الازدواجية
المجتمعات العربية تتعامل مع الجنس بازدواجية وتعتمد على الأقنعة الزائفة، ففي الوقت التي تتصدر أكثر البلاد محافظة مؤشرات البحث عن البورنو تتصدر منابرها شدة الوعظ ، وفي الوقت الذي تُحاصر فيه الثقافة الجنسية ويُحرم فيه الوعاظ كل شيء بداية من النظر للزوجة عارية ( مما يفسح المجال للجهل الجنسي والكبت والمعارف المغلوطة) تجد في التراث العربي والإسلامي كتب جنسية تنسب لكبار العلماء يعجز القلم عن كتابة بعض عناوينها، ربما بسبب قيود الموروث، فعلى سبيل المثال ينسب للإمام السيوطي كتاب بعنوان نواضر الأيك في فنون....،و رشف الزلال من السحر الحلال ، وديوان أبي حكيمة راشد بن اسحاق ، ونزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب لشهاب الدين أحمد التيفاشي ، وما ذكر عن الجنس في العقد الفريد لابن عبدربه، وما ورد في الأغاني للاصفهاني ، وما ورد في ألف ليلة وليلة.
المجتمعات العربية تتعامل مع الجنس بازدواجية وتعتمد على الأقنعة الزائفة، ففي الوقت التي تتصدر أكثر البلاد محافظة مؤشرات البحث عن البورنو تتصدر منابرها شدة الوعظ ، وفي الوقت الذي تُحاصر فيه الثقافة الجنسية ويُحرم فيه الوعاظ كل شيء بداية من النظر للزوجة عارية ( مما يفسح المجال للجهل الجنسي والكبت والمعارف المغلوطة) تجد في التراث العربي والإسلامي كتب جنسية تنسب لكبار العلماء يعجز القلم عن كتابة بعض عناوينها، ربما بسبب قيود الموروث، فعلى سبيل المثال ينسب للإمام السيوطي كتاب بعنوان نواضر الأيك في فنون....،و رشف الزلال من السحر الحلال ، وديوان أبي حكيمة راشد بن اسحاق ، ونزهة الألباب فيما لا يوجد في كتاب لشهاب الدين أحمد التيفاشي ، وما ذكر عن الجنس في العقد الفريد لابن عبدربه، وما ورد في الأغاني للاصفهاني ، وما ورد في ألف ليلة وليلة.
هناك عشرات الكتب
التي تتناول الجنس في التراث العربي الإسلامي وهنا بعض الوقفات.
تساؤلات
* هل الألفاظ تتغير
مدلولاتها عبر الزمن فما نعتبره اليوم عيب وبيئة باللغة المعاصرة كان طبيعي الاستخدام
في أزمنة سابقة؟
* هل تتغير مدلولات
الألفاظ حسب البيئة المكانية فعيب هنا مفخرة هناك؟
* هل الثقافة الجنسية
حرام؟
* لماذا يستخدم
سلاح الجنس في التركيع والتخويف والإبتزاز بل تحويل المعارضين من أسود إلى نسانيس؟
*هل نجح الوعظ
مع الوعاظ في المقام الأول فضلا عن المتلقي في تحويل النظر من جسم المرآة إلى جمالها الروحي؟
* هل للجهل الجنسي
والمجتمع الذكوري دور في انتشار حالات الطلاق التي باتت تهدد نسيج المجتمع؟
هل الإهتمام بالجنس
وفنونه الجسدية والبيولوجية والنفسية حرام وإن كان هل نجح هذا التحريم في صيانة المجتمع؟
* ما هو دور وأهمية
الجنس في حياة الإنسان عامة والعرب خاصة وهل تشكل مجتمعات مأزومة بهذا الشكل أرضا لأي
نهوض حضاري؟
فلسفة الجنس
قضية الجنس إن
لم تكن الأهم فهي تتصدر شاغل الجنس البشري بفلاسفته وأديانه ومختصي علم النفس فمتى
تتصالح المجتمعات العربية مع أنفسها ؟
تبحر الأريام في فلسفة الجنس من منظور الفلاسفة وعلماء النفس ومختصي الأديان ومختلف الثقافات لتحاول رسم صورة غير تلك التي ورثتها وتبدأ مع الفلاسفة .
الملاحظ تتبع الباحثين
لانقسام الفلاسفة حول الجنس فبعضهم له موقف متشائم من الجنس مثل فرويد وأوغسطين وكانط ،ومرجع التشاؤم أن الدافع الجنسي يؤدي للتصرف بطريقة تحط من قيمة الكرامة الإنسانية،
فالجنس كما يقول كانط يجعل من الشخص المحبوب شيئا للشهوة، وذلك في حد ذاته انحطاط للطبيعة
البشرية.
كما يعتبر هؤلاء أن الخداع من إخفاء العيوب وتضخيم المحاسن جزء رئيسي من الرغبة
الجنسية ، فضلا عن فقدان
الشخص السيطرة على نفسه وفقدان أي إعتبار لإنسانية الآخر أثناء الفعل.
بهذه النظرة يذهب
هذا الفريق لكون الجنس منافي للأخلاق ولو ضمن نطاق الزواج.
على الضفة الأخرى
يقف أفلاطون وراسل وكثير من الفلاسفة المعاصرين، فيعتبر هؤلاء أن الجنس آلية طبيعية
للربط بين البشر لأنه يشمل إرضاء الآخر والذات في نفس الوقت، بل أحيانا يكون إرضاء الطرف
الآخر هو قمة نشوة الفعل الجنسي مما يؤدي لترابط العلاقات والمودة، ويعبر عن ذلك الفيلسوف
إيرفينج سينغر بقوله
"على الرغم من أن الجنس يشبه الشهوة للطعام والشراب إلا أنه
يختلف عن الجوع والعطش في كونه يتضمن مراعاة الآخرين، الأمر الذي يمكننا من الشعور
بالرضا في عقل وشخصية الآخرين كما في أجسادهم، فلا يوجد شيئ في طبيعة الجنس يؤدي بالضرورة
إلى التقليل من إنسانية الأشخاص، بل بالعكس تماما يمكن أن يكون الجنس أمرا غريزيا يجعل
الأشخاص يستجيبون لبعضهم البعض من خلال أجسادهم "
(طبيعة الحب الجزء الثاني)
بين البيولوجية والإنسانية
ربما في الجمع
بين الرؤيتين تكون معالم الصورة أوضح، فالجنس بحد ذاته لا هو بالجيد ولا السيء، ولكن
ممارسته ربما تكون جيدة أو سيئة، فإن كانت من خلال مراعاة الآخر ومشاعره واحتياجاته
في ظل عاطفة وإحساس وفي ظل القيم الإنسانية، بلا إنحلال ولا أنانية ولا تعدي على حقوق
الآخر وكرامته، وبالتأكيد في ظل إطار موافق لدين المتدين، بذلك يصبح مفهوم المتفائلين
أقرب للحقيقة .
الغريزة الحيوانية
الغريزة الحيوانية
الجنس هو الحياة
فبه تستمر ويكون خلق من بعد خلق بتجاذب قطبي الإنسان من ذكر وأنثى، ولكن بتأمل الجنس
في الحيوان والإنسان نجد اختلافات جوهرية مع كونه غريزة مسؤولة عن التوالد في الحيوان ، ولكنه دافع في الإنسان إن فقد الغاية تحول لغريزة حيوانية وهبط بالإنسان لما دون الحيوان.
ففي الحيوان ينتظم
الجنس طبيعيا وفق قاعدة الحاجة للتزاوج والإنجاب ولا يقترب الذكر من الأنثى إلا عندما
تصرح هي بذلك، وتكون في حالة استعداد بيولوجي للحمل ، وهذا النظام ناتج عن دافع غريزي
يفتقد الحرية التي هي ميزة الإنسان المتفردة مع العقل عن سائر الحيوانات.
في النحل مثلا تنتهي
مهمة الذكر بمجرد الإخصاب، وتقوم إناث بعض العناكب بأكل الذكر الفائض من عملية الإخصاب،
وفي بعض أنواع الجراد الأخضر تأكل الأنثى رأس الذكر أثناء عملية الإخصاب دون أن يؤثر
ذلك على إتمام عملية التلقيح.
فماذا إذا عن سيد
الكون العاقل الحر الذي يمتلك المشاعر والأفكار والقيم الحاكمة؟
الإنسان والجنس
مشكلة عندما ينظر
البعض للإنسان كونه روح، وينظر البعض الآخر له كجسد ومادة فقط ، مع أن الإنسان هذا الكائن
المتفرد في الكون بروحه وجسده وعقله ومشاعره وأفكاره وحريته هو الروح والجسد معا، تلتقي
الروح العلوية بالجسد السفلي؛ فتكون النفس البشرية والتي فيها من صفات الروح وصفات
الجسد.
الجنس في الإنسان
هو تعبير عن كامل كيانه فلا يوجد في الإنسان حاجات بيولوجية صرفة كما هو الحال في الحيوان،
فلا يمكن الفصل بين الحاجات البيولوجية والنفسية للإنسان؛ فالجنس في الإنسان يتأرجح
بين الغريزة وأسمى القيم.
الجنس عند الإنسان
حالة لقاء حميمي مع الآخر في سبيل إكتمال الكائن الحي بنصفيه، وعودته للحالة التي تصفها
أسطورة أن الإنسان
كان أحادي الجنس ثم انفصم إلي ذكر وأنثى، أو كما في النص الديني أن الأنثى انفصلت من
آدم عليه السلام، فباللقاء الجنسي الإنساني الواعي التي تقوده المودة والرحمة والألفة
والمشاعر الإنسانية والحاجة إلى السكينة النفسية والإرتواء الجسدي يلتئم نصفي الإنسان
إيذانا بانصهار ينبت الحياة.
الرغبة الجنسية
الإنسانية مرتبطة بالعاطفة والأحاسيس والخيال وليست مجرد لقاء بيولوجي جسدي مجرد من
الروح كما يراها فرويد.
أما الإباحية الجنسية
فهي غريزة تجعل من الجنس حاجة بيولوجية حيوانية فقط ، وتنحط بالإنسان إلى ما دون الحيوان،
أما الرباط الإنساني بين الرجل والمرأة فيحوله إلى دافع له غاية في ظل وعي عاقل.
كل عضو في الإنسان
يقوم بواجبه ليعبر عن إرادة الكل؛ فالجنس تحقيق الحياة من خلال قطبي الحياة، وابتداع
الوجود وتأليف للحياة، فالإنسان كل متكامل تعمل أجزاءه في ظل وحدة كاملة.
النفس هي كل روحي
وكل مادي في آن واحد ، فهي حصاد لقاء الروح والجسد ، فالمحبة تعي، والحب لا يعي؛ المحبة
دائمة، لا تتزعزع أركانُها، لأنها تطبق نواميس العقل والروح، والحب آني، مؤقت ، سريعا
ما ينقضي، لأنه لذة عابرة ،أما المحبة فإنها
لا تتحول إلى كراهية لأنها تعبر عن قوة الروح وثبات العقل ، فالمحبة هي ثبات الإنسانية
في الإنسان، وثبات الإنسان في إنسانيته، ثبات الإنسان في الآخر، وثبات الآخر في الإنسان.
أما الحب العضوي فهو انفعال
مادي لا يتضمن الإدراك والوعي، فاذا تحول الحب المرادف للرغبة والغريزة البيولوجية
إلى محبة سمى بالإنسان وتحول الأمر لعلاقة بين عقل وعقل وروح وروح وجسد وجسد ، وهذا هو الإنسان .
الجنس من أرقى
الدوافع لدى الإنسان وليس مجرد غريزة بيولوجية، بل هو شعور و نشوة ثم اندماج في عالم
الروح، وأسمى علاقة للجنس هي الزواج مهما اختلفت طقوسه حسب الأديان والأعراف، فهو أي
الزواج يتضمن الدافع الواعي العاقل الذي يرتقي بالغريزة ليحقق الغاية من عودة إلتئام
شقي الإنسان في إطار نفسي عاطفي فكري إجتماعي جسدي من خلال قبول الطرفين والإنسجام،
وأرقاه ما يكون اندماج جسدي وانصهار وتلاحم يعود بالنصف إلى نصفه بتداخل يصعب فيه التمييز
بين معالم النصفين، وإن بدا الأمر ظاهريا بنصفين إلا أنه بنظرة أعمق هو عودة الكيان
للاندماج من جديد، ولا يكون ذلك إلا بلقاء العقلين وعناق القلبين وتوافق المشاعر والأحاسيس
والتصورات وتأخر الأنا لصالح الكيان، فالجنس الإنساني لا يكون بالأعضاء الجنسية فقط
والتي تؤدي دورها في إطار وظيفتها في الكيان الواحد وهو الإنسان، بل بممارسة عقلية
فكرية وممارسة عاطفية وجدانية من خلال مثلث العقل، العاطفة، الجسد، الذي يمثل الحالة
الإنسانية بسموها وتميزها.
إن ممارسة الجنس الإنساني
محبة تقوم على التواصل مع الآخر، والعطاء والسكينة والمودة والتوافق وترك الأنا على
عتبات المحبوب، ذلك التواصل الذي يقود للغاية من امتاع واستمتاع وراحة وطمأنينة وأمن
وأمان وسكن للنفس وإنبات أغلى ثمار الحياة من البنين والبنات.
ويظل السؤال المحوري
ماذا إن فقد التواصل الجنسي أحد أو كل أركانه وإن كان في إطار الزواج، فهل تغني ورقة
المأذون أو الكاهن أو العرف لارتقاء الإنسان بممارساته الجنسية للممارسة الإنسانية؟
هل هناك اغتصاب
شرعي في ظل حضور الدين أو العرف؟
------
المصادر
فلسفة الجنس نادره
اليازجي
ما وراء الجنس
الباحثون السوريون
أريام أفكاري
مصادر متنوعة
ليست هناك تعليقات: