مساحة إعلانية

حكاية مصرى ...مشهد من داخل القطار...دكتور عاطف عتمان

عاطف عبدالعزيز عتمان يوليو 04, 2013



أصدر القطار صافرة طويلة كانت صرخة عظيمة وتنهيدة مريرة ....
شكي فيها القطار من عنت السنين وجهالة البني أدمين ..
شكي الحمل الذي يفوق طاقته والقسوة التي تميز مالكه ..
شكي الجوع والعطش وقلة النوم والراحة ...
شكي السن الكبير وعدم توقير البني أدمين .
أطلق القطار صافرته وصرخ فرجع إليه صدى صوت صافرته بلا مجيب
وكأن الآذان قد صمت والقلوب قد تحجرت فتنهد تنهيدة عميقة و نفث دخانه فعلى فى السماء لعله يخفف من حدة إحتقان صدره الممتلئ بالهموم...

رجع مصري داخل العربة يتابع الصورة .. 
هناك على بعد كرسيين يجلس رجل في الخمسين من العمر وعلامات البؤس والفقر تطلان من عينيه والمرض واضح من صفار بياض عينيه وملابسه تنبئ ببؤسه 
وبجوار بنت جميلة صاحبة ضفيرتين طويلتين وعيون تحمل من الطفولة البراءة
ومن قسوة الأيام المرارة ..
فى الخامسة عشرة من عمرها تقريبا ترى الدموع فى مقلتيها وبؤس الطفولة المحرومة فى قسمات وجهها ولم تشفع لها طفولتها ولا جمالها الرباني من الإنزلاق للمصير المحتوم

جلس الأب يلقن إبنته النصائح ...
الأب ...
معلش يا بنتي غصب عنى ..إنتى عارفة الظروف أنا تعبان وإخوتك حملهم ثقيل ومكتوب عليكى تشيلي معي هذا الحمل ولا تخافي الناس على رايحه عندهم طيبين ..إسمعى الكلام وإوعى تزعلى حد منك
البنت ..
دموعها فى عينيها تأبى النزول وتهز رأسها وبصوت خافت ترد حاضر يا أبى ..
بس كان نفسي أكمل تعليمي 
الأب والحسرة تملأ نفسه ..غصب عنى 

قد حكمت الأقدار ..

الطفلة الصغيرة جاءت للخدمة فى البيوت و لن تكمل تعليمها وستدخل معترك الحياة لتساعد أباها فى حمل معاناة الأسرة التي لم يعد يقوى على حملها وحده .......
مشاركة
مواضيع مقترحة

ليست هناك تعليقات:

جميع الحقوق محفوظة لــ واحة الأريام