مساحة إعلانية

د.عاطف عبدالعزيز عتمان يكتب...الإبداع في بلاد الجياع

عاطف عبدالعزيز عتمان أغسطس 10, 2015



البديع إسم من أسماء الله الحسنى وتجلى إبداعه سبحانه في خلق الإنسان ، فما غرك بربك الكريم ؟
 وتم الإصطلاح على تسمية كل جمال في مجاله إبداع ، وغالبا ما يطلق المصطلح على الشعراء والأدباء والفنانين في تجاهل للمعنى الأعم والأشمل للإبداع فكريا وأدبيا كان أم علميا وعمليا على الأرض . 
فما حقيقة الإبداع في بلاد الضياع أو بلاد الجياع أو سمها كما تشاء ، ففي بلاد يأكلها الفقر والجهل والتخلف وتنحدر إنسانيتها وأخلاقها بانحدار ظروفها الكئيبة ، فقد فقدت كل المصطلحات معانيها !
 إن العلوم الإنسانية والآداب والفنون هي المعنية بالغوص في أعماق المجتمعات والمنوط بها مد أيادي العون لتلك المجتمعات لتخرج بها من كبوتها ، وتسلط الضوء على عيوبها وترسم لها ملامح الخروج الآمن من مآزقها ، ولكن عندنا تحول معظم ما يسمي إبداع لأردأ أنواع الخمور فهو إما إنعزال أو إبتذال .

إما إنعزال عن عصر الحديد الذي نعيشه وهروب للخيال أو الهروب لعصور الذهب والجواري والإكتفاء بجماليات اللفظ واللعب بالتشبيهات والكنايات ، وإستخراج آهات المخمورين والمعزولين عن الواقع ، والسير علي نمط غالب تاريخنا الشعري المدفوع الثمن ، والذي وإن بدا كحلة ذهبية مزركشة إلا أنه تغييب وتجهيل للشعوب ، وتزييف للتاريخ فلا يستر عورة ولا يحمل رسالة ولا يعالج مرضا .
 فغياب الرسالة عن تلك الأعمال مهما بدأت براقة يجعلها غثاء . ناهيك عن أدعياء الثقافة ومدعي الإبداع الذين لا يملكون لا رسالة ولا مظهر براق . 
أما الإبتذال والذي يمارسه أدعياء الإبداع وبدلا من رفع المجتمع لأعلى ونشر القيم يكون جر المجتمعات للوحل .
 إن كان غياب الرسالة عن الابداع يعد خمرا تسكر وجدان الشعوب ، فالإبتذال والمبتذلين هم أردأ أنواع الخمور فيجمعون خطيئة التغييب والتجهيل بل جر المجتمع لمزيد من الإبتذال وخطيئة سوء الخامة وضعف الصنعة أو إنعدامها مما يقود إلى  تدمير ما تبقى من أكباد المجتمعات المنهكة بالأمراض .

 إن حقيقة الإبداع تتمثل فى الرسالة التي يحملها المبدع وفي سبره لغور مجتمعه والغوص في أزماته مبتكرا لها الحلول وداعما للقيم الإنسانية ومحاربا لكل مظاهر وظواهر القبح ،  وناشرا للجمال بغرس القيم وبالانغماس في مرارة الواقع محاولا نزع تلك المرارة بإبداعه والرقي بالحالة الفكرية والثقافية لمجتمعه .

وإن جاز لنا التصنيف سنقول إن هناك أانواع أربعة 

1- من يملك الصنعة ويجيد قواعد الفن الذي يكتب فيه ويحمل رسالة إنسانية واضحة لا يكتب حرفا إلا من خلالها وهؤلاء هم الجواهر النادرة والتي غالبا ما تكون متوارية عمدا في مجتمعات التخلف .
2- من يملكون الصنعة ويبرعون فيها دون رسالة واضحة ، وهؤلاء كحلة مزركشة ومزينة لكنها لا تناسب أي إنسان فلاتستر عورة ولا تقي بردا ولا حرا ، وهؤلاء هم الخمور التي تشعر ببعض اللذة نتيجة تغييب العقل والغياب عن الواقع المرلكنهم لا يعدوا كونهم خمور !!
3- من يملكون قدرا ولو متواضعا من الصنعة ويجبرون كسرهم برسالة يحملونها وهؤلاء كالثوب المرقع الذي يستر العورات ويقي من الحر والبرد وهو من عوامل بناء المجتمعات ومساعدتها على تخطى كبواتها .
4- ضعاف الصنعة وعديمي الرسالة وهؤلاء أسوأ الأنواع وأردأ الخمور وللأسف تعج بهم مجتمعات التخلف ودائما ما يتصدرون المشهد ويقودون لمزيد من الجهل والجهالة والإبتذال .

 ماهي حقيقة الإبداع في بلاد الضياع ؟
هل لدينا مبدعون وهل هم يتصدرون أم يهمشون لصالح الأدعياء ؟
هل لدينا أدب وثقافة وفنون أم معاول للهدم يقودها المقاولون ؟
ما دور الشعر والأدب والفن في بلاد الضياع ؟
هل يساهمون في إزالة الركام أم أن المنصف فيهم لم يبرح البكاء على الأطلال !!!
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام