السير على الأشواك مؤلم ولكنه ضروري لبلوغ النور ومع الترحم على غير المسلم ما بين المنع والإباحة تبدأ الأريام رحلتها التي ربما تنظر أيضا عند الآخر العقدي وموقفه من القضية ،والمعضلة دائما ما تظهر عندما يموت إنسان طيب تشهد له أخلاقه وأفعاله من معتقد مختلف، فالله أسأل أن يرزقني نورا أرى به وعقلا واعيا يلم بالصورة وفطرة نقية تركن للصواب.
جيفارا مات فغنى له الشيخ إمام ويوم وفاة نيلسون مانديلا وقعت أريامي في مأزق قلبي وفطرتي تطلب لهذا الإنسان الرحمة لأني أحبه ولساني مقيد بقول الفقهاء وغالب الوعاظ فأين المخرج ؟
كإنسان يعنيني المدخل الإنساني في فهم الأمور في المقام الأول، وقضية الآخر عندي تشمل كل من ليس بأنا، وعلاقتي الإنسانية بالإنسان ترتكز على حب فطري لرحم بيننا وأصل في الخلقة يجمعنا، وتكريم بالعقل والحرية والإرادة المرتبطة والخاضعة للإرادة العلية هم مناط التكليف والحساب والتفضيل.
النفس السوية تميل إلى من يحسن إليها ويظهر لها المودة والرحمة في القول والفعل وترد الحب بالحب والإحسان بالإحسان، والنفس الأرقى ترد الكراهية بالحب والإساءة بالإحسان.
علاقتي بالآخر لا يعوقها إلا عدوان ينتقص من حريتي وينتهك مني ما يحرم إنسانيا ودينيا، فإن كفّ الآخر أذاه عني فهو أخي مهما كان لونه أو عرقه أو مذهبه أو معتقده.
المظلوم أنا له ناصر قبل معرفة دينه أو عرقه والظالم أنا خصم لظلمه وإن جمعني به الدين والعرق والمذهب والرحم القريب.
لا أتأله على الله بتعيين إلا من عينه ربي بأنه هالك ولا أحكم لنفسي بجنة أو نار فكيف بالحكم على غيري؟
ليس لي إلا إصلاح القلب وإحسان العمل والرجاء من الله إحسانه لي ولكل الناس.
هذا ما عقلت وما قبلته فطرتي واطمئن له قلبي وعافاني من صراع داخلي.
أما المدخل الفقهي ولست من أهل الفقه فأعرض فيه ما قيل وأسأل وأتساءل وأحاول تحريك الماء الراكد وأوضح موقفي ثم أسرد ما وقفت عليه من مواقف وآراء.
فأنا وأريامي يا سادة فهمنا دينا يغفر فيه للبغايا من أمم سابقة بسقيا كلب وأدرك أن في كل كبد رطبة أجر فكيف بأخي بن أمي ؟
وأما دليل تحريم الترحم على غير المسلم والذي أسقطوه على غير متبع المذهب ثم أسقطه البعض على العاصي فقوله تعالى :
(مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَالَّذِينَ آمَنُواْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُواْ أُوْلِي قُرْبَى مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ [التوبة]
فلم يتبين لي أنهم أصحاب الجحيم وهنا محل الأمر لأنه لا يقين لدي عن حالته قبل موته، ولا أعرف أن الحجة قامت عليه قبل موته فأدركها وجحدها، ولولا فضل الله علي أنا ميراثا للإسلام ثم فهما له بعيدا ثقافة الإكراه والتمييز بين الناس بسبب الأعراق والعقائد في حقوق الدنيا والإكراه على العقيدة ،بعيدا عن الطوائف المتناحرة المتقاتلة المتباغضة والروايات المتناقضة، وأن قيض لي سبحانه أصواتا ترفض هذا الإرث لكنت أوشكت على الردة عن هذا الدين الذي صنعوه لنا .
لك أن تتخيل الآخر الذي تدعوه وأنت أمين معه فتخبره أنه لو أسلم إختيارا ثم وجد أهدى من ذلك وغير معتقده فالثمن رقبته!
لك أن تتخيل أن الآخر يسوق له أو يفتح بنفسه بعض كتب التراث أو ينظر حال وواقع المسلمين وسلوكهم لن أقول مع الآخر العقدي بل بين أنفسهم فأي طريق يختار؟
لك أن تتأمل الآخر الوارث والذي لا يعنيه من الدين ولا يعرف إلا ضمير يضبط فعله من خير وشر ، لا هو من المتكلمين ولا المتفلسفين بل ربما لا يعرف من دينه أو مذهبه الموروث إلا الله وفعل الخيرات فأي حجة قامت عليه وهذا لا يفهم إلا لغة المعاملة؟
هل يوجد أذل من المسلمين اليوم وخاصة العرب؟
إن كنا على شيء وهذا حالنا فتلك أم المصائب لأن العيب إذا فيما نحن عليه، وإن لم نكن على شيء فعلينا المراجعة والوقفة الجادة مع أنفسنا وفهمنا وتراثنا.
رحم الله أمواتنا من أبناء حواء ممن لم يتبين لي أنهم في الجحيم وشفا مرضانا وهدى ضالنا وقبل تائبنا وجمعنا على حبه ومعرفته كما يحب ويرضى لنا وصلى الله على الرحمة المهداة وسائر الأنبياء والمرسلين الذي قال له ربه
(وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ. القلم.
وقال له
وقال له
(فَبِمَا رَحْمَةٍ مِّنَ اللّهِ لِنتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنتَ فَظّاً غَلِيظَ الْقَلْبِ لاَنفَضُّواْ مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ.
اللهم هذا ما أنا عليه بناءً على ما علمت واقتنعت واطمأن قلبي فنور من نورك تثبت به الفؤاد إن أصاب وتنير به ظلمة أضلتني إن أخطأت.
------
في الحلقات القادمة سرد لأراء الفقهاء والباحثين ونبدأ بعلامة أصولي ، مع فيض من نور عالم أصولي ارتقى سلم المذهب ليستظل بمظلة الدين، وفهم الدين فهما يجعله مظلة للإنسانية، فكان وما يزال مرمى لسهام المتطرفين من أبناء مذهبه قبل المخالفين ثم نتابع الحلقات باذن الله .
اللهم هذا ما أنا عليه بناءً على ما علمت واقتنعت واطمأن قلبي فنور من نورك تثبت به الفؤاد إن أصاب وتنير به ظلمة أضلتني إن أخطأت.
------
في الحلقات القادمة سرد لأراء الفقهاء والباحثين ونبدأ بعلامة أصولي ، مع فيض من نور عالم أصولي ارتقى سلم المذهب ليستظل بمظلة الدين، وفهم الدين فهما يجعله مظلة للإنسانية، فكان وما يزال مرمى لسهام المتطرفين من أبناء مذهبه قبل المخالفين ثم نتابع الحلقات باذن الله .
ليست هناك تعليقات: