إن الفيلسوف هو الفدائي الذي يُطهّر المستقبل من الألغام الفكرية التي وضعها المفكرون القدامى فيه ..
هو الذي يرفع التقاليد من مكانها ..
وهو الذي يحطّم الأفكار الجاهزة ليضع أفكاراً جديدة ، وكل لغم من الألغام ينفجر في عقله وينفجر معه غضب الناس وسخطهم واضطهادهم ..
ولكنه يمضي طريقه لا يهتم ..
وربما قاده الطريق إلى الصلب أو المشنقة .. أو المحرقة أو السجن .. ولكنه لا يبالي .. لأنه أدرك الحقيقة الكُبرى .. أن الفناء في جوهره وأنه ميت لا محالة ..
بل هو ميت من الآن يدّب على ساقين ..
فليقل كلمته وليتحطم ، ليقلها في وجه الناس ..
إنه الناطق الرسمي باسم الفطرة .. ولهذا فهو يكرّس حياته للبحث عن الحقيقة وللبحث عن إيمان سليم .. فهذه هي فطرة الإنسان كما خلقها خالقها .
لقد فطرها عن البحث عن الحق والإيمان به وقال لنا في جميع كتبه إنه .. الحق ..
ولهذا كانت كل خطوة في سبيل معرفة الحق هي عبادة ..
وهي دين ..
وهي علم ..
وهي الفكر كما أراد له الله أن يكون .
د. مصطفى محمود ..
من كتاب / الأحــــــــلام
ليست هناك تعليقات: