُعَذِّبْهُمْ فَإِنَّهُمْ عِبَادُكَ وَإِنْ تَغْفِرْ لَهُمْ فَإِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} 
قَالَ فَيُقَالُ لِي: إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ، مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ «..

المسار الطبيعي للضمير الإنساني أو الفطرة، تجعلك تأسى وتتألم، بمجرّد ما ترى قتيلا أو معاناة كائن، إنسانا كان أو حيوانا. لكنّ رجال الدّين علموا الأمة أن تنتظر، وتتريث حتى تعرف من القتيل؟! ما دينه ومذهبه..!

 النكبة الأخلاقية
المسار الطبيعي للضمير الإنساني أو الفطرة، تجعلك تأسى وتتألم، بمجرّد ما ترى قتيلا أو معاناة كائن، إنسانا كان أو حيوانا. لكنّ رجال الدّين علموا الأمة أن تنتظر وتتريث، حتى تعرف من القتيل؟! وما دينه ومذهبه..! فإذا كان مسلما ترحموا عليه؟! لا، لم يعد هذا ممكنا أيضا عند البعض، بل سينظر الشيعي المتعصب، إن كان القتيل شيعيا، وينظر السني المتعصب إن كان الضحية سنياً، وكذا الشأن في كل الطوائف. 

أما إذا كان الضحية "كافراً" كما يصفونه، فقد لُقنوا الشماتة فيهم، والدعاء عليهم بالجحيم. 
وهكذا تنحصر الرحمة التي بعث بها محمد للعالمين، محاولين جعل كل مسلم مشروع إرهابي مع وقف التنفيذ، إلا من رحم الله، مدنسين فطرتهم السليمة، وجعلوها موافقة مذاهبهم الحاقدة، وكثيرا ما إذا سألت بعضهم ما موقفكم من داعش مثلا، سيقولون:
 تنظيم إرهابي، الإسلام منه بريء!
 لكنك إذا أزلت مصطلح داعش، و قمت بتفريغ لتركيبته الأيديولوجية على شكل أسئلة لهم، ما حكم هذا، ما حكم كذا؟ ستجد أنهم كلهم دواعش!!
 وقد يحظر عليك أن تصف "نلسون منديلا" مثلا، بأخي وتدعو له، أو لغيره ممن خدموا الإنسانية، لكنهم لا يمانعون بالترحم على الإرهابي المسلم، ويحكم على مصيره، في فهم مدسوس باسم الولاء والبراء، سنتناوله بالبحث عما قريب .
الترحم على ضحايا العالمين سنة النبيين والمرسلين
روح الدين الإسلامي تخالف هذا التوجه الذي صدرت به كلامي تماما، وهو ما ستكتشفه معي في مقالاتي هذه، فهي تنسجم مع مشاعرك الإنسانية، وتجعلها مشاعة، وتثمنها لتبث روح المودة والإخاء، تجاه شركائك في الأرض، في انسجام تام مع سكان السماوات من الملائكة. قال ربنا :..

وَالْمَلَائِكَةُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ، وَيَسْتَغْفِرُونَ لِمَن فِي الْأَرْضِ..الآية (5، سورة الشورى)؛ 
وهذا الاستغفار الملائكي لمن في الأرض عامة، يمنحك الشعور بمدى روحانية الإسلام، وبعده عن التمييز الديني السلبي، الذي دنس سماحة الرسائل الربانية، ونجد الآية (75، غافر)، تجعل استغفار حملة العرش للمؤمنين، خاصة؛ وللسخرية حتى يخرج بعض من شوهت هذه المفاهيم السامية، في ذهنه، من إشكال في مذهبهم، ادعى أن الآية الأولى منسوخة بآية حملة العرش، كما نقله البغوي في تفسيره للآية، بينما الآيتان مختلفتان، إحداهما تعم الملائكة وأهل الأرض، والأخرى تخص حملة العرش والمؤمنين، وادعاء النسخ هنا وهم فاحش، وتعسف واضح .
---
لله درك أيها المرتضى فكم تملك من اشجاعة العاقلة والوضوح ومنطق الطرح ونواصل الحلقة القادمة مع بحث رائع وصوت ماليزي عاقل ...

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام