25/6/2016
أخطر شيء على الإنسان هو الأفيون وعائلته من مغيبات العقول، لأنها تنحط بدرجة الإنسان من حيوان (بيولوجيا) عاقل ذو إرادة لحيوان بلا عقل، فيصبح دون الحيوان الأصيل الذي حافظ على رتبته، وإن كانت آفة المسكرات أنها تذهب بالعقل لسويعات فأفيون التدين المغشوش يغيّب العقل حتى خروج الروح وحرمته عندي أضعاف حرمة الكأس المشؤوم.
ليلة القدر منحة للأجير المجتهد وعدل لمقاربة فارق العمر عن أمم خلت عاشت مئات السنين، وفيض من إحسان الكريم للمجتهد اللبيب وفرصة للتوفيق لقوم ملكوا الأسباب ووقفوا بباب مسببها ينتظرون غوث العزيز العليم.
إخفاء ليلة القدر علامة يفهمها من عنده نور الإبانة حتى قيل لكل مؤمن ليلة قدره.
فماذا لو غاب الأجير قهرا عن يوم الحصاد؟
أمن العدل أن يحرم الأجر والثواب؟
فكيف به ورب العمل هو المحسن الجواد الذي سبقت رحمته عدله وإحسانه إنصافه.
ليس كل الحضور شهود ولا كل الغائبين محرومين، فالحرمان لحاضر لم يشهد وليس لغائب شهد.
مرت على المسلمين مئات ليالي القدر في عصور الانحطاط وأقيمت الاحتفالات ووزعت الجوائز وخطب السلاطين والملوك وتباكى المشايخ وأبكوا المصلين والكعبة تئن من عدد وحال المعتمرين، والذين لم يدققوا في الراحلة ولا الزاد، ولم يسمعوا صوت البطون الجائعة ولا جهل العقول التائهة ولا آهات المرضى من نهش المرض اللعين، وانتظرها بفارغ الصبر الظالمين ظنا منهم بالتحلل من سرقة جوع البطون ، وجلد عرايا الجلود ومحو ما فات للاستعداد بنهم لما هو آت، وتاجر بها تجّار الأفيون، ومؤكد نال فضلها من المسلمين الآلاف فلماذا لم يتغير الحال ويسير المسلمون في طريق الصعود للهاوية بإصرار؟
هل تهرب العقول المغيبة من الجواب أم تنفض عنها أفيون التدين المغشوش وتحاول الوصول؟
لقد أقام على الأقل آلاف المسلمين بل الملايين ليلة القدر عقودا وعقودا انشغلوا خلافا بموعدها عنها وبمظاهرها عن حقيقتها، ولو أدركوا الحقيقة فكل مؤمن بالغها حتما بخمس فروض.
لقد أكثروا من الدعاء بما لذ وطاب وصبّوا غضبهم على الأعداء ودعوا بالويل والثبور والتشتيت والتقتيل وأن يهلكهم الله ببعضهم ويخرج المسلمين سالمين، فما كان إلا شتات المسلمين وفيضان من دمائهم بأيديهم، ونار التكفير تطال الجميع ولم تحرر المقدسات وواقعهم من المر للأمر يصير، فهل العيب في الدعاء أم الداعيين؟
هل أخلف الله وعده حاشاه أم أخلفنا معه العهود؟
أم أن أفيون التدين المغشوش منع عنّا الوصول فضاعت منا الأمانة ووقعنا في التيه، فهل تغني عنا آلاف من ليالي القدر ونفس الحال قائم ونحن تائهون؟
إن الإنسان هو إرادة، سواء كانت للخير أو الشر، وإن أمانة الرسالة عهد بين الله ومن اصطفى من خلقه، فإن صان الإنسان العهد حق على الله أن يفي بالوعد، وإن خان الإنسان العهد فلا ليلة قدر ولا ألف ليلة ستبدل الحال وتغير الواقع المر كل المرار.
ليلة القدر لن تحقق المعجزات لا للأفراد ولا للجماعات ولن تمطر بفضلها السماء ذهبا ولا فضة ولن تتنزل فيها الطير الأبابيل فتحرر العبيد والأرض المغتصبة من بطش المجرمين.
ليلة القدر هي للمجتهد العامل الموفي بالعهد، المصمم على الخير بإرادة العاقل العاقد العزم والذي يبتغى الألطاف الإلهية التي تشمل الأرض في ليلة نزول الكتاب وكل كتاب، ويطلب التعرض لفك الرقاب والرحمات والإحسان من الجواد الأكرم المحسن العفو الغفور بعد تغيير النفس والوفاء بالعهد.
اللهم لا تبلغني ليلة القدر إلا وأنا موفي بالعهد ومن أهل العتق والعفو.
اللهم لا تبلغني ليلة القدر وفي قلبي ذرة كراهية ولا حقد ولا كبر.
اللهم لا تبلغني ليلة القدر إلا برحم موصول وعفو عن الخصوم وبر للوالدين يدوم.
اللهم أنزل رحماتك علينا برحمتنا لأنفسنا وأوفي لنا الوعد بوفاءنا بالعهد وعاملنا بالإحسان إذ الإحسان منك وإليك.
اللهم إنك عفو كريم تحب العفو فاعف عنا.
اقتنوا الآن كتاب «صلاة الإنسانية» للكاتب الدكتور عاطف عبد العزيزمن خلال خدمة التوصيل المتاحة في كل أنحاء الجمهورية، والدفع عند الاستلام، من هنا:https://goo.gl/rQqyL6
رمضانيات الأريام 6
واحة الأريام عاطف عبدالعزيز عتمان
ليست هناك تعليقات: