واحة الأريام ..الحب والحقد المقدس مشهد من حوار الجد والحفيد للدكتور عبد الباسط سلامة هيكل
علاقتي بأيمن الظواهرى الرجل الثاني حينها في تنظيم القاعدة حدثت صدفة.. فكان ما يشغلني عام ٢٠٠٦ جدّ أيمن وليس أيمن.. فعندما كنت أُرتّب لمقابلة الأستاذة/الحاجة أميمة ٢٠٠٦ والدة أيمن.. لم أكن أتوقع أنني سأصدر كتابا عن أيمن الظواهري..
فكان الهدف من المقابلة حوار حول الجد السفير الأديب المتصوف عبد الوهاب عزام، وليس الابن.. وهنا يجب أن تميّز بين عبدالله عزام وعبدالوهاب عزم فالأول مرجعية فكرية لها مكانتها عند تنظيمي الإخوان والجهاد.. أما الثاني فهو أحد تلامذة طه حسين وابن المدرسة الإصلاحية التي ترى أن تغيير المجتمعات يأتي عبر بناء الوعي، فنجاة الأمة ليس في انقيادها لكن في تفكيرها؛ لتتعرف بالعقل إلى ماهية منهج الله..التقيت الدكتور محفوظ عزام مستودع أسرار الأسرة وأرشيف ناطق بحياة أيمن حتى سفره الثالث والأخير عن مصر.. فمن أرشيف منزله في مصر الجديدة جمعت الجانب التاريخي في كتابي الذي تأخر خروجه عشر سنوات، فخرج عام ٢٠١٧ عن دار روابط بعنوان "الحب والحقدالمقدس حوار الجد والحفيد"
ففي قالب سردي تتداخل فيه الأجناس عرضت بأسلوب يمزج بين فن السيرة وأدب الرحلة حوارا فكريا بين زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وجدّه لأمه السفير الأديب المتصوف عبد الوهاب عزام، بما يمنح القارئ فرصةَ الاستماع إلى صوت أحد أبناء الحركة الأصولية ونواتها الصلبة الطليعة المجاهدة - كما اختار أن يُسمّي نفسه - الذي يرى أن التغيير يأتي بانقياد المجتمعات لهم، وأنه من الضرورة توجيه الناس بالقوة إلى فهمه الذي يجعله مرادفا للإسلام، في مقابل صوت أحد أبناء المدرسة الإصلاحية الذي يرى أن تغيير المجتمعات يأتي عبر بناء الوعي، فهذا هو الدواء.. فنجاة الأمة ليس في انقيادها لكن في تفكيرها؛ لتتعرف بالعقل إلى ماهية منهج الله..
حاولت من خلال هذا العمل التفكير مع القارئ في سرّ الإخفاق الحضاري الذي نعيشه منذ قرون؛ بمناقشة عشرات الأسئلة التي تؤرق أبناء الحركة الأصولية والمتعاطفين معها بدافع من خوفهم على ضياع الهوية، وعشرات الأسئلة التي يُثيرها الإصلاحيون بدافع من شعورهم بالقلق الحضاري.. الكتاب يقترب من الأفكار والمفاهيم الشائكة في تصورات كلا الجانبين بلغة قريبة تُمكّن القارئ من التفاعل مع الحوار الفكري الدائر على صفحات الكتاب..
صفحة البداية
يتكرر كل ليلة هذا الحُلم: أجد نفسي داخل غرفة في جامعة مهجورة، أجلس أمام مائدة مستديرة عن يميني يجلس السفير عبد الوهاب عزام وأمامه على المائدة قلم وبعض الأوراق، وبجواره طه حسين وأمين الخولي وأحمد أمين ومحمد إقبال، ويجلس عن يساري الطبيب أيمن الظواهري وأمامه على المائدة بندقية وبعض الذخيرة، وبجواره أسامه بن لادن وعبد الله عزام وأبو مصعب السوري ومحمد عطا.
الجد عبد الوهاب عزام: ما سأقدّمه من أفكار، وأحكيه من تفاصيل، هو تعبير عن مصر الفتيّة التي رأيتها تُشرق منذ مائة عام بوجه جديد في الاجتماع والسياسة والثقافة أدبا وفنا وفكرا إلا أن نهضة عشرينات القرن الماضي لم تكتمل، فلم تقو على مدافعة تكتل صخري اسمه "جماعات امتلاك الحقيقة" الذي أعاق مجرى تيار التجديد المندفع في شرايين مصر.
الحفيد أيمن الظواهري:
ما سأقدمه من أفكار، وأحكيه من تفاصيل ليست رؤيتي فحسب بل رؤية الطليعة المجاهدة النواة الصلبة للحركة الإسلامية التي بدأت من الإخوان المسلمين ثمّ رشّد مسارها تنظيم الجهاد المصري، فتنظيم قاعدة الجهاد العالمية، فغايتنا تحقيق حاكمية الله وسيادة شريعته.
فالإسلام دواء مجتمع مريض ليس له أن يختار الدواء، فنجاة الأمة في انقيادها خلف الطليعة المجاهدة؛ لتصل إلى منهج الله.. وقد تعلمت من دراستي للطب والجراحة أن العضو الفاسد يستوجب البتر.
عبد الوهاب عزام:
تريد بتر مجتمع!
فماذا يتبقى لإصلاحه! تعلمت من دراستي في العلوم الإنسانية أن تغيير المجتمعات يأتي عبر بناء الوعي، فهذا هو الدواء.. فنجاة الأمة ليس في انقيادها لكن في تفكيرها؛ لتتعرف بالعقل إلى ماهية منهج الله..
طه حسين: "سلامٌ على عبد الوهاب عزام من صديق له وزميل أحبَّه أشد الحب، وآثَرَهُ أعظم الإيثار، ولقي من حبه وإيثاره ما لا يستطيع أن ينساه.. ختم عبد الوهاب عزّام حياته مديرا للجامعة الأولى التي أُنشئت في أعماق نجد في عاصمة البلاد العربية السعودية، ولو قد مُدَّت له أسباب الحياة هناك لكان لتأثيره في العقل العربي شأن أي شأن.."
أسامة بن لادن: سلام على أيمن الظواهري "حكيم الأمة" طبيبها الحريص على أن يجعلها تتجرّع الدواء رغم مرارته.. خرجت من أعماق نجد بتكليف من جماعتي الإخوان المسلمين إلى باكستان؛ لتقديم الدعم المالي لجهاد الأفغان، وفي مدينة بيشاور على حدود أفغانستان بوابة الخلافة المفقودة التقيت بأيمن الظواهري لأول مرة؛ لنستكمل معا طريقا لما ينته بعد..
وإذا بصوت يأتي من آخر الغرفة يدعوني إلى بدْء إجراء الحوار بين زعيم تنظيم القاعدة أيمن الظواهري وجده لأمّه السفير عبد الوهاب عزام، ويؤكد أنه في حالة عدم الالتزام بلغة واضحة قريبة في عرض الأفكار، ومصارحة فكرية في الموضوعات الشائكة؛ فإن هذه الحوار سيبدأ وينتهي كالشجرة التي تُولد في الغابة، وتموت دون أن يشعر بها أحد.
-----
كتاب نشر بواسطة دار روابط للنشر وتقنية المعلومات .
اقرأ على واحة الأريام
ليست هناك تعليقات: