مساحة إعلانية

بداية حفقان القلب ومصرية ..حلقة جديدة من حكاية مصرى ..د.عاطف عبدالعزيز عتمان

عاطف عبدالعزيز عتمان أكتوبر 26, 2013


                     

حكاية مصرى ..متوفرة بأكشاك ومقار جريدة الجمهورية 

     إسم الكتاب ..حكاية مصرى 
النوع...رواية
المؤلف ..د.عاطف عبدالعزيز عتمان
المقدمة ..الأديبة والشاعرة أميرة الرويقى
الناشر...دار الجندى للطبع والنشر 
الطبعة الأولى ...يونيو 2013
الغلاف..محمد عاطف

.....مصرية .....



فى هذه المرحلة تفوق مصري فى الدراسة وكانت الجائزة هي معسكر لمدة أسبوع بمدينة رشيد وفى البداية رفضت الأم هذا المعسكر خوفا على مصري وخاصة من البحر وبعد إلحاح من مصري وأصدقائه محمود وعلى اللذان سيذهبان معه فى نفس المعسكر وافقت الأم على مضض...

وكانت المرة الأولى التي يبتعد فيها مصري عن عيون الحاجة فاطمة لمدة أسبوع كامل ..
إستلف مصري حقيبة  سفر من أحد أقاربه وبدأ يرتب أغراضه ..
ملابسه    فرشاة الأسنان .. شبشب
 بعض قصص رجل المستحيل التي كان يحب قراءتها
 كوب وملعقة وطبق...
مصري طالما حلم بهذا اليوم
حلم  برؤية اللقاء   لقاء  النهر بالبحر...
أتم مصري ترتيب الحقيبة  وهو سعيد ويحلم بيوم السفر ويحلم برشيد التي سمع عنها فى كتب التاريخ ورأى اللقاء الرائع للحبيبين النيل والمتوسط على الخرائط فقط ..
حان الوقت ليرى القبلات والأحضان بين النيل والبحر ويسمع التنهيدات ويشعر بالأشواق بعيدا عن الخرائط والخيال
جاء يوم السفر
 وإستيقظ مصري فى الفجر حتى يلحق بالأوتوبيس مبكرا  ...
وحانت اللحظة الفارقة التي لم تحدث من قبل ...
لحظة فراق السمكة لبحرها ولمدة أسبوع كامل.
 كانت لحظة صعبة تنم عن عمق الإرتباط بين الأم ومصري وكاد يضيع الحلم وتتراجع الأم عن موافقتها بسفر مصري لولا طرقات الباب من محمود وعلى يستعجلان مصري ..

خرج مصري مع أصدقاء الدراسة وخرج قلب الحاجة فاطمة من بين أضلعها وظل على تلك الحالة طيلة الأسبوع


كان أوتوبيس الرحلة يجمع المكرمين من كل مدارس الإدارة وكانت فرصة للتعارف وخلق علاقات جديدة .
وما بين تبادل الحديث والمداعبات والتعرف على بعض  مرّ الطريق ووصل الأوتوبيس إلى المدرسة مقر المعسكر مدرسة أم المحسنين  والتي تطل على فرع رشيد أحد مصبي النيل فى المتوسط
توجد مدرستين متجاورتين إحداهما للبنين والأخرى للبنات
وفصول المعيشة كل فصل به ثلاثة من الأسرة لثلاثة طلاب وعلم مصر يرفرف عاليا فوق المدرستين تارة بهواء النيل
 وتارة برياح البحر والمحصلة أن العلم يرفرف شامخا على أهم ثغر تاريخي لمصر المحروسة

وبدأ أسبوع المعسكر بتناول طعام الغداء ثم الراحة
وبالليل كانت ندوة دينية بمسجد المدرسة بدأت بشيخ من مشايخ الأوقاف يحدثنا عن سيدنا إسماعيل وأمه هاجر المصرية وكان الشيخ نموذج لحالة التردي التي تعيشها الأوقاف والتي تسيطر عليها الأجهزة الأمنية وتستبعد كل المخلصين والمثقفين وأصحاب المنهج وتحتفظ بالتائهين والمتلعثمين والمنفّرين حتى ينفض الناس من حولهم ..
كان أشبه بمشايخ الدراما وأطيعوا الله والرسول وأولى الأمر منكم ..
كان مصري يشعر بالملل من كلام الشيخ الجاف وخطابه الغير ممتع وفى نهاية الندوة وقبل سرد برنامج المعسكر من قبل المشرفين ترك فضيلة الشيخ فرصة لطرح الأسئلة وبدأ زملاء مصري  يسألون فى أمور يراها مصري نمطية وجافة من قبيل كيف ضرب إسماعيل الأرض لينفجر زمزم هل ضرب بالقدم اليسرى أم اليمنى وجاء الدور على مصري ليفجر القنبلة !!

نعم فجر قنبلة غيرت مسار برنامج المعسكر وتسببت فى إلغاء الندوة الدينية التي كان من المقرر أن تعقد ثلاثة أيام  فى هذا الأسبوع عقب صلاة العشاء ...
ما هي هذه القنبلة التي فجرها مصري؟؟

 هي سؤال للشيخ عن حكم الإسلام فى مواقف الحكام العرب تجاه المسجد الأقصى وفلسطين ...طين....
 ومع خروج حرف النون وقبل إنتهائه إنتفض الشيخ وطوي صفحات الكتاب التي كان يتلجلج وهو يقرأ منه ولم يعلق بحرف وإنصرف وحوله مشرفي الرحلة وإنفض الجمع ومصري يراقب فى ذهول ما يحدث
 وبدأ القلق يتسرب رويدا رويدا إلى نفسه وهو جالس مكانه يحاول أن يستوعب ما حدث
 وفجأة نادي عليه أحد المشرفين وأدخله غرفة مغلقة فيها مجموعة من المشرفين وبدأ إستجواب أشبه بالتوبيخ والإستنكار من ورائك ؟؟
 تبع جماعة إيه ؟
 مين قلك قول الكلام ده الله يخرب بيتك ...!!!!
مصري فى حالة من الخوف والإرتباك وتصلب اللسان وتغير لون الوجه وكانت ليلة ليلاء ...
حل فيها على قلب مصري من البلاء ما حل ...
مرت الليلة بمرارتها وكانت صعبة على مصري
ومع صباح اليوم التالي وطابور الصباح فى السادسة ومع التمارين الرياضية والجري بدأ التوتر يزول شيء فشئ ويتساقط من على أكتاف مصري مع تساقط حبات العرق على الأرض.
وبعد طابور الصباح والإفطار كان موعد البحر...
البحر الأبيض المتوسط ومن خلفه من بعيد أوربا..
 الشاطئ الذهبي برماله الدافئة  والسماء الصافية التي إذا أردت أن تراها فلا تنظر إليها بل إنظر لماء البحر تجد السماء صافية بكل تفاصيلها ...
والنسيم العليل يهب عليك يحكى فصولا من التاريخ ...هواء بيظنتى تارة وعثماني تارة أخرى ...
وحملة فريزر حاضرة فى ذاكرة رشيد
 وبما أن مصري لا يجيد السباحة كان يكتفي بالنزول إلى مستوى من الماء يغطى ثلثي جسده تقريبا دون أن يتعمق ....
ويجلس على الرمل يرسم الأحلام ويكتب الأمنيات وتأتى الأمواج فتحمل معها الأحلام والأمنيات ....
وتذهب بها بعيدا ..
هل تحملها لتساعد على تحقيقها أما أنها تسرقها لتتلاشى وتتوه بين الأمواج ....؟؟؟
وإلى أين تحمل الموجات الأحلام والآمال ..؟
إلى الشاطئ الآخر حيث أوروبا والإتحاد الأورو متوسطى ..؟
أم إلى تركيا الأتاتوركية تغازل فيها الخلافة العثمانية ...؟
أم تتسلل خفية بعيدا عن الأنظار ليصل جزء منها  للخليج العربي
وجزء يواصل المسير لطنجة ؟؟
وبعد البحر تناول مصري ورفاقه الغداء ثم الراحة وبعد العصر كان اليوم الرياضي .
من مسابقات وجرى وغيره ومرت الأيام على هذه الوتيرة
وكانت أهم معالم البرنامج الترفيهي وأحبها لقلب  مصري تلك الساعة الحرة
 والتي تحررت أكثر بفضل قنبلة مصري وإلغاء الندوة الدينية وأصبحت ساعتين يوميا زيارة لمعلم فى رشيد وترك الحرية للأفراد للتجول فيه  وحوله ....
وكانت الزيارة ...
زيارة مكان اللقاء لقاء النيل والبحر
 كانت أهم ما يشغل بال مصري ولحسن حظه كانت تلك الزيارة فى ثاني أيام المعسكر
نقل الأتوبيس الرفاق إلى المصب وبدأ الرفاق يتوزعون على جماعات
 مجموعة تلعب الراكت ومجموعة تتمشى فى محيط المنطقة ...
وجنح مصري للإنفراد بنفسه فى منطقة نائية عن الجميع ونظر إلى أضواء أعمدة الكهرباء وهى تنعكس على صفحات ماء النيل
وظل يتابع مويجات النيل وهى قادمة من بعيد وسرح خياله حتى وصل الشجرة ..
شجرة الصفصاف فى قريته التي تطل على هذا الفرع من النيل فرع رشيد ..
وشم مصري رائحة موطنه قادمة مع المويجات
وزاد حنينه لأمه التي يبتعد عنها للمرة الأولى وكان عزاؤه تلك القبلات والأشواق التي حملتها إليه المويجات ..
ظل بصره يتابع تلك المويجات التي حملت له التنهيدات والقبلات
وهى تسير .. تعلو وتنخفض... تتمايل فى رشاقة ناحية اليمين تارة وناحية الشمال تارة أخرى وأضواء المصابيح تغازل سطحها اللامع حتى بدت كلؤلؤ يسير فى مجرى النهر
تتابع المويجات السير وتوشك الرحلة على النهاية ....
وعلى الناحية الأخرى على مد البصر تظهر موجة البحر وهى تفتح أحضانها وتنتظر مويجتها بعد طول سفر وتبتسم الموجة بعد أن رأت طلة المحبوب  من بعيد..
 وتمهدت الأجواء للقاء وتتحول المسافة  بين المويجة العذبة التي تبغي كسر ملوحة الموجة وبين الموجة المالحة التي تريد حفظ المويجة بين جنباتها وإن كلفها ذلك فقدان شيئا من خصائصها  إلى مجال مغناطيسي يجذب كل منهما ليسارع الخطوات ويختصر الدقائق ...
وتحين اللحظة الفارقة ..
لحظة اللقاء... لحظة الإحتواء والإنصهار والتكامل
تلمع النجوم فى السماء ويبتسم القمر ..
أين المويجة العذباء ؟
أين الموجة المالحة ؟؟
لم يعد بالإمكان رؤية أي منهما فقد إحتوى كل منهما الآخر وذابا ونتج كيان جديد بملامح جديدة ......
مرت الأيام وزار مصري هذا الحصن الحصين الحامي لشواطئ المدينة التاريخية رشيد
 إنها جزء من تاريخ الصراع بين قوى البغي والعدوان وقوة الحق والدفاع عن المقدسات والأعراض إنها قلعة قايتباي التاريخية وهى إحدى العلامات المضيئة فى تاريخ النضال الإنساني من أجل الحق ...
وهى إحدى شهود العيان على بطولة المصريين وبغى المعتدين من كافة الملل والنحل
وهناك فى رشيد
مسجد أبو مندور ويقع على شبه جزيرة تسمى تل أبو مندور
وهى ربوة عالية  شامخة شموخ المصريين على نيل رشيد ويعرف المسجد باسم العارف
بالله أبو النضر وهو من كربلاء من نسل على بن أبى طالب كرم الله وجهه.
فالمصريون وإن كانوا سنّة فى مذاهبهم ولكنهم شيعة فى هواهم لآل البيت وأي من روائحهم العطرة
 يعتبر مسجد أبو مندور من أجمل معالم المدينة حيث تكتحل عيني المسجد من ماء النيل وتتوضأ مئذنته خمس مرات من مائه العذب الزلال
وتوشك الرحلة على النهاية وتكون زيارة متحف رشيد

هو من أشهر منازل رشيد وأكبرها  ويتكون المتحف من أربعة طوابق تبرز خصائص العمارة والفنون الإسلامية في هذه الفترة.
 يضم المتحف مقتنيات ونماذج تبرز كفاح شعب رشيد والمعارك التي خاضها ضد المستعمر الفرنسي والإنجليزي وتتضمن نماذج وصور للمعارك وللحياة الأسرية في رشيد والصناعات الحرفية الشعبية ومخطوطات وأدوات للحياة اليومية بالإضافة إلى نسخة من حجر رشيد الذي كشف عنه عام 1799
 ويعرض ملامح عن تاريخ رشيد الوطني ويشتمل على ثلاثة طوابق.
 الأرضي : لبيع الهدايا والنماذج الأثرية ذات الطابع الخاص برشيد.
الثاني  نموذج لحجر رشيد وصور ونموذج لقلعة رشيد وتماثيل ولوحات لشخصيات مهمة ومجموعة من البنادق والسيوف.
الثالث  يشتمل على مجموعة من الآثار الإسلامية المكتشفة بمدينة رشيد منها أوان فخارية وعملات إسلامية...وتشم فيه رائحة التاريخ وتسمع صوت محمد كريّم ...

ويأتي اليوم الختامي مسرعا ليكتب النهاية ولكنها كانت البداية ..
بداية الحب فى حياة مصري .....
اليوم الختامي مهرجان إحتفالى وجوائز وهدايا تذكارية ومسابقة ثقافية بين معسكر البنين ومعسكر البنات فى المدرسة المجاورة
وتم إستبعاد مصري من المسابقة الثقافية على خلفية ما حدث فى الندوة الدينية وقلق المشرفين منه
وجلس فى مقاعد المتفرجين ويبدو أن القدر قد رسم له ذلك حتى يتفرغ لرسم صورة عمره ..
وبدأت المسابقة فى أجواء من الحماس والتصفيق كل يشجع فريقه
وفجاءة نظر مصري فى المتسابقين من البنات
فإذا بقشعريرة تسرى فى جسده وزيادة ملحوظة فى ضربات القلب وسرعة فى النفس وأخد يدلك عينيه بأصابعه ويمعن النظر فى هذا الوجه الذي طالما راود خياله وحلق معه وطارا معا إلى سطح القمر وجلسا يتبادلان أطراف الحديث على سطح القمر
من هذه ..؟
 حقيقة أم خيال ..؟
حورية أم جنية ...؟
خداع بصري أم واقع حقيقي ..؟
وجه منير كنور البدر فى يوم تمامه ...
بشرة بيضاء صافية كالحليب الطازج الدافئ ...
حمرة فى الوجنتين كتفاحتين تتدليان من غصنيهما
 ثغر باسم يغطى صفين من اللؤلؤ
خصلات الشعر الذهبي تتدليان على خدها الأيمن وتحركهما النسمات من حين لآخر ليخطف بريقهما بالأبصار...
والقرط الهلالي الشكل يتدلى وكأن القمر على شكل هلال  أبى إلا أن يزين هاتان الأذنان ...
والعقد على صدرها معقود من حبات من النجوم تتلألأ
عاكسة نور وجهها الوضّاء..
والمسك يفوح من أنفاسها فيعطر الأجواء
عيناها ..أه من تلك العينان  ..عيون المها واسعتان
 واللون السماوي يكسو تلك العينان ...
عيناها محيط مترامي الأطراف
موجاته فى عيناها تخبر عن مكنون الأعماق
 ...جميلة هي ..!!مثل القمر !!!
إنها هي الجمال..
وينسب الحسن إليها وتشبه بها الفاتنات
ترك مصري الدنيا وراح يسبح فى الأعماق ..
أعماق عيني الفاتنة التي سلبت اللب والفؤاد....
تلاقت العينان وزاد الخفقان وإحمر الوجهان وأدعى كل منهما تجاهل الآخر ولكن الواقع أن كلاهما وقع فى أسر هوى الآخر
وفجاءة علا التصفيق وفازت مدرسة البنات ووقف الجميع وعيني مصري زائغتان .
عن الحبيب تبحثان بين الهامات التي ارتفعت والحركات التي زادت
 وجاء زملاء مصري ليودعوه فكان يسلم عليهم جسده معهم وروحه هناك ..
وعيناه تتصفح الوجوه وتبحث عن .....؟من هي ....ما إسمها..؟
 أين عنوانها  ما هي خريطة الوصول إليها ؟؟
بدأ الجمع يتفرق وكل يحمل حقيبته ويستعد للرحيل ولكن قلب مصري قد رحل مع الراحلة المجهولة ....
باءت محاولات البحث عنها بالفشل وكأنها تبخرت أو بالتعبير الدارج فص ملح وداب.....
وطوال رحلة العودة ومصري سارح فى الخيال يبحث عن قلبه الذي غادر ضلوعه وذهب حيث اللا زمان واللا مكان....
من هي ...؟ ما إسمها ...؟           
كيف الوصول إليها .......؟
وهداه تفكيره أن يسميها هو حتى يحين موعد اللقاء ويكشف القدر عن إسمها الحقيقي ...
شعر مصري بأن هذه الحورية هي هدية السماء للأرض ...
هبة القدر إليه ..
شعر أنها جزء منه بل هي الدماء التي تسرى فى عروقه وكان على يقين لا يعرف مصدره أنه سيلقاها ..متى ؟
 كيف ؟
لا يدرى
ومن هنا إشتق لها إسما من إسمه لقبها بمصرية وكانت هي الحب والعشق
هي الأمل والرجاء........... أمل اللقاء
ولم يشعر مصري بنبضه الذي كان إلا وهو بين أحضان أمه وعلى عتبات منزله..
استقبلت الحاجة فاطمة مصري إستقبالا حارا وفاضت عيناها بدموع الفرح ...
فرح اللقاء بعد الغياب الذى وإن قيس بمقياس الزمان فهو أيام قليلة ولكنه بالنسبة لها دهرا طويلا...
وسألت الحاجة فاطمة عن الرحلة فجلس معها ونام على رجلها وأصابعها تغوص فى شعره وحكي لها ما كان
وأسدل الليل ستائر الظلام ودخل مصري إلى سريره ومازال خيال الحورية مصرية يداعب مشاعره ويناوش قلبه من حين لأخر ...
نام مصري بين زراعي مصرية مشتاقا للقاء الموعود
وقاطعا على نفسه العهود والوعود أن  يواصل البحث عن المحبوب








مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام