مساحة إعلانية

حول تدوين السنة نظرة في كتاب الكافي وغيره من كتب الأحاديث



كعادة الأريام تفتح القلوب والآذان وتحاول النظر على الصورة من كل جانب يمكنها من خلاله الرؤية، فيقبل العقل وتأنس الفطرة بكل حسن تستحسنه ويرفض كل قبيح تستقبحه. 
في ظل الجدل المشتعل حول سنة النبي صلى الله عليه وسلم والوقوع بين فكي الرحى، ما بين ألئك الذين يعبدون كتب التراث ويجعلون لها عصمة وقداسة لا هي من كتاب ولا سنة، وتأخذهم حمية باطلة لإنتاج بشري مهما بلغ من جودة على حساب الحق، فيتفرق الجمع ويختلف من أمرهم الله بالإعتصام، وبين ألئك الذين تحكمهم الأهواء والتوجهات والمصالح من منكري السنة ودعاة تحييدها، ولا يخفى على المهتمين بمسألة التنوير والتجديد أن غالب القسم الثاني هذا لهم في القرآن الكريم النص الجامع للمسلمين توجهات منها أنسنته بمعنى رفع القداسة عنه، ومنها أرخنته بمعنى جعله أثر تاريخي ولكنها المرحلية. 
بعد نشري  حوار برنامج أ ل م وضيوفه فضيلة الدكتور عبد الله النجار من مصر، فضيلة الدكتور عفيف الصباطبي من تونس، الشيخ محمد وليد فليون من دمشق، توجهت لمكتب العلامة الجعفري اللبناني السيد علي الأمين أسأله عن كتب السنة وعن الكافي والكافي لمن لا يعرف يوازي البخاري في المذهب الإمامي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته مولانا.
السنة النبوية المشرفة وما يثار حولها وتعدد مصادر السنة عند المذاهب والفرق والوقوع بين فكي الرحى ما بين من يعادي السنة وينكر حجيتها وبين من يسعى لمراجعتها والتثبت من المتون وفق مرجعية فهم القرآن الكريم ومراجعة الأسانيد، ودعوات صوتها خافت بتجمع يجمع علماء المسلمين من مختلف المشارب والتخصصات البحثية والمذاهب للإلتقاء على كلمة سواء وهي اعتصام الأمة بحبل ربها وهو ما فطن سماحتكم له بالمقصد السادس من مقاصد الشريعة فإن كان لكم إفاضة حول الجدل الدائر.
وتم الرد بهذه الإفادة التي أفاض بها السيد علي الأمين
في ٢٣ ديسمبر ٢٠١٣
وأهم ما استوقفني (وإن كان بعضهم قد تحرّى عن خصوص الصحيح منها فيما جمعه فهو قد جمع ما صحّ بنظره، وهذا لا يكفي في صحّة الحديث عند غيره، بل لا بدّ من استئناف البحث والنظر في رجال الحديث الذين اعتمد عليهم جامع الحديث، لاحتمال استناده في الصحّة إلى نظره واجتهاده) 
_________

نظرة في كتاب الكافي وغيره من كتب الأحاديث

 سؤال موجّه إلى العلاّمة السيد علي الأمين: ما هو رأيكم في كتاب الكافي وغيره من الكتب الجامعة للأحاديث والروايات؟
الجواب: قد أبلى علماء الحديث وعلماء الرجال البلاء الحسن في تتبع رواة الأحاديث وجمعها ووضع الضوابط في الرفض والقبول والجرح والتعديل، وقد بالغ بعضهم في تلك الضوابط ممّا جعلنا نخسر كثيراً من الرّوايات، وأعتقد أن الرجوع إلى قواعد علم أصول الفقه في إثبات حجيّة الأخبار يمكن اقتصارها على اعتبار الوثاقة كما جاء في آية النبأ(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا إِنْ جَاءَكُمْ فَاسِقٌ بِنَبَأٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْمًا بِجَهَالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلَى مَا فَعَلْتُمْ نَادِمِينَ) وبذلك يتم التعديل لبعض المعايير التي جعلت من بعض المصطلحات موضوعاً مستقلاًّ في قبول الرواية ورفضها كالصّحيح والحسن والموثّق والقوي والضعيف وغيرها من العناوين التي لم ترد في الكتاب والسنّة. ويظهر من تتبّع كتب الحديث أن الغرض الأساسي كان من تصنيفها الحفاظ على السنّة النبوية بوصفها أثراً واجب الإتباع،وقد تركز اهتمام أصحابها في الدرجة الأولى على جمع ما وصل إليهم سماعاً من الرواة في عصرهم عن الطبقات السابقة أو من خلال ما وجدوه في كتبهم التي دوّنت فيها أحاديثهم، وإن كان بعضهم قد تحرّى عن خصوص الصحيح منها فيما جمعه فهو قد جمع ما صحّ بنظره، وهذا لا يكفي في صحّة الحديث عند غيره، بل لا بدّ من استئناف البحث والنظر في رجال الحديث الذين اعتمد عليهم جامع الحديث، لاحتمال استناده في الصحّة إلى نظره واجتهاده، ومن المعلوم أن اجتهاد شخص لا يكون حجة على مجتهد آخر، ولذلك قد استقر رأي المحققين على أن كتب الأحاديث لا يمكن الحكم بصحة جميع ما روي فيها لاشتمالها على الصحيح وغيره، وإطلاق إسم الصحيح على كتاب من قبل مؤلفه وغيره لا يجعل من المسمّى صحيحاً بكل محتوياته، فإنه لا يوجد-بحسب اعتقادنا- كتاب صحيح كله سوى كتاب الله سبحانه وتعالى وهو القرآن الكريم الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه. ولذلك فإن المنهج العام المعتمد عند عموم الفقاء والمجتهدين لدى استنباط الأحكام الشرعية من السنة النبوية الشريفة المروية من طرق أئمة أهل البيت وغيرهم يقوم على التثبت من صدورها أولاً، وهذا ما يعبر عنه بالبحث عن السند ورجاله، وثانياً في البحث عن دلالة الحديث المروي، ولا يكفي في ثبوته وجواز العمل به مجرد وجوده في كتب الحديث كما تقدم، ولذلك تعددت كتب الروايات والمستدركات عليها كما تعدّدت كتب الجرح والتعديل، وهذا يعني عدم وقوف الصحيح عند كتاب واحد .
والرأي المختار في عموم كتب الروايات والأخبار أنها كالبحار تشتمل على الجواهر والدرر والأحجار ويحتاج الوصول إليها والتمييز بينها إلى البحث من أهل الإختصاص والإختبار.
وعلى هذا الأساس فإن كتاب الكافي للشيخ الكليني وغيره من كتب الأحاديث المشتملة على الروايات لا نحكم بصحة كل ما روي فيها، وهذا ما يشهد له الواقع في هذا الكتاب وغيره من خلال العثور فيها على أخبار غير صحيحة بحسب مصطلحات علم الحديث، وقد أحصى بعضهم أحاديث كتاب الكافي فبلغت ستة عشر ألف حديث ومائة وتسعة وتسعين حديثاً، وأن الصحيح منها بالمعنى الإصطلاحي خمسة آلاف واثنان وسبعون حديثاً، ولذلك لا تستغني عملية استنباط الأحكام الشرعية من رواياته وروايات غيره من النظر في كل رواية سنداً ودلالةً، ولا يصح العمل بالرواية لمجرد وجودها في الكتاب. وقد تواترت الأخبار عن أئمة أهل البيت بقولهم بلزوم عرض ما روي عنهم على القرآن والسنّة الثابتة عن رسول الله(ص)، وفيها أن (ما خالف قول ربنا لم نقله، وأنه زخرف باطل، واضربوا به عرض الجدار).
ومن خلال ما تقدم مضافاً إلى هذا الميزان المعلوم صدوره عن أئمة أهل البيت يتبيّن لنا أن الأخبار المروية عنهم في كل كتب الحديث لا بد من عرضها على الكتاب والسنّة الثابتة وأن الأحاديث المخالفة لهما لا تصح نسبتها إلى أئمة أهل البيت عليهم السلام ولا يصح العمل بها وإن وجدت في كتاب الكافي وغيره.
والله نسأل أن يوفقنا إلى الصواب وآخر دعوانا إن الحمد لله رب العالمين.
-------
شكر الله لسماحة العلامة السيد علي الأمين وللسيد حسن الأمين ولمكتبه وأوجه له ولفضيلة الإمام الأكبر شيخ الجامع الأزهر ولكل أهل الإعتبار رسالة من مسلم من المسلمين المهمومين بهمهم.

فضيلة مولانا الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب بما له من رمزية أما آن الأوان لتجمع عالمي برعايتكم يجمع علماء المسلمين من مختلف المشارب والتخصصات البحثية والمذاهب على كلمة سواء عمادها الإعتصام بحبل الله ، والاتفاق على منهجية توحيد سنة النبي صلى الله عليه وسلم من خلال منهج علمي يخلص لصحيح السنة ، ويتناول مواضع الشبهات ويجمع المسلمين أو أغلبهم على الأصول الواضحة ،ويؤسس لفقه يواكب العصر، وأنت الفيلسوف العالم الوسطي المعتدل وأنت رأس المؤسسة العريقة؟
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام