السلطان محمد الثالث بن مراد الثالث العثماني يذكرون أنه كان صاحب إيمان إسلامي كبير، وأنه كان يقوم من مقامه إجلالا لاسم النبي صلى الله عليه وسلم إن سمعه.
المهم فخامته قتل كل إخوته الذكور قبل دفن أبيه، ويبدو أن لصراع السلطة قبل دفن الراحلين تاريخ كبير متجذر، فقبل الدفن يتم تأمين الاستيلاء على السلطة في ظل غياب فلسفة الموت.
إلى هنا في ظل صراعات الكرسي يبدو الأمر عادي وإن لم يكن مقبولا ولكن السؤال الأهم هل ما فعله فخامته له تأصيل بل مدح فقهي؟
يا ترى هل كان عند فخامته هيئة كبار العلماء تشرعن له القتل وتجعل سفكه للدماء في سبيل الله ووحدة الأمة؟
فوجئت بتأصيل إجرام فخامته بل كل الفخامات السابقة واللاحقة بما نشره د. بلال زرينه تحت عنوان
فتوى تاريخية صادمة:
الفقيه الحنبلي مرعي بن يوسف الكرمي المقدسي (المتوفى سنة 1033ه الموافق1624م) في دفاع شرعي وتبرير فقهي لقتل السلاطين العثمانيين أبناءهم وإخوتهم:
(( ومن فضائل سلاطين بني عثمان قتْلُ أولادهم الذكور خوفاً من إثارة الفتن وفساد الملك واختلاف الكلمة وشق العصا بين المسلمين وهذا الأمر لم يسبقهم إليه أحد فيما أعلم؛ وهو إن كان أمراً ينفر منه الطبع السليم بحسب الظاهر، لكنه في نفس الأمر خير كبيرٌ ونفع كثير، ومع ذلك لم يظهر لي جواز ذلك على سبيل الاطلاق لأنهم أطفال لا ذنب لهم أصلا، وكون يحصل منهم بغي وإثارة فتن فيما بعد فهو أمر غير محقق ، وترك القتل في مثل ذلك أليق ، ولعل من أفتى من العلماء بالجواز واستحل قتلهم و أجازه مُحتجّاً بجواز قتل الثلث لإصلاح الثلثين نزّل الظن منزلة اليقين على ما فيه من البعد بلا ميْن ويحتمل أن يُقال يجوز قتلهم سياسة لا شريعة وباب السياسة أوسع من باب الشرع ، فقد قال العلماء المحققون للسلطان سلوك سبيل السياسة ولا تتوقف السياسة على كل ما نطق به الشرع قال العلامة ابن عقيل وهو الحزم عندنا ...إذا علمت هذا فينبغي القول بجواز القتل إذا صار الغلام مراهقا مع القرائن الدالة على الفتنة لأنه حينئذ يصير مظنة الفساد والفتن، وأمّا قبل ذلك فلعل الله يحدث بعد ذلك أمرا، وعند الخوف فربما يجوز القتل من هذه الحيثية عملاً بالقرائن وشواهد الأحوال؛ قبل أن يتسع الخرق ويعظم الخطب ويشتد الندم والكرب؛ هذا السلطان سليمان في أول توليته شرع في قتل أولاده خوف الفتن والخروج عليه فأرسل أمراً بإحضار ولده مصطفى بعد توجيهه إلى تبريز لأخذ العجم فأمر بخنقه...) - باختصار
- المصدر: كتاب (قلائد العقيان في فضائل آل عثمان، ص135-138)، تأليف مرعي الحنبلي، تحقيق الدكتور إبراهيم الشرعة، ط1، 2009م
______
الأن أيها العاقل هل تختار مدنية دستورية عادلة أم خلافة دموية؟
دولة قانون أم دولة فقيه؟
ليست هناك تعليقات: