تجربة مريرة عشتها مع الحياة الحزبية فى مصر بعد الثورة
بدأت بحملة الإنتخابات الرئاسية وإنتهت فى حضرة البشبيشى
وينبغى أن أذكر أن خطيئة نظام مبارك الكبرى ليست فى نهب الأموال وسرقة الثروات ..ولكن خطيئته الكبرى فى تجريف العقول وإفساد الزمم والأزواق وتسميم الأفكار وخلق حالة من العقم الفكرى واللا أخلاقية المقنعة ...
وجعل الأرض خصبة لتجار الدين والمبادىء ليستغلوا الفقر والظلم والجوع والكبت ليحاولوا تأسيس نخب جديدة ونظام جديد على أنقاض الوطن وجثث أشرف أبنائه وكل قابل للبيع والشراء فى سوق نخاسة السلطة ...
كانت البداية مع حلم جميل يسمى مصر القوية ..مشروع جميل وحلم وسطى لا يجنح لليمين ولا ينحاز لليسار ..حلم يرفض العلمانية المتطرفة ويأبى التجارة بالدين ..وكثير من الكلمات البراقة ...
كانت حملة مصر القوية الإنتخابية ومع ما شابها من تجاوزات
أبرزها تجاوزات مالية فى الإسكندرية خصوصا ولم يتم التحقيق فيها حتى الآن ولا أظنه يتم ...
إستقلت بعد الإنتخابات من الحملة لأنى رأيت تجاوزات فى نواحى عديدة ...
ثم جاء تكوين الحزب وجلس معى صديق وحاول إقناعى بالإنضمام وأن الحزب شىء مختلف وسيتم تجاوز كل السلبيات
وقرأت برنامج الحزب وأدبياته وإنبهرت بها وعشت فيها بوجدانى ..وحلمت الحلم الجميل ومررت بالكابوس يعقبه الكابوس
وأعيش على أمل أن تكون أخطاء البداية وقلة الخبرة هى السبب
حاولت كثيرا أن أنسحب ويلح على بعض الأعضاء فى الإستمرار
حتى جاء اليوم الموعود الذى تأكدت فيه أنى ضللت الطريق ..
فى حضرة البشبيشى ...البشبيشى هو المهندس حسن البشبيشى القيادى السابق بالحرية والعدالة والذى قال عن سبب إستقالته أنه وجد الحرية والعدالة يتحول لحزب وطنى فإستقال ليتحول إلى حاضنة الخارجيين من الإخوان مصر القوية ...
والبشبيشى القيادى بمصر القوية له مواقف كثيرة بداية من لقائه برموز الفلول ووعدهم بخوضهم الإنتخابات على قوائم الحزب
ونهاية برئاسته للجنة الإنتخابات البرلمانية بالحزب ..
ذهبت لمقابلة البشبيشى بصفتى مرشح للإنتخابات ومع أننى قررت الإعتذار عن تلك المسرحية إلا أنى ذهبت بحب إستطلاع لأرى المطبخ فى الحزب صاحب القيم والمبادىء ..بمناسبة القيم والمبادىء فقد صرح لى مسؤول بالحزب بالإسكندرية سابقا أن قصة المبادىء والكلام الكبير ده ملوش لازمه وكلام فاضى ..
دخلت على المهندس البشبيشى وقد قررت أن أقيم أنا وأسأل أنا وأوصل الرسالة التى أريد ..
ولكن البشبيشى فاجأنى ..عاوز رقم كام فى القائمة وهتدفع كام !!
قلت له إيه معايير حضارتكم وإيه الإستراتيجية للمشاركة فى الإنتخابات وماذا لو لم تستجب الرئاسة للورقة التى قدمتومها فى الحوار الذى لم تحضروه ...؟
تجاهل الرجل الأمر لست أدرى هل فهم السؤوال أم لم يفهمه فتجاهله ...وعاد للسؤوال عن السقف المادى والرقم الذى أفضله فى القائمة ..
هنا لم أشعر بنفسى ووجهت رسالتى ...
سألته حضرتك هتقدم لى إيه وهتشارك فى الإنتخابات ليه وأين الحزب لما غالبية منتسبيه يصوتون بنعم للدستور وموقف الحزب لا ..فعن أى كيان حزبى تتحدث ؟
وأين تقيمك الفكرى والسياسى للمرشح ...أما إن كانت قضية أموال فلا حاجة لى بها فلست إقطاعيا ولا أنوى التربح فيما بعد
خرجت من حضرة البشبيشى وأنا أستشيط غضبا وحزنا
فى حضرة البشبيشى كله للبيع وكل شىء له ثمن ..فى حضرة البشبيشى تأكدت أن الذين ضحوا وماتوا ...ضحوا من أجل من لا يستحقون الحياة ..
وبعد البشبيشى قررت التطهر من الأوهام وإعتزال سوق النخاسة
ليست هناك تعليقات: