في 2008 كتبت مقال بعنوان العنكبوت والمفارقة وأنا أستعيد ذكريات هذا المقال وجدته مازال صالحا للنشر ، وكأن عجلة الزمان أصابها الجمود .
تنبأت فيه بحدوث هزة طبيعية أو فوران بشري للتخلص من الخيوط العنكبوتية والعناكب البشرية التي تملأ المكان والزمان وهي من هشاشتها لن تصمد أمام أبسط زخة مطر أو نسمة هواء طاهرة أو مسحة من أداة من أدوات النظافة.
في القرآن الكريم سورة باسم هذه الحشرة الضعيفة وإقرار بوهن بيتها وضعفه ، وضرب مثل لمن يركن في الولاية لغير الله بوهن الركن والركون كوهن بيت العنكبوت فى تنبيه للبشر لعلهم يعقلون.
وبملاحظة بيوت العناكب ستجدها دائما ما تُنسج في المهجور والمظلم من غياب الشمس وربما تكون من الضخامة في الحجم وغزارة الصيد ما يخدع قصيري النظرة ، وربما يقف العناكب على ممالكهم وبها الصيد الوفير فيركبهم الغرور ، والمتمعن في تلك البيوت سيجدها أوهن البيوت ، فلا تصمد أمام أبسط أدوات النظافة أو أقل مداعبة من الطبيعة ، ولو تمعنا في نوعية الصيد مهما بلغ حجمه سنجده ذباب وبعوض !!!
نترك مملكة العناكب ونعود للعناكب البشرية والكيانات العنكبوتية التي أصابت أمتنا منذ قرون وجعلتنا نعيش الضعف والتيه في أوضح حالاته
للأسف أوطاننا أصبحت هشه عنكبوتية واتضح ذلك في سهولة انهيار الأنظمة والدول عقب ما يسمى الربيع العربي وهذا نتيجة تصدر العناكب ونسج خيوطهم الواهية الواهمة لتكبل الأوطان .
بداية انهيار الأمة بدأت عندما تحولت مصانع الفكر والجهات القائمة على صياغة و صيانة الفكر إلى كيانات عنكبوتية ، و تحول دورها لمحلل لأنظمة الحكم فضاعت الهوية ، وكثر الصيد البخس من أفكار هدامة متطرفة
واضمحلال الخط الفاصل بين حرية الفكر ، وتسلط الفكر فعشنا اللا فكر بكل معانيه.
تحول المنظومة الفكرية لمنظومة عنكبوتية انعكس على كل مناحي الحياة فكياناتنا الحزبية والسياسية كيانات عنكبوتية لا تقوم على فكر ولا مبادىء بل إما فكر متسلط أو مجموعات عنكبوتية نفعية متطفلة على دماء الشعوب.
لن أعدد أنواع العناكب وبيوتها فإن فسد الفكر وضاعت الهوية فما دونه أفسد وبيوت العناكب تشكل أو تكسو معظم إن لم يكن كل كياناتنا المترهلة والتي لابد من من تطهيرها ذاتيا أو هدمها عنوة بتكلفة باهظة تطال الجميع بل إن عجزت القوى البشرية ستغضب الطبيعة بعد أن فاض بها الكيل من عبث العناكب حتى نفذ صبرها.
إن الأمة العربية والإسلامية بحاجة لإعادة صياغة بدايتها الاعتراف بالحالة المتردية التي نعيشها وإدراك حقيقة الواقع المر ،ومن ثم تطهير ذاتي لبيوت العناكب ووضع الأسس لأبنية حقيقية .
ولن يتأتى ذلك إلا بإعادة صياغة مؤسسات صياغة وصيانة الفكر
والتي بدورها تمهد الأرض لهدم باقي بيوت العناكب وإزالة الأنقاض ..
هل يتم التنبه للخطر والتطهير الذاتي لبيوت العناكب أم ننتظر فورانات وثورات ستكون تكلفتها باهظة ؟
أم أن العجز سيلجمنا حتى تنتفض الطبيعة ضد اختلال موازينها بفعل عبث العناكب البشرية ؟
ليست هناك تعليقات: