تناولت قضية الجنة والنار والخلود من منظور أن الكفر جحود وإنكار بعد إدراك وأن الإيمان حالة سجود قلبي يلزمها تصديق عملي لعمارة الأرض ونشر الخيرات
وهذا ما جعل النجاشي يدرك أن ما ينادي به محمد صلى الله عليه وسلم على لسان جعفر بن أبي طالب هو نفس ما جاء به المسيح بن مريم عليه الصلاة والسلام وأن الجنة والنار والعقاب والغفران ملك لملك الملوك وفق محاكمة العليم الخبير ببواطن الأمور قبل ظواهرها وأن القضية التي تشغل كل حليم هي مكانه هو في الجنة أم النار.
ولكن لي ريم ترى الأمر من منظور مختلف ولها حق عرض رؤيتها فهي ترى أنها على الحق وما دون ذلك باطل خالد مخلد في النار وتستدل بنصوص كثيرة وإليها أطرق الباب بترك علامات الإستفهام العاقلة تنير لي ولها طريق البحث للوصول.
يا ريمي منظورك هو منظور غالبية كهنة الدين من مختلف الأطياف ولن أدخل في جدل النصوص ولكن أدعوك لتدبر مجمل النصوص وخاصة ما بين ضفتي المصحف لندرك روح القرآن الكريم وحقيقة ميزانه.
إن قلنا أن الرحمة لا تكون إلا لمن شهد الشهادتين فماذا عن باقي البشرية الذين لم تبلغهم الدعوة ولم تستقر حقيقتها في نفوسهم فيجحدوها ومن وصلت إليهم مشوهة بأيدينا فما بصروا حقيقتها، ومن يعجز عن لغتنا وربما لم يسمع عنها؟
نعود للمليار ونصف مليار مسلم فوفقا لنظرية احتكار الرحمة كثير من أهل الفرق والطوائف يردون إيمان مخالفيهم ويحكمون عليهم بالكفر مع التقاء السواد الأعظم منهم على الأركان الخمسة وإن زاد فريق فيها فبما يثبت عنده.
القضية هنا ليست التكفير بل ما ينتج عنه مما يسمى ردة واستباحة للدماء والأعراض والأموال، ثم لنسحب البساط داخل المذهب الواحد ليظل سلاح التكفير والتبديع والهرطقة مشهر في وجه كل مخالف فهؤلاء قبوريين وهؤلاء موأولين وهؤلاء الذين يرفضون براءتنا من المخالف مواليين لهم وهكذا حتى تخندقنا فرقا وأحزابا وجماعات يضرب بعضنا رقاب بعض.
ماذا عن الآخر؟
فإن كنا أهل اللغة والدين والكتاب المحفوظ نتوه ونتفرق في دهاليز هؤلاء!
يا ريمي ليس لدي يقين قاطع ولا تصور مانع بطبيعة المحكمة الإلهية ولا أملك رحمته ولا عقابه وإن كان من الجائز الحكم العام على الكافر المشرك الجاحد بالخلود في النار فلا أملك تعيين ذلك على أحد من خلقه ولست بصدد دين جديد ولا طعن هنا أو هناك بل بصدد سؤال نفسي عن مكانها التي تسعى إليه وعن حجم جرمها في حق الآخر الذي هلك بجهلها أو تقصيرها وسوء حملها للأمانة، أما ما يخص اليوم الآخر فيفصل الله بين العباد يرحم من يشاء من عباده ويعذب من يشاء فلا يسأل عما يفعل وأنا من المسؤولين.
محمد صلى الله عليه وسلم يخير فيستغفر ويدخل مكة ممكنا فيعفو ويعيش في المدينة مع من هم في الغالب جاحدين للحق مع علمهم فيؤسس ميثاق التعايش، يكرم آل حاتم لكرم أبيهم ويرفض إطباق الجبلين على من كذبه وآذاه ويأسره الحزن على ضلال البغاة، فكوني داعية جنة ولا يشغلك من يدخلها ومن يحرم منها فلو فزت بها فلا يضرك هلاك الجميع وإن حرمتيها فلا ينفعنك مجاورة الجميع.
ليست هناك تعليقات: