9/10/2016
تحل ذكرى عاشوراء أي العاشر من شهر الله المحرم، ولعاشوراء خصوصية لدى المسلمين ففيها نجى موسى الكليم عليه السلام من جبروت وطغيان فرعون، يقول أصحاب موسى إنا لمدركون بعقولهم البشرية ويرد كليم الله بكل ثقة وبثبات المعية كلا!
كلا إن معى ربى سيهدين.
يتكبر فرعون ويمتطيه الغرور ويظن أن البحر قد اهتز لقدومه وانشق من هيبته ويأخذه الكبر فكيف يتراجع والقوم من خلفه فيهوي بهم إلى قاع البحر ويصارع الغرق وينادى يا موسى!
موسى عليه السلام قال معي ربي وفرعون وهو يهلك يتعلق بموسى وهذا هو فارق الإيمان وشتان بين معية موسى ولو كان نبي ومعية رب موسى.
في عاشوراء نجّى الله موسى وبنى إسرائيل واستخلفهم في الأرض بعد استضعافهم، فكانت سنة النبي محمد صل الله عليه وسلم صيام يوم عاشوراء شكرا لله على نجاة أخيه موسى عليه السلام في وفاء لإخوة الرسالة وتكامل لنور الوحي غاب عن الأفكار والعقائد المتنافسة!
في أثناء إبحاري في ذكرى عاشوراء اكتشفت أن القرآن في تلك الحقبة ، حقبة موسى عليه السلام تكلم عن فرعون المصري الذي ادعى الألوهية وعن المصريين الذين استخف الفرعون عقولهم فأطاعوه ، فهلكوا وأهلكوه ، وهناك القلة من سحرته الذين لما تبين لهم الحق قالوا آمنا، ومع التهديد والوعيد والتقطيع والصلب قالوا لن نؤثرك على ما جاءنا من العلم فصاروا مضرب مثل في الإيمان بعد الضلال.
أما آن لسحرة فرعون أن يقولوا آمنا في ظل استحالة عودة عصا موسى أم أن جيل الأحفاد يأبى إلا الغرق؟
يبدو أن لعاشوراء إمتدادا تاريخيا ففي عاشوراء سنة 61 هجرية انتصر الحسين عليه السلام ولقى الله شهيدا في معركة الحق،
استشهد الحسين فخلد ذكره وظلت دعوته للحرية والعدل والثورة ضد الطغيان وذهب قاتلوه إلى مزبلة التاريخ.
في حادثة استشهاد الحسين العبر والعظات وعظم الحادثة ليس فقط في استشهاد الحسين رضى الله عنه وأرضاه ولكن في الفتنة والفرقة التي ضربت الأمة الإسلامية من وقتها حتى يومنا هذا ، فلقد خرج الحسين وهو يعلم أنه سيلقى حتفه وحذره بن عباس رضي الله عنه وقال إنهم خاذلوك كما خذلوا أباك وأخاك فيرد الحسين إن القوم ليس بتاركي فأخرج إليهم حتى لا تنتهك حرمة البيت، لله درك أبا عبدالله.
استقدموه وبايعوه وخذلوه وما أصدق الفرزدق إذا قال له يا بن بنت رسول الله قلوبهم معك وسيوفهم عليك في توصيف لا يقوله إلا حكيم، لكن الحسين علم أن رأسه أصبحت مطلوبة وما كان له أن يجبن أو يذل حاشاه وما كان له أن يقر الفساد والإنحراف عن وحي السماء وولاية السفهاء.
عندما رأى الحسين طليعة جيش بن زياد رفع يديه للسماء وقال -
"اللهم أنت ثقتي في كل كرب، ورجائي في كل شدة، وأنت لي من كل أمر نزل ثقة وعدّة، فكم من همّ يضعف فيه الفؤاد، وتقل فيه الحيلة ويخذل فيه الصديق، ويشمت فيه العدو، فأنزلته بك وشكوته إليك رغبة فيه إليك عمن سواك، ففرجته وكشفته وكفيتنيه، فأنت لي وليّ كل نعمة، وصاحب كل حسنة، ومنتهى كل غاية".
وهاو هو الحسين يخرج من مكة حتى لا تنتهك حرمتها بسببه ويعرض مخارج على جيش بن زياد فيخيرهم:
"إما أن تدعوني فأنصرف من حيث جئت، وإما أن تدعوني فأذهب إلى يزيد، وإما أن تدعوني فألحق بالثغور".
لكن هيهات أبا عبدالله إنهم يريدون رأسك وأنت عزيز أو إذلالك وقبولك بالظلم والجور ، وهيهات منك الذلة ، فكان رد بن زياد نزولا على مشورة بن ذي الجوشن إما ذلا واستسلام وإما قتال،
وما كان لسليل بيت النبوة أن يقبل بالظلم وإن خانه الخونة وباعوا دمه بعرض زائل.
ثمانون رجلا تقريبا يقاتلون جيشا من خمسة آلاف فارس
والحسين وأصحابه يقذفون أنهم مارقين من الدين وخارجين عن طاعة الإمام!
الحسين يقاتل ويطعن في دينه ويستحث الناس على قتاله حماية للدين !
قتلة الحسين يغمسون أيديهم في دمه الطاهر ثم يتساءلون هل دم البرغوث نجس ينقض الوضوء؟!
مات الحسين رضى الله عنه عطشانا إن صحت الرواية لأنه أبى السقيا إلى من الكوثر وترك حسين راية العزة والحرية ليرفعها كل حر وشريف حتى يأتي يوم يفصل الله بين العباد فيكون منهم شقى وسعيد، فكانت عاشوراء لتذكر بنجاة موسى عليه السلام وبإنتصار الحسين عليه السلام ولإحياء سنة جده بصيام عاشوراء ذلك اليوم الذي يكفر صيامه ذنوب عام مضى في منحة ربانية.
فطوبى لمن وقف عند نجاة الكليم وشهادة السبط وصام عاشوراء.
ذهبت لمرويات السنة حول استشهاد الحسين عليه السلام ومرويات الشيعة ووقفت عند تلك المرويات التاريخية وكارثيتها على الأمة وتأملت الأريام المشهد:
الكارثة الأولى ثبوت صحة تلك المرويات وسعة رؤية الناقل، ففضلا عن تعمد الكذب والتدليس في لحظات الفتنة هناك النقل المنقوص لغياب رؤية كاملة للصورة ولثبات زاوية الرؤية.
الكارثة الثانية التعامل مع التاريخ، فبدلا من نقد الموروث وتحقيقه والتعامل مع أحداثه أنها ماض وانتهى، ونتعلم العبر والعظات حتى لا ننجرف للفتن، نقلب في التاريخ لا لشيء إلا لاستحضار الكراهية والخصومة لتحرق أجيالا لم تساهم بشيء في تلك الحقبة سلبا أو إيجابا، ونعيش دوامة الصراع ونحن منه أبرياء ولأحداثه لم نكن شهداء ولا نتعلم من الإفتراء والكذب والتلفيق في عصرنا ونحن نملك التسجيل واليوتيوب والتوثيق.
بعض السنة يدافعون عن يزيد بحجة أنه لم يأمر بقتل الحسين وحزن على مقتله وهنا أتوقف عند سؤال
هل أقام يزيد الحد على قاتل الحسين وقاطع رقبته؟
وكيف وصل الحكم ليزيد؟
وهل يجوز الخروج على الحاكم الظالم أم لا؟
تلك المعضلة التي لم تجد جوابا شافيا هل هو إسلام ثوري أم إسلام الحاكم المتغلب؟
عند بعض الشيعة يتجاهلون وفاة النبي ومقتل على والحسن ويقيمون المآتم التي ما أقامها آل البيت الأطهار ويسبون ويلعنون ويلطمون ويتطبرون في مخالفة صريحة للدين ولنهج آل البيت الأطهار عليهم السلام والعجيب هو غياب رسالة الإمام الحسين عن الجميع إلا من رحم الله.
وقفت عند سؤال من هم الشيعة ومن هم المتشيعون ومن قتل الحسين؟
وجدت الشيعة الحقيقيين بمفهوم التشيع للحسين هم ألئك السبعين أو يزيد بقليل الذين استشهدوا بين يدي الحسين عليه السلام، ووجدت أدعياء التشيع ألئك الذين بايعوه وخانوه كما خانوا أباه وخذلوا أخاه طمعا وخوفا.
يا أمة الضعف والهوان كفى غباء فقد مات النبي ودين الله قد تم وتبعه الراشدون والأئمة الأطهار وحدثت الفتنة واشتدت الخلافات السياسية ولكن دين أبوحنيفة هو دين الإمام زيد هو دين الإمام الصادق وإن اختلفت الإجتهادات، فنبيهم واحد وربهم واحد وكتابهم واحد، وكفي إثارة للأحقاد وعودوا حنفاء لله مسلمين وطهروا تراثكم وأخضعوه للتدقيق وطهروا قلوبكم وتعلموا من السبط والجد وأحيوا ذكره بتعظيم حرمة دمائكم بينكم.
يبقى التوقف عند أسماء بعض آل البيت الذين استشهدوا مع الحسين رسالة لقوم يعقلون
من أولاد على بن أبي طالب: أبو بكر – محمد – عثمان – جعفر – العباس.
من أولاد الحسين: أبو بكر – عمر – عثمان – على الأكبر – عبد الله.
من أولاد الحسن: أبو بكر – عمر – عبد الله – القاسم.
من أولاد عقيل: جعفر – عبد الله – عبد الرحمن – عبد الله بن مسلم بن عقيل.
من أولاد عبد الله بن جعفر: عون – محمد
بكى الماء حنينا لثغر الحسين وأبى الحسين إلا شربة من كوثر، لله درك أبا عبدالله عانقت الموت شوقا للحياة، وأقبل طاعنوك على الجحيم حياة، أردتها لله دينا وأرادوها كسراوية وجاها، خذلوك سيدي بعد أن أغلظوا الأيمان، فعشت أسدا وأقبلت على الموت رجلا وعز من بعدك الرجال ، والطفل باكيا سنده بعد الله وزينب صارخة، واحسيناه واا قلب أختاه غدروا بك اللئام، طوبى لحسين راية جده وطوبى لمن حمل الراية حق حملها بعد فهم لرايته في زمان كذب المدعون وإن حملوا الرايات، من مصر لروحك سيدي مودة وسلاما، لو حضرنا مشهدك لافتدينا نعلك بالرقاب، صل اللهم وسلم على النبي وآل بيته الأطهار، وعلى الصحب الكرام ومن حمل راية الحسين في السابقين ومن اللاحقين والأخيار.
ليست هناك تعليقات: