مساحة إعلانية

الله الله يا فأس إبراهيم قد طال الغياب

عاطف عبدالعزيز عتمان ديسمبر 04, 2018



منذ سنوات وفي نوبة هم وحزن قالوا لنا إن سورة يوسف تفرج الهم والحزن لمن قرأها، فلما قرأتها ولم يُفرج همي سألت؟
قالوا لأنك لم تقرأها بيقين.
لم أجد جوابا إلا إتهام نفسي فالاستمرار في السؤال هنا قد يهوي بي في بئر سحيق.
ولكن التساؤل يحاصر نفسي، عندما قرأت سمعا وطاعة لقول الشيخ كان كلي يقين ولم أكن أجرب كما ادعى الشيخ فأين الخلل؟
تعجبت ريمي وقالت ما هذا؟
هل تكفر بالله وتنفي سحر القرآن وروحانيته وقوة تأثيره؟
لو أنك من المتقين لرأيت الأثر؟
قلت سبحان الله وهل القرآن للمتقين فقط، أم دواء وهداية للحائرين، بفهمه واتباعه تتحقق التقوى ولا يحتاج الدواء إلا المريض. 
قالت أنت القلق أنت الذي تجرب الله بلا يقين، الشيطان يستهويك فاستعذ بالله من الشيطان الرجيم.
قلت أعوذ بالله من الشيطان الرجيم وبعد الاستعاذة مازالت المشكلة قائمة أين الخلل؟
رجعت للشيخ فقال جرب فتوضأ وقس ضغطك ثم اقرأ يوسف وبعد القراءة قس الضغط ثانية وستبهرك النتيجة!
زادت الحيرة فالشيخ قال جرب وهو من قال الله لا يجرب ولكن عجزت أن أبوح له بمكنون النفس.
الشيخ لا يعرف أنني في حالة الهم والحزن ينخفض ضغطي ومع ذلك سأتبع شيخنا فهو العالم صاحب ملايين الأتباع.
في هذه المرة جربت ولم أكن متيقن وكانت نتيجة التجربة سلبية.
كم زادت جذوة نار الحيرة والقلق بين أضلعي وظل التساؤل قائما أين الخلل؟
قرأت بيقين من أجل زوال الهم فلم يزل، وقرأت تجربة لمقياس الضغط فلم يستجب؟
ذهبت لريمي المتمردة صاحبة العقل المشهود أعرض عليها حيرتي وأسألها أين الخلل؟
ابتسمت ريمي التي حضرت للتو وقالت هون على نفسك وتعالى نفكر سويا، ما هو القرآن الكريم؟
أجبتها كلام الله
قالت وما وظيفة الكلام وغايته؟
أجبتها وسيلة تواصل غايتها معرفة ما يريده المتكلم.
قالت وكيف تعرف مراد المتكلم والرسالة التي يود إيصالها؟
أجبتها بمعرفة لغة الكلام وفهم معاني الكلمات فتلمس حقيقة المراد ،ومن ثم إن كان كلاما عليا فيعقب الفهم والتدبر إلتزام، لأن القرآن هو الحق المطلق لأنني أؤمن أنه كلام الله.
قالت لماذا يستجيب أناس للقرآن فيؤمنوا به ويرفضه آخرون؟
أجبتها لا أفهم!
قالت هل يمكن أن نقول أن السر في عقل المتلقي وفطرته، فنفس الكلمات والجمل يعقلها عقل ويتدبرها وتأنس بها فطرته فيؤمن بها، وعقل آخر يرفض من حيث المبدأ تلقيها فهو أسير لقيود ميراثه، وعقل يعقلها ولكن العناد والهوى يحولان بينه وبين قبولها؟
هل القرآن كغيره من رسالات السماء ذو تأثير في ذاته يهدي الناس ويجبرهم بقوته على الإيمان به، وبه قوة روحانية أو تسخير كما يدعي البعض لملائكة أو جآن، وهل يحرق الجآن فعلا، أم أنه نور هداية ومعالم إضاءة من الخبير العليم للناس ليدلهم على طريق السلامة، يقبله أهل العقول المتدبرة النزيهة والفطر السليمة؟
هل هو كتاب طب أو تاريخ أو فلك أو علم نفس أم كتاب هداية للناس يحررهم من الظلام إلى النور؟
يقول علم النفس وتعديل السلوك أن المشاعر ناتجة عن أفكار، والسلوك يترتب عليهما، وبتغيير الأفكار تتغير المشاعر كما وكيفا فيختلف السلوك، فالمعالج السلوكي الماهر الذي يستطيع تغيير طريقة تفكيرك ويعالج أخطاء التفكير يمكنه مساعدتك على تغيير مشاعرك وسلوكك فهل هذا المعالج إله؟
وهل قواعده العلمية ونصائحه الخاضعة للتجربة والتطور أقدس من القرآن أم أن المقارنة في غير محلها؟ 
القرآن أعظم بكثير من محاولات البعض إظهار عظمته بطرق ملتوية فأساؤوا له أكبر إساءة حتى من الكافرين به. 
ثم أطلقت ريمي سليلها وكأنها أدت دورها ونفد مخزونها، وركضت في فضاء الواحة الفسيح قبل أن أسألها لو قرأ المليار ونصف مسلم سورة يوسف هل تزول الهموم والأحزان عن الأمة؟
وكأنها تركت لي الإجابة بعد أن أضاءت شموعها.
قررت إعادة قراءة سورة يوسف يخاطبني بها الله فأقف عند كل آية أفهم وأتدبر وأعي أحسن القصص الذي تجاوز سرد الروايات ليحقق الهدف وهو العبرة، بتأمل قصة يوسف الصديق هذا الكريم بن الكرام توقفت مرات ومرات عند الأفكار والعبر والعظات، وعند الخطاب السماوي الموجه لي ألتمس نوره ، وبنفسي وجدت إجابة السؤال الأخير فلو فهم السواد الأعظم من المسلمين القرآن بما فيه سورة يوسف واتبعوا نوره لتغير الوعي الجمعي للأمة وزال همها وغمها .
الله الله يا فأس خليل الرحمن إبراهيم عليه السلام فقد طال غيابك .
في بحثي عن أسرار سورة يوسف والله يصف القرآن بالبيان الواضح والسهل اليسير أثلجت صدري فتوى على إسلام ويب ردا على سؤال حول أسرار سورة يوسف:
ج:
فلم نجد من أهل العلم من ذكر أن من أسرار هذه السورة ما ذكر في السؤال، ومع ذلك فلا مانع من قراءتها للمهموم والحزين لأن في القرآن شفاء ورحمة للمؤمنين، لا سيما إذا تدبر القارئ واعتبر بما اشتملت عليه السورة من أحسن القصص، ومن انتقال من حال إلى حال، من محنة إلى منحة ومنَّة، ومن ذل إلى عز، ومن فرقة وشتات إلى اجتماع وائتلاف، ومن حزن إلى سرور، ومن ضيق إلى سعة.

مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام