مساحة إعلانية

الآخر هل هو كافر أم غير مسلم ؟

عاطف عبدالعزيز عتمان أبريل 15, 2019


د.عاطف عتمان يكتب ...الآخر هل هو كافر أم غير مسلم ؟


قضايا الكفر والإيمان من أخطر القضايا المتعلقة بحياة الإنسان وخاصة إن انتزعت من سياق البحث الأكاديمي لأرض الواقع
وما يترتب عليها من أحكام تحدد علاقات البشر ومعاملاتهم وهنا يبرز السؤال الأول عن المعنى اللغوي للكفر والكفار؟


- لا يثير المعنى اللغوي للكفر جدالا فكَفَر الشيء أي غطاه وستره ومنها سُمّي الزراع كفارا، وكفر الجهل على علمه أي غطاه وكفر الليل الحقول أي غطاها وسترها بظلمته.

وفق المعنى اللغوي يستحيل كفر أو ستر مجهول غير معلوم فلابد للستر من مستور وفق أبسط قواعد المنطق ، وتبدأ الإشكالية في المعنى الشرعي للكفر فمن هو الكافر وهل الكفر كله ملة واحدة وهل درجات الكفر واحدة ومن يستطيع تعيين الكفر بمعنى تكفير شخص بعينه ؟



- الفهم الفقهي العام لدى جمهور الفقهاء أن الكافر من لم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله بمعنى أنه كل من هو ليس بمسلم فهو كافر وبكل تأكيد يستند هؤلاء للعديد من الأدلة من الكتاب والسنة وتظهر آية

( لقد كفر الذين قالوا إن الله ثالث ثلاثة )

والغريب أن هذه الآية تغيب عن الخطاب العلني بدلا من شرحها وربطها بمجمل الآيات والسياق القرآني وتوضيح الكفر وما يترتب عليه من أحكام مما يجعلها تحضر في الخفاء فتطعن في الخطاب العلني وتربي طيور ظلام في أرضية التطرف .



- يظل هذا المعنى للكفر لا يمثل إشكالية في حد ذاته فكل مؤمن باعتقاد ما يصبح كافرا بما سواه وفق هذا المفهوم للكفر فكل مؤمن كافر ، ولكن الإشكالات تظهر في الأحكام التي تترتب على هذا الفهم وخاصة النصوص أو فهمها الذي يحض على التمييز والإكراه والكراهية لكل من هو آخر( كافر) إن صحت تلك الأحاديث والتي لا تستقيم مع القرآن وقيمه وروحه وصريح نصه بحرية العقيدة وعدم التمييز بسبب الدين أو العرق أو اللون كحديث :
(أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ حَتَّى يَشْهَدُوا أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ فَإِذَا فَعَلُوا ذَلِكَ عَصَمُوا مِنِّي دِمَاءَهُمْ وَأَمْوَالَهُمْ إِلَّا بِحَقِّ الْإِسْلَامِ وَحِسَابُهُمْ عَلَى اللَّهِ)

هذا الحديث محل جدل كبير إلا أنه حتى الذين يخشون الإقتراب من البخاري ومسلم يفسرون الحديث تفسيرا يناقض فهم المتطرفين الذين يستبيحون من الآخر (الكافر ) ما حرمه الله منه .
يقول شيخ الأزهر موضحا :
((فكلمة (الناس) في (أُمِرْتُ أَنْ أُقَاتِلَ النَّاسَ) لا يقصد منها الكون كله أو البشرية كلها، لأن (أل) في الناس للعهد، أي ناس معهودين ومخصوصين؛ وهم مشركو مكة الذين أخرجوا المسلمين، وحاربوا النبي -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- ونكثوا عهودهم ولا يَرقُبون في مؤمن إلًّا ولا ذمة، وبالتالي فإن المقصود بقتال الناس قتال المشركين المعتدين آنذاك، حيث إن كلمة (الناس) هي من العام الذي أريد به الخاص، و(أقاتل) تعني رد العدوان المبدوء من جهة المشركين )).

- لا أستريح لهذا الفهم  وهو الفهم الغالب لمفهوم الكفر عند جماهير الفقهاء ولكن الفهم في حد ذاته كتعريف أكاديمي إن جاز التعبير فلا مشكلة فيه إنما الإشكالات فيما يترتب عليه من آثار وتطل علامات استفهام كثيرة دون أن تجد جوابا شافيا على سبيل المثال :
* العلاقة مع الآخر (الكافر)
* عقيدة الولاء والبراء وحقيقتها
* تنوع الخطاب القرآني بين خطاب أهل الكتاب وخطاب الكفار والمشركين
* الزواج من الكتابية وعدم جوازه من غيرهم فهل يختلف كفر عن كفر ؟
* الآخر الذي لم تقم عليه الحجة فلم يصله الإسلام أو وصله مشوها منفرا
* العقل الحائر بين إسلام الطوائف والفرق والجماعات
* العقل القاصر المقلد وليس المقصر.
 * تكفير المسلم وما يسمى بالردة وتكفير الطوائف والفرق لبعضها البعض.
* هل ثبت تاريخيا مشكلة بين الرسول صلى الله عليه وسلم وآخر بسبب عقيدته؟
* في غياب النبي صاحب الحجة والبرهان وخير بيان لهدي السماء فهل يعذر من لم يصل وبالتالي لم يجحد أو ينكر ؟
 * تعيين الحكم على الآخر (الكافر ) بشخصه بالخلود في النار هل له سند ؟
من لم يسمع بالإسلام بالمرة !

- النظرة الأخرى لتعريف الكفر والتي تستند للمعنى اللغوي للكلمة وفهم كثير من الآيات تشترط الستر والإنكار ليطلق لفظ الكفر على الإنسان، فوفق هذا الفهم من لم يشهد الشهادتين فهو غير مسلم ولكن ليس بالضرورة أن يكون كافرا، فالكافر وفق هذا الفهم هو من لم يسلم عن عناد وجحود وستر للحقيقة التي أدركها وقصّر في الإيمان بها وليس ذلك الذي أصابه القصور فلم يصل إلى الحقيقة أو وصلته مشوهة فأنكرها.
وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْمًا وَعُلُوًّا ۚ فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُفْسِدِينَ (14) سورة النمل.
ويرى هذا الفريق أن من عاصروا الأنبياء وجحدوا المعجزات واستكبروا بلا منطق ولا حجة ، والعناد بمنطق هذا ما وجدنا عليه آبائنا وهم يعلمون هم الكافرون حقا ومن أنكر وجحد على طريقتهم.
الَّذِينَ آتَيْنَاهُمُ الْكِتَابَ يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ ۖ وَإِنَّ فَرِيقًا مِّنْهُمْ لَيَكْتُمُونَ الْحَقَّ وَهُمْ يَعْلَمُونَ (146) البقرة

- من أروع من تكلم في أمر الكفر حجة الإسلام الإمام العلم أبي حامد الغزالي فيقول:
بل أقول إن أكثر نصارى الروم والترك في هذا الزمان تشملهم الرحمة إن شاء الله تعالى، أعني الذين هم في أقاصي الروم والترك، ولم تبلغهم الدعوة، فإنهم ثلاثة أصناف:
- صنف لم يبلغهم اسم محمد أصلا فهم معذورون
- صنف بلغهم اسمه ونعته، وما ظهر عليه من المعجزات، وهم المجاورون لبلاد الإسلام، والمخالطون لهم، وهم الكفار الملحدون.
- وصنف ثالث بين الدرجتين، بلغهم اسم محمد ولم يبلغهم نعته وصفته، بل سمعوا أيضا منذ الصبا أن كذابا ملبسا اسمه محمد ادعى النبوة، فهؤلاء عندي في معنى الصنف الأول، فإنهم مع أنهم سمعوا اسمه، سمعوا ضد أوصافه، وهذا لا يحرك داعية النظر.

وأما من سائر الأمم فمن كذبه بعد ما قرع سمعه التواتر عن خروجه وصفته ومعجزاته الخارقة، فإذا قرع ذلك سمعه فأعرض عنه وتولى ولم ينظر فيه ولم يتأمل ولم يبادر إلى التصديق فهذا هو الجاحد الكاذب وهو الكافر، ولا يدخل في هذا أكثر الروم والترك الذين بعدت بلادهم عن بلاد المسلمين" [19].
من كتاب فيصل التفرقة لحجة الإسلام أبي حامد الغزالي رحمه الله المتوفى سنة 505 من الهجرة.
أي أنهم داخلون في قوله تعالى: {وما كنّا معذبين حتى نبعث رسولًا} فحكمهم حكم أهل الفترة.

- وعلى نفس المنهج يسير الشيخ محمد الغزالي  بعد أن قسم الناس إلى ثلاثة أقسـام، مؤمن وكافر وجاهل:
الكافر هو الذي عرضت عليه هذه الحقيقة عرضًا لا يشوبه لبس ولا يخالطه تحريف ولا تشويه ، فعقلها كما جاءت من عند الله، ومع ذلك آثر جحدها، واختار إنكارها، ورفض الإذعان لها، مع استطاعته أن يهدي قلبه، ويرضي ربه، فذلك كافر نجزم بأنه هالك بائر.
((ذلك بأنهم اتبعوا ما أسخط الله وكرهوا رضوانه فأحبـط أعمالهم)) محمد 28.
أما الجاهل فهو رجل لم تبلغ دعوة الحق مسامعه ليستجيب لها أو يرتد عنها، فهو يعيش حسـب ما قيض له من أفكار، أو ما ارتبط به من وراثات ونحن إذا تأملنا في هذا الصنف من الناس نجدهم أقساما شتى بين رعاع وخاصة، وبين أذكياء وهمل وبين كتابيين ووثنيين.. إلخ، وإصدار حكم جامع أو إيضاح مصير مشترك يضم أولئك جميعًا أمر عسير ومن ثم قلنا:
إن هؤلاء الذين لم توقظهم من غفواتهم النفسية والعقلية دعوة الإسلام لا يعدون كفارًا بها، كيف وهم لم يوصل لهم القول !
هذا هو فهم صاحب التفسير الموضوعي رحمه الله .

- من كل ما سبق نخرج بأن معنى الكفر هو أن يبلغ الحق شخصا بكل الأدلة والبراهين الملزمة فلا تبقى له حجة أو شبهة ، ثم ينكر بعد هذا صدق هذا الدين، فهذا هو مفهوم الكفر، ولذلك يربط القرآن الكريم في آيات كثيرة بين الحكم بالكفر وبلوغ الدعوة ومعرفة الحق والهدى فيقول تعالى:
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَصَدُّوا عَن سَبِيلِ اللَّهِ وَشَاقُّوا الرَّسُولَ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الهُدَى لَن يَضُرُّوا اللَّهَ شَيْئًا وَسَيُحْبِطُ أَعْمَالَهُمْ) (محمد: 32 ) ويقول:
(كَيْفَ يَهْدِي اللّهُ قَوْمًا كَفَرُواْ بَعْدَ إِيمَانِهِمْ وَشَهِدُواْ أَنَّ الرَّسُولَ حَقٌّ وَجَاءهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) (آل عمران: 86 )
بل ويصف الذين كذبوا الرسل فيقول:
 (أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن قَبْلُ فَذَاقُوا وَبَالَ أَمْرِهِمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ* ذَلِكَ بِأَنَّهُ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَقَالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنَا فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوا وَّاسْتَغْنَى اللَّهُ وَاللَّهُ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) (التغابن:5،6 )
ويقول:
(ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ كَانَت تَّأْتِيهِمْ رُسُلُهُم بِالْبَيِّنَاتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقَابِ) (غافر: 22 )
ويقول:
(فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّن كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَكَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) (الزمر: 32 ) ويقول:

(وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنِ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا أو كَذَّبَ بِالْحَقِّ لَمَّا جَاءهُ أَلَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوًى لِّلْكَافِرِينَ) (العنكبوت: 68)
ويصف كفر اليهود فيقول:
(وَلَمَّا جَاءهُمْ كِتَابٌ مِّنْ عِندِ اللّهِ مُصَدِّقٌ لِّمَا مَعَهُمْ وَكَانُواْ مِن قَبْلُ يَسْتَفْتِحُونَ عَلَى الَّذِينَ كَفَرُواْ فَلَمَّا جَاءهُم مَّا عَرَفُواْ كَفَرُواْ بِهِ فَلَعْنَةُ اللَّه عَلَى الْكَافِرِينَ) (البقرة: 89)
ويقول:
(يَا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَالإِنسِ أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِي وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَـذَا قَالُواْ شَهِدْنَا عَلَى أَنفُسِنَا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَشَهِدُواْ عَلَى أَنفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كَانُواْ كَافِرِينَ) (الأنعام: 130)
ويقول:
(وَسِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إلى جَهَنَّمَ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاؤُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِّنكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنذِرُونَكُمْ لِقَاء يَوْمِكُمْ هَذَا قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ) (الزمر: 71).

إذا القرآن لا يحكم على أحد بالكفر إلا بقدر ما عرف من الحق وأنكر وبقدر ما قامت عليه الحجة ثم أبى أن يؤمن، ثم هو عند هذا الحد ليس عدوا إلا لنفسه ولا يعاديه المسلمون إلا إذا اعتدى عليهم أو خان عهده معهم أو آذاهم هنا تكمن المشكلة في السلوك وليس الكفر من عدمه .

- ألئك الذين يتجرأون على التكفير ويحكمون بجنة أو نار تعينا لا يقف تكفيرهم عند حدود الآخر العقائدي ولكن يمتد للمخالف في الفرقة أو المذهب وربما هنا يكون التكفير أشد خطرا لأن الشخص المكفر هنا في حكم المرتد وما يتبع هذا الحكم من استباحة ما حرمه الله منه.

- بعد استطراد الأفهام والأقوال في قضية الكفر والإيمان وبعيدا عن الصراع حول تحديد المعنى ومع فيضان علامات الاستفهام الذي يحاصر أهل النظرية الأولى التي تكفر غير المسلم ويخلق لهم إشكالات عجزوا عن حلها، تبقى فطرتي وعقلي أقرب لأصحاب النظرية الثانية التي تربط الكفر بالعناد والجحود وكتم الحق وأن غير المسلم ليس بالضرورة أن يكون كافرا، وبعيدا عن جدل تحديد مفهوم الكفر فالأهم هو إدراك أن الكفر الإعتقادي لا يبيح عداوة ولا كراهية ولا استباحة لمال أو نفس أو عرض وأن القضية مع الآخر رحم وتعايش ومحبة ما لم يعادي ويغدر.
(لا ينهاكم الله عن الذين لم يقاتلوكم في الدين ولم يخرجوكم من دياركم أن تبروهم وتقسطوا إليهم إن الله يحب المقسطين إنما ينهاكم الله عن الذين قاتلوكم في الدين وأخرجوكم من دياركم وظاهروا على إخراجكم أن تولوهم ومن يتولهم فأولئك هم الظالمون .)

- بطرس أصم أبكم ولكنه صنايعي كما يقول الكتاب لا يؤذي أحدا ولا يشغله سوى عمله، وإذا نجى من قسوة قرص الصاروخ قبل يده وحمد الله!
أي إله هذا الذي تحمده يا أخي ومن علمك هذا؟
أم هي الفطرة!
كنت أتأمله وفي يده سيجاره وكوب من الشاي وتلك تقريبا هي دنيته، لا علاقة لبطرس بالأقانيم الثلاثة وليس مشغولا بجدل الناسوت واللاهوت وهو بطرس لأنه ولد ببيت مسيحي وهكذا سارت حياته، وكم من بطرس في مختلف المذاهب والأديان بأسماء مختلفة ورثوا ما هم عليه ولا يشغلهم جدل المتكلمين ولا مكايدة كهنة الدين وعلاقتهم بالله علاقة فطرية قلبية في المقام الأول.

- علامات استفهام حائرة لكنها عاقلة تجتاحها الحيرة، وأحيانا تصاب بالدوار مما يوجد في بطون الكتب ولا يستقيم مع الفطرة الإنسانية ولا المنطق والعقل، الجنة والنار، الكفر والإيمان، الخلود، الخير والشر، ومن أهم من أقنع تلك العلامات الحائرة وأهداها شيئا من السكينة كان صاحب دين الفطرة جان جاك روسو.

- لقد كان للشيخ محمد الغزالي رحمه الله مجهود مشكور في التفسير الموضوعي للقرآن الكريم ومنه تعلمت عندما أتعرض لأمر ما أن أتتبع كل فصوله وأدقق في كل أجزاء الصورة وأجمعها بترتيب سليم لأرى الحقيقة، فالإجتزاء آفة الآفات.

- لا حظت أن لدى كثير من الإخوة الإمامية انفتاح كبير على الآخر العقائدي ربما هذا ما دفع بعد الإخوة المسيحيين لتأليف الموسوعات في صوت الإنسانية الإمام علي بن أبي طالب عليه والسلام ومسيح الأمة الإمام الحسين عليه السلام، المشكلة أن هذا الإنفتاح يقل ويقل مؤيدوه تجاه الآخر المذهبي الذي لا يقر الإمامة لعدم ثبوتها لديه!

- النظرة الإنسانية للأمور هي أقرب للفطرة وأسلم لفهم الأمور ولا شك أن ألغام التراث وخاصة الديني منها إن لم يتم تطهيرها فلا يمكن البناء وأن ثقافة الإكراه والتمييز تحتاج لمراجعة ومحاسبة، وأن نور الحب إن تسلل للقلوب أضاء، فالآخر العقائدي عندي غير مسلم وليس كافرا وقضيتي الأهم ليست مكانه في النار بل مكاني معه وفيه في الجنة، ومحاسبة نفسي عن مسؤوليتها تجاهه وتجاه التقصير تجاه ما أحمل من رسالة تسبق محاسبته التي لا يملكها إلا ربي وربه، وتعيين الجنة والنار وإسقاطها على أشخاص خطيئة، وعلاقتي بغير المسلم يحكمها سلوكه وليس معتقده وبيني وبينه رحم واحدة وأصل واحد، فهو أخي في الإنسانية أحبه وأحب الخير له في الدنيا والأخره، وأكره منه كل رذيلة ولا أكرهه، أحب الإنسان الطيب الخيّر وإن كان غير مسلم وإن مات لا أجزم له بجنة أو نار وأتمنى على الله أن يرحمه وأكره ظلم الظالم السفاح المجرم المفسد في الأرض وإن كان مسلما.


مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام