فلسفة الأريام في الجنس
بعيدا عن النصوص
الدينية التي تم تناول البعض منها، وعن نظرات الفلاسفة المتابينة، وواقع المجتمعات
المنغلقة منها والانفتاحية، وعن تغول الإباحية المدمر للجنس البشري، وتراجع أثر الوعظ،
وهشاشة النسيج المجتمعي حتى بين الأزواج، تنطلق الأريام لترسم رؤيتها للجنس من خلال
منظور إنساني، يقر بأن هذا الكائن البشري السيد في هذا الكون بنفسه الناتجة عن روح
وجسد، عقل وحرية واختيار، قيم وأخلاقيات وفطرة، أفكار ومشاعر وأحاسيس، هو قِبلة هذا
الكون وأرقى ما فيه وهو قُبلة الحياة على سطح الأرض، مفهوم يتجاوز اللون والعرق والفكر
ليعود بالإنسان لنصف خرج من ضلع ويعاود الإلتئام.
فالجنس عند الأريام
محبة تحتوي الحب فترفعه من مرتبة الغريزة، وقيم تحكمه، وأعضاء تمارسه في خدمة الكيان
لتتجاوز بذلك فكرة الجنس عند الحيوان.
فالجنس هو إلتئام
شقي الإنسان ونصب عينيه الآخر الذي يسبق الأنا،فهو العلاقة الأهم التي تؤصل لمفهوم
الآخر، وأنا وأنت وليس صراع إما أنا أو أنت، هو سكينة ومودة ورحمة ولذة وروحانية، يستخدم
فيه الإنسان كيانه الإنساني بجسده وفكره ومشاعره، هو الخلود للإنسان بامتداد يثمره.
حيث لقاء المحبين
يترك الحبيب نفسه على عتبات المحبوب، ويكون الانصهار كقطعة السكر في الماء، فينتج محلول
واحد في طبيعته، متغير في خواصه، حلو في مذاقه، لا يعلو أي مكون على الآخر، ولا تستطيع
الفصل بينها أو تميزهما.
عقل يداعب عقل
في حوار يستمتع فيه الحبيبين بالاختلاف حيث يستقوي كل منهما بملكات الآخر، فتتكامل
الرؤى في عزف فكري ينسج محيط اللقاء، فبالحب يصبح للاختلاف متعة، فنكاح العقول العاشقة
ينجب أفكارا أكثر متانة، وأوسع أفقا، وأشمل نظرة، تؤسس للحوار في العلاقات الإنسانية
بشكل أعم، فما لم يشتهي عقل المحب عقل المحبوب وتتعانق الأفكار بمحبة، يسقط ركن أساسي
في العلاقة الإنسانية بين الحبيبين.
في فلسفة الأريام
يصبح لنبض قلبي الحبيبين تناغم يعزف أنشودة الحياة،ومن نكاح القلوب تزهر المشاعر وتفيض
بالحب، للمحبوب فيه رائحة تفوق مسك الأريام، وملمس لم تبدعه دودة الحرير، وأنفاس تشعل
الوجد، ونظرات تلهب الصبابة بلغة تعجز عنها حروف الهجاء، وشفرة لا يملكها إلا هو، حيث
هو هي وهي هو، فلا أنا بل هو وهي في كيان واحد بنصفين .
في فلسفة الأريام
للجنس أن عقل وقلب وجسد المحبوب هو الملاذ في الخوف،والعزاء في المصيبة، والأمان في
الفزع، والدواء في المرض، والعطاء المجرد في الحاجة، والإحتفال بالنجاح، والمواساة
في الإخفاق، البرد في الصيف، والدفء في الشتاء، والوطن في غربة الحياة،وتقبل المثالب
في فيض المزايا، والعزف المبدع المتجانس الممتع الذي يرتقي بالنفس.
هو لحظة تأمل مشترك
خير ما فيها أن يخر القلبين سجودا للإله شكرا على نعمة اللقاء.
هو الوفاء حبا،
والعطاء بذلا، والعدل والإنصاف فراقا إن هدمت أركان اللقاء.
هو لقاء آدم بحواء
وعودة حواء إلى آدم ليجتمعا من جديد ويعلنان لحن الخلود.
ربما يقال أن هذه
الصورة خيالية وتخص العشق في واحة الأريام ، لكنني أراها مثالية قابلة لأن تزرع الأرض
حبا وحُبا فيكسوها اللون الأخضر وتأكل الطير ويهنأ الإنسان، السعي للمثالية مطلب العقلاء
مع إدراكهم نسبية الوصول، فإنسانية الإنسان بقيمه الفطرية وهدي السماء الصافي كما نزل
به الغيث سبيل الرقي والإرتقاء وحيازة السعادة لجنس الإنسان.
ليست هناك تعليقات: